لجريدة عمان:
2024-06-01@07:37:33 GMT

عُمان ومؤشر حرية الصحافة

تاريخ النشر: 8th, May 2024 GMT

المفاجآت الكثيرة التي وردت في تقرير حرية الصحافة لعام 2024 الذي تصدره منظمة «مراسلون بلا حدود» كل عام بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يوافق الثالث من مايو، تحتاج إلى وقفة مع النفس من جانب المعنيين بالصحافة والإعلام في السلطنة من مسؤولين ومهنيين وأكاديميين، وذلك حتى يمكن فهمهما في ظل الواقع السياسي والإعلامي العالمي الحالي الذي اختلط فيه الحابل بالنابل.

يمكن القول إن تقدم دولة عربية مثل موريتانيا إلى المرتبة الأولى عربيا والثالثة والثلاثين عالميا، بالإضافة إلى وجود دولتين عربيتين ضمن قائمة الدول المائة الأولى في التصنيف، وهما جزر القمر وقطر، يمثل مفاجأة جيدة للصحافة العربية. في المقابل فإن تراجع دول كبرى كان لها تاريخ طويل في الدفاع عن حرية التعبير وحرية الرأي والصحافة، مثل المملكة المتحدة التي حلت في المركز التاسع عشر، وفرنسا التي تراجعت إلى المركز الحادي والعشرين، والولايات المتحدة الأمريكية التي تقهقرت إلى المركز التاسع والعشرين، ودولة الكيان الصهيوني إلى المرتبة 101، يؤكد إلى حد كبير نزاهة التصنيف من جانب وعدم خضوع «مراسلون بلا حدود» للضغوط الدولية.

من مفاجآت تقرير حرية الصحافة لهذا العام، والذي يغطي الفترة من مايو 2023 إلى نهاية أبريل 2024، أن الصحافة العمانية تقدمت 18 مركزا في التصنيف العالمي لحرية الصحافة وقفزت من المركز 155 إلى المركز 137 من بين 180 دولة شملها التصنيف.

في تقديري أن هذا التقدم الذي أراه كبيرا ومهما، يعود في الأساس إلى المؤشر الأمني وهو واحد من خمسة مؤشرات تقوم عليها منهجية التصنيف إلى جانب المؤشرات السياسية والاقتصادية والقانونية والاجتماعية والثقافية. ويتعلق المؤشر الأمني بمجموعة من المعايير التي تبحث في أمن وسلامة الصحفيين في الدولة. وفي هذا السياق، كما يقول التقرير «تُعرّف حرية الصحافة بأنها القدرة على تلقي المعلومات وجمعها ونشرها وفقا لمناهج العمل الصحفي وأخلاقيات المهنة، دون التعرض لمخاطر من قبيل الضرر الجسدي، كالقتل العمد، والعنف، والتعذيب، والاعتقال، والاحتجاز، والاختفاء، والاختطاف، أو الضرر على المستوى المهني، مثل فقدان الوظيفة أو مصادرة المعدات أو نهب المنشآت الإعلامية، بالإضافة إلى أية مشاكل نفسية يتعرض لها الصحفيون نتيجة الترهيب أو الإكراه أو المضايقات أو التجسس أو الإهانة أو خطاب الكراهية أو تشويه السمعة أمام الرأي العام أو لتهديدات أخرى في حق الصحفيين أو أقاربهم».

في هذا المؤشر الذي حققت فيه عُمان المركز 91 على العالم، لم يسجل التقرير أية انتهاكات أو مخاطر يتعرض لها الصحفيون في عُمان، وذلك على خلاف دول أخرى كثيرة شهد الصحفيون في بعضها كل أشكال المخاطر مما أدى إلى تراجعها في التصنيف العام. ولم تتقدم على عمان في هذا المؤشر سوى خمس دول عربية هي موريتانيا وقطر والكويت وجزر القمر والأردن.

المؤشر الثاني الذي جعل الصحافة العمانية تقفز هذه القفزة الكبيرة في التصنيف العالمي هو المؤشر السياسي الذي حققت فيه المركز 130. ويتعلق هذا المؤشر بمدى إيمان النظام السياسي والقيادة السياسية بحرية التعبير والصحافة، ويشمل «درجة الدعم والاحترام لاستقلالية وسائل الإعلام في مواجهة الضغوط السياسية التي تمارسها السلطات أو الصادرة عن بقية الفاعلين السياسيين في المجتمع؛ ومستوى قبول تنوع مناهج الصحافة التي تستوفي المعايير المهنية، بما في ذلك المناهج المتوافقة سياسياً والمناهج المستقلة؛ ومدى الدعم الذي تحظى به وسائل الإعلام للقيام بدورها في مساءلة السياسيين والحكومة بما يخدم الصالح العام».

واقع الحال أن تقدم عُمان في التصنيف العام لحرية الصحافة يطرح أسئلة كثيرة حول مدى تعبير هذا التصنيف عن الواقع الفعلي لحرية الصحافة في سلطنة عُمان؟ وهل يمكن أن يكون هذا التقدم حافزا لتقدم أكبر في السنوات القادمة؟

بالمعايير العلمية يمكن القول إن عُمان لم تتقدم فقط في التصنيف العام، ولكنها تقدمت أيضا على دول كثيرة سبقتها ربما بمئات السنين في التجربة الصحفية وتقهقر مستوى حرية الصحافة فيها في السنوات الأخيرة. تقدمت عُمان على أربع عشرة دول عربية هي على الترتيب: الجزائر، ولبنان، وليبيا، والصومال، والسودان، واليمن، وفلسطين، والإمارات، وجيبوتي، والسعودية، والعراق، ومصر، والبحرين، وسوريا التي جاءت في المركز 179 قبل الأخير. ويمكن إدراك قيمة هذا التقدم إذا علمنا أن التقدم جاء أيضا على حساب ديمقراطيات كبيرة وذات تاريخ طويل في حرية الصحافة مثل تركيا التي جاءت في المركز 158 والهند التي جاءت في المركز 159.

وبعيدا عن التشكيك في دقة التصنيف العالمي لحرية الصحافة وبعيدا أيضا عن أقوال المتشائمين والمتفائلين نقول إن هذا التقدم سوف يكون له انعكاساته على الأداء الإعلامي العُماني في قادم الأيام والسنوات، خاصة مع حالة الانفتاح الإعلامي، وتعدد المنصات الإعلامية، والدعم الكبير الذي يقدمه حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق- حفظه الله- للإعلام والإعلاميين.

من المتوقع أن يتحسن ترتيب سلطنة عمان في التصنيف العالمي لحرية الصحافة في العام القادم في حال إقرار القانون الجديد للإعلام الذي يناقشه مجلس الدولة حاليا، والذي سوف يحل محل قانون المطبوعات والنشر الذي مرّ على إصداره نحو أربعين عاما، وقانون المنشآت الخاصة للإذاعة والتلفزيون الصادر منذ عشرين عاما، بالإضافة إلى قانون الرقابة على المصنفات الفنية الصادر منذ 23 عاما.

من المؤكد أن المركز الذي وصلت له عُمان حاليا كان يمكن أن يكون أفضل، وأن تنتقل عُمان لتكون ضمن المائة دولة الأولى في حرية الصحافة، لو كان لدينا إطار قانوني مختلف. ويمثل الإطار القانوني والتشريعي الحلقة الأضعف في سجل عُمان، إذ تأتي وفقا له في المركز 168 من بين 180 دولة، علما بأن هذا المؤشر يقيس مدى حرية الصحفيين ووسائل الإعلام في العمل دون رقابة أو عقوبات قانونية أو قيود مفرطة على حرية التعبير، وإمكانيات الوصول إلى المعلومات دون تمييز بين الصحفيين والقدرة على حماية مصادرهم، ومدى إفلات أو عدم إفلات مرتكبي أعمال العنف ضد الصحفيين من العقاب.

إذا استطعنا أن نضيف مزيدا من التحسين على السياق الاقتصادي الذي تعمل فيه الصحافة العمانية، عبر تجاوز «التعقيدات المتعلقة بإنشاء وسائل الإعلام، وخفض مستوى القيود الاقتصادية المرتبطة بالجهات الفاعلة غير الحكومية (المعلنون والشركاء التجاريون)»، فإننا سنكون على بداية طريق مفتوح ليس فقط للوصول إلى قائمة المائة دولة الأولى في مؤشر حرية الصحافة ولكن أيضا لتعزيز صورة عُمان في العالم بما يعود بالخير على المناخين الاستثماري والسياحي في المستقبل.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العالمی لحریة الصحافة التصنیف العالمی حریة الصحافة هذا التقدم فی التصنیف هذا المؤشر فی المرکز مان فی

إقرأ أيضاً:

مركز الفنون التشكيلية باللاذقية يفتتح معرضه السنوي

اللاذقية-سانا

افتتح مركز الفنون التشكيلية باللاذقية معرضه السنوي الذي ضم ما يقارب مئة عمل فني باستخدام تقنيات متعددة كالزيتي والمائي والفحم والرصاص إضافة إلى الطبيعة الصامتة والتي شكلت لوحات فنية تنبض فناً وإبداعاً وتناولت بمجملها قضايا إنسانية اجتماعية.

وأوضحت رئيسة مركز الفنون التشكليلة إلهام نعسان آغا في تصريح لمراسلة سانا أن المركز يشكل حاضنة حقيقية لتنمية المواهب الفنية الموهوبة لافتة إلى أهمية المعرض الذي يشكل حافزاً للطلاب لتقديم الأفضل وخلق جو من التنافس فيما بينهم حيث يقدم خلاله كل طالب عملين الاول زيتي والثاني نحت أو حفر أو تصميم أزياء.

وأشارت إلى أن المركز يقدم عدة أنشطة منها ورشات عمل وتدريب إضافة إلى النادي الصيفي.

وجاءت مشاركة الفنانة التشكيلية وخريجة المركز يسرى جردي بعمل زيتي يلامس قضايا المرأة الريفية الصبورة والقوية المعطاءة فيما شاركت مدرسة مادة الرسم روان يوسف بعملين الأول مجسم بورتريه لشخصية الكاتب الفرنسي فولتير إضافة إلى لوحة طفل يجسد البراءة والطفولة بأبهى صورة وبتقنية الزيتي وجاءت مشاركة الفنانة التشكيلية أطلال شملات بلوحة فنية بتقنية الإكريليك تصور المرأة التي ترمز إلى الحياة والتجدد والخصوبة بدمج الألوان الباردة والنارية بينما شاركت الطفلة هند سعد بلوحة تصور الطبيعة الصامتة.

أما الفنانة التشكيلية مثيله سرحيل فجسدت الطبيعة والبحر بلوحة فنية لمقهى قديم بتقنية الزيتي تظهر تناغماً جميلاً بتعبير واقعي.

وشاركت الفنانة التشكيلية علا رنجوس خريجة المركز بلوحة ضبابية تشي بذكريات استلهمتها الفنانة من شوارع دمشق القديمة بتقنية الزيتي في حين شاركت الفنانة مارينا يونس ذات الأصول الروسية بعمل زيتي يجسد الجمال الذي يكتنزه الشاطىء الازرق في اللاذقية وجاءت مشاركة الفنانة التشكيلية لوسين رعوان بلوحة زيتية للفنان العالمي جيوفاني بعنوان الطفل الباكي.

ولفت مدير الثقافة مجد صارم إلى أهمية هذا المعرض الذي يقدم أعمالاً متنوعة ومشاركات ودماء جديدة ويشمل مدارس مختلفة منوهاً بأن المعارض تسهم في إثراء حركة الفن التشكيلي وتطوره.

غفار ديب

مقالات مشابهة

  • نقيب الصحفيين يحذر: نحن أمام جريمة استهداف الحقيقة
  • “الإذاعة والتلفزيون” تحصد تسع جوائز في مهرجان الخليج
  • الحرب على الحقيقة.. 7 إجراءات إسرائيلية ضد حرية الصحافة
  • تهديد صريح بإفشال موسم الحج.. برلماني يمني يحذر من باب فتنة ومؤشر خطير يستهدف السعودية
  • “اكسبوجر” يفتح باب المنافسة على “جائزة المصور الصحفي المستقل”
  • أحمد البشير: إعلام السّخرية أكثر فعالية
  • مركز الفنون التشكيلية باللاذقية يفتتح معرضه السنوي
  • صحفيات بلا قيود تدين الحكم الصادر بحق الصحفي أحمد ماهر وتعتبره مؤشرا خطيرا على تدهور حرية الصحافة في اليمن .. ما يحدث في مناطق سيطرة الانتقالي لا يختلف عما يحدث في مناطق الحوثي
  • سياسي يمني يُجيب لـ "الفجر".. هل يؤثر تصنيف الحوثي "جماعة إرهابية" على نشاطاته بالبحر الأحمر وخليج عدن؟
  • أعمال المؤتمر العام السادس بنقابة الصحفيين.. منصة لتبادل الأفكار وبناء مستقبل أفضل للإعلام