لبنان ٢٤:
2025-11-08@06:06:21 GMT
بيان حزب الله يُقصي الدولة: المواجهة أيّا كانت الأثمان!
تاريخ النشر: 8th, November 2025 GMT
كتبت بولا مراد في" الديار": شكّلت الرسالة التي وجهها حزب الله للرؤساء الثلاثة والشعب اللبناني يوم الخميس، أول تعبير علني عن رؤية القيادة الجماعية الحالية في الحزب، بعد مرحلة طويلة انتهجت خلالها سياسة الصمت، في التعامل مع الملفات الحساسة، وعلى رأسها طرح التفاوض الذي يصول ويجول به المبعوثون الدوليون على المسؤولين اللبنانيين منذ فترة.
وأراد الحزب من خلال بيانه المفصل، ايصال مجموعة من الرسائل، أبرزها إلى الداخل اللبناني ومفادها أنه باقٍ، منظّماً ومتماسكاً، ولن يسمح بأن يُفرض عليه مزيد من التنازلات تحت الضغوط. أما الرسالة الثانية البارزة فالى "إسرائيل" والولايات المتحدة ومفادها أنه غير مستعد لرفع الراية البيضاء، وأنه يتحضّر لكل السيناريوهات والاحتمالات، ومنها حرب جديدة موسعة، مع ابقائه عن قصد مبهم احتمالية أن يقوم قريبا بالرد على الاعتداءات الاسرائيلية المتصاعدة.
ولا ينكر العميد المتقاعد منير شحادة أن بيان حزب الله الخميس "شكّل صدمة في الساحة اللبنانية، لأنه تضمن كلاما "عالي السقف". فبعد مرور سنة على الخروقات الإسرائيلية، ثبت أن الضغط الديبلوماسي على "إسرائيل" غير فعال، فهي لم ولن تلتزم بأي ضوابط وقرارات وتعهدات، خاصة وأنها تتمتع بضوء أخضر من الولايات المتحدة، ليس في لبنان فحسب بل في المنطقة ككل".ويقول شحادة لـ"الديار" أن "إسرائيل لن تتوقف عن الاعتداء، ولن تنسحب من جنوب لبنان مهما قدم لبنان من تنازلات، سواء على الصعيد السياسي أو فيما يتعلق بمسألة سلاح حزب الله"، متسائلا عن جدوى الجلوس على طاولة المفاوضات، "طالما حزب الله يؤكد أنه لن يسلّم السلاح، ولن يناقش حتى بالاستراتيجية الدفاعية قبل وقف الاعتداءات والانسحاب من الاراضي المحتلة وانطلاق عملية اعادة الاعمار، وبالمقابل العدو يقول أنه لن ينفذ أي مما سبق قبل نزع سلاح المقاومة"؟!
وعن خيارات حزب الله في ظل هذا الواقع، يقول شحادة: "حتى الآن تبدو خسائر المقاومة والقصف الذي تتعرض له، أقل كلفة من انخراط كامل في حرب شاملة، على أن يتبدل ذلك عندما تستشعر أنها وصلت الى مكان ،يكون فيه السكوت عن الخروقات والاعتداءات أكثر كلفة من الرد عليها"..
ولم يتأخر رد "لبنان الرسمي" على رسالة حزب الله ، اذ خرج رئيس الحكومة نواف سلام ليؤكد أن قرار الحرب والسلم استردّته الحكومة اللبنانيّة، و"ما حدا إلو كلام بالموضوع". وتبعا لهذا الموقف، سيكون الحزب أمام مفترق طرق حقيقي في التعامل مع الواقع اللبناني الداخلي، إما أن يثبّت موقعه ضمن معادلة "الدولة والمقاومة"، من خلال تفاهم جديد مع الرئاسة والحكومة، أو أن يذهب إلى مواجهة ، إذا شعر بأن مشروع "نزع السلاح" يتقدّم بخطوات عملية. بالمحصلة، هو قرار بالمواجهة اتخذه الحزب، كما كرر قياديوه دائما "سنقاتل حتى لو أدى ذلك لاستشهادنا جميعا".
