فصول صيف قادمة أشد حرارة.. بفعل التغيّر المناخي
تاريخ النشر: 17th, April 2024 GMT
توصل فريق بحثي بقيادة علماء من جامعة "سون يات سين" الصينية إلى أن تغير المناخ يدفع الموجات الحارة لتصبح أطول في المدة وأقوى في التأثير، مما سيؤثر بشكل سلبي في صحة البشر أجمعين.
وتُعرف الموجة الحارة بأنها ارتفاع مفاجئ في درجات الحرارة في مكان ما عن معدلاتها بفارق كبير مقارنة بالمعدلات الطبيعية لهذا المكان، فمثلا قد يكون معدل درجة حرارة مدينة عربية ما في شهر مارس/آذار هو 30 مئوية، لكنه يرتفع ليصبح 38 خلال فترة زمنية قد تكون أياما قليلة وقد تصل إلى أسابيع.
وعادة ما تقترن الموجات الحارة مع ارتفاع في نسبة الرطوبة الجوية، الأمر الذي يمكن أن يصيب البشر -وبخاصة ممن يعملون في وظائف تُعرضهم للشمس مثل رجال المرور وعمال البناء- بالإجهاد الحراري.
ويُعرف الإجهاد الحراري بأنه عدم قدرة الجسم على التكيف مع الحرارة الشديدة، مما يتسبب بمشكلات طبية تبدأ بالعطش والجفاف وقد تتطور لتصل إلى صدمة حرارية تؤدي إلى الموت في بعض الأحيان.
وللتوصل إلى تلك النتائج التي نشرها هذا الفريق في دورية "ساينس أدفانسز"، قام الباحثون ببناء عمليات محاكاة حاسوبية أُدخلت فيها بيانات متوسط درجات الحرارة العالمية ومعدلات الموجات الحارة وحالات الضرر الصحي الناتجة عنها. وأظهرت نتائج المحاكاة ارتباطا قويا بين شدة وطول ومعدلات الموجات الحارة وانبعاثات غازات الاحتباس الحراري المسببة لتغير المناخ.
وبحسب الدراسة الجديدة، فقد تبين أنه منذ 1979 كانت حركة موجات الحرارة العالمية تتحرك بشكل أبطأ بمقدار الخُمس على الأقل مقارنة بما سبق تلك الفترة، ويعني ذلك أن أمد الموجة الحارة يطول. تخيل مثلا أن الموجة الحارة عبارة عن قُبّة هائلة تتحرك أعلى منطقة ما، وكلما تحركت ببطء طال أمدها في تلك المنطقة.
وعلى سبيل المثال فإنه خلال الفترة من عام 1979 إلى عام 1983 كان متوسط عدد الأيام في موجات الحرارة العالمية 8 أيام، ولكن هذا الرقم ارتفع خلال الفترة من 2016 إلى 2020 إلى 12 يوما. ويعني ذلك أن جموح الموجات الحارة سيمضي في تطوره خلال ما هو قادم من فصول الصيف.
وإلى جانب ما سبق، قدر الباحثون أن أطول الموجات الحارة بين قارات العالم خلال الفترة الماضية كانت في قارتي آسيا وأوروبا، أما أفريقيا فكانت أعلى في تردد الموجات الحارة، بينما عانت أميركا الشمالية وأستراليا من أكبر ارتفاعات في درجات الحرارة بالنسبة للمساحة.
وتتفق نتائج تلك الدراسة مع دراسة أخرى توصل إليها فريق بحثي من جامعة "كاليفورنيا إيرفين" في 2017 تربط بين الارتفاع السريع في متوسط درجات الحرارة بسبب التغير المناخي في الهند كنموذج بحثي خلال الفترة بين عامي 1960 و2009، وارتفاع تردد الموجات الحارة بها.
ووجدت الدراسة أن الموجات الحارة ارتفعت بمعدلات وصلت إلى 50% في جنوب وغرب البلاد، وبناء عليه ارتفعت احتمالات حدوث حالات الوفاة المرتبطة بالموجات الحارة لتصل إلى 146%.
وترى دراسة نشرت قبل عدة أعوام بدورية "كومينيكيشنز إيرث آند إنفيرونمنت"، وفيها فحص العلماء البيانات التاريخية لتطور درجات الحرارة وكمية الكربون المنبعثة إلى الغلاف الجوي، أنه حتى إذا تمكنت دول العالم من إيقاف ارتفاع درجة الحرارة عند حدود درجتين مئويتين بحسب اتفاقية باريس، فإن تجاوز الحد "الخطير" لحالات الإجهاد الحراري التي قد تكون قاتلة سيكون أكثر شيوعا بمقدار 3 إلى 10 أضعاف بحلول عام 2100 في دول مثل الولايات المتحدة وأوروبا الغربية والصين واليابان، وستتضاعف هذه التوقعات في المناطق المدارية.
