باريس- الوكالات

حث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس، دول الاتحاد الأوروبي على العمل من أجل تبني آليات دفاعية أقوى وأكثر تكاملًا، وقال إن القارة يجب ألّا تصبح تابعةً للولايات المتحدة، وذلك في إطار رؤيته لاتحاد أوروبي يتمتع بمصداقية أكبر على الساحة الدولية.

وقال ماكرون في خطاب بجامعة السوربون في باريس: "هناك احتمال أن تموت أوروبا التي نعرفها.

فلسنا مُجهّزين لمواجهة المخاطر"، محذرًا من أن الضغوط العسكرية والاقتصادية وغيرها يمكن أن تضعف وتفتت الاتحاد الأوروبي المكون من 27 دولة.

وتابع ماكرون بالقول إنه لا ينبغي السماح لروسيا بالانتصار في أوكرانيا، ودعا إلى تعزيز قدرة أوروبا في مجال الأمن الإلكتروني وتوثيق العلاقات الدفاعية مع بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي وإنشاء أكاديمية أوروبية لتدريب كبار القادة العسكريين.

وقال إن أوروبا "يجب أن تظهر أنها ليست أبدًا تابعة للولايات المتحدة وأنها تعرف أيضا كيف تتحدث مع جميع المناطق الأخرى في العالم".

ودعا ماكرون في السابق إلى "استقلال استراتيجي" أوروبي يتضمن تقليل الاعتماد على الولايات المتحدة، وهو الموقف الذي اكتسب صدى أكبر في ظل سعي دونالد ترامب للعودة إلى البيت الأبيض، وكثيرا ما اتهم ترامب أوروبا بإلقاء المسؤوليات الدفاعية على عاتق الولايات المتحدة.

وقال ماكرون إن أوروبا تخاطر أيضا بالتخلف اقتصاديا في سياقٍ تواجه فيه قواعد التجارة الحرة العالمية تحديا من قبل منافسين رئيسيين، وأشار إلى أنها يجب أن تتطلع إلى أن تصبح رائدة عالميا في الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والفضاء والتكنولوجيا الحيوية والطاقة المتجددة.

وأضاف ماكرون أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي الاتفاق على إعفاءات من قواعد المنافسة الخاصة به حتى يتمكن من دعم الشركات في قطاعات مثل الذكاء الاصطناعي والطاقة الخضراء في مواجهة "الإفراط في الدعم" من جانب الولايات المتحدة والصين. وأوضح أن أوروبا تحتاج إلى أسواق أقل انقساما في قطاعات الطاقة والاتصالات والخدمات المالية.

ويأمل الرئيس الفرنسي أن يكون لخطابه نفس التأثير الذي خلفه خطاب مماثل ألقاه في جامعة السوربون قبل 7 سنوات والذي تنبأ ببعض التحولات المهمة في سياسة الاتحاد الأوروبي.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أفيقوا.. أوروبا بعد الانتخابات لا تزال في خطر

أوروبا التي احتفلت للتو على شواطئ نورماندي بذكرى ثمانين عاما على بداية تحريرها من الحرب والقومية والفاشية تواجه الآن الفاشية والقومية والحرب من جديد.

وأرجوكم ألا تطمئنوا إلى التصريح الرقيق الذي صدر عن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأن «الوسط صامد» خلال ما يمكن أن نسميه بيوم الإعلان -9 يونيو 2024، عند إعلان نتائج سبع وعشرين انتخابات وطنية مختلفة في البرلمان الأوروبي. وهذا صحيح فيما يتعلق بالتوزيع الإجمالي للمقاعد بين الجماعات الحزبية الرئيسية في البرلمان الأوروبي، والتفوق المريح الذي حققته مجموعة حزب الشعب الأوروبي المنتمي إلى يمين الوسط. لكن الاتحاد الأوروبي يدار من خلال الحكومات الأوروبية أكثر مما يدار من خلال البرلمان المؤلف بالانتخاب المباشر، وقد أنتج يوم الإعلان نجاحات لليمين المتشدد في دول عضوة راسخة، وهذه النجاحات تتراوح بين الدال والصادم.

لم يبلغ أي من هذه الأحزاب المتشككة في النزعة الأوروبية من الغباء ما يجعلها تناصر أتباع نموذج البريكست البريطاني بمحاولة الفريكست الفرنسي أو الجريكست الألماني أو النريكست النرويجي. ولكنها بدلا من ذلك سوف تستمر في جذب الاتحاد الأوروبي إلى اليمين من داخله، باتباع نهج أكثر تشددا في الهجرة، ومعارضة حازمة للإجراءات الخضراء اللازمة بسرعة لمعالجة الأزمة المناخية، وتقليص الدعم لأوكرانيا واستعادة السيطرة القومية من بروكسل، بما أن هذه جميعا أحزاب قومية. فلا تسمحوا لأحد أن يقول لكم «إن الأمر ليس في غاية السوء» لأنه سيئ، ولأنه قد يزداد سوءا.

وقد بلغ في فرنسا الحد الأكثر دراماتيكية. لقد كنت في نورماندي في ذكرى يوم التحرير وشاهدت الرئيس إيمانويل ماكرون يحاول استعمال ذلك الحدث الدولي (الذي لم يحضره رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك) ليحكي قصة ملهمة عن التحرير الذي مهد السبيل للاتحاد الأوروبي اليوم. لكنني رأيت في القرى المحيطة لوافت انتخابية لحزب التجمع الوطني التابع لماري لو بان وسمعت قصصا وهمسا يدعم هذا الحزب. ومن المؤكد أن حزب التجمع الوطني قد حقق في يوم الإعلان نصرا مذهلا، إذ فاز بأكثر من 30% من الأصوات وألحق الهزيمة بحزب النهضة الوسطي الليبرالي التابع لماكرون. وفي بلدة فيرسورمير الصغيرة التي رسا عليها أبي مع كثير للغاية من الجنود البريطانيين لبدء تحرير أوروبا الغربية في السادس من يونيو سنة 1944، حصل حزب التجمع الوطني على نحو 33% من الأصوات. مضى قدر كبير من أصوات بلدة فيرسورمير إلى ماريون ماريشال ابنة شقيقة ماري لوبان الأشد تطرفا التي يشير اسم حزبها -وهو Reconquête- إلى «إعادة فتح» أوروبا واستردادها من أيدي الغرباء المزعومين والسكان المسلمين وذلك ما دعا إليه صراحة مؤسس الحزب إريد زيمور.

ثم كانت القنبلة؛ إذ أعلن ماكرون -الذي تنقلب ثقته الاستثنائية الدائمة بنفسه إلى غطرسة- عن حل البرلمان الفرنسي ودعا إلى انتخابات جديدة في الثلاثين من يونيو وجولة ثانية في السابع من يوليو. قالت لوبان «لا أملك إلا أن أحيي هذا القرار». والقرار مقامرة ضخمة، حيث يعتمد النظام الانتخابي الفرنسي الممتاز على جولتين، ويسمح للناخبين في أغلب الدوائر الانتخابية بتفضيل مرشح آخر على مرشح حزب التجمع الوطني في الجولة الثانية الحاسمة. لكن في ضوء عمق الغضب الشعبي، ثمة مخاطرة كبيرة -بعد ثلاثة أيام فقط من تشكيل بريطانيا لحكومة من يسار الوسط الواقعي المؤيد بحذر شديد لأوروبا في انتخاباتها المقررة في 4 يوليو- بأن فرنسا قد تحصل على حكومة من اليمينيين المتشددين المتشككين في أوروبا بما يقيد يدي ماكرون المدافع الرئيسي في القارة عن أوروبا أقوى. ولو حدث ذلك، فستكون هذه هي لحظة البريكست الفرنسية، وإن لم تؤد فعليا إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي.

أما ألمانيا فهي أقل قليلا في إثارة القلق. ففي حين كان حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي من يمين الوسط هو الفائز الواضح، جاء حزب (البديل من أجل ألمانيا) اليميني المتطرف في المرتبة الثانية، بنسبة تقل قليلا عن 16% من الأصوات، وهو ما يزيد عما حصل عليه أي من الأحزاب الثلاثة في الائتلاف الحاكم في البلد ومنها حزب الديمقراطيين الاشتراكيين بزعامة المستشار أولاف شولتز. وحزب (البديل من أجل ألمانيا) حزب يبلغ من التطرف أن لوبان قررت أنها لا تريد أن تكون في مجموعة برلمانية أوروبية واحدة معه، بعد أن قال مرشحه الرئيسي الساحر ماكسيميليان كراه في مقابلة إنه أعضاء قوات الأمن الخاصة -النازية- لم يكونوا مجرمين جميعا.

وفي الوقت نفسه، في إيطاليا، احتل حزب فراتيلي ديتاليا الذي تتزعمه رئيسة وزراء ما بعد الفاشية الجديدة جيورجيا ميلوني المركز الأول، وكذلك حزب الحرية اليميني المتطرف في النمسا. وفي نيذرلاند، كان أداء حزب الحرية التابع لخيرت فيلدرز المعادي للإسلام أقل بقليل من أداء يسار الوسط. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن العديد من هذه الأحزاب تحقق نتائج جيدة بشكل خاص بين الناخبين الشباب، وخاصة الذكور. ووفقا لاستطلاع للرأي قبل الانتخابات، أيّد حوالي 36% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما في فرنسا حزب التجمع الوطني. نعم، هناك نتائج مشجعة أكثر في بولندا والمجر، ولكن لو أن الدرس المستفاد من البلدين (كما من بريطانيا) هو أنه لا بد من إبقاء القوميين الشعبويين في السلطة لعدة سنوات قبل أن يبدأ رفضهم، فإن هذا لا يشكل عزاء كبيرا.

