مولدوفا تتهم رئيسة إقليم "غاغاوزيا" بتمويل حملتها الانتخابية بشكل غير قانوني
تاريخ النشر: 11th, April 2024 GMT
وجه مكتب المدعي العام لمكافحة الفساد في مولدوفا الأربعاء لرئيسة إقليم غاغاوزيا، يفغينيا غوتسول، تهمة تلقي تمويل غير قانوني لدعم حملتها الانتخابية.
وفي 2 أبريل، ذكرت غوتسول أنها المتهمة الرئيسية في قضية جنائية مرفوعة ضد حزب "شور" المحظور في مولدوفا، والذي ترشحت بدعم منه في انتخابات رئاسة المنطقة. وتعتقد غوتسول أن القضية المرفوعة ضدها تم تلفيقها من سلطات البلاد.
واستنادا للقانون الجنائي المولدوفي يفغينيا غوتسول متهمة بانتهاك قواعد إدارة الموارد المالية للحملات الانتخابية، تم اتهامها خلال انتخابات رئيس إقليم غاغاوزيا، بتلقي تمويل من منظمة إجرامية (حزب شور) لصالحها كمنافس انتخابي.
وفي الربيع الماضي، أجريت انتخابات رئيس الحكم الذاتي في غاغاوزيا، وفازت فيها ممثلة حزب "شور" المعارض، يفغينيا غوتسول.
من جهتها أعتبرت السلطات المولدوفية أن الحزب غير دستوري، وباشرت كيشيناو بالتحقيق في نتائج الانتخابات.
وقاطع ممثلو السلطات المولدوفية، مراسم تنصيب غوتسول كرئيسة لإقليم غاغاوزيا التي جرت في 19 يوليو.
إقرأ المزيدكما أن رئيسة مولدوفا، مايا ساندو، لم توقع مرسوما بالموافقة على تعيين غوتسول عضوا في الحكومة، علما بأن هذا الإجراء مطلوب بموجب تشريعات البلاد.
ومنطقة غاغاوزيا في جنوب مولدوفا تتمتع بالحكم الذاتي، وهي تميل تقليديا للتقارب مع روسيا، في حين أن كيشيناو اختارت مسار التكامل الأوروبي.
وفي فبراير 2014، تم إجراء استفتاء في منطقة الحكم الذاتي حول مسألة تحديد اتجاه السياسة الخارجية للبلاد. وقد أيد أكثر من 98 بالمئة من المشاركين مسار دمج مولدوفا في الاتحاد الجمركي الذي أسسته روسيا مع عدد من دول الفضاء السوفييتي.
المصدر: ريا نوفوستي
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبي كيشيناو
إقرأ أيضاً:
اليوم التالي في غزة: منظور قانوني
الحديث عن «اليوم التالي» في غزة يجب ألا ينحصر في إزالة الركام أو إعادة الإعمار، بل هو سؤال أخلاقي وقانوني يفرض نفسه على الإقليم والمجتمع الدولي بأسره. فاليوم التالي ينبغي أن يُعنى بالمحاكمات، على غرار محاكمات «نورنبيرغ» التي أعقبت الحرب العالمية الثانية بعد التنكيل باليهود في ألمانيا وبولندا.
في «نورنبيرغ»، استندت الأدلة إلى عظام وملابس وشهادات ناجين. أما في غزة، فالأدلة مصوّرة وموثقة صوتاً وصورة، في كل هاتف جوَّال، لتوثّق إبادة ممنهجة نفَّذها الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.
ما جرى في غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2023 لا يمكن وصفه بالحرب؛ فالحروب لها قواعد. ما حدث ويحدث هي حرب إبادة، بنيَّةٍ واضحةٍ وفعلٍ مُمَنْهَج. إنَّها مأساةٌ إنسانيةٌ وقانونيةٌ غيرُ مسبوقةٍ في العصرِ الحديث. ولكي يستعيد النظام الدولي توازنه، لا بد من مساءلةٍ حقيقيةٍ تعيدُ الاعتبارَ للضحايا، وتضع حدّاً لسياسات الإفلات من العقاب.
محاكمات «نورنبيرغ» لم تكن فقط محاكمة لقادة الحقبة النازية، بل جاءت لتأسيس قيم قانونية جديدة، أبرزها مبدأ المسؤولية الفردية عن الجرائم الدولية، وإلغاء الحصانة لأي شخص مهما كان منصبه. هكذا يجب أن يكون «اليوم التالي» في غزة.
