د. عبد المنعم مختار
أستاذ جامعي متخصص في السياسات الصحية القائمة على الأدلة العلمية

تمت صناعة هذا المقال بمساعدة فعالة من برنامج الذكاء الاصطناعي Chat GPT

مراحل الحرب الأهلية السودانية

يمكن أن تختلف الحروب الأهلية بشكل كبير في مراحلها، وخصائصها، ومدتها، وتأثيرها، مما يجعل من الصعب تقديم مراحل تناسب الحرب الأهلية الجارية حاليا بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان.

ومع ذلك، استنادًا إلى الأدلة والأبحاث التجريبية عالية الجودة، يمكننا تحديد المراحل التالية:

مرحلة البداية : تضمنت هذه المرحلة الاندلاع الأولي للعنف، وشملت المواجهات المسلحة فيها نطاق ولاية الخرطوم ومطار مروي وبعض ولايات دارفور واستمرت بضعة أسابيع. وكان التأثير خلال هذه المرحلة محليا، مع وجود عدد محدود من الضحايا واللاجئين لخارج البلاد.

مرحلة التصعيد : مع اشتداد الحرب، شهدت هذه المرحلة زيادة في العنف ومشاركة جهات أقليمية فاعلة عملت على دعم الجيش واسناد قوات الدعم السريع. وزادت في هذه المرحلة المعارك للسيطرة على الأراضي، وارتفعت وتيرة الانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان. وامتدت هذه المرحلة لعدة شهور. وكان التأثير خلال هذه المرحلة عميقًا، مع حدوث خسائر كبيرة في الأرواح وتشريد السكان وتدمير البنية التحتية على نطاق واسع.

مرحلة الجمود : اذا وصلت الحرب الأهلية في السودان إلى نقطة عدم تمكن الجيش وقوات الدعم السريع من تحقيق نصر حاسم، اي إلى مرحلة الجمود، قد يؤدي ذلك إلى طريق مسدود طويل الأمد أو الى تسوية قريبة. تتميز هذه المرحلة بوجود خطوط قتال أمامية ثابتة، وصراع مستمر منخفض الحدة، ومحاولات للتفاوض نحو السلام. يمكن أن تطول مدة هذه المرحلة، وتستمر لسنوات أو حتى لعقود. ويتسم التأثير خلال هذه المرحلة باستمرار المعاناة والركود، مع احتمال ضئيل للحل.

المرحلة الانتقالية : إذا تم التوصل إلى وقف إطلاق للنار أو اتفاق للسلام، فقد تدخل الحرب الأهلية بين الجيش وقوات الدعم السريع في مرحلة انتقالية. وغالباً ستشمل هذه المرحلة تسريح المقاتلين، ونزع السلاح، وجهود رامية إلى إنشاء آليات العدالة الانتقالية. ويمكن أن تختلف مدة هذه المرحلة تبعا لمدى تعقيد عملية السلام ومدى استعداد الأطراف للالتزام بالاتفاق وغالباً ستستمر لعدة سنوات. إن التأثير خلال هذه المرحلة سيبعث على الأمل ولكنه سيكون هشا، مع وجود خطر تجدد العنف إذا تعثرت عملية السلام.

مرحلة ما بعد الحرب الأهلية : بمجرد تحقيق السلام المستدام بين الجيش وقوات الدعم السريع، سيتحول التركيز إلى إعادة البناء والتعمير. وغالباً ستشمل هذه المرحلة إعادة دمج المقاتلين السابقين في المجتمع، ومعالجة الأسباب الجذرية للحرب والصراعات الاخرى، وتعزيز المصالحة والتماسك الاجتماعي. ويمكن أن تمتد مدة هذه المرحلة لسنوات عديدة. إن التأثير خلال هذه المرحلة سيكون تأثير تحويلي، مع إمكانية كسر دورات العنف وإرساء الأساس للسلام والتنمية على المدى الطويل.

هذه المراحل ليست دائمًا خطية أو متميزة، ويمكن أن تشهد الحرب الأهلية بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان دورات من التصعيد وخفض التصعيد اعتمادًا على عوامل مختلفة مثل التغييرات في القيادة، أو التدخلات الخارجية، أو التحولات في التحالفات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تختلف مدة كل مرحلة وتأثيرها بشكل كبير اعتمادًا على السياق المحدد للحرب.

قياس حالة الجمود في الحرب الأهلية السودانية

يتضمن قياس حالة الجمود في الحروب الأهلية تقييم مؤشرات كمية ونوعية مختلفة تعكس توازن القوى، وشدة الحرب، واحتمالات التسوية السلمية. على الرغم من عدم وجود منهجية موحدة للقياس، فإن الأدلة التجريبية عالية الجودة تشير إلى المؤشرات الرئيسية التالية لحالة الجمود:

السيطرة على الأراضي : قلة التغيرات في السيطرة الإقليمية على الأراضي من قبل الأطراف المتحاربة تشير إلى التوازن العسكري وزيادة احتمال الوصول إلى حالة الجمود. تسيطر قوات الدعم السريع على معظم اراضي ولاية الخرطوم وولايات دارفور وولاية الجزيرة وتتقاسم السيطرة مع الجيش والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة الجنرال عبد العزيز الحلو وحركة تحرير السودان بقيادة الجنرال عبد الواحد النور على اراضي ولايات كردفان. ويسيطر الجيش على اراضي ولايات شمال وشرق السودان والجزء الجنوبي لوسط السودان. عند النظر لخريطة