وكتب داوود رمال في" نداء الوطن":أعاد «حزب الله»، بكتابه المفتوح إلى الرؤساء الثلاثة، ترتيب المشهد السياسي اللبناني على نحوٍ يعكس إرادة في الحسم خارج الأطر الدستورية، ويؤكد مرة جديدة أن الملفات السيادية الكبرى ما زالت تُدار بعقلية أحادية لا مؤسساتية. فالبيان، الذي جاء بلهجة عالية السقف غير مسبوقة منذ إعلان وقف إطلاق النار، شكّل عمليًا استبدالًا للجواب الرسمي الذي كان يُفترض أن يقدّمه «الحزب» إلى الموفدين حول مسار التفاوض ومسألة حصرية السلاح. وبدلًا من أن يأتي الردّ ضمن نقاشٍ منظم داخل الحكومة أو عبر القنوات المعتمدة للتشاور الوطني، اختار «الحزب» أن يوجّه موقفه عبر كتاب علني إلى الرؤساء الثلاثة، قاطعًا الطريق أمام أي أخذ ورد، ومستعيدًا صلاحية القرار في هكذا ملفات أساسية من رئيس مجلس النواب نبيه بري المفوض من «الثنائي» إدارة الحوار حول القضايا المصيرية.
هذه الخطوة، بما تحمله من رمزية سياسية، لا يمكن فصلها عن التوقيت ولا عن مضمون الرسالة. فهي تمثل في جوهرها انتقالًا من منطق المشاركة إلى منطق الإملاء، إذ جعلت من البيان أداة لفرض موقف نهائي على الدولة، في لحظة كان يُفترض فيها أن يُناقش الملف في مجلس الوزراء حيث تتلاقى المواقف وتُنسَّق السياسات. ومع أن «الحزب» قدّم بيانه بعبارات تتحدث عن «التفاهم الوطني» و«حماية السيادة»، إلا أن الشكل الذي اعتمده يناقض هذه الشعارات عمليًا، إذ ألغى دور المؤسسات المعنية وأقفل الباب أمام أي بحث داخل الحكومة في الخيارات المطروحة، سواء بشأن التفاوض وآليات تثبيت وقف النار أو إدارة العلاقة مع الموفدين الدوليين.
جوهر الإشكالية لا يكمن في الموقف بحد ذاته بل في طريقة إعلانه. فأن يوجّه حزب يمتلك ذراعًا عسكرية رسالة إلى الرؤساء الثلاثة بلغة تقريرية تُنهي النقاش ولا تفتحه، يعني عمليًا تحويل الخطاب السياسي إلى قرار فوقي ملزم، وإخضاع السلطة التنفيذية لأمر واقع جديد. وفي وقت كان رئيس الجمهورية ومعه رئيس الحكومة نواف سلام يسعيان إلى بلورة رؤية مشتركة داخل مجلس الوزراء حيال مسار التفاوض، أتى البيان ليصادر هذا النقاش، وليضع الحكومة أمام معادلة صعبة وهي؛ إما أن تساير خطاب «الحزب» وتغلق ملف التفاوض، أو أن تواجهه سياسيًا بما قد يُفاقم الانقسام الداخلي ويشل قدرتها على إدارة المرحلة المقبلة.
البيان أيضًا يوجّه رسالة مزدوجة إلى الداخل والخارج. إلى الداخل، بأنه لا تفاوض ولا مساومة على ملف السلاح، وأن «الحزب» وحده يحدّد توقيت البحث في الاستراتيجية الدفاعية، في مخالفة واضحة لنص وروح «البيان الوزاري» الذي أقرّ بشكل واضح لا لبس فيه حسم هذه المسائل. وإلى الخارج، بأنه لا مجال للوساطة ولا جدوى من الضغوط، ما يعقد مهمة الموفدين وآخرهم مدير المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد الذين سعوا لاستكشاف إمكان تثبيت التهدئة عبر مقاربة سياسية ودبلوماسية. بهذا المعنى، فإن الكتاب تجاوز مفهوم التعبير عن موقف مبدئي، إلى مرحلة إعلان إغلاق لمسار تفاوضي محتمل، وتحويل الملف من نقاش حكومي إلى موقف حزبي مكتمل لا يقبل التعديل.
