بعد أيام من قصف جوي استهدف مدينة عطبرة شمالي السودان، تعرضت ولاية القضارف الواقعة شرقي البلاد لقصف جوي "بمسيرات تابعة لقوات الدعم السريع"، وذلك في أول عملية عسكرية في المدينة التي كانت بمنأى عن الحرب الدائرة في السودان، بحسب وكالة فرانس برس.

وقال مسؤول أمني للوكالة، الثلاثاء، إن "مسيرة قصفت مقر جهاز الأمن والمخابرات وسط مدينة القضارف ولكنها لم تحدث أضرارا".



وأضاف المسؤول، الذي طلب عدم كشف اسمه، أن "مسيرة أخرى قصفت المنطقة الواقعة أمام مقر الجهاز القضائي المجاور لمبنى جهاز المخابرات".

وفي الوقت نفسه، أفاد شهود عيان في الولاية التي تبعد حوالي 450 كيلومترا شرقي العاصمة الخرطوم، عن قيام مسيرة ثالثة بقصف مقر الجيش في القضارف، من دون الإشارة إلى وقوع خسائر، بينم سُمعت أصوات كثيفة لمضادات الطيران الأرضية.

وأكد مسؤول عسكري تعرُّض مقر الفرقة الثانية للجيش السوداني بمنطقة "الفاو" بالولاية للقصف.

وتبعد منطقة الفاو نحو 25 كيلومترا عن المنطقة التي تشهد حاليا اشتباكات عنيفة بين قوات الجيش والدعم السريع على الحدود بين ولايتي القضارف والجزيرة.

"خلافات داخلية"
القصف بالطيران المسير الذي تعرضت له مواقع بالقضارف أعاد الجدل حول الجهة المتورطة في الحادثة، التي تعد الثانية في ولاية ليست جزءا من خريطة المعارك بين الجيش والدعم السريع.

وفي تعليق لموقع "الحرة"، نفى مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، "أي علاقة لهم بالقصف الذي جرى في مدينتي القضارف والفاو".

وقال إن "القصف الذي طال عددا من المواقع في المدينتين يأتي في سياق الخلافات بين قادة الجيش، الذين تتباين مواقفهم بخصوص تشكيلات المقاومة الشعبية التي تقاتل إلى جانب الجيش".

ولفت طبيق إلى أن "الخلافات تصاعدت بين قادة الجيش عقب الانتقادات الحادة التي وجهها نائب القائد العام للجيش، شمس الدين كباشي، إلى المقاومة الشعبية، وتحذيره لقادة نظام الرئيس السابق، عمر البشير، من محاولة السيطرة على معسكرات المقاومة الشعبية، لتحقيق أجندة حزبية".

وكان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، دعا في يناير الماضي "كل من يستطيع حمل السلاح إلى الانضمام لحماية البلاد من قوات الدعم السريع"، ما مهد الطريق لفتح معسكرات تدريب الشباب تحت اسم "المقاومة الشعبية".

وانتقد كباشي المقاومة الشعبية، مشيرا إلى أنها "يمكن أن تتحول إلى أكبر خطر على السودان، إذا لم يصدر قانون ينظم عملها، ويضبط توزيع السلاح على المتطوعين".

وبعد أربعة أيام، قال مساعد القائد العام للجيش، ياسر العطا، إن "وجود عناصر النظام السابق ضمن صفوف المقاومة الشعبية، مثل وجود باقي عناصر التنظيمات السياسية الأخرى"، ما فسره مختصون بأنه "رد على كباشي، الذي حذر من سيطرة "سياسيين" على معسكرات المقاومة الشعبية".

وأضاف مستشار قائد قوات الدعم السريع أن "عمليات القصف في القضارف والفاو، امتداد لعملية القصف التي طالت إفطارا رمضانيا أقامته كتيبة البراء بن مالك الإرهابية في مدينة عطبرة بشمال السودان".

في الثاني من أبريل، قُتل 12 شخصا وأصيب 30 آخرون بجروح في هجوم بطائرة مسيرة في مدينة عطبرة، الواقعة على بعد نحو 300 كلم شمال شرق الخرطوم، والتي لم تكن جزءا من المعارك الدائرة في السودان.

