مدريد- "فلسطين محور الواجبات الأخلاقية والقانونية التي يجب على الجامعات الإسبانية الاضطلاع بها" جملة تختصر جوهر عريضة وقّع عليها أكثر من 2700 طالب وأكاديمي وأستاذ جامعي في إسبانيا، تزامنا مع الذكرى الـ77 لنكبة فلسطين، التي يسعون لاستثمارها لمزيد من الضغط على الحكومة الإسبانية، التي طالبوها بقطع العلاقات مع إسرائيل بكل أشكالها.

وأكد الموقعون أنه "لا يُمكن تحقيق التضامن ولا التقدم البيئي والاجتماعي ولا أهداف التنمية المستدامة ولا أي من القيم التي تدّعي جامعاتنا تمثيلها والدفاع عنها في أنظمتها الأساسية طالما استمر صمتها الفاضح على الإبادة الجماعية، وتعاملها المُعتاد مع إسرائيل، ومحاولات إسكات الإبادة الجماعية الممولة من المال العام".

يأتي ذلك بالتزامن مع عودة الاعتصام الطلابي في جامعة كومبلوتنسي الحكومية في مدريد، حيث انتشرت الخيام بمحيط المدينة الطلابية بالجامعة، وعلت الأعلام الفلسطينية، وجدّد الطلاب ومن يرافقهم من أساتذة وأكاديميين تضامنهم مع القضية الفلسطينية، مؤكدين شعارهم أن "فلسطين في صميم جميع النضالات من أجل العدالة الاجتماعية".

محاكمة شعبية

وأعلنت شبكة "جامعيون من أجل فلسطين"، وبالتعاون مع شبكة "قانونيون من أجل فلسطين" نيتها تنفيذ فعالية "محكمة الشعوب من أجل فلسطين" بحلول نوفمبر/تشرين الأول القادم، التي ستُحاكم الدولة الإسبانية وحكومتها ومؤسساتها "على تواطئها مع نظام الفصل العنصري والاحتلال والإبادة الجماعية في فلسطين".

إعلان

ويستوحي القائمون على الفعالية نشاطهم من "محكمة راسل" التي شُكّلت عام 1966، المعروفة أيضا باسم المحكمة الدولية لجرائم الحرب، والتي حققت في الجرائم التي ارتكبتها الولايات المتحدة في فيتنام، بالإضافة لأول محكمة شعبية دائمة تأسست كمحكمة رأي عام 1979 في إيطاليا، لإدانة الجرائم التي ارتكبتها الأنظمة العسكرية في أميركا اللاتينية بين عامي 1974 و1976.

ما يزيد عن 2700 أكاديمي طالبوا بقطع شامل للعلاقات مع إسرائيل (الجزيرة)

وفي مؤتمر صحفي عقد في المدينة الجامعية في مدريد، وضّح القائمون على الفعالية أن هذا النوع من المبادرات ظهر داخل المجتمع المدني لسد الفجوة الناشئة عن تقصير المحاكم الوطنية والدولية بالقيام بواجبها القضائي تجاه بعض القضايا الكبرى، كجرائم الحرب، والإبادة الجماعية، والانتهاكات العلنية لحقوق الإنسان، من خلال جمع شهادات وادعاءات وشكاوى من المجتمع المدني.

وسيسعى المنظمون، للتواصل مع أفراد المجتمع باعتبارهم الطرف المباشر الذي يمكن التواصل معه، للضغط على الحكومة لتنفيذ الإجراءات المطلوبة للالتزام بالإطار القانوني، ويقصدون بذلك الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في 19 يوليو/تموز 2024 الذي خلص إلى أن الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية -بما في ذلك غزة والضفة الغربية وشرقي القدس غير قانوني بموجب القانون الدولي.

إعلان الفعالية تزامن مع عودة الاعتصام الطلابي في جامعة كومبلوتنسيا بمدريد (الجزيرة)

كما يستندون أيضا إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الصادر في 13 سبتمبر/أيلول 2024، الذي طالب إسرائيل بالامتثال للرأي الاستشاري وإنهاء وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 12 شهرا من تاريخ اعتماد القرار.

ويعتبر فريق الشبكة أن هذه المحاكم الشعبية تشكل جهودا جماعية فاعلة، من خلال العمل التوثيقي الجماعي وجمع الادعاءات الفردية والجماعية، حتى تصبح أداة للدفاع عن القانون الدولي، وناطقا أخلاقيا ومعنويا باسم الشعوب، تُسلّط الضوء على فضح الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل.

