شهد الدور المصرى فى القارة الأفريقية تعاظماً كبيراً، خلال الفترة الماضية، منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مسئولية الحكم، فقد استطاع إقامة العديد من الشراكات بين مصر والعديد من الدول الأفريقية، ولعبت مصر دوراً كبيراً فى حل المشاكل التقليدية والمسائل المستحدثة، كأزمة الطاقة والغذاء، والتى كانت نتيجة عدة عوامل، منها التغيرات المناخية، وجائحة كورونا، والحرب الروسية الأوكرانية، كما تنوعت العلاقات المصرية الأفريقية ما بين الإطار الثنائى والمتعدد، وتشمل الخطوط الرئيسية كافة المجالات الإقليمية.

منذ تولى الرئيس السيسى السلطة، وضع فى أولويات دوائر حكمه التحرك السياسى المصرى العربى، مع التركيز أيضاً على منطقة البحر الأحمر، باعتبارها حلقة الوصل بين المنطقتين العربية والأفريقية، فالقارة الأفريقية هى امتداد للمنطقة العربية الأفريقية، وبالتالى هناك رؤية مشتركة فيما يتعلق بالدائرتين العربية والأفريقية، كما حرص الرئيس السيسى على تعزيز دور مصر الريادى والاستراتيجى فى القارة الأفريقية، وعمل على تسوية الأزمات والصراعات التى تعيق التنمية والاستقرار فى دول المنطقة.

وركزت مصر فى سياستها الخارجية مع القارة السمراء، فى المحور الأمنى، وذلك فى مجالات مكافحة الإرهاب والجرائم المنظمة والاتجار بالبشر والهجرة غير الشرعية، وكان هناك تعاون ثنائى وثيق بين مصر والعديد من الدول الأفريقية، وفى إطار الاتحاد الأفريقى، لمواجهة الأمور المتعلقة بالمجال الأمنى.

«حليمة»: الرئيس السيسى لعب دوراً حيوياً فى تطوير العلاقات المصرية الأفريقية على كافة المحاور نحو مسار مستقبلى يستند إلى التاريخ والجغرافيا

ويقول السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق لـ«الوطن»، إن «مصر لها دور مهم جداً فى توسيع العلاقات السياسية بينها وبين العديد من الدول الأفريقية، وخاصةً مع إقامة شراكات استراتيجية، ودور كبير فى حل القضايا الإقليمية والأفريقية»، فعلى سبيل المثال، مشاكل السودان وجنوب السودان والكونغو ومنطقة غرب أفريقيا وفى دول القرن الأفريقى ومنطقة البحر الأحمر، مشيراً إلى أن مصر نجحت، تحت قيادة الرئيس السيسى، فى تحسين وتوجيه علاقاتها مع دول القارة الأفريقية نحو مسار مستقبلى يستند إلى التاريخ والجغرافيا، وتمثل هذه العلاقات بوصلة قوية ودقيقة.

وأضاف: «تلعب مصر دوراً كبيراً فى العلاقات الاقتصادية، فعند توليها رئاسة الاتحاد الأفريقى فى عام 2019، كانت تركز على الجانب الاقتصادى بدرجة كبيرة جداً، فتم إنشاء منطقة التجارة الحرة الأفريقية، والتى تعد خطوة كبيرة من أجل التعاون الاقتصادى، وتحقيق التكامل بين الدول الأفريقية، فضلاً عن إزالة الحواجز الجمركية وإلغاء التعريفة الجمركية تدريجياً بين دول القارة، وإنشاء سوق أفريقية موحدة للسلع والخدمات، وقامت مصر بتعزيز التعاون الاقتصادى مع دول القارة الأفريقية عبر إنشاء صندوق لضمان مخاطر الاستثمار فى القارة، وتشجيع المستثمرين الأجانب على الاستثمار داخل القارة السمراء، مع دعم البنية التحتية، سواء فى الطرق البرية أو البحرية، مما ينعكس على القطاعات الإنتاجية المختلفة، وعلى منطقة التجارة الحرة، فى تنشيط الوحدات التجارية ما بين الدول الأفريقية ومع الأسواق الخارجية، إلى جانب العديد من المؤتمرات التى عُقدت مع الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة وألمانيا وروسيا، بالإضافة إلى مجموعة العشرين، وانضمام مصر، بجانب جنوب أفريقيا وإثيوبيا، إلى مجموعة «البريكس».

