لم يستمرّ طويلا التصعيد "القوّاتي" الذي أعقب خطف وقتل منسّق "القوات اللبنانية" في جبيل باسكال سليمان ، وهذا التراجع السريع طرح العديد من الاسئلة.

وبحسب مصادر سياسية مطّلعة فإن "القوات" لا تستطيع الذهاب وحدها الى مثل هذا التصعيد الميداني، بل هي بحاجة الى غطاء إقليمي أو دولي يؤمّن لها استمرارية سياسية، ومن الواضح أن هذا الغطاء غير مُتاح في هذه المرحلة وأن القرار الخارجي معاكس تماماً لمسار التوترات في الداخل اللبناني.



وتعتقد المصادر أن التوجّه العام للدول المهتمّة بالشأن اللبناني لا يزال على حاله، حيث أن كل هذه الدول ترفض رفضاً قاطعاً المخاطرة بالساحة اللبنانية والذهاب الى تصعيد قد يؤدّي بشكل أو بآخر الى نوع من الفوضى الميدانية الأمنية وربما السياسية، إذ إن الاولوية اليوم هي للحفاظ على الاستقرار في لبنان.

يظنّ كثر أن الفوضى الأمنية في لبنان تصبّ في مصلحة "حزب الله"، وبالرغم من أنه حتماً لا يريدها نظراً للخسائر الجانبية التي قد تلحق ببيئته في حال حصولها، غير أنّ الفوضى عموماً تمكّنه من التحرّك بشكل أفضل بالمعنى العسكري، بحيث يصبح أي تصعيد عسكري مع اسرائيل لا يشكّل له خسائر فعلية لأن الخسائر ستكون واقعة أصلاً نتيجة للاشكالات الداخلية.

من هنا يبدو أن "القوات اللبنانية" بعد سلسلة اتصالات وبعض الضغوطات، وفق المصادر، توصّلت الى ادراك أنّ الغطاء الكبير والذي كان متوقّعاً غير موجود، وبالتالي فهي فضّلت التراجع التكتيكي بانتظار ما ستؤول اليه التطورات في المنطقة التي قد تذهب باتجاهات متعددة إذا ما قامت إيران بردّها الانتقامي على اسرائيل. فإما سنكون امام تسوية كبرى او معركة شاملة اكبر بدرجات من تلك التي تحصل اليوم.
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

التوقعات غير المتوقعة

يتواصل العدوان على إيران بعد أسبوع من الجمعة 13، في ظل تزايد المخاطر والمخاوف من احتمال توسع رقعة المواجهة على خريطة جغرافية مضطربة وحساسة لا تتحمل المزيد من التقلبات.

الكيان الصهيوني، المدعوم أمريكيا بكل الوسائل، يقوم منذ نشأته بحروب بالوكالة ليس عن نيابة عن الولايات المتحدة فحسب، بل نيابة عن دول الغرب الاستعمارية التقليدية في أوروبا كلها: كيان علماني لائكي في الأصل، نال شفاعة الدول الغربية والرأسماليات الناشئة، التي قامت أصلا، لاسيما مع الثورة الفرنسية سنة 1798، على الدعم والمال اليهودي الناتج عن الاقتصاد الحرفي الذي كانت تهيمن عليه القوى اليهودية في الغرب، والتجارة بشكل عامّ، ثم البنوك في ما بعد.

المظلومية التاريخية التي بنى عليها الكيان سرديته منذ ما قبل التيه في صحراء سيناء، وما نالوه على أيدي فرعون مصر، مرورا بما نالوه من إقصاء وتهميش وكراهية لليهود في الغرب قبل الثورة الفرنسية، وحياة القيطوهات، وصولا إلى المحرقة النازية، كل هذا دفع بالرأسماليات الغربية ما بعد الحرب العالمية الثانية إلى التكفير عن عقدة الذنب لدى بعضها، لاسيما لدى ألمانيا وفرنسا وحتى بريطانيا، فقدموا للكيان مستقبلا من ذهب: أرضا ووطنا، الأرض الموعودة لهم في سردياتهم الدينية التوراتية، باعتبارهم “شعب الله المختار”.

هذا الانحياز الأعمى اليوم للكيان، ظالما أو مظلوما، هو ما يجعله اليوم منفلتا من العقال، طفلا مدللا مشاغبا، يستعمل ويوظف لكل السيناريوهات ويولّون وجهتهم كيفما شاءت رغباته، إنه مثل الطفل الذي يطالب بلعب غالية الثمن كل مرة، مع ذلك لا أحد من عائلته يريد كسر خاطره، ويقبلون بإهدائها له على مضض أحيانا وبفرح وسرور أحيانا أخرى.

هذه المظلومية التاريخية التي يستثمر فيها الكيان إلى اليوم، ضمن ما يسمى “معاداة السامية”، تجابه حاليا مظلومية تاريخية أخرى طالما استثمرت فيها الأيديولوجيا القائمة في إيران والمنطقة: لهذا يبدو أن صراع المظلوميات، قد يفضي إلى صراع أوسع، لا يقل على أن يكون إقليميا.

إيران التي خرجت قوية اقتصاديا وعسكريا وسياسيا بفعل الاستثمار في المظلومية التاريخية لآل البيت، ومنذ الثورة الإسلامية في إيران، ونهاية عهد الشاه، شكلت قوة إقليمية لم تعد تحتملها القوة المناوئة في الغرب الاستعماري وعلى رأسها الكيان الاصطناعي خادم الغرب الرأسمالي، الذي استفيد من هيمنته الاقتصادية والتجارية، ومن سرديته حول المحرقة، لهذا نرى كل هذا التكالب و”التحلف” ضد هذه الدولة المنتصرة لحق الشعب الفلسطيني وحركات المقاومة للاحتلال والهيمنة الصهيونية والغربية في المنطقة.

إيران، رغم الحصار ورغم التضييق والخناق الاقتصادي والسياسي، تفاجئ الجميع بمن فيهم الكيان الغربي المصنع، وتعدّل معادلة المواجهة بينها وبين عدوان الكيان المحمول على رمح ديني توراتي ولكن أيضا على رماح شخصية وحسابات سياسية حزبية لرئيس وزراء الكيان وحكومته اليمينية، رغم أن جميع من في هذا الكيان بمن فيهم التيار العلماني والمعارضة، على قلب واحد في مواجهة إيران النووية، التي تعني لهم مشروع نهاية كيانهم المصطنع.

المفاجأة التي أحدثتها إيران، لم تكن متوقعة لهم، وقد يعملون على النزول من الشجرة بتكلفة أقلّ. هم الآن يستجدون الولايات المتحدة لنجدتهم من هذه الورطة، بعدما عملوا لسنوات على مشروع توريط الولايات المتحدة والغرب في حربهم ضد المارد الإسلامي أينما كان: فالأمس العراق واليوم لبنان وسورية وإيران، وغدا لا ندري من يكون على رأس القائمة بين الدول العربية والإسلامية: كل هذا تحت عناوين مختلفة: الإرهاب، والمشروع النووي، ومعاداة السامية، والخطر الإسلامي…

الشروق الجزائرية

مقالات مشابهة

  • مصر والأردن يحذران من انزلاق المنطقة لمزيد من الفوضى بسبب التصعيد الإسرائيلي
  • الموسوي: ايران الدولة الأولى التي تقف على خط الجهاد لتمثل قلعة المقاومة
  • إيران تتعهد بالرد.. ما هي المصالح الأمريكية التي يُمكن استهدافها؟
  • "فتح" تُصدر تعميما بشأن ما يجري في الساحة اللبنانية
  • جعجع: بيت القصيد أن تعود البترون قلعة الجبهة اللبنانية السيادية والاستقلال
  • اليوم.. مجلس الشيوخ يناقش مستقبل كليات التربية في مصر بين الواقع والمأمول
  • قسم كبير لا يزال عالقاً داخل أراضيها.. هذا هو عدد الجالية اللبنانية في ايران
  • التوقعات غير المتوقعة
  • القوات الإسرائيلية تتوغل فجرا داخل الأراضي اللبنانية وتفجر منزلين في حولا وميس الجبل
  • برّاك يوسّع المقاربة اللبنانية :لا ضمانات ولا تطمينات