ما ارتكبته حكومة بنيامين نتنياهو، التي ضمت أكثر العناصر تطرفاً في المجتمع الإسرائيلي، من أمثال سموتريتش وبن غفير، يفوق ما فعله هتلر من حيث الوحشية، باستخدام أحدث أدوات الإبادة الجماعية. لم تُستخدم أفران الغاز، بل استُخدمت قنابل أميركية متطورة لحرق البشر والمزارع أمام عدسات العالم، في بثٍّ حيٍّ يوثِّق القتل الجماعي المتعمَّد للمدنيين، واستخدام التجويع سلاح حرب، والتدمير الممنهج للمستشفيات والمدارس ومخيمات النازحين. كلها جرائم حرب كما نصّت على ذلك محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية.
التوثيق الحي للإبادة هو أيضاً نوع من إرهاب الدولة، كما عرّفته القوانين. فالإرهاب لا يقتصر على القتل، بل يشمل بثّ الرعب وتخويف الشعوب من المصير نفسه. وحين قال وزير الدفاع الإسرائيلي إنه «يحارب حيوانات»، لم يكن يقصد سكان غزة وحدهم، بل كل العرب، وهو ما يظهر في شعارات المتظاهرين الإسرائيليين الذين يهتفون «الموت للعرب».
«اليوم التالي» الحقيقي لا يمكن أن يكون مجرّد مرحلة سياسية أو إنسانية، بل يجب أن يكون لحظة قانونية وأخلاقية بامتياز، تفصل بين الضحية والجلاد، وتحاسب ولا تساوي.
نُسج «السابع من أكتوبر» في الغرب كأنه «11 سبتمبر الإسرائيلي»، مع أن ضحايا الاحتلال الأميركي للعراق وأفغانستان تجاوزوا مئات أضعاف ما حصل في 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001. لكن هذا التاريخ جرى توظيفه لتبرير إبادة الفلسطينيين وسياسات التطهير العرقي والاستيطان.
«السابع من أكتوبر» لا يمكن فصله عن سياق الاحتلال العسكري الشامل والمستمر منذ عقود. ووفق القانون الدولي، فإن مقاومة الاحتلال، بما في ذلك اللجوء إلى القوة ضد أهداف عسكرية، هو حقّ مشروع، حسب اتفاقيات جنيف والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977، وبدأ تنفيذه في ديسمبر (كانون الأول) عام 1978.
أما الرد الإسرائيلي بعد «السابع من أكتوبر»، فقد تجاوز كل حدود القانون والإنسانية، باستخدام قوة مفرطة ومدمِّرة ضد المدنيين، وتخريب البنية التحتية، وفرض حصار وتجويع استمر نحو عامين. ما حدث هو عقاب جماعي لشعب بأكمله، ولا يجوز أخلاقياً أو قانونياً مساواة الفعل المقاوِم ضمن سياق الاحتلال بهذه الجرائم واسعة النطاق.
السؤال الأساسي اليوم ليس عن إعادة إعمار غزة، بل عن العدالة لغزة. ويمكن للعالم العربي أن يتحرك عبر ثلاثة مسارات رئيسية: أولها المحكمة الجنائية الدولية، التي تمتلك ولاية على الأراضي الفلسطينية وفتحت تحقيقاً منذ عام 2014، لكنها تواجه ضغوطاً سياسية تُعرقِل العدالة، مما يستدعي دعماً دولياً لتسريع التحقيق وضمان المحاسبة. المسار الثاني هو إنشاء محكمة دولية خاصة، كما حدث في يوغوسلافيا ورواندا، لمحاكمة الجرائم المرتكبة في غزة ضمن سياق قانوني مستقل ومُلزِم. أما المسار الثالث، فهو تفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية، بحيث يمكن محاكمة المجرمين أمام محاكم في دول تسمح بذلك، مثل بلجيكا وإسبانيا، وهو مسار واقعي أثبت فاعليته في قضايا سابقة.
العدالة لا تقتصر على الحكومات، بل تتطلب من المجتمع المدني العربي توثيق الجرائم، وجمع الأدلة، وتقديم الملفات لدعم مسارات المحاسبة. فلا سلام من دون عدالة.
المعسكر المعادي للعدالة يزعم أن المحاسبة تُعرقل جهود «السلام»، لكنَّ التجربة تُثبت أن التسويات غير القائمة على العدالة لا تُنتج سلاماً دائماً، بل مجرد وقف مؤقَّت لإطلاق النار. في رواندا، لم تبدأ المصالحة إلا بعد المحاسبة، وفي البوسنة لم يتحقق الاستقرار إلا بمحاكمة القادة العسكريين.
العدالة والقانون هما أساس الدولة الفلسطينية التي يطمح إليها العرب، فلا دولة دون منظومة قانونية. «اليوم التالي» في غزة ليس لحظة إعادة بناء مادي، بل لحظة قانونية وأخلاقية بامتياز.
إن فشل العالم في إنصاف ضحايا الإبادة في غزة سيجعل فكرة السلام بين العرب وإسرائيل أمراً عسيراً.
الشرق الأوسط