اللغة العالية في البيان قد تُرضي جمهورًا معينًا، لكنها لا تصنع سياسة وطنية متوازنة. إذ لا يمكن للدولة أن تحمي سيادتها عبر بيانات أحادية تضعها في موقع التابع أمام من يملك السلاح والقرار.. إن ما تحتاجه البلاد اليوم ليس مزيدًا من المواقف الصدامية، بل مساحة حوار فعلي داخل المؤسسات، تضمن وحدة القرار وتُعيد للدولة هيبتها بوصفها المرجعية الوحيدة في الحرب والسلم، لا مجرد صندوق بريد لخطابات تُكتب خارجها وتُفرض عليها. مواضيع ذات صلة تحرّك اميركي لتقصّي قدرات الدولة على إعادة بناء حضورها واستبدال مؤسسات "حزب الله" Lebanon 24 تحرّك اميركي لتقصّي قدرات الدولة على إعادة بناء حضورها واستبدال مؤسسات "حزب الله"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: لحادث سیر حزب الله موقف حزب شهیر ی
إقرأ أيضاً:
بين كتاب حزب الله وإنذارات إسرائيل.. هل تقود الرسائل المتبادلة إلى الحرب؟
من جديد، يجد الجنوب نفسه في واجهة الاشتباك المفتوح بين "المعادلة الدفاعية" التي يتمسّك بها "حزب الله"، ومحاولة إسرائيل إعادة تعريف "قواعد اللعبة"، وهو ما تجلّى بعودتها إلى سياسة "الإنذارات المسبقة" لترويع الآمنين، وذلك في سياق الحرب النفسية التي يبدو أنّ اللاعب الإسرائيلي يراهن عليها في هذه المرحلة، بدليل التهديدات بالحرب التي دفعت ببعض قادة العدو إلى التلويح بعدم وجود أماكن محصَّنة هذه المرّة، حتى في العاصمة بيروت.وإذا كانت التهديدات الإسرائيلية بالذهاب إلى الحرب، أو ما يسمّيها الإعلام العبري بـ"المعركة الأخيرة" في الشمال، بلغت ذروتها، مع الضخّ الإعلامي والسياسي الذي تعتمده تل أبيب للحديث عن بدء "حزب الله" ترميم قدراته، بما يبرّر ربما الحرب عليه، إذا لم يرضخ لمطالب سحب السلاح سريعًا، فإنّ العنصر المستجدّ على المشهد تمثّل في الكتاب المفتوح الذي وجّهه الحزب إلى اللبنانيين، وأكد فيه تمسّكه بسلاحه، رافضًا ما وصفها بـ"أفخاخ التفاوض" مع إسرائيل.
وبين هاتين الرسالتين، يتحرّك الداخل اللبناني رسميًا على خطّ ثالث عنوانه "حصرية السلاح" التي تصرّ الحكومة على استكمال إجراءاتها، وقد استعرضت في جلستها الأخيرة التقرير الشهري لقيادة الجيش حول التقدّم الذي حقّقه على صعيد تطبيق الخطة، وهو تقدّم لا يشوّش عليه سوى الاحتلال الإسرائيلي لعدد من النقاط الاستراتيجيّة، ما يطرح السؤال: هل نحن أمام جولة كباش على شروط التسوية المقبلة، أم أنّ رسائل الساعات الأخيرة لن تفضي إلا إلى الحرب؟!
"حزب الله" متمسّك بالسلاح
في "الكتاب المفتوح" الذي وجّهه حزب الله إلى الرؤساء الثلاثة واللبنانيين، حرص على تثبيت جملة ثوابت في ضوء نقاشات الأيام الأخيرة التي حُمِّل فيها الحزب ما يفوق طاقته، ونُسِبَت إليه مواقف لم يتّخذها، فالحزب أراد أن يؤكد بما لا يحتمل اللبس رفضه انخراط لبنان في أيّ "تفاوض سياسي" مع إسرائيل، معتبرًا أنّ المطلوب إلزام إسرائيل بتطبيق اتفاق وقف إطلاق النار، وليس الخضوع لابتزازها، بفرض شروطٍ لم ينصّ عليها الاتفاق، من نوع نزع السلاح.