وبشكل عام، يوصي الباحثون في هذا النطاق ببذل مزيد من الجهد في قضية التغير المناخي، فقد بات مؤكدا أن آثاره الضارة ستستمر بوتيرة متزايدة وبشكل سيؤثر بشدة على كل دول العالم، وهو ما قد يتسبب مستقبلا باضطرابات سياسية أو ما هو أسوأ.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: ترجمات حريات تغي ر المناخ الموجات الحارة درجات الحرارة خلال الفترة ر المناخی ر المناخ
إقرأ أيضاً:
موجات الحرّ تهدّد العالم.. من هم الأكثر عرضةً للخطر وما هي سبل الوقاية؟
في ظل تصاعد درجات الحرارة خلال فصل الصيف في أوروبا، لم تعد حرارة الشمس مجرد مظهر موسمي طبيعي، بل باتت تمثل تهديدًا متزايدًا للصحة العامة، بحسب ما أوردته منظمة الصحة العالمية في تقريرها الصادر في 23 يونيو/ حزيران 2025. اعلان
وباتت الموجات الحارة تحصد الأرواح وتثقل كاهل الأنظمة الصحية، ما يدعو إلى تحرك جماعي وفردي للوقاية وتقليل المخاطر.
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن أزمة الحرارة والصحة تمثل حالة طوارئ صحية عامة تتفاقم بفعل تغيّر المناخ، لافتة إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة سبق أن أطلق "نداءً للتحرك لمواجهة الحرّ الشديد" عام 2024، كما صنّف مدير المكتب الإقليمي للمنظمة في أوروبا التغير المناخي والظواهر الجوية المتطرفة كأولوية صحية قصوى في 2023.
من هم الأكثر عرضةً للخطر؟رغم قدرة جسم الإنسان الطبيعية على التكيف الحراري والحفاظ على درجة حرارة ثابتة تقارب 37 درجة مئوية، فإن التعرض المطول للحرارة الشديدة يمكن أن يفوق قدرة الجسم على التبريد من خلال التعرّق، ما يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة، بل وتهديد الحياة.
ولا يتأثر الجميع بنفس الدرجة بموجات الحر. فالمسنون يعانون من ضعف في تنظيم حرارة أجسامهم، كما أن الأطفال والرضع لم تكتمل لديهم بعد آليات التنظيم الحراري.
أما العاملون في الهواء الطلق، مثل عمال البناء والمزارعين ورجال الإطفاء، فيواجهون خطرًا مهنيًا مباشرًا بسبب تعرضهم لفترات طويلة للشمس.
ويشمل ذلك أيضًا من يعانون من أمراض مزمنة كأمراض القلب والجهاز التنفسي والسكري، وكذلك الحوامل، إذ ترتبط درجات الحرارة العالية بمضاعفات في الحمل مثل الولادة المبكرة ونقص الوزن عند الولادة.
تعليمات صحية لتفادي مخاطر موجات الحركيف نحمي أنفسنا؟دعت منظمة الصحة العالمية إلى اتخاذ إجراءات بسيطة ولكن فعالة للحد من تأثيرات الحرارة من خلال حملتها السنوية تحت وسم ابق باردًا (keepcool#)، مؤكدة أن الأضرار الصحية الناتجة عن الحرّ قابلة للتفادي عبر الوعي والتصرف السليم.
ونصحت المنظمة بتجنب الخروج أو بذل مجهود بدني خلال ساعات الذروة، واستغلال الساعات الباردة للتسوق أو التنقل، مع أهمية البقاء في الظل وتجنب ترك الأطفال أو الحيوانات داخل السيارات.
كما شددت على أهمية إبقاء المنازل باردة باستخدام تيارات الهواء الليلي وتقليل استخدام الأجهزة الكهربائية خلال النهار. وعلى الصعيد الشخصي، نصحت بارتداء ملابس خفيفة، والاستحمام بالماء البارد، وشرب كميات كافية من الماء، مع تجنّب المشروبات السكرية أو المحتوية على الكافيين والكحول.
ولفتت المنظمة إلى أهمية التواصل الاجتماعي خلال موجات الحر، خصوصًا مع الفئات الضعيفة، ككبار السن أو الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم، حيث يمكن لتفقدهم أو تقديم المساعدة أن يكون له دور حاسم في إنقاذ الأرواح.
Relatedإيطاليا تستعد لموجة حر قاسية بعد العواصف: درجات الحرارة قد تصل إلى 39 درجةإيطاليا تحت وطأة موجة حر شديدة: السياح يعانون في فلورنسا وروما وصقليةموجة حر شديدة تضرب باكستان ودرجات الحرارة تصل إلى 48 درجة مئويةكما أكدت منظمة الصحة العالمية أن مواجهة الحرارة يجب ألا تقتصر على المبادرات الفردية، بل تتطلب تخطيطًا ممنهجًا على مستوى الدول والمدن، مشجعة الحكومات على اعتماد خطط وطنية صحية للتعامل مع موجات الحر، تتضمن أنظمة إنذار مبكر، وتحديد الفئات الهشة، وتنظيم الأدوار بين الجهات المختلفة، بالإضافة إلى حملات توعية موجهة.
وأعلنت المنظمة أنها بصدد تحديث دليلها الإقليمي حول خطط الاستجابة للحر الشديد، لمساعدة الدول الأعضاء في وضع استراتيجيات فعالة ومتقدمة لمواجهة التحديات الصحية المرتبطة بالمناخ.
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة