جريدة الرؤية العمانية:
2025-12-13@14:36:37 GMT

في مدرسة المقاومة

تاريخ النشر: 13th, April 2024 GMT

في مدرسة المقاومة

 

سعيدة بنت أحمد البرعمية

 

تصدرت المقاومة الفلسطينية سيادة المشهد منذ السابع من أكتوبر إلى الآن؛ فحرب الصمود تزداد ضراوة، في المقابل ثمّة حرب أخرى تكشف للمتابع حقيقة بعض الأقلام في ميدان السوشيال ميديا وحاجتها إلى جرعة شرف؛ فهي تبثُّ سمومها في منشوراتها دون اكتراث بواقع الحال ودون الاستناد إلى مصداقية تُذكر، لا تضع اعتبارا لمثقال الكلمة أو من يقرأها؛ ولكن هندسة حرب الوجود تترفع عن كلّ ما لا يليق وتصبّ جلّ طاقتها في هدف الوجود ودحض زيف العدم الهادم، ورفع سيف النصر المؤزر، حيث لا سلام مع الكيان ولا بكاء على شهيد ما دامت الأرض تطلب المزيد.

هناك من يرى أنه مضى أكثر من 6 أشهر على جريمة الإبادة في أرض الأنبياء؛ بينما المتتبع للحقيقة يرى أنها منذ عهد طويل وما يحدث الآن ما هو إلّا سلسلة لعلها الأخيرة من سلاسل العدوان المستمر على أهل الأرض العزّل، كما يبدو أن عُمر ما يسمى بـ"إسرائيل" ناهز من العمر السبعين وشاخ كثيرا بقيادة النتن المتطرف، وبات بعد السابع من أكتوبر على مشارف الزوال يحتضر، ولن يستطع استعادة شبابه في ظلّ من سيخلف لاحقًا، هكذا تبدو الأمور بعد سقوط ورقة التوت؛ فقد خسر المغتصبون ثقة شعبهم في الداخل وانكشف أمرهم أمام شعوب العالم في الخارج.

ماذا لو عاد معتذرًا، ماذا لو ركع الكيان تحت قدمي السنوار؟ وكرر عرضه البائت، حلّ الدولتين! أتظن أن السنوار يقبل؟

توضأت الأرض بالدم وبدأت تتطهر، ووقف السنوار معتليًا فوق ما ألحقه بعدوه من هزائم، وعلى قمّة ما قدّمه الشعب من تضحيات وعلى صبر الأرملة والثكلى وجزع النائحة اليائسة الأخرى، محتذياً صمود أصغر جندي في المقاومة، مقدرا الثمن والمثن، وكان لسان حاله يقول: هيهات أن أرضى إلاّ بالنصر، حلّ الدولتين لم يعد هدفًا؛ امتلأت كفة الدم ولن يعد يملأ الكفة الأخرى سوى الأرض كاملة؛ فصلاحية حقن السلام انتهت، كبّر وأقام حربه بحيَّ على الأفعال حيَّ على النصر.

لم يستهدف الصهاينة الأطفال وحدهم، إنما المدارس كانت من أهم الأهداف لديهم، ولكن مجريات الحرب أثبتت أن المقاومة مدرسة تسري في دماء الشعب الغزاوي طفلا كان أم شيخا، ذكرا كان أو أنثى، مدرسة التشبث بالأرض تملأوها القيم والنعم، النعم التي حرم الله منها كل الناس وزرعها في الشعب الفلسطيني وحده، لقد كشفت هذه الحرب حقيقة الكثير من المصطلحات كالجريمة والصمود والفداء والصبر وأعادت دلالتها بشكل مختلف غير مألوف.

الجريمة

"الجريمة" من المصطلحات التي عرفناها دون البحث في معاجم اللغة؛ فعندما نسمع الحديث عن الأعمال الوحشية غير السوية كان المتحدث يسميها جريمة وبالتالي هو لم يكن يعطي الخبر وحده.

قرأت كتاب بعنوان "إسرائيل جريمتنا" من تأليف ميلر بوروز أستاذ الدراسات التورانية في جامعة ييل بالولايات المتحدة الأمريكية، تحدث فيه عن الكثير من الحقائق المرتبطة بفلسطين أرضا وشعبا وغاصبا ومغتصبا، تناول الحركة الصهيونية بدقة متناهية، واعترف أن وجود الصهاينة في فلسطين جريمة الغرب، وعن المظالم التي نزلت بأرض فلسطين حين وطأها اليهود يقول:"إن البلاد الصغيرة التي أنشئت فيها الدولة اليهودية الجديدة كانت آهله بالسكان قبل أن تبدأ الهجرة الصهونية إليها، إنها لم تكن مجاهل بكرا لا يقطنها غير نفر قليل من المتوحشين الهائمين على وجوههم، أو وطننا من غير شعب لشعب من غير وطن كما كان الصهاينة الأولون ينعتونها.

وعن عدد السكان يقول المؤلف: "وفي حين كان عدد اليهود في فلسطين ينمو عن طريق الهجرة، كان عدد السكان العرب ينمو عن طريق التكاثر الطبيعي".

أتساءل لم يعتبرون الهجرات غير الشرعية التي يموت ويسجن سنويًا بسببها عدد كبير من فقراء العالم جريمة، ويعتبرون الهجرة الصهيونية حقًا مشروعًا! وما الجرم إن لم تكن الإبادة في فلسطين على مرّ ما يزيد عن السبعين عاما جرائم غزو ونهب وسلب! وما الإبادة إن لم يكن ما يحدث في غزّة إبادة!

ما العهر إذن إن لم تكن إسرائيل عاهرة!

وما السرقة إن لم تكن إسرائيل سارقة!

وما التزوير إن لم تكن إسرائيل مزورة!

لا أدري إلى متى يسكت العالم عن عربدة هذه الجرائم ضد شعب أعزل، يعلم الغرب والعرب جيدا حقه الشرعي في امتلاك أرضه!

الحقيقة أن هذا الكيان تجاوز كل مراحل الجريمة المتعارف عليها وأثخن العجرفة في القتل إلى أن أصبح يكيل الإبادة بمكيالين، وأعتُبِر قانونيا أنه يبيد شعبا ليدافع عن نفسه وأرضه وسيادته!

لك الحرية عزيزي القارئ أن تبكي أو أن تقهقه، فهذا أضعف الإيمان، نعم وصلنا إلى هذا الحدّ من الضعف في الإيمان؛ لأن المفهوم للجريمة تغير وطرأت عليه عوامل التعرية ذاتها التي طرأت علينا.

الصمود

أستطيع القول إنه لا توجد مدرسة علّمت الصمود على مرّ الزمان كما علمته مدرسة السنوار، فلم نر على مر ستة أشهر منذ بداية الحرب أي فتر لهذه المقاومة بالرغم من حجم الخذلان المحيط بها وشح الوسائل والذخائر والجوع والصوم، لم نر مقاتلا واحدا يشكو الحرب أو يتذمر منها مثلما رأينا جنود الصهاينة يبكون خوفهم وتراجعهم، إذن فالصمود في صفوف المقاومة ينبع من كينونة الوجود، استطاع الكيان هدم المدارس لكنه ظلّ عاجزا عن هدم مدرسة السنوار، المدرسة التي ستظل تدرس الصمود والحرية ما بقيت حياة على وجه الأرض.

الفداء والصبر

شاهدنا منذ بداية الحرب مقاطع الفيديو للأطفال والنساء والمسنين الذين هدمت منازلهم وقتلوا أهلهم وجُوّعوا وشرّدو وكان الصبر قوة تنبعث من أفواههم، قوة لا تصنع قي مصانع الذخيرة؛ وإنما صنعتها قوة الإيمان بعودة الحق المنتزع وأن الصبر ثمن عودته، كما شاهدنا صبر إسماعيل هنيئة عندما تلقى خبر استشهاد أبنائه، كانوا يظنون أن هذا الحدث سيلوي ذراعه؛ ولكنه علمهم كيف يكون الصبر والاحتساب أمام أمر صاحبه يؤمن به.

لقد أثبتت هذه الحرب لحمة المقاومة والشعب، الجميع يصبّ دمائه في تراب الوطن، لا فرق بين أبناء الشعب وأبناء قادة المقاومة؛ فاستشهاد أبناء القادة قطع دابر من شنّ حربا إعلامية ضدهم، وأثبت لحمة أبناء غزة قادة وشعبا وتفانيهم وصبرهم في فداء الوطن.

لم تقلب حرب الصمود موازين القوى وإثارة الرأي العام فحسب؛ إنما صححت أيضا المفاهيم ووضعت النقاط المسلوبة على الحروف، واستمرت ماضية تجاه هدفها تؤمن بما تحقق من انتصار، لا تأبى بالخذلان ولا بالوعود؛ فحينما يحضر الفعل يبطل القول.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

مشعل: غزة غير مطالبة بإطلاق الرصاص ولدينا تصور لسلاح المقاومة

أكد خالد مشعل -رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في الخارج- أن الحركة لديها مقاربتها الخاصة بشأن السلاح وتسعى لإقناع الإدارة الأميركية بها، وقال إن غزة قدمت ما عليها وآن لها أن تنهض وتتعافى.

وتطرق مشعل -الذي حل ضيفا على برنامج موازين ضمن حلقة (2025/12/10)- إلى العديد من النقاط والتفاصيل وخاصة موقف حماس والمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة وبنود خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن القطاع.

وكشف في سياق حديثه عن مقاربة المقاومة بشأن المطالب الإسرائيلية بنزع سلاح المقاومة، أن حماس تطرح على الأطراف المختلفة معادلة مفادها "أن المقاومة تريد تكوين صورة فيها ضمانات بأن لا تعود الحرب بين غزة والاحتلال الإسرائيلي"، أي "كيف يُخبأ هذا السلاح ويحفظ ولا يستعمل ولا يستعرض به"،  وذكر أيضا أن المقاومة طرحت فكرة هدنة طويلة المدى لتشكل ضمانة حقيقية.

وأكد القيادي في حماس أن الخطر يأتي من الكيان الصهيوني، و"ليس من غزة التي يطالبون بنزع سلاحها"، ووصف نزع السلاح عند الفلسطيني بأنه بمثابة "نزع للروح".

وأعرب مشعل عن قناعته بقدرة حماس على إقناع الإدارة الأميركية بمقاربتها المتعلقة بالسلاح، بالنظر إلى العقل الأميركي البراغماتي -حسبه- وبالتالي فرضها على الطرف الإسرائيلي. وكشف أن الوسطاء يبحثون هذه المقاربة مع الأميركيين.

ومن جهة أخرى، أكد مشعل أن إستراتيجية غزة القادمة هي الانشغال بنفسها، في محاولة للتعافي وإعادة الحياة من جديد،  مشددا على أنها "قدمت كل ما عليها وزيادة، ولا أحد يطالبها أن تطلق النار ولا أن تمارس واجبها في المقاومة"، وأفاد أن حماس أبلغت الوسطاء بحاجتها لمن يساعدها على النهوض والتعافي مجددا.

وبشأن القوة الدولية، قال مشعل إنه لا مانع لدى المقاومة من وجود قوة استقرار دولية على الحدود مثل قوات اليونيفيل، "تتولى الفصل بين غزة والاحتلال الإسرائيلي"، مشيرا إلى أن الضامنين خاصة الوسطاء (قطر ومصر وتركيا) والدول الثماني العربية والإسلامية بإمكانهم ضمان غزة وحماس والمقاومة، بحيث "لا يأتي من داخل غزة أي تصعيد عسكري ضد إسرائيل".

إعلان

وفي نفس السياق، أثنى مشعل على موقف وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي، الذي صرح لبرنامج " لقاء خاص" على قناة الجزيرة بأن "دور القوة الدولية هو حفظ السلام وليس فرضه".

غزة عانت الدمار والتجويع وكل أشكال المعاناة (الجزيرة)إدارة غزة

وعن رؤية حماس لشكل إدارة غزة، أكد أنه كان هناك توافق على أن تسلم غزة لحكومة تكنوقراط وأن تجمع القطاع والضفة الغربية، لكن الأمر تعثر بسبب الحرب والفيتو الإسرائيلي، وكشف أنه قبل أسبوعين أو ثلاثة جرى حوار معمق بين الفصائل ومع مصر، وتم طرح 40 اسما استخلص منهم 8 يمثلون تنوع المجتمع الغزي، و"لكن هذه الخطوة تعرقلها إسرائيل".

كما حذر القيادي في حماس من أن مجلس السلام الذي ورد في خطة الرئيس الأميركي بشأن غزة محفوف بالمخاطر، مؤكدا أن حماس ترفض المجلس التنفيذي الذي ينضوي تحته ويشكل الحكم الحقيقي داخل غزة، والسبب أنه "شكل من أشكال الوصاية" على الفلسطينيين، وشدد قائلا "نريد أن يحكم الفلسطيني الفلسطيني وهو من يقرر من يحكمه".

وعلى صعيد آخر أشار إلى أن القضية الفلسطينية استعادت روحها على الساحة الإقليمية وتحولت من الأدراج لتفرض نفسها على الجميع. وفي المقابل تحولت إسرائيل في العالم إلى كيان منبوذ، لأنها ارتكبت إبادة جماعية.

وعن فكرة التطبيع وما كان يُطرح بخصوص تصفية القضية الفلسطينية، يرى مشعل أن هذه الفكرة باتت أبعد بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 "إلا لمن يريد تجاهل ما أفرزته الحرب الإسرائيلية الشرسة على غزة خلال عامين".

وبشأن الممارسات الإسرائيلية في الضفة الغربية، نبّه مشعل إلى أن "إسرائيل تقوم حاليا بالضم الفعلي للضفة وهي تريد أن تحسم الهوية السياسية للضفة وأن تلحقها بالسيادة الإسرائيلية من خلال خطوات عملية"، وقال إن السلطة الفلسطينية عليها مسؤولية كبيرة، وإنها تعرف أن" مشروعها السياسي أُفشِل، ويتم تقليم أظافرها وتُقلص صلاحيتها وينظر إليها أن تكون أداة أمنية".

وعن موقع حماس في ظل الواقع الجديد في المنطقة، أوضح مسؤول حماس أن "الدعم الإيراني كان وما زال مهما وأساسيا وقويا ويُشكَرون عليه"، وقال إن الحركة تلقت طوال مسيرتها الدعم من كل الدول العربية، ولكن بتفاوت، وانفتحت على الجميع، لكنه أكد أن حماس" لم تكن تتمحور يوما في موضع بعينه بعيدا عن الأمة العربية والإسلامية".

وأضاف أن الصورة اختلت بعض الشيء؛ لوجود "أطراف عربية وإسلامية أوصدت الأبواب أمام حماس"، وقال إن الحركة معنية بتعزيز حضورها العربي والإسلامي.

مقالات مشابهة

  • جيش الاحتلال الإسرائيلي يعلن اغتيال القيادي في حماس رائد سعد
  • "لجان المقاومة": ما يجري في غزة فصل جديد من حرب الإبادة وسط صمت دولي
  • الجثة المفقودة.. الاحتلال يتحدث عن أدلة حول مكان غويلي
  • الكشف عن تورط جهة عربية في تدريب عناصر المرتزقة في غزة
  • حماس ترفض وتستهجن التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • مشعل: وجه “إسرائيل” القبيح كُشف أمام العالم بعد السابع من أكتوبر
  • مشعل يتحدث حول تصور حماس لسلاح المقاومة وإدارة غزة
  • مشعل: غزة غير مطالبة بإطلاق الرصاص ولدينا تصور لسلاح المقاومة
  • المقاومة بين ضغط العدو وصمت القريب