أنتجت وزارة الشباب والثقافة والتواصل فيلما وثائقيا يحمل عنوان « فنون شعبية على ضفاف وادي درعة »، ونشرته يومه السبت 4 ماي 2024 على البوابة الوطنية maroc.ma.

ويسلط الفيلم الوثائقي، خلال 52 دقيقة، الضوء على 6 ألوان فنية شعبية من بين الألوان الأكثر انتشارا على ضفاف وادي درعة من أفلان درا إلى باب المحاميد، والتي تتنوع بين ألوان تعتمد على القول فقط وبين ما يجمع الرقص بالشعر.

وعالج الفيلم الوثائقي التحولات التي شهدتها الفنون الشعبية بضفاف درعة، من حيث المضمون مثل تحول بعض الرقصات من حربية إلى احتفالية، أو من حيث الشكل من الأداء على ظهور الخيل إلى الأداء على أرض، أو من رقصة بصفين إلى رقصة بصف واحد.

كما رصد الفيلم الوثائقي بعض التقاطعات بين فنون شعبية درعية وفنون شعبية مغربية أخرى، كالعلاقة بين فن الرسمة وفن الملحون، وعلاقة القصائد الدرعية بالشعر العربي من حيث الأوزان والبحور والأغراض.

« فنون شعبية على ضفاف درعة » استضاف 8 فرق محلية في 8 أماكن مختلفة من إقليم زاكورة، تتنوع بين الواحة وضفاف الوادي والقصبة والمواقع الأثرية وكذا فنادق عصرية، مشكلا لوحة فنية متناغمة تخدم الترويج السياحي للإقليم المتنوع جغرافيا تنوعا فريدا يضاهي التنوع الإثني والثقافي المشكل للرصيد الحضاري لدرعة.

كما استضاف الفيلم الوثائقي، نخبة من الأساتذة المتخصصين ويتعلق الأمر بالباحث في التراث اللامادي لمنطقة درعة الأستاذ محمد الجلالي، والباحث مؤلف كتاب « الشعر الشعبي بدرعة » الدكتور مصطفى الدفلي، وأستاذ الأدب المعاصر والبلاغة سابقا بكلية اللغة بجامعة القاضي عياض الدكتور علي المتقي، والباحث بسلك الدكتوراه في العقائد والأديان بدرعة من خلال فن الرسمة الأستاذ علي فاضلي.

وحاول الوثائقي رصد التحولات التي شهدتها الألوان الفنية الشعبية على ضفاف درعة بفعل تحول نمط الحياة في المنطقة من الترحال إلى الاستقرار، وتأثرها بالتمازج الثقافي والإثني المشكل للرصيد الحضاري للمنطقة والذي أفرز ما يزيد عن 20 لونا فنيا شعبيا ذات خصائص مشتركة وأخرى متباينة.

الركبة

لون الركبة، الذي يمزج الرقص بالكلام الموزون والشعر المصفوف، يعتبر أحد الألوان الفنية الأكثر انتشارا على امتداد وادي درعة، وهو اللون الذي لا تكتمل الأفراح ولا المناسبات دون لعبه، ويجمع بين المدح والذكر والتغني بالوطن وكذا الحبيب والخليل، ويعبر بعمق عن الروح الجماعية التضامنية للقبائل الدرعية.

الباحث في التراث اللامادي لدرعة الأستاذ محمد الجلالي، توقف خلال مشاركته بالفيلم الوثائقي، على التحولات التي شهدتها الركبة، من كونها رقصة حربية يؤديها رجال القبيلة قبل المغادرة إلى المعركة وبعد العودة منها وتصطف نساؤها توديعا واستقبالا إلى أن أصبحت رقصة احتفالية، فيما تناول وأستاذ الأدب المعاصر والبلاغة سابقا بكلية اللغة بجامعة القاضي عياض الدكتور علي المتقي، انتقال الركبة في مرحلة ثانية من الرقص في صفين متقابلين إلى صف واحد يناسب الخشبة والمنصة.

الوثائقي « فنون شعبية على ضفاف درعة »، استضاف فرقة المايسترو محمد القرطاوي التي أدت عرضها وسط نخيل إحدى الواحات المتواجدة على ضفاف وادي درعة وسط مدينة زاكورة.

الرسمة

عل عكس الركبة، يعد لون الرسمة لونا شعريا بامتياز لا يحضر فيه لا الرقص ولا الآلات الموسيقية المتعددة باستثناء الطبل الذي يستعمل للتنبيه وللانتقال والربط بين الأبيات، فيما ينحصر دور النساء الجالسات في مكان مفصول عن جلسة الرجال، في الزغاريد دون الترديد ولا المشاركة في الأداء.

ويعد الشيخ محور الأداء وأساسه في لون الرسمة، فيما يبقى دور أعضاء الفرقة وغالبا ما يكون عددهم اثنين فقط محصورا في الترديد على الشيخ الذي « يقول الكلام » ويضرب الطبل ويتحكم في الإيقاع، ويشترط فيه أن يكون ذا صوت حسن وأن يكون حافظا لرصيد محترم من الأشعار، أما إن كان مؤلفا فهو من صفوة أهل هذا الفن الذين يذيع صيتهم على طول وادي درعة.

ورصد الوثائقي مع الدكتور مصطفى الدفلي أصل تسمية « الرسمية » وتقاطعاتها مع فنون أخرى مثل الملحون، كما توقف على الأغراض والأوزان الشعرية لهذا الفن، وصاحب كل من الشيخ محمد العكيدي وزكرياء السليماني في جلسات فنية تم تصويرها في كل من مدينة زاكورة وبني زولي.

وتوقف الفيلم الوثائقي على ثنائية ارتباط الفنون الشعبية بالترفيه وحملها في الوقت ذاته بين ثنايا ثقافة وتربية وعلما، وهو ما عبر عنه « الشٍيخ » مخاطبا « الفقيه » في شعر الرسمة:

يا سيد الطالب أنت قريت وأنا غنيت .. والحرف لي قريت نعطيك جوابو

يا سيد الطـــالب أنت ســـاقيتك  ..  عمــرات وأنا وادي حامـــل بشعـــابو

العبيد

يرتبط لون « العبيد » أو « كناوة » بمعاناة الرقيق الذين تم جلبهم من الدول الإفريقية جنوب الصحراء الكبرى، وتدور جميع الكلمات ومعاني الرقصات التي تؤدي فرق « العبيد » في ضفاف درعة حول الشوق والحنين إلى الوطن الأصل والعائلة، وحول التعلق بالله والدعاء وعدم اليأس من رحمته.

« فنون شعبية على ضفاف درعة »، صاحب فرقة « كناوة زاوية البركة » برئاسة الفنان عبد الحق آيت فرجي إلى المنطقة الأثرية « فم الشنا » بجماعة تنزولين، حيث تم تسليط الضوء على هذا الفن المعبر عن العمق الإفريقي للمغرب ولمنطقة درعة.

ولخص الفيلم الوثائقي حكاية فن كناوة أو المعروف محليا وفنيا باسم « العبيد » بقول كاتب النص « أنين وشوق إلى الوطن هناك في إفريقيا جنوب الصحراء، وخشوع وخضوع وتضرع لله ومدح لنبيه الكريم، هذا وحده ما يُتغنى به في فن لعبيد بزاكورة… فن توارثه الأحفاد عن أجدادٍ استُقدِموا إلى درعة عبيدا وإيماءً، فلما تحررت البشرية وعمت الحرية انتقل لون العبيد أو كناوة من تعبير عن ألم يعتصر القلوب إلى إرث موسيقي وغنائي يغني الرصيد الثقافي والفني لضفاف وادي درعة المتنوع بتنوع روافده الإثنية والحضاري ».

أحيدوس

يعد المكون الأمازيغي من أهم الروافد الثقافية والفنية لضفاف وادي درعة، خصوصا في المناطق الجبلية ومناطق التقاء الجبل بالصحراء، حيث تحيي القبائل الأمازيغية على امتداد وادي دادس ثم وادي ورززات إلى المصب في وادي درعة مناسباتها برقصات أحيدوس وأحواش.

قد تختلف رقصات أحيدوس من قبيلة إلى أخرى، في جزئيات اللباس أو الإيقاع أو الرقص وحتى الشعر، لكنها تجمع على ملامسة الهموم اليومية للقبيلة وقضاياها الاجتماعية والسياسية والقيمية، مثل إجماعها على الأداء المتناسق والحركة جسدا واحدا، فتتقابل النساء مع الرجال تماثلا تارةً وتمايزا أخرى، دلالةً على وحدة القبيلة وتضامنها، وعلى تكاملها وتراصها في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية..

الوثائقي الذي أصدرته وزارة الشباب والثقافة والتواصل، حاول حط الرحال بجماعة النقوب والتقى بفرقة أحيدوس التي تؤدي رقصتها على طريق قبائل آيت عطا، برئاسة الفنان عدي مستور.

دق السيف وأقلال

يتقاسم « دق السيف » و »أقلال » العديد من الخصائص وغالبا ما تؤديهما نفس الفرقة، بالرغم من الاختلافات التي تفصل كل فن عن آخر خصوصا في الآلات الموسيقية المستعملة.

وتتناقل ساكنة درعة روايات شفهية تعيد أصل هذين اللونين الفنيين إلى شبه الجزيرة العربية، وتقول إنهما وصلا إلى المغرب واستقرا بزاكورة إثر الفتوحات الإسلامية وهجرة القبائل العربية.

وبين ساحة زاوية البركة بقلب مدينة زاكورة الذي شهد عرض فرقة الزاوية، ثم بين شالات تزكي أكدز حيث أدت فرقة جمعية بني زولي للثقافة والإبداع، رصد الوثائقي « فنون شعبية على ضفاف درعة » أن « دق السيف » يتميز بتنوع آلاته الموسيقية من القصبة والطعريجة والطارة والدف، ثم السيف الذي لا يُسَلّم إلا لمن حظي بمكانة اعتبارية داخل الفرقة وأتقن استخدامه في الرقصة، فيما يكتفي لاعبو أقلال بالطارة والطعريجة والقصبة أما الآلات الأخرى فيعوضها التصفيق المنظم.

الحضرة

« لعل شيوخ الزوايا الصوفية أدركوا ما للموسيقى من سحر في النفوس وأثر على الطبائع، فاتخذوها منها أداة تربوية تطهر النفوس من أمراض القلوب، وتستجلبها إلى نفعها باستثمار طبعها الميال إلى شجي الألحان وما يُرقص من أنغام »، تقول الوثائقي في تقديم فن الحضرة الذي تم تصويره بزاوية سيدي عبد العالي (جماعة فزواطة) والتي تعد مدرسة فنية وتربوية تشهد أحد أكبر المواسم في ذكرى المولد النبوي من كل عام.

ويذكر أن فن الحضرة ارتبط في منطقة درعة بالزوايا الدينية، وتنحصر كلماته وأشعاره في ذكر الله مدح النبي صلى الله على وسلم، كما يعد لونا فنيا رجاليا بامتياز لا تشارك في أدائه النساء.

 

كلمات دلالية المغرب ثقافة فن وادي درعة وزارة الثقافة

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: المغرب ثقافة فن وزارة الثقافة الفیلم الوثائقی

إقرأ أيضاً:

وثائقي خيوط الخيانة ..فتنة ديسمبر من التخطيط إلى التنفيذ والنهاية المخزية

ويكشف تحقيق بثته قناة "المسيرة" الفضائية بعنوان: "خيوط الخيانة"، من خلال وثائق بالغة الأهمية، آليات التنسيق المبكر للخائن علي عبد الله صالح، والتي جرى الحصول عليها من أرشيف زعيم الخيانة، حيث تعود أغلب الوثائق إلى ما بعد انتصار ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر 2014م، وتمتد حتى مرحلة العدوان عقب الثورة.

وتجد السعودية نفسها، في ضوء هذه الوثائق، أمام يمن مختلف لا يهدد أمنها كما كانت تزعم، بل يرفض الخضوع لقرار خارجي ويمارس استقلاله السياسي من صنعاء؛ لذلك سعت الرياض إلى تكريس مفهوم “الحديقة الخلفية” باعتباره الإطار الناظم لعلاقتها باليمن، فيما تكشف الوثائق كيف ساهم الخائن صالح في خدمة هذا التصور عبر مشروع الفتنة الذي قاده بتنسيق متعدد الجهات.

ويبدأ الفيلم باستعراض الوثيقة الأولى التي تكشف مراسلة بين عفاش وخالد بن بندر آل سعود، الذي كان يشغل منصب رئيس الاستخبارات السعودية في ذلك الوقت، حيث يبدي خالد — بنبرة غاضبة — مدى حنقه من صالح بعد انتصار ثورة 21 سبتمبر 2014م قائلاً: [عار، عار، عار من سلّم صنعاء وساند الحوثيين] حسب زعمه، ليرد الخائن صالح: [الذي سلمها هو عبد ربه منصور هادي].

ويوضح التحقيق أن السعودية اتجهت للعدوان على اليمن بإشراف وتوجيه أمريكي، وأن الخائن علي عبد الله صالح كان يسعى لإقناع الرياض بالتصديق بأنه غير متحالف مع "أنصار الله"، وهذا ما ورد في الوثيقة الثانية التي أرسلها صالح إلى محمد بن نايف، مؤكداً أنه "لا صحة للإشاعات التي يبثها وينشرها الإخوان بأن المؤتمر الشعبي العام كتنظيم سياسي متحالف مع الحوثيين"، وهو الذي خاض ست حروب، وضحى بأكثر من 13 ألف قتيل وجريح في تلك الحرب، كما ورد في الوثيقة.

ولم يكتفِ صالح بذلك، بل عرض على محمد بن نايف أنه على استعداد للدفع بما يقارب عشرة آلاف إلى اثني عشر ألف جندي، وثلاثة آلاف ضابط بمختلف الرتب، ونقلهم إلى المملكة، ونشرهم على الخط الحدودي لمواجهة ما سماه بـ"الحوثيين" عن طريق جيزان ونجران، وتحت إشراف الجهات المختصة في المملكة، والتي ستتولى قيادتهم للمصلحة العامة للبلدين.

 

عروض أخرى للخيانة

 

لم يكن هذا هو العرض الأول عقب أحداث عمران عام ألفين وأربعة عشر، فقد كشف التحقيق عن وثيقة تثبت تورط الخائن علي عبد الله صالح في مراسلة السعودية للعمل على استقطاب جهة تقاتل "أنصار الله" ولا تتعايش معهم في محافظات: [صنعاء، صعدة، عمران، حجة، الجوف، مأرب، ذمار، ريمة، إب]، كخطوة ومرحلة أولى لتنظيم هذه القوى من المشايخ والعُقّال، والوجهاء، والعلماء غير المنضمين للأحزاب، والمثقفين والشباب، وأبناء القبائل ذوي الحاجة، والعسكريين المعتدلين المتقاعدين والعاملين، واعتماد كافة الإمكانيات لهم وتجهيزهم ضد أنصار الله.

وبحسب التحقيق، فإن العروض السابقة لم تكن مقنعة للسعودية، وقد اقتربت مرحلة العدوان على اليمن بظهور مؤشرات تصعيدية من قبل الرياض، وحينها سارع عفاش لاسترضاء السعودية عبر الإمارات، وهذا جاء في وثيقة أرسلت إلى محمد بن زايد، وقد ورد فيها أن الخائن عفاش يأمن من المجرم بن زايد التدخل لدى السعودية وإقناعهم بأنه لم ولن يتحالف مع "الحوثيين" أو إيران أو قطر.

وتكشف إرهاصات ما قبل العدوان — بحسب الوثائق والوقائع — انسجاماً تاماً بين توجهات علي عفاش وتحالف العدوان، غير أن الثقة التي اهتزت بفعل الأحداث وظهور زعيم الخيانة حينها كطرف عاجز عن صناعة تحول في المشهد اليمني، جعلته خارج أولويات التحالف، وقد اتضح ذلك للسعودية من خلال الشكاوى التي وصلتها من عفاش إزاء تصرفات هادي، الذي نهب أكثر من 500 مليون دولار من البنك المركزي، ومهاجمة قناة اليمن اليوم، ونهب محتوياتها، وكذا حصار جامع الصالح لمدة ستة أيام.

ويعرض تحقيق القناة وثائق أخرى عن خيانة عفاش، ومنها رسالة خطية يطلب فيها عفاش دعماً مالياً إماراتياً مقابل الاستعداد للتعاون الأمني بين المؤتمر الشعبي العام والأجهزة الأمنية في الإمارات المتحدة، وتزويدهم بالمعلومات اللازمة لمكافحة الإرهاب والتطرف من جانب المؤتمر، على أن المكلف بذلك هو عمار محمد.