وتابع «حليمة» أن مصر لها دور رائد فى التصدى للقضايا المتعلقة بأزمتى الطاقة ونقص الغذاء فى القارة السمراء، حيث تسعى القاهرة جاهدةً لتعزيز آلية الاستثمار مع دول القارة الأفريقية، من خلال إطلاق مشاريع استثمارية تهدف إلى التنمية، بالتعاون مع القطاع الخاص، تشمل هذه المشاريع بناء السدود ومحطات توليد الكهرباء والطاقة الشمسية، والتى تقوم شركات مصرية بتنفيذها، بما يتيح للقارة الأفريقية العديد من الفرص الاستثمارية، نظراً للموارد الهائلة المتاحة فى مجالات مثل الطاقة والزراعة والثروة السمكية.

ولفت «حليمة» إلى أنه فى إطار استجابة الدبلوماسية المصرية لتداعيات جائحة كورونا على الصعيد الدولى، قامت بعثة مصر لدى الأمم المتحدة فى نيويورك، بالتعاون مع بعثات كندا وإيطاليا والبرازيل، بتنظيم اجتماع لتحقيق الأمن الغذائى فى أفريقيا، فى ظل تحديات الجائحة، التى أثرت على تحقيق الأمن الغذائى على مستوى العالم، خاصةً فى أفريقيا، وواجهت القارة، فى ظل تلك الأزمة، توقف حركة التجارة والنقل، والتأثر الشديد لسلاسل إمداد الغذاء العالمية، مما تطلب العمل الدولى على دعم قطاع الزراعة فى القارة السمراء، وتوفير الغذاء للفئات الأشد احتياجاً بمختلف الدول الأفريقية.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الدبلوماسية المصرية الأشقاء العرب الأفارقة الشرق الأوسط القارة الأفریقیة الدول الأفریقیة القارة السمراء الرئیس السیسى دول القارة فى القارة العدید من

إقرأ أيضاً:

الجزيرة للدراسات ينظم مؤتمر أفريقيا وتحديات الأمن والسيادة لنقل القارة من الهامش للمركزية

الدوحة- انطلقت في العاصمة القطرية اليوم السبت فعاليات مؤتمر "أفريقيا وتحديات الأمن والسيادة في ظل التحولات الجيوسياسية الراهنة"، الذي ينظمه مركز الجزيرة للدراسات، وتستمر جلساته على مدى يومين.

وأكد مدير مركز الجزيرة للدراسات محمد المختار الخليل في كلمته الافتتاحية أن المؤتمر يهدف إلى نقل أفريقيا "من هامش التناول إلى متنه، ومن الهامشية في التحليل إلى المركزية فيه"، مشددًا على أن "أفريقيا بالنسبة لنا ليست جهة هامشية، وليست قارة المجاعات والحروب والصراعات الأهلية، وإنما هي مستقبل العالم".

ويناقش المؤتمر على مدار 7 جلسات عمل، قضايا محورية تشمل النزاعات المسلحة في الساحل وشرق الكونغو والسودان، والتدخلات العسكرية الأجنبية وتأثير القواعد الأجنبية على السيادة الوطنية، وعودة الانقلابات العسكرية ومستقبل الديمقراطية، إضافة إلى دور الوساطات الإقليمية والدولية، والسيادة الرقمية والأمن السيبراني، وصولاً إلى بناء سياسات إفريقية مستقلة ومستدامة.

كما يسعى المؤتمر إلى تفكيك المفهوم المغلوط السائد عن القارة السمراء، الذي يقدمها في صورتين متناقضتين: إما كموطن للثروات الطبيعية والبشرية تتصارع عليها القوى الكبرى، وإما كفضاء للفوضى والإرهاب والجماعات المسلحة، في حين أن الواقع يتطلب فهمًا أعمق ينطلق من رؤية الأفارقة أنفسهم لقضايا قارتهم.

وفي تصريحات للجزيرة نت، قال مدير مركز الجزيرة للدراسات إن المؤتمر يشارك فيه نحو 30 باحثًا، لافتًا إلى أن المشاركين يمثلون "طيفًا واسعًا من الباحثين المختصين في الشؤون الأفريقية.

مدير مركز الجزيرة للدراسات محمد المختار يلقي كلمة افتتاح المؤتمر (الجزيرة)أهمية المؤتمر: رؤية أفريقية لقضايا القارة

ويكتسب المؤتمر أهميته من سعيه لـ"مواكبة النقاش العالمي والإقليمي حول القارة الأفريقية"، حسب ما أوضحه أستاذ العلوم السياسية بجامعة سيدي محمد عبد الله في المغرب إسماعيل الحمودي.

إعلان

وأشار الحمودي -في تصريحات للجزيرة نت- إلى أن أهمية الحدث تكمن في "تسليط الضوء وتعرية الخطابين المتناقضين" اللذين يقدمان أفريقيا تارة كـ"موطن للثروات الطبيعية والبشرية"، وتارة أخرى كـ"قارة خطرة ومنبع للفوضى وعدم الاستقرار والعنف".

من جهته، أكد الباحث في الشؤون الأفريقية شمسان التميمي أن المؤتمر يسلط الضوء على "المشاكل والأزمات الأفريقية، وبالتالي إيجاد حلول لهذه الأزمات عبر إشراك باحثين وزملاء إعلاميين أفارقة وليس من دول أجنبية"، منوهًا إلى أن "هذا المؤتمر له أهمية كبيرة جدًا" خاصة في ظل الأزمات التي تعصف بالقارة كأزمتي الكونغو الشرقية والسودان.

وشدد المختار على ضرورة "فهم القارة من خلال باحثيها أنفسهم"، قائلا إن "أفريقيا تعيش لحظة فارقة لها ما بعدها"، موضحًا أن "ما نشاهده في الساحل هو مقدمات نظام عالمي جديد: من يسيطر ومن سيتحكم"، مشيرًا إلى أن "الصراع على القارة وفي القارة هو من أجل السيطرة عليها أو من أجل التحكم فيها، لأنها أكبر محضن للثروات الطبيعية عالميًا".

المفهوم المغلوط: تفكيك الخطاب الاستعماري

ويرى المتحدثون للجزيرة نت أن أفريقيا تُقدّم للعالم بصورتين متناقضتين ومغلوطتين في آن واحد، وأن هذا التناقض يعكس استمرار الخطاب الاستعماري الذي يحكم التعامل مع القارة.

وبينوا أن أفريقيا تُصوَّر على أنها قارة غنية بالموارد الطبيعية والبشرية تتنافس عليها القوى العالمية والإقليمية في "تنافس شرس" من جهة، ومع ذلك تصور من جهة أخرى كفضاء للفوضى والإرهاب والجماعات المسلحة مما يستدعي تدخل "الأمم المتحضرة" لإعادة تنظيمها وضبطها.

ودعا الباحث الحمودي إلى "تفكيك الخطاب الكولونيالي" الذي يحكم الحلول المقدمة للقارة، سواء الأمنية أو التنموية، مؤكدين ضرورة "الإنصات أكثر للأفارقة وللحلول النابعة من مجتمعات القارة الأفريقية" بدلا من الاستماع للحلول القادمة من خارجها.

وفي هذا السياق، شدد مدير مركز الجزيرة للدراسات على أن "الصواب هو أن من يتحدث عن أفريقيا يجب أن يكون أفريقيًّا، وعلى العالم أن يفهم أفريقيا من خلال الأفارقة"، موضحًا أن "الحديث الذي يكون للإفهام والتوضيح والتحليل يجب أن يكون من الأفارقة أنفسهم، وليس من خلال أحاديث المستشرقين أو المتأفرقين".

وأكد أن المؤتمر يتناول أفريقيا "باعتبارها مركز الصراعات وليس هامشًا فيه وليست ملحقًا فيه، وإنما هي أساس اليوم في الصراعات"، مشيرًا إلى أن "الصراع الروسي الغربي ينعكس في أفريقيا، والتنافس الاقتصادي العالمي يتمركز في أفريقيا، وحضور العالم يقاس بحضوره في أفريقيا".

إحدى جلسات المؤتمر وتناقش إشكالية الصراع على الموارد في أفريقيا والتدخلات العسكرية الأجنبية (الجزيرة)أوراق العمل: من الساحل إلى السيادة الرقمية

ويناقش المؤتمر على مدار 7 جلسات عمل، مجموعة واسعة من القضايا المحورية التي تواجه القارة الأفريقية، ومن بينها:

النزاعات المسلحة، بالتركيز على ديناميات القوة في الساحل الأفريقي من "سيولة الفضاء الأمني إلى أنماط السيطرة"، والأوضاع في شرق الكونغو الديمقراطية والصراع على الموارد ودور القوى الإقليمية والدولية، والتدخلات العسكرية الأجنبية بين المصالح الإستراتيجية ومزاعم حفظ الأمن.

إعلان

السيادة والتدخلات الخارجية، وتأثير القواعد العسكرية الأجنبية على الاستقلال الوطني، وإعادة تشكيل موازين القوى عبر النفوذ الروسي والصيني والأميركي والأوروبي، وما إذا كانت الاستثمارات الأجنبية تعزز التنمية أم تفرض أشكالا جديدة من التبعية.

الحكومات العسكرية، وتحليل عودة الانقلابات العسكرية ومستقبل الديمقراطية في أفريقيا، إضافة إلى إستراتيجيات مكافحة الجماعات المسلحة بين الحلول الأمنية والتنموية.

الوساطات الإقليمية والدولية، وإدارة النزاعات وتسويتها، بما في ذلك جهود المنظمات الإقليمية والقارية وإشكالية الإرادة السياسية، وتقاطع دور الأمم المتحدة مع القوى الكبرى، والدور القُطري في تسوية الأزمات.

الحرب في السودان، وتحليل الوضع السوداني كمرآة لانهيار الدولة المركزية، حيث تناقش ديناميات القوة في السودان على "مفترق الصراعات"، وشبح التقسيم وتفكك السلطة المركزية وصعود الفواعل غير الرسمية، والتداعيات الإقليمية من الساحل إلى البحر الأحمر والقرن الإفريقي، والاقتصاد في زمن الحرب وإعادة تشكيل شبكات النفوذ والموارد.

البعد الرقمي للنزاعات الأفريقية، ودور التكنولوجيا في إدارة الأزمات الإنسانية والنزاعات المسلحة، وسياسات ومعايير الأمن السيبراني ونحو "أجندة أفريقية للسيادة الرقمية"، والحركات الشبكية بين المقاومة الرقمية والاختطاف السياسي، والوجود الرقمي للتنظيمات المسلحة في "عصر ما بعد المنع".

بناء سياسات مستقلة ونقاش استشرافي حول "تجاوز التبعية السياسية والاقتصادية"، و"تطوير إستراتيجيات إقليمية لتعزيز الاستقرار والتكامل"، و"نحو سياسات أفريقية موحدة لمواجهة التدخلات الأجنبية".

الأوراق المقدمة في المؤتمر ستنشر تباعا ضمن منشورات مركز الجزيرة للدراسات (الجزيرة)مخرجات المؤتمر: وعي متجدد ومنصة مستمرة

وكشف مدير مركز الجزيرة للدراسات في تصريحات للجزيرة نت عن أن مخرجات المؤتمر ستكون "أولاً في البث الحي على الجزيرة المباشر وعلى منصات التواصل الاجتماعي"، مضيفًا أنه "ستكون هناك أوراق تُضمَّن في منشورات المركز، وأغلبها سينشر في مجلة لباب أو في الأوراق المنشورة على الموقع".

وأكد أن الهدف الرئيسي من المؤتمر هو ألا "يتفاجأ المتابع بأي حدث في أفريقيا"، بل أن "يفهم الأحداث في سياقها وفي طبيعتها"، مشددًا على أن "دور المؤتمرات البحثية أن تؤسس للوعي وأن تعود بالناس إلى المعطيات الثابتة".

وختم المختار تصريحاته بالتأكيد على أن "المعطيات التي لا تتغير هي أن أفريقيا قارة للأفارقة، وأن الأفارقة أمة، وأنهم سيحققون لأنفسهم ما يريدون، وأن الصراع حولهم أو عليهم يجب أن ينتهي، وأن يُسمح لهذه القارة بأن تنطلق".

مقالات مشابهة

  • سباق القواعد والنفوذ في أفريقيا.. من يملك القرار في القارة؟
  • رئيس الوزراء العراقي: حققنا الأمن والاستقرار في البلاد رغم التحديات
  • الجزيرة للدراسات ينظم مؤتمر أفريقيا وتحديات الأمن والسيادة لنقل القارة من الهامش للمركزية
  • العلاقات أقوى مما مضى.. ممثلة كوردستان توضح طبيعة تفاهم كبير مع واشنطن
  • الصندوق العربي للمعونة الفنية يختتم دورته حول التفاوض وإدارة الأزمات
  • رشيد الطالبي يدعو إلى تعزيز التعاون البرلماني الأفريقي لمواجهة التحديات الكبرى
  • وزير الاستثمار يطرح رؤية مصر لتنفيذ اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية
  • وزير الاستثمار يشارك في "منتدى أعمال منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية" بالمغرب
  • وزير الاستثمار: تحرير الجمارك والدفع بالعملات المحلية يدعمان التجارة بين الدول الأفريقية
  • السفير حسام زكي: شراكات عربية فرنسية لتعزيز التعاون ودعم الوضع الإنساني في غزة