وحتى لو لم يتمكن اليمين المتشدد من تشكيل الحكومة الفرنسية المقبلة هذا الصيف، فإن هذه النتائج ستؤدي إلى تعقيد عملية الحصول على عمل موحد وحاسم من الاتحاد الأوروبي بشأن قضايا مثل التحول الأخضر. والأمر الأكثر إلحاحا هو أن إحداث تغيير جوهري تصاعدي في الدعم العسكري لأوكرانيا سوف يصبح أكثر صعوبة، في الوقت الذي أصبح فيه هذا البلد -ولنكن واضحين- في خطر جدي يتمثل في نهاية المطاف في خسارة أكبر حرب في أوروبا منذ عام 1945. وبرغم أن أحزاب اليمين المتشدد منقسمة بشأن أوكرانيا، حيث تعد ميلوني حاليا من بين المؤيدين الأقوياء للبلد المحاصر، فإن التأثير النهائي لهذه النتائج سوف يكون سلبيا. ففي ألمانيا، ذهب ما يقرب من ربع الأصوات إلى أحزاب -من اليمين المتشدد (البديل من أجل ألمانيا)، واليسار المتشدد (دي لينك) ومزيج شعبوي غريب من الاثنين (تحالف فاجنكنخت)- تدعو إلى نسخة من «السلام» تعني فعليا استسلام أوكرانيا. ومن المؤسف أن الديمقراطيين الاشتراكيين بزعامة شولتز يبدون علامات واضحة تشير إلى إغراء استرضاء هؤلاء. والعواقب القارية والعالمية المترتبة على انتصار روسيا الفاشية بزعامة فلاديمير بوتين من شأنها أن تجعل أوروبا أقرب إلى العودة إلى أيامها الغابرة السيئة.

كل هذا ولم نصل بعد إلى أهم الانتخابات في أوروبا هذا العام، وهي لا تجري في أوروبا. لأن فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر من شأنه أن يضعف أوروبا وقد يزيدها انقساما، مع اصطفاف القوميين الشعبويين اليمينيين المتشددين، ومنهم ميلوني، بوصفهم حزب ترامب الأوروبي.

فهل حان الوقت لليأس والهجرة إلى نيوزيلندا؟ بالقطع لا. فلا تزال هناك أغلبية كبيرة من الأوروبيين الذين لا يريدون خسارة أفضل أوروبا عرفناها على الإطلاق. ولكن لا بد من حشدهم وتحفيزهم وإقناعهم بأن الاتحاد يواجه بالفعل تهديدات وجودية.

وإنني الآن أنتظر بشيء من الرهبة أسابيع المساومات في الاتحاد الأوروبي: فأي حزب سيتوافق مع أي حزب آخر؟ ومن سيحصل على أي من الوظائف العليا؟ إنه العبث في بروكسل بينما تحترق خاركيف وكوكبنا. إن ما نحتاج إليه هو مزيج من الحكومات الوطنية والمؤسسات الأوروبية التي تعمل فيما بينها على توفير الإسكان الذي لا يستطيع الشباب احتمال تكاليفه حاليا، والوظائف، وفرص الحياة، والأمن، والتحول الأخضر، ودعم أوكرانيا. فهل تفيق أوروبا قبل فوات الأوان؟

تيموثي جارتون آش مؤرخ وكاتب سياسي وكاتب عمود في صحيفة جارديان.

عن الجارديان البريطاني

مقالات مشابهة

  • أفيقوا.. أوروبا بعد الانتخابات لا تزال في خطر
  • بالفيديو: الاتحاد الأوروبي يكشف عدد الشاحنات العالقة في معبر رفح
  • مؤرخ يحذر من مغبة الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة.. أنصار ترامب جاهزون
  • حرب صليبية على إسرائيل: لماذا تريد أوروبا الاعتراف بفلسطين؟
  • أوروبا نحو اليمين
  • خمس سنوات عنوانها الصراع بعد صعود اليمين الأوروبي!
  • اليورو عند أدنى مستوى بعد دعوة ماكرون لانتخابات مبكرة وصعود اليمين المتطرف في أوروبا
  • بايدن مخاطبا ماكرون: شراكة الولايات المتحدة وفرنسا ”لا تتزعزع”
  • بايدن مخاطبا ماكرون: شراكة الولايات المتحدة وفرنسا ”لا تتزعزع"
  • أمريكا تعترف بمساعدة إسرائيل في استعادة الرهائن من مخيم النصيرات.. تفاصيل