وأشار طبيق إلى أن "قادة في الجيش يعملون على التخلص من كتيبة البراء بن مالك والكتائب الإرهابية الأخرى التابعة لنظام الرئيس السابق عمر البشير".

وخلال الحرب، ظهرت تشكيلات مسلحة تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، مثل كتيبة "البراء بن مالك" التي يقودها المصباح أبو زيد.

وأثير جدل واسع بشأن تلك الكتيبة، إذ يصنفها سياسيون وناشطون بأنها إحدى كتائب نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير.

ويشير أبو زيد في صفحته على موقع فيسبوك إلى أن عناصر "البراء بن مالك": "تلقوا تدريبهم بواسطة الجيش السوداني، وفي ظل دستوره وقانونه".

ولم يصدر بيان من الجيش السوداني عن الأوضاع في الفاو والقضارف، ولم يستجب الناطق باسم الجيش لطلبات موقع "الحرة" للتعليق على التطورات هناك، حتى نشر هذا التقرير.

وانتشرت قوة من الجيش في سوق القضارف بعد عمليات القصف التي طالت مواقع بالمدينة، بينما جرى إغلاق السوق الرئيسية جزئيا.

المعارك مستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أبريل 2023 - أرشيفية
تباينات في قضايا جوهرية.. هل ضربت الخلافات قادة الجيش السوداني؟
بعد اتهامات لعناصر النظام السابق بمحاولة السيطرة على قرار المؤسسة العسكرية، دافع مساعد القائد العام للجيش السوداني، ياسر العطا، عن المقاومة الشعبية، وشدد على أنه "لا يوجد ما يمنع انخراط أعضاء حزب الرئيس السابق عمر البشير في العمليات العسكرية دعما للجيش".
"محاولات للتضليل"
بدوره، قال الخبير الاستراتيجي، الزاكي عبد المنعم، إن "كل الدلائل تشير إلى أن مليشيا الدعم السريع، قامت بعمليات القصف التي طالت بعض المواقع في القضارف والفاو وقبلها في عطبرة".

وقال الزاكي، وهو ضابط سابق في الجيش السوداني، لموقع "الحرة"، إن "مليشيا الدعم السريع، تتجنب الاعتراف بتلك العمليات، لإيهام الرأي العام بأن هناك خلافات بين أعضاء القيادة العليا للجيش، أدت لعمليات القصف".

وأشار إلى أن "هذه الحيلة لن تنطلي على أحد، لأن الجميع يعرفون أن هذه المسيرات تطلقها المليشيا، بعد أن تلقتها من الإمارات التي تسعى لتحقيق أطماعها في موارد السودان".

ويتهم الجيش السوداني الإمارات بتقديم الدعم العسكري إلى قوات الدعم السريع، من خلال مطار أم جرس في تشاد، وهي اتهامات نفتها وزارة الخارجية الإماراتية في بيان سابق.

ولفت الخبير الاستراتيجي، إلى أن "التبيانات المحدودة بين قادة الجيش بخصوص المقاومة الشعبية، لا تعني أنهم ضدها، لأن كل قادة الجيش مدركون لأهميتها، وفقط يطالبون بوضعها في إطارها الصحيح، حتى لا تتحول إلى أزمة لاحقا".

وأضاف "مليشيا الدعم السريع تلقت ضربات موجعة من الجيش في ولاية الجزيرة، ولذلك تحاول البحث عن أي انتصار، لرفع الروح المعنوية لعناصرها".

المعارك العسكرية مستمرة في الخرطوم ومناطق أخرى
"متشددون ومرتزقة".. هل يُخرج المقاتلون الجدد أزمة السودان عن السيطرة؟
مع اقتراب الحرب في السودان من إكمال عامها الأول، اتسعت دائرة المعارك بصورة غير مسبوقة، ودخلت تشكيلات قتالية جديدة على خط القتال، بينما يخطط الوسطاء لاستئناف المحادثات بين الجيش وقوات الدعم السريع في جدة بالسعودية
وفي سياق متصل، أكد مسؤول عسكري لوكالة فرانس برس، أن "قوات الجيش "أحرزت تقدماً في المحور القتالي بغرب مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة، وصارت على بعد حوالي 10 كيلومترات من المدينة".

وتدور مواجهات عنيفة بين الجانبين، بحسب ما قال المسؤول، في الاتجاهين الشرقي والجنوبي للمدينة التي سيطرت عليها قوات الدعم السريع في ديسمبر الماضي.

بدوره، قال طبيق، إن "قوات الدعم السريع تمكنت من صد هجومين للجيش، مساء الأحد، ونهار الثلاثاء، وكبدت القوات المهاجمة خسائر فادحة في العتاد والأرواح".

وأشار إلى أن "قوات الدعم السريع تسيطر على كافة المداخل المؤيدة إلى مدينة ود مدني، كما أنها تحاصر الجيش في مدينة المناقل وفي ولاية سنار الحدودية مع ولاية الجزيرة".

من جانبه، أشار المحلل السياسي، عثمان المرضي، إلى أن "الجيش رفع تحركاته لاسترداد ولاية الجزيرة من قبضة الدعم السريع، وتحالف مع بعض الحركات المسلحة الدارفورية".

وتوقع المرضي في حديثه مع موقع "الحرة" أن "تؤدي تحركات التحالف العسكري إلى تضييق الخناق على قوات الدعم السريع المنتشرة في مدينة ود مدني، وتؤثر في سيطرتها على الولاية، إن لم تتسبب في فقدانها السيطرة كليا".

وأدى القتال منذ 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان "حميدتي"، الرجل الثاني السابق في السلطة العسكرية، إلى مقتل أكثر من 13 ألف شخص.

وأسفر عن نزوح نحو ثمانية ملايين آخرين، بينهم أكثر من 1,5 مليون لجأ إلى الدول المجاورة، بحسب الأمم المتحدة.

وتسبب النزاع بكارثة إنسانية، إذ يحتاج حوالي 25 مليون شخص، أي ما يعادل أكثر من نصف السكان، إلى المساعدات، بينهم نحو 18 مليونا يواجهون انعداما حادا للأمن الغذائي، وفق بيانات الأمم المتحدة.

الحرة - واشنطن  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع المقاومة الشعبیة الجیش السودانی البراء بن مالک ولایة الجزیرة عمر البشیر قادة الجیش بین الجیش الجیش فی فی مدینة إلى أن

إقرأ أيضاً:

نيويورك تايمز: الإمارات تتستر بالعمل الإغاثي في السودان لتسليح الدعم السريع

خلص تقرير تحليلي أمريكي صحيفة نيويورك تايمز، إلى أن الإمارات تستغل "العمل الإغاثي" في السودان، كواجهة لدعم قوات الدعم السريع التي تحارب الجيش السوداني، وترتكب الفظائع في البلاد.

وقال تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن الطائرات بدون طيار التي تنطبق من قاعدة تقول الإمارات إنها من أجل إغاثة السودانيين، لتوجيه قوافل أسلحة على طول الحدود السودانية، لصالح قوات الدعم السريع المتورطة بجرائم واسعة في البلاد.

ويقول التقرير  إن الإمارات تلعب لعبة مزدوجة مميتة في السودان، البلد الذي مزقته واحدة من أكثر الحروب الأهلية كارثية في العالم.

وفي محاولة لتعزيز دورها كصانعة ملوك إقليمية، تعمل دولة الخليج الغنية على توسيع حملتها السرية لدعم القتلا السودان، حيث تقوم بتوجيه الأموال والأسلحة، والآن، طائرات بدون طيار قوية إلى المقاتلين الذين يندفعون في جميع أنحاء البلاد، وفقًا لمسؤولين ومذكرات دبلوماسية داخلية وصور الأقمار الصناعية التي حللتها صحيفة نيويورك تايمز.