وبموازاة رفض مبدأ المفاوضات، أو ما سمّاها "الأفخاخ التفاوضية"، قبل تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في المقام الأول، كان واضحًا أنّ الحزب أراد من كتابه أن يؤكد مرة أخرى للقاصي والداني عدم موافقته على مبدأ نزع السلاح، وهو تعمّد الإشارة إلى أنّ "حصر السلاح بيد الدولة" يمكن أن يكون جزءًا من البحث في استراتيجية دفاعية وطنية عندما يحين توقيت ذلك، ولكن من غير المقبول أن يُطرَح تحت الضغط، واستجابة لإملاءات واشنطن وتل أبيب.
ومع تأكيد الحزب على "الحق المشروع" بالمقاومة، تُظهِر القراءة السياسية لكتابه أنّ رسائله كانت موجّهة إلى الموفدين الدوليين، ولا سيما الأميركيين منهم، قبل الداخل الرسمي والقوى السياسية اللبنانية، وقد تعمّد القول إنّ النقاش حول سلاحه مؤجَّل إلى ما بعد تطبيق تل أبيب للاتفاق. رغم ذلك، تميل بعض القراءات إلى القول بأنّ الحزب لم يقفل الباب على المفاوضات بالمُطلَق، خصوصًا بوجود آليات تفاوض غير مباشرة معتمدة أساسًا.
إسرائيل تردّ "ضمنًا"..
في القراءة السياسية للكتاب المفتوح الذي وجّهه الحزب، يتوقف العارفون أيضًا عند السياق الذي جاء فيه بما حمله من مواقف، قد لا تكون "جديدة" فعليًا، إذا أخِذت لكلّ قضية على حدة، إلا أنّ أهميتها تكمن في التوقيت أو السياق الذي جاءت فيه، بعد ساعات فقط على تسريب معطيات عن "مهلة" قدّمتها واشنطن إلى بيروت لإثبات "جدّيتها" في سحب السلاح، وكذلك قبيل جلسة لمجلس الوزراء كانت "خطة الجيش لحصر السلاح" البند الأول على جدول أعمالها.
وكما جاءت رسائل الحزب من كتابه المفتوح "حازمة"، جاءت الرسائل "المضادة" التي وجّهتها إسرائيل عبر الميدان، حيث اختارت أن تردّ ضمنًا على كتاب الحزب من دون الإشارة إليه، ليس فقط عبر موجة غارات موسّعة على العديد من القرى والبلدات الجنوبية، لا يُفهَم البعد العسكري فيها، ولكن أيضًا عبر "تفعيل" استراتيجية الإنذارات، التي لا تصبّ سوى في خانة تخويف أهل الجنوب وترويعهم، ربما لإبعادهم عن "حزب الله"، وإنهاء فكرة "البيئة الحاضنة".
ولا يكتمل الردّ الإسرائيلي الضمني على كتاب "حزب الله" من دون المرور بالتهديدات التي تتصاعد يومًا بعد يوم، وأحدثها تسريبات عن مسؤولين عسكريين يؤكدون أنّ الهجمات الأخيرة ليست سوى "مقدّمة"، وأنّ إسرائيل قد تتّجه إلى هجمات "أوسع" يمكن أن تصل حتى بيروت، في تصعيد واضح للسقف يرى فيه كثيرون ضغطًا غير مباشر على الدولة اللبنانية، مفاده أن تأخير حسم ملف سحب السلاح قد يفتح الباب أمام جولات قتالية أشدّ عنفًا في المستقبل القريب.
بين كتاب "حزب الله" وردّ إسرائيل الضمني، يبدو أنّ الثمن الأكبر لن يدفعه سوى جنوب لبنان كالعادة، وهو الذي يُترك، مرة أخرى، في مواجهة مباشرة مع القلق: قلق من أن تتحوّل الإنذارات إلى نزوح جديد، ومن أن تبقى الأسئلة الكبرى حول السلاح والدفاع والتفاوض معلّقة فوق رؤوس الجنوبيين، بدل أن تُناقش بهدوء على طاولة سياسية وطنية. فهل تكون جولة القتال الأخيرة محاولة للذهاب إلى حافة الهاوية لتحسين شروط التسوية المقبلة، أم "بروفا" أو ربما "تحمية" للحرب التي تستدرج إسرائيل لبنان، وتحديدًا "حزب الله"، إليها؟
المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة إسرائيل تردّ على كتاب "حزب الله": مستمرّون بالقصف Lebanon 24 إسرائيل تردّ على كتاب "حزب الله": مستمرّون بالقصف