إعلان

وأكد القائمون على الفعالية سعيهم لتحقيق أعلى قدر ممكن من الدقة في التوثيق والشهادات وتحضير الاتهامات، بهدف تعبئة المجتمع المدني، ورفع الوعي العام، وتنشيط المجتمع الجامعي للدفاع عن القضية الفلسطينية ضد الإبادة، وتصعيد الضغط على الهيئات الإدارية الجامعية، والحكومة الإسبانية، بكل مؤسساتها لقطع العلاقات وإنهاء التواطؤ مع إسرائيل ومؤسساتها.

طلاب وأكاديميون إسبان يعلنون نيتهم عقد محاكمة شعبية لحكومتهم في نوفمبر/تشرين الثاني القادم (الجزيرة) مقاطعة شاملة

وتقول أستاذة الدراسات العربية والإسلامية في جامعة كومبلوتنسيا في مدريد، جوهانا ليمز، إن فريق "جامعيون من أجل فلسطين" يضم أعضاء وممثلين من 46 جامعة حكومية إسبانية، عملوا على مدى أشهر عديدة وشاركوا في اجتماعات عدة مع إدارات جامعاتهم، "لكن وبعد عام ونصف من الإبادة في غزة لم تكن هناك استجابات وأفعال حقيقة مؤثرة من مؤسساتنا".

وتضيف ليمز للجزيرة نت "قدمت الحكومة الإسبانية تصريحات عديدة جيدة، لكنها في الواقع مستمرة بإقامة العلاقات التجارية مع إسرائيل، وذلك وفقا لتقارير استقصائية أثبتت ذلك بأرقام صادمة، لذلك نحن نريد عقد هذه المحاكمة الشعبية لنعطي الصوت للمجتمع المحلي"، مؤكدة أن هذه الخطوة تأتي كإجراء تصعيدي لتنفيذ أعمال مؤثرة على أرض الواقع.

وتؤكد ليمز أن مطلبهم الرئيسي هو "قطع جميع العلاقات مع إسرائيل بمختلف مستوياتها، بسبب ما ترتكبه من إبادة جماعية في فلسطين"، وهو ما تم تأكيده في المؤتمر الصحفي لإطلاق فعالية المحاكمة الشعبية، وما تم التوقيع عليه في العريضة التي وُزعت.

يأتي ذلك بالإضافة إلى مطالب أخرى وقّع عليها المشاركون في العريضة التي نشرتها شبكة "جامعيون من أجل فلسطين" تدعو المؤسسات التعليمية والحكومة الإسبانية إلى:

الإدانة الواضحة والصريحة للإبادة الجماعية في غزة وسياسات الاستيطان والفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية. تعليق الإسهام في المشاريع الطلابية المشتركة التي تتضمن مشاركة إسرائيلية، واستبعاد الجامعات ومراكز الأبحاث الإسرائيلية من أي مشاريع ضمن الاتحاد الأوروبي. إدراج البنود المتعلقة بحقوق الإنسان في جميع العقود أو المعاملات التجارية للتأكيد على الامتثال للقانون الدولي. مطالبة الاتحاد الأوروبي بتطوير برامج بحثية تسهم في تعافي المؤسسات الأكاديمية الفلسطينية، وتعزيز برامج التعاون بين الجامعات الإسبانية والفلسطينية. ضمان حقوق المجتمع الجامعي الإسباني في مواجهة المضايقات التي قد يتعرض لها الأفراد والجماعات والمؤسسات من قبل جماعات الضغط الصهيونية. دعم المقترح المقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة رسميا لسحب عضوية إسرائيل كدولة عضو في الأمم المتحدة.

وتوضّح الأستاذة ليمز أن الأمر لا يقتصر على الجامعيين فقط، بل يتعدى ذلك إلى العاملين في القطاع الصحي والتعليمي، وغيرها من القطاعات المجتمعية في مختلف أنحاء إسبانيا، وهو ما سيبادر إليه الفريق العامل خلال الأشهر القادمة، كما سيعملون على التنسيق مع جهات أوروبية مختلفة لتوسيع المشاركة.

إعلان

وذكرت أن المحاكمة الشعبية المنوي إقامتها لن تركز بشكل رئيس على فضح الجرائم التي تقوم بها إسرائيل فحسب، بل ستطال الخروقات التي تقوم بها الحكومة الإسبانية والمعاهد الجامعية للقانون الدولي بحكم علاقتها المستمرة بشكل أو بآخر مع إسرائيل المتهمة أصلا بخرق القانون الدولي، "وهو ما سيشكل ضغطا حقيقيا ومؤثرا على هذه المؤسسات من قبل المجتمع المدني بعيدا عن الأحزاب السياسية" حسب قولها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الحکومة الإسبانیة الإبادة الجماعیة المجتمع المدنی من أجل فلسطین مع إسرائیل

إقرأ أيضاً:

بمناسبة الذكرى الـ77 للنكبة .. الفلسطينيون يهتفون ” لن نرحل” ويرفعون مفاتيح العودة

مايو 15, 2025آخر تحديث: مايو 15, 2025

المستقلة/-أحيا الفلسطينيون في رام الله، بالضفة الغربية المحتلة، الذكرى الـ77 للنكبة رافعين مفاتيح العودة والأعلام الفلسطينية، وحملوا لافتات كُتب عليها “1948” في إشارة للتاريخ الذي كان إيذانا برحلة نزوح ومعاناة عمرها عقود،

وشهدت الشوارع فعاليات تروي قصة معاناة بدأت في 15 أيار 1948 فأصبحت كما يراها البعض نكبة مستمرة.

وصرخ المتظاهرون للاجئين الفلسطينيين، الذين تشتتوا في أصقاع الأرض، أن يطالبوا بحق العودة، وحمل بعضهم مفاتيح قديمة ولافتات عليها أسماء المناطق التي ينحدرون منها مع عبارة “أعيدونا إلى فلسطين التاريخية”.

كما دوت صافرات الإنذار في مدن واسعة من الضفة لمدة 77 ثانية، في إشارة رمزية لعدد سنين النكبة التي واكبت قيام دولة إسرائيل ورفع المتظاهرون أثناءها شارات النصر، حسبما نقلت وكالة الأنباء الفلسطينية “وفا”.

وتأتي ذكرى النكبة هذه السنة، وللعام الثاني على التوالي وسط الحرب الضارية على قطاع غزة وفيما تشن الدولة العبرية أيضا عملية عسكرية واسعة في عدد من المحافظات الفلسطينية، من بينها طولكرم وجنين، أسفرت عن تهجير 40 ألفا من سكان المخيمات.

ويزيد حديث المسؤولين الإسرائيليين عن مخطط تهجير الفلسطينيين من مخاوف أن تحدث نكبة ثانية، إذ قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في وقت سابق إن المشكلة ليست في التهجير ذاته، بل في غياب دول مستعدة لاستقبالهم، مضيفًا: “ما أعرفه أن نحو 50% من سكان غزة سيخرجون إذا توفرت لهم وجهات تستقبلهم”.

في أعقاب قيام إسرائيل عام 1948، تم تهجير نحو 700 ألف فلسطيني أو نزحوا قسرا من منازلهم تحت وقع الترهيب خصوصا بعد وقوع مجازر مثل مجزرة دير ياسين وبعدها بشهر مجزرة الطنطورة ثم الدوايمة في 1948، وهو ما أثر إلى حد كبير في نفوس الأهالي ومهّد لتهجيرهم.

وبعد أن غادر الفلسطينيون ديارهم، رفضت سلطات الاحتلال السماح لهم بالعودة لأن ذلك كان سيؤدي إلى وجود أغلبية فلسطينية داخل حدود الدولة العبرية. فأصبح هؤلاء لاجئين منذ قرابة 80 سنة حيث يبلغ عددهم الآن حوالي 6 ملايين شخص، يعيش معظمهم في مخيمات فقيرة تنتشر في لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل. وفي قطاع غزة، يشكل اللاجئون وأحفادهم حوالي 3/4 السكان.

وتمنع سلطات الاحتلال الفلسطينيين اللاجئين في العالم من العودة إلى وطنهم، رغم أنه حق تكفله المواثيق الدولية، إذ ينص القرار رقم 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة على أنه “يجب السماح بالعودة إلى فلسطين في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن الممتلكات الذين يقررون عدم العودة إليها، وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر لحق بها وفقًا لمبادئ القانون الدولي والعدالة”.

مقالات مشابهة

  • فلسطينيو لبنان يحيون الذكرى الـ77 للنكبة بالتأكيد على حق العودة
  • بمناسبة الذكرى الـ77 للنكبة .. الفلسطينيون يهتفون ” لن نرحل” ويرفعون مفاتيح العودة
  • منظمة التعاون الإسلامي تُحيي الذكرى الـ77 للنكبة الفلسطينية
  • " لن نرحل".. هتافات ومفاتيح العودة في شوارع رام الله بمناسبة الذكرى الـ77 للنكبة
  • في الذكرى الـ77 للنكبة.. التطهير العرقي يتجدد في غزة والضفة والشتات
  • الفلسطينيون يحيون الذكرى الـ77 للنكبة
  • في الذكرى الـ77 للنكبة الفلسطينية.. ماذا تخبرنا الأرقام منذ 48؟
  • في الذكرى الـ77 للنكبة: تهجير جديد في هذا القرن تحت نيران الإبادة
  • أبناء شعبنا في الوطن والشتات يحيون الذكرى الـ77 للنكبة