في إشارة واضحة إلى التوتر المتزايد في بحر الصين الجنوبي، قالت الصين، الجمعة، إنها "تتبعت" سفينة تابعة للبحرية الأميركية قرب جزر باراسيل في المياه المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، و"أصدرت تحذيرا لها".

وقال الجيش الصيني إن التصرف الأميركي "ينتهك بشكل خطير سيادة الصين وأمنها".

وأضاف "هذا دليل قاطع آخر على السعي للهيمنة الملاحية وعسكرة بحر الصين الجنوبي"، موضحا أن القوات ستبقى في حالة تأهب قصوى لحماية الأمن القومي.

وذكرت البحرية الأميركية في بيان أن المدمرة تصرفت طبقا لحقوقها وحرياتها الملاحية في بحر الصين الجنوبي بالقرب من جزر باراسيل "بما يتوافق مع القانون الدولي".

وقال البيان إن المدمرة هالسي خرجت من المنطقة بعد عمليتها وواصلت طريقها في بحر الصين الجنوبي.

ما سبب الخلاف مع الفلبين؟

وتأتي المواجهة وسط تصاعد التوترات في بحر الصين الجنوبي، مع تورط الفلبين، حليفة الولايات المتحدة، في نزاع دبلوماسي مع بكين بشأن المياه المتنازع عليها في المنطقة.

وتصاعدت التوترات في المنطقة في الآونة الأخيرة مع اتخاذ الفلبين نهجا أكثر حزما بشأن المناطق المتنازع عليها، في حين تعمل على تعزيز تحالفاتها مع الولايات المتحدة واليابان.

وتلتزم واشنطن ومانيلا بمعاهدة الدفاع المشترك الموقعة عام 1951 والتي لا تزال سارية المفعول، وتنص على أن يساعد الجانبان في الدفاع عن بعضهما البعض إذا تعرض أي منهما لهجوم من قبل طرف ثالث، وفقا لشبكة "سي أن أن".

واحتجت الفلبين، الأسبوع الماضي، على استخدام بكين لمدافع المياه ضد السفن الفلبينية في المياه الضحلة في منطقة سكاربورو شول المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، ووصفت الواقعة بأنها مضايقات و"مناورات خطيرة"، بعد تصاعد التوتر في الأشهر القليلة الماضية.

وتعد منطقة سكاربورو شول، التي احتلتها الصين لأكثر من عقد من الزمن، نقطة نزاع بين الفلبين والصين على نحو متقطع لسنوات، بحسب "رويترز".

والمنطقة بقعة رئيسية للصيد تستخدمها عدة دول وهي على مقربة من ممرات شحن رئيسية وتقع داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة للفلبين، لكن الصين تطالب بها رغم عدم فرض أي دولة السيادة عليها.

وعلى مدار العقدين الماضيين، احتلت الصين عددًا من الشعاب المرجانية والجزر المرجانية الغامضة البعيدة عن خطها الساحلي عبر بحر الصين الجنوبي، حيث قامت ببناء منشآت عسكرية، بما في ذلك مدارج الطائرات والموانئ.

ويقول المطالبون المتنافسون، مثل الفلبين، إن مثل هذه الإجراءات تنتهك سيادتهم وتنتهك القانون البحري.

وتوافق الولايات المتحدة على ذلك، حيث ترسل بشكل منتظم مدمراتها البحرية للقيام بعمليات حرية الملاحة بالقرب من الجزر المتنازع عليها، ما يؤدي إلى مخاوف من أن يصبح بحر الصين الجنوبي نقطة اشتعال بين القوتين العظميين، بحسب شبكة "سي أن أن".

وتصاعدت النزاعات البحرية عبر بحر الصين الجنوبي الشاسع في السنوات الأخيرة مع قيام الصين بعسكرة الجزر المتنازع عليها ومواجهة منافسيها الإقليميين بشأن مطالباتهم بأحقيتهم في الممر المائي المهم استراتيجيا والغني بالموارد، وفقا لـ"سي أن أن".

وتزعم الصين أحقيتها بالسيادة على أجزاء كبيرة من بحر الصين الجنوبي، وهو ممر تعبر من خلاله تجارة قيمتها أكثر من ثلاثة تريليونات دولار سنويا، وتشمل تلك الأجزاء مناطق تطالب بها الفلبين وفيتنام وإندونيسيا وماليزيا وبروناي، بحسب "رويترز".

وقالت محكمة التحكيم الدائمة، في عام 2016، إن مزاعم الصين ليس لها أي أساس قانوني، وهو القرار الذي رفضته بكين، وفقا لـ"رويترز".

ويُنظر إلى بحر الصين الجنوبي على نطاق واسع باعتباره نقطة اشتعال محتملة لحرب عالمية، وقد أثارت المواجهات الأخيرة بين مانيلا وبكين مخاوف بين المراقبين الغربيين من احتمال تطوره إلى حادث دولي إذا قررت الصين، القوة العالمية، التصرف بقوة أكبر ضد الفلبين، حليفة الولايات المتحدة، بحسب "سي أن أن".

سفينة مهترئة قد تشعل حربا كبرى في آسيا وتدفع الجيش الأميركي للتدخل في واحد من أكثر الممرات المائية توترا في العالم، يتوقف خطر اندلاع الحرب المقبلة في آسيا، على سفينة عسكرية صدأة مليئة بالثقوب راسية على شعاب مرجانية في مكان ما بالمحيط الهادئ، وفقا لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية. ما أهمية بحر الصين الجنوبي؟

يعد الممر المائي الذي تبلغ مساحته 1.3 مليون ميل مربع حيويًا للتجارة الدولية، حيث يمر عبره ما يقدر بثلث الشحن العالمي الذي تبلغ قيمته تريليونات الدولارات كل عام، بحسب صحيفة "واشنطن بوست".

كما أنها موطن لمناطق صيد الأسماك الخصبة الشاسعة التي تعتمد عليها العديد من الأرواح وسبل العيش.

ومع ذلك، فإن الكثير من قيمتها الاقتصادية لا تزال غير مستغلة. ووفقا لوكالة معلومات الطاقة الأميركية، يحتوي الممر المائي على ما لا يقل عن 190 تريليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي و11 مليار برميل من النفط.

ومن يتحكم في تلك الموارد وكيفية استغلالها يمكن أن يكون له تأثير كبير على البيئة. ويعد بحر الصين الجنوبي موطنًا لمئات الجزر والجزر المرجانية غير المأهولة إلى حد كبير والحياة البرية المتنوعة المعرضة للخطر بسبب تغير المناخ والتلوث البحري، بحسب شبكة "سي أن أن".

ما الجزر المتنازع عليها؟

تقول الفلبين إن الصين تواصل إرسال ميليشياتها البحرية إلى ميستشيف ريف وسكاربورو شول في المنطقة الاقتصادية الخالصة للفلبين.

وفي الجزء الجنوبي من البحر توجد سلسلة جزر سبراتلي، والتي تسميها بكين جزر نانشا. ويتكون الأرخبيل من 100 جزيرة وشعاب مرجانية، 45 منها تحتلها الصين وتايوان وماليزيا وفيتنام والفلبين.

وفي الجزء الشمالي الغربي من البحر، تسيطر بكين على جزر باراسيل، المعروفة باسم جزر شيشا في الصين، منذ عام 1974، رغم مطالبات فيتنام وتايوان بها.

ويدعي الحزب الشيوعي الحاكم في الصين أيضًا أن تايوان التي تتمتع بالحكم الذاتي هي أراضيها الخاصة، رغم أنها لم تسيطر عليها مطلقًا.

كيف تحشد الصين قواتها البحرية؟

قامت الصين ببناء أكبر أسطول بحري في العالم، يضم أكثر من 340 سفينة حربية. وفي السنوات الأخيرة، أطلقت مدمرات كبيرة مزودة بصواريخ موجهة، وسفنًا هجومية برمائية، وحاملات طائرات تتمتع بالقدرة على العمل في المحيط المفتوح، وتتمتع بقدرة عرضية على بعد آلاف الأميال من بكين، بحسب "سي أن أن".

ويتركز معظم التعزيز العسكري لبكين على طول سلاسل جزر سبراتلي وباراسيل، حيث أدى الاستصلاح المستمر للأراضي إلى تدمير الشعاب المرجانية قبل البناء عليها.

ومن المعروف أن السفن الصينية تطوق العديد من الجزر المرجانية والجزر الصغيرة، وترسل جرافات لبناء جزر اصطناعية كبيرة بما يكفي لإيواء ناقلات النفط والسفن الحربية.

ومنذ عام 2014، قامت بكين ببناء قواعد عسكرية على سوبي ريف، وجونسون ريف، وميستشيف ريف، وفييري كروس ريف، لتعزيز مطالباتها على السلسلة، وفقًا لمبادرة الشفافية البحرية الآسيوية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية ومقره واشنطن.

وقامت الصين بتركيب منصات نفط استكشافية في جزر باراسيل، في عام 2014، ما أثار أعمال شغب مناهضة للصين في فيتنام، وهي دولة منافسة.

بالإضافة إلى ذلك، يزعم خبراء الأمن البحري الغربيون، إلى جانب الفلبين والولايات المتحدة، أن الصين تسيطر على ميليشيا بحرية قوامها مئات السفن وتعمل كقوة غير رسمية، يمكن إنكارها رسميًا، تستخدمها بكين لدفع مطالباتها الإقليمية في بحر الصين الجنوبي وما وراءه.

ولا تطالب الولايات المتحدة بالسيادة على بحر الصين الجنوبي، لكنها تقول إن المياه ضرورية لمصلحتها الوطنية المتمثلة في ضمان حرية البحار في جميع أنحاء العالم.

وتجري البحرية الأميركية بانتظام عمليات حرية الملاحة (FONOPs) في بحر الصين الجنوبي، قائلة إن الولايات المتحدة "تدافع عن حق كل دولة في الطيران والإبحار والعمل حيثما يسمح القانون الدولي بذلك". وتدين بكين مثل هذه العمليات باعتبارها غير قانونية.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: فی بحر الصین الجنوبی الولایات المتحدة المتنازع علیها سی أن أن

إقرأ أيضاً:

في اجتماع بسنغافورة.. خلاف بين وزيري الدفاع الأميركي والصيني بشأن تايوان

اختلف وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، مع نظيره الصيني، دونغ جيون، بشأن تايوان، الجمعة، في أول اجتماع مباشر بينهما منذ عامين، لكن الوزيرين أكدا على أهمية الحفاظ على قنوات الاتصال العسكري مفتوحة.

والتقى أوستن وجيون في سنغافورة على هامش قمة حوار شانغري-لا، وهي قمة آسيوية رئيسية عن الدفاع.

ومن المقرر أن يلقي رئيس الفلبين كلمة من المتوقع أن يتطرق خلالها إلى القضايا الحساسة المتعلقة بالسيادة في بحر الصين الجنوبي.

كما أنه من المتوقع أن تهيمن العلاقات الأميركية الصينية والحربان الدائرتان في أوكرانيا وغزة والتوتر في بحر الصين الجنوبي على الحوار.

وقال الميجر جنرال باتريك رايدر من القوات الجوية الأميركية في بيان، بعد الاجتماع، الذي استمر 75 دقيقة، إن أوستن عبر خلال لقائه مع جيون عن القلق من أنشطة الصين العسكرية بالقرب من تايوان، وخاصة تلك التي حدثت بعد الانتخابات الرئاسية في الجزيرة وتنصيب الرئيس لاي تشينغ-ته، هذا الشهر.

وأضاف رايدر "عبر الوزير عن قلقه إزاء النشاط الاستفزازي الأخير لجيش التحرير الشعبي الصيني في مضيق تايوان، وأكد مجددا أن جمهورية الصين الشعبية يتعين ألا تستخدم التحول السياسي في تايوان، وهو جزء من عملية ديمقراطية روتينية طبيعية، ذريعة لاتخاذ إجراءات قسرية".

وأكد متحدث باسم وزارة الدفاع الصينية أن اللقاء بين الوزير دونغ جون ونظيره الأميركي لويد أوستن كان "إيجابيا، عمليا، وبنّاء".

وذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع الصينية، وو تشيان، للصحفيين أن جيون، أبلغ أوستن بضرورة ألا تتدخل الولايات المتحدة في شؤون الصين مع تايوان.

ونقل المتحدث عن جيون قوله إن النهج الأميركي تجاه تايوان ينتهك الالتزامات التي تعهدت بها الولايات المتحدة ويرسل إشارة خاطئة إلى "القوى الانفصالية" في الجزيرة. وتصف بكين رئيس تايوان بأنه "انفصالي".

ومع ذلك، أكد الجانبان على أهمية الحفاظ على قنوات الاتصال العسكرية مفتوحة.

وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية شريطة عدم نشر اسمه، إن الاجتماع يعد "خطوة مهمة" على طريق فتح قنوات الاتصال.

وذكر المسؤول، أن أوستن كان "حازما ولكن محترفا"، وتناول أيضا التطورات النووية والفضائية والإلكترونية في الصين.
وناقش الجانبان أيضا مسألة بحر الصين الجنوبي والصراعين في أوكرانيا وغزة.

وستسلط الأضواء في وقت لاحق من اليوم الجمعة على الرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس الابن، الذي من المتوقع أن يناقش الموقف القانوني والجيوسياسي لمانيلا بخصوص بحر الصين الجنوبي، ويشير إلى أهميته للتجارة العالمية.

وينظم المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية حوار شانغري-لا كل عام في سنغافورة، حيث يجتمع القادة العسكريون والسياسيون لمناقشة القضايا الأمنية. وينتهي الحوار المنعقد حاليا في نسخته الحادية والعشرين في الثاني من يونيو.

وفي سياق متصل، أكدت الصين أن حضورها مؤتمرا للسلام بشأن أوكرانيا تستضيفه سويسرا في يونيو سيكون أمراً "صعباً"، حسبما نقلته فرانس برس.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ "هناك تباين واضح بين الترتيبات التي تم اتخاذها للمؤتمر من ناحية ومطالب الصين وتطلعات المجتمع الدولي من ناحية أخرى، مما يجعل من الصعب على الصين أن تشارك" فيه. 

والأحد، حث الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نظيريه الأميركي والصيني على المشاركة في المؤتمر المقرر في 15 و16، يونيو ولم تُدع إليه روسيا التي توقعت فشله.

وقالت ماو نينغ "لقد أصرت الصين دائمًا على ضرورة اعتراف كل من روسيا وأوكرانيا بالمؤتمر الدولي للسلام، والسماح بمشاركة جميع الأطراف على قدم المساواة وإجراء مناقشة عادلة لجميع خطط السلام... وإلا فإن المؤتمر لن يكون له دور كبير في إعادة السلام". 

وأضافت "لكننا سنواصل الحث على إجراء محادثات للسلام بطريقتنا الخاصة، وسنبقى على اتصال مع جميع الأطراف وسنعمل معا لتحقيق تسوية سياسية للأزمة الأوكرانية".

وتؤكد الصين وقوفها رسميا على الحياد في هذا النزاع، لكنها لم تعلن إدانتها للغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022، ما عرّضها لانتقادات غربية. وزارها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أكثر من مرة منذ بداية الحرب. 

وتدعو بكين باستمرار إلى احترام سيادة أراضي جميع البلدان بما في ذلك أوكرانيا، ولكنها تحث أيضا على مراعاة مخاوف روسيا الأمنية.

وفي سنغافورة، خلال المناقشات التي جرت الجمعة مع نظيره الأميركي، لويد أوستن، كرر وزير الدفاع الصيني، دونغ جون "موقف بكين الموضوعي والمحايد" بشأن الحرب في أوكرانيا، وفقًا للمتحدث باسم الوزارة، وو تشيان.

وأكد الوزير لنظيره وفقا لما نقله المتحدث "لقد احترمنا التزامنا عدم توفير أسلحة لأي من طرفي النزاع"، مشدداً على أن الصين "تعتمد ضوابط صارمة على صادرات المعدات العسكرية".

وأضاف أن "الصين ستواصل الدفع باتجاه عقد محادثات للسلام ولعب دور بناء، لكننا نرفض بشدة أن تلقي الولايات المتحدة اللوم علينا".

مقالات مشابهة

  • وجه هجوما مبطنا للصين.. أوستن يربط أمن أميركا بأمن آسيا
  • نقطة محورية للعالم الإسلامي.. ماذا نعرف عن جامع الأميرة الجوهرة الثقافي بالبوسنة؟
  • في اجتماع بسنغافورة.. خلاف بين وزيري الدفاع الأميركي والصيني بشأن تايوان
  • ماذا قالت حملة بايدن حول إدانة ترمب؟
  • الصين تدين نشر الولايات المتحدة نظاما صاروخيا متوسط المدى فى الفلبين
  • الصين تدين نشر الولايات المتحدة نظاما صاروخيا متوسط المدى في الفلبين
  • الصين تحذر: حركة استقلال تايوان ستؤدى إلى اشتعال الحرب بين الطرفين
  • الصين تحذر من مخاطر نشر صواريخ أمريكية في الفلبين
  • لأول مرة.. المصرف الأهلي العراقي يجري نقطة تحول استثمارية بقيمة 25 مليار دينار 
  • صحيفة روسية: هل يمكن أن يتطور الصراع بأوكرانيا لحرب عالمية ثالثة؟