 

ويتّصاعد التنسيق الأمني بين الطرفين بعد ذلك من خلال مطالب إماراتية عن أسرار الصواريخ الباليستية اليمنية، مع دعوة لتوضيح دور الحرس الجمهوري في الحرب، فأجاب عفاش في رسالة إلى محمد بن زايد أنه بالنسبة للحرس الجمهوري، فهو محيَّد منذ بداية الحرب، وإذا كان هناك أفراد يشاركون في الجبهات، فهم يشاركون بصفة شخصية، ثم ذكر بأن العدوان لا يزال يقصف ويدمر معسكرات الحرس الجمهوري الموجودة في العاصمة صنعاء وبعض المناطق، بينما هي لا تشارك في القتال، ما عدا بعض وحدات الحرس الجمهوري التي فُصلت من الحرس ضمن الهيكلة التي قام بها هادي، كما أوضح أنه بالنسبة للصواريخ الباليستية، فجزء كبير منها قد أُطلق ودُمّر في الغارات الجوية، والبقية تحت سيطرة "الحوثيين"، ولا ندري شيئاً عن تحركاتها وأماكن تواجدها.

وتكشف هذه المراسلات عن عمق الخيانة لصالح، وتواصله مع دول العدوان، وخاصة أن الإمارات كانت تبحث عن الصواريخ اليمنية بعد تعرضها لضربة توشكا الشهيرة التي أدت إلى مقتل وإصابة العشرات من الجنود الإماراتيين في مأرب وباب المندب.

ويعرض الفيلم الوثائقي وثيقة أخرى حصل عليها تعود إلى مطلع فبراير عام ألفين وستة عشر، ومنسّقها الخائن سلطان البركاني، القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام، والذي انضم مبكراً إلى صفوف المرتزقة، وهو أحد خيوط التواصل مع الإمارات. وفي هذه الوثيقة يتم الحديث عن تشكيل تحالف استراتيجي بين المؤتمر والإمارات من خلال رسالة بعثها الخائن عفاش عبر البركاني إلى المجرم محمد بن زايد، حيث وضعت الإمارات شروطها على عفاش، ومنها اختيار قيادة بديلة لحزب المؤتمر، لكن الأهم من ذلك هو فك الارتباط "بأنصار الله".

 

تحالف وثيق واستراتيجي مع الإمارات

 

وفي الذكرى الأولى للعدوان الأمريكي السعودي على بلادنا الذي بدأ في 26 مارس 2015م، استدرك عفاش محاولة الاستغناء عنه، فعمل على إخراج الجماهير بصورة منعزلة عن أنصار الله، لإثبات أنه الوحيد القادر على قيادة المؤتمر وتجميع جماهيره.

ويظهر التحقيق أن الوثائق ليست الشاهد الوحيد على التنسيق المبكر لصالح مع أبوظبي، فقد استقبلت الإمارات قيادات أرسلها عفاش في ظل العدوان على اليمن، ومنها وفده المفاوض في الكويت عام 2016م، تحت غطاء زيارة أحمد علي عبد الله صالح، وقد استمرت عملية التنسيق وتبادل الرسائل حول شكل العلاقة، حتى رُسمت ملامحها الأخيرة من خلال وثيقة حصل عليها الفيلم، وتكشف رؤية التحالف بين عفاش والإمارات، حيث تقوم دولة الإمارات العربية المتحدة مع المؤتمر الشعبي العام بإنشاء تحالف استراتيجي شامل بينهما، يتم ترجمته في خطط تفصيلية لمختلف الجوانب يتم الاتفاق عليها بين الطرفين، وبما يكفل إنجاح جهودهم المشتركة في مواجهة المشاريع والكيانات والمخططات الداخلية والخارجية التي تستهدف أمن اليمن واستقراره، ووحدته وفصله عن محيطه الإقليمي والعربي، والتصدي لقوى التطرف الديني والضلال والإرهاب ومنع هيمنتها على القرار السياسي في اليمن، كما ورد في الوثائق، على أن تقوم دويلة الإمارات العربية المتحدة بتقديم الضمانات اللازمة لحصانة وسلامة الرئيس علي عبد الله صالح، رئيس المؤتمر الشعبي العام، وأفراد أسرته ومعاونيه، وحرمة ممتلكاتهم، وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، والعمل على إلغاء قرارات العقوبات السياسية الصادرة من مجلس الأمن الدولي بحقه وحق نجله، وبما يضمن لهم حرية السفر والتنقل داخلياً وخارجياً.

وفي مقابل الدعم الذي سيتحصل عليه عفاش، يلتزم للإمارات باستنهاض جهود كل قيادات المؤتمر وهيئاته وأعضائه، وتسخير كل إمكاناته المتاحة لإنجاح أهداف التحالف بين الطرفين، حيث يلتزم المؤتمر الشعبي العام بتبني سياسات وطنية وإقليمية ودولية تقوم على مبادئ العلاقات الدولية، والدفاع عن مصالح اليمن وجيرانه في منطقة الخليج العربي، والتصدي لجميع أشكال المؤامرات الهادفة إلى زعزعة أمن واستقرار المنطقة، والخليج على وجه الخصوص.

ويشكل الطرفان — بحسب التفاهم بين الطرفين — فريقاً مشتركاً يسمى لجنة التواصل، لإعداد الخطط والبرامج التفصيلية، ومتابعة تنفيذها وما تحقق من أهداف التحالف، وتقييم مراحل الإنجاز، وتقديم المعلومات والمقترحات إزاء أي مستجدات أو قضايا تهم الطرفين.

وبناء على ذلك، دخل تحالف العدوان على اليمن ميدان التهيئة للفتنة، فكان فتيلها الأول بالإعلان المبكر عن تحضيرات كبيرة للاحتفال بذكرى تأسيس المؤتمر الشعبي العام في الرابع والعشرين من أغسطس عام 2017م.

وتبدلت الأولويات للخائن صالح وحزبه، واتجه الخطاب السياسي والإعلامي نحو الحملات الدعائية ضد أنصار الله في انسجام تام مع حرب دعائية كانت تديرها دول العدوان وأدواتها.

 

إخفاق كبير لمشروع الخيانة

 

فشل الخائن صالح في إشعال الفتنة يوم الرابع والعشرين من أغسطس 2017م، وهو ما دفع الإمارات إلى استعجال إشعالها، لتبدأ ساعة الصفر في الثاني من ديسمبر من العام نفسه، لكن الفتنة انتهت سريعاً بتوجيه صفعة مدوية تلقاها تحالف العدوان، وأدت إلى مقتل عفاش خلال محاولته الهرب إلى خارج صنعاء.

لم تكن الخيبة في أبوظبي فحسب، فورقة الفتنة لم تكن محصورة على الإمارات، فواشنطن ولندن كانتا في مقدمة الدول التي لم تتمكن من إخفاء انتكاستها بهذه الخسارة، وكانت أنباء حزينة جداً.

وهكذا سقط مشروع الخيانة — بفضل الله — والجهود المخلصة لأبناء اليمن، وفي المقدمة الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة، وانتقل اليمن مع أحراره إلى مربع مواجهة المشغلين أنفسهم، وليدخل في مواجهة مباشرة مع كيان العدو الإسرائيلي والبريطاني والأمريكي في معركة ما بعد طوفان الأقصى، وتظل رموز الخيانة ظاهرة للعلن، وقد انكشفت نواياها ومخططاتها برغبتها العلنية للتحالف مع كيان العدو الإسرائيلي ضد الوطن وأحراره.

 

مقالات مشابهة

  • فيلم وثائقي يروي يوميات سيرك غزة الحر وعروضه الفنية بين أنقاض الحرب
  • الاجتماع الفني يحسم ألوان القميص قبل مواجهة مصر والإمارات في الجولة الثانية من كأس العرب 2025
  • من مشروع بـ70 مليون إسترليني إلى انتقادات شعبية.. مقر مرسيدس الجديد تحت المجهر بعد واقعة السرقة
  • رعـ ـب على ضفاف الإبراهيمية.. حكاية أسرة خرجت ولم يعد منها سوى جثـ ـتين| هل أنهى الأب حياة أطفـ ـاله؟
  • الإعلام العسكري العبري يسلط الضوء على بديل مصري لمنظومة “هيمارس” الأمريكية
  • وثائقي خيوط الخيانة ..فتنة ديسمبر من التخطيط إلى التنفيذ والنهاية المخزية
  • العدد الـ13 من "مجلة الثقافة" يسلط الضوء على التنمية الإنسانية المستدامة
  • شون ديدي يمنع نيتفليكس من كشف أسراره في المسلسل الوثائقي الجديد
  • ديدي كومز يسعى لإيقاف وثائقي نتفليكس قبل عرضه بساعات
  • شون "ديدي" كومز يتهم 50 سنت ونتفليكس باستخدام لقطات مسروقة في مسلسل وثائقي