في الوقت نفسه، تقدم الإمارات نفسها كبطل للسلام والدبلوماسية والمساعدات الدولية. بل إنها تستخدم أحد أشهر رموز الإغاثة في العالم - الهلال الأحمر، نظير الصليب الأحمر - كغطاء لعمليتها السرية لإرسال طائرات بدون طيار إلى السودان وتهريب الأسلحة إلى المقاتلين، كما تظهر صور الأقمار الصناعية ويقول المسؤولون الأمريكيون.



وتقول الإمارات إنها أوضحت "بشكل قاطع" أنها لا تسلح أو تدعم "أيًا من الأطراف المتحاربة" في السودان. وعلى العكس من ذلك، تقول الإمارات إنها "منزعجة من الكارثة الإنسانية المتسارعة" وتدفع نحو "وقف إطلاق النار الفوري".

ولكن لأكثر من عام، كانت الإمارات تدعم سراً قوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني من أجل السيطرة على ثالث أكبر دولة في أفريقيا.

وأكد محققو الأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني تحقيقًا أجرته صحيفة نيويورك تايمز العام الماضي يفصل عملية تهريب الأسلحة الإماراتية، عندما استشهدوا بأدلة "موثوقة" على أن الإمارات تنتهك حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على السودان منذ عقدين من الزمان.

الآن، يعمل الإماراتيون على تضخيم حملتهم السرية. يتم إطلاق طائرات بدون طيار صينية الصنع قوية، وهي الأكبر من نوعها على الإطلاق في حرب السودان، من مطار عبر الحدود في تشاد قامت الإمارات بتوسيعه إلى مطار عسكري مجهز تجهيزًا جيدًا.

تُظهر صور الأقمار الصناعية أنه تم بناء حظائر وتركيب محطة تحكم في الطائرات بدون طيار.

ووجد تحليل صحيفة نيويورك تايمز لبيانات تتبع الرحلات الجوية أن العديد من طائرات الشحن التي هبطت في المطار أثناء الحرب كانت تنقل أسلحة للإمارات إلى مناطق صراع أخرى، مثل ليبيا، حيث اتُهم الإماراتيون أيضًا بانتهاك حظر الأسلحة.

ويقول المسؤولون الأمريكيون إن الإماراتيين يستخدمون المطار الآن لإطلاق طائرات عسكرية بدون طيار متطورة لتزويد قوات الدعم السريع بمعلومات استخباراتية عن ساحة المعركة.

تُظهر الصور مخبأ ذخيرة واضحًا في المطار ومحطة تحكم أرضية لطائرة وينج لونج بجانب المدرج - على بعد حوالي 750 ياردة فقط من مستشفى تديره الإمارات العربية المتحدة والذي عالج مقاتلي قوات الدعم السريع الجرحى.

ويمكن لطائرة وينج لونج الطيران لمدة 32 ساعة، ويبلغ مداها 1000 ميل ويمكنها حمل ما يصل إلى اثني عشر صاروخًا أو قنبلة. حتى الآن، لا يبدو أن الطائرات بدون طيار تقوم بغارات جوية خاصة بها في السودان، كما يقول المسؤولون، لكنها توفر المراقبة وتحديد الأهداف في ساحات المعارك الفوضوية.

بعد الإقلاع من القاعدة، قد يتم توجيه الطائرات بدون طيار عن بعد من الأراضي الإماراتية، كما يقول الخبراء والمسؤولون. ومؤخرًا، تم رصدها وهي تقوم بدوريات في السماء فوق مدينة الفاشر السودانية المحاصرة، حيث يتضور الناس جوعًا ويحاصرهم قوات الدعم السريع. المدينة موطن لنحو مليوني شخص، وتتزايد المخاوف من أن الحرب على وشك ارتكاب المزيد من الفظائع.

وكان المسؤولون الأمريكيون يضغطون على جميع المقاتلين في الحرب لوقف المذبحة.
وواجهت نائبة الرئيس كامالا هاريس زعيم الإمارات الشيخ محمد بن زايد بشأن دعم بلاده لقوات الدعم السريع عندما التقيا في ديسمبر/كانون الأول، وفقًا لمسؤولين مطلعين على التبادل.



ودعا الرئيس بايدن هذا الأسبوع إلى إنهاء "الحرب التي لا معنى لها"، محذرًا من أن الحصار الوحشي الذي فرضته قوات الدعم السريع على الفاشر لمدة أشهر "أصبح هجومًا كاملاً".

وتصر الإمارات على أنها تحاول ببساطة وقف الحرب ومساعدة ضحاياها. فقد قدمت 230 مليون دولار كمساعدات، وسلمت 10 آلاف طن من إمدادات الإغاثة، ولعبت دوراً بارزاً في محادثات السلام التي قادتها الولايات المتحدة مؤخراً في سويسرا.

وقالت لانا نسيبة، وزيرة الخارجية الإماراتية، بعد ذلك: "تظل الإمارات ملتزمة بدعم شعب السودان في استعادة السلام".

وقال خمسة مسؤولين أمريكيين مطلعين إن كبار المسؤولين الأمريكيين حاولوا بشكل خاص إقناع الإمارات بالتخلي عن عملياتها السرية، ومواجهتها بصراحة بالمعلومات الاستخباراتية الأمريكية حول ما تفعله الدولة الخليجية داخل السودان.

في ديسمبر/كانون الأول، أثارت نائبة الرئيس هاريس اعتراضات أمريكية على تهريب الأسلحة مع الشيخ محمد، وعرض الزعيم الإماراتي ما اعتبره بعض المسؤولين اعترافًا ضمنيًا.

وواجهته بشأن دعم بلاده لقوات الدعم السريع خلال الاجتماع، حسبما قال مسؤولون.

وبينما لم يعترف الشيخ محمد بدعم مباشر لقوات الدعم السريع، قال إنه مدين لزعيم المجموعة شبه العسكرية، الفريق أول محمد حمدان، لإرساله قوات للقتال إلى جانب الإمارات في الحرب في اليمن، وفقًا لمسؤولين أمريكيين مطلعين على التبادل.

وتشعر منظمات الإغاثة بالغضب بشكل خاص من الإمارات، وتتهمها بإدارة "عملية مساعدة وهمية" لإخفاء دعمها لقوات الدعم السريع، وفقًا لجيريمي كونيانديك، رئيس منظمة اللاجئين الدولية ومسؤول سابق في إدارة أوباما وبايدن.

وقال عن الإماراتيين: "إنهم يريدون الأمرين معًا. إنهم يريدون التصرف مثل المارقين، ودعم عميلهم من الميليشيات وغض الطرف عن كل ما يفعلونه بأسلحتهم. ويريدون الظهور كعضو بناء وملتزم بالقواعد في النظام الدولي".

وكتب سفير الاتحاد الأوروبي في السودان، إيدان أوهارا، في شباط/ فبراير في مذكرة سرية حصلت عليها صحيفة التايمز: "إن تسليم الطائرات بدون طيار ومدافع الهاوتزر وقاذفات الصواريخ المتعددة وأنظمة الدفاع الجوي المحمولة لقوات الدعم السريع من قبل الإمارات العربية المتحدة ساعدها في تحييد التفوق الجوي" للجيش السوداني.

وتضمنت المذكرة تأكيدات مذهلة أخرى: أن المملكة العربية السعودية قدمت أموالاً للجيش السوداني، الذي استخدمها لشراء طائرات بدون طيار إيرانية؛ وأن ما يصل إلى 200 ألف مرتزق أجنبي كانوا يقاتلون إلى جانب قوات الدعم السريع؛ ويبدو أن دور الإمارات العربية المتحدة هو جزء من حملة أوسع نطاقا في أفريقيا.

في العام الماضي، عندما بدأت طائرات الشحن في الهبوط في مطار أمجراس، على بعد 600 ميل شرق العاصمة التشادية نجامينا، قالت الإمارات إنها جاءت لإنشاء مستشفى ميداني للاجئين السودانيين.


ولكن في غضون أشهر، اكتشف المسؤولون الأمريكيون أن المستشفى الذي تبلغ تكلفته 20 مليون دولار يعالج بهدوء قوات الدعم السريع. المقاتلون، وأن طائرات الشحن كانت تحمل أيضًا أسلحة تم تهريبها لاحقًا إلى المقاتلين داخل السودان.

أظهر تحليل صحيفة التايمز لصور الأقمار الصناعية وسجلات الرحلات الجوية أن الإماراتيين قاموا بتركيب نظام الطائرات بدون طيار في نفس الوقت الذي كانوا يروجون فيه لعمليتهم الإنسانية.

خلال مكالمة هاتفية مطولة في أوائل أيار/ مايو مع نظيره الإماراتي، استشهد مستشار الأمن القومي للرئيس بايدن، جيك سوليفان، بمعلومات استخباراتية أمريكية تم رفع السرية عنها حتى يمكن مشاركتها مع مسؤول أجنبي. وقال مسؤولان أمريكيان مطلعان على التبادل إن الأدلة وثقت الدعم العسكري الإماراتي لقوات الدعم السريع.

لكن يبدو أن الصراحة الأمريكية لم يكن لها تأثير يذكر. يقول المسؤولون الأمريكيون والشهود في تشاد إن الإمارات ضاعفت  من دعمها لقوات الدعم السريع في الأشهر الأخيرة.

يقول المسؤولون إن عدد رحلات الشحن تهبط الآن في مطار أمجراس، حيث يمكن اكتشافها بسهولة، لكن نسبة أكبر من الإمدادات تصل بالشاحنات، غالبًا على طول طرق تتجاوز المدن والبلدات الكبرى.

كما تم العثور على آثار أسلحة قدمتها الإمارات العربية المتحدة في ساحة المعركة. وحددت هيومن رايتس ووتش مؤخرًا صواريخ صربية الصنع، أطلقت من طائرة بدون طيار مجهولة الهوية، وقالت إنها بيعت في الأصل للإمارات.

قال سوكس ماسرا، رئيس وزراء تشاد السابق: "من الواضح جدًا أن الإمارات العربية المتحدة ترسل الأموال، والإمارات العربية المتحدة ترسل الأسلحة".

وبعد شكاوى من مسؤولين غربيين، قال لرئيس بلاده، محمد إدريس ديبي، إن السماح للإمارات بنقل الأسلحة عبر تشاد كان "خطأً فادحًا".

لووعدت الإمارات ديبي بقرض بقيمة 1.5 مليار دولار، وهو ما يقرب من حجم الميزانية الوطنية لتشاد البالغة 1.8 مليار دولار قبل عام.

وتدعم الإمارات قوات الدعم السريع بطرق أخرى أيضًا. ففي وقت سابق من هذا العام، نقلت طائرة إماراتية خاصة قائد القوة شبه العسكرية، الجنرال محمد حمدان دقلو "حميدتي"، في جولة في ست دول أفريقية، حيث عومل كرئيس دولة.

مقالات مشابهة

  • أعضاء بالكونغرس يخاطبون بايدن بشأن دعم الإمارات للدعم السريع
  • استياء أممي من هجوم قوات الدعم السريع على الفاشر السودانية
  • غوتيريش يدعو قائد قوات الدعم السريع لوقف الهجوم على مدينة الفاشر فورا
  • نيويورك تايمز: الإمارات تتستر بالعمل الإغاثي في السودان لتسليح الدعم السريع
  • كشف تفاصيل طائرة شحن ضخمة لقوات الدعم السريع ورتل من شاحنات النقل
  • إتفاق جديد بين الجيش السوداني والدعم السريع
  • تدعم الجيش أم الدعم السريع.. أين تصطف دول الجوار في حرب السودان؟ (1)
  • دورُ ومسئوليةُ البرهان في بروزِ وتمدّدِ حميدتي وقواتِ الدعم السريع
  • حصار الفاشر يتصاعد وسط قصف مدفعي ومعارك عنيفة بين الجيش والدعم السريع
  • وزير الثقافة والإعلام السوداني: الدعم السريع دمّرت «41» محطة إذاعية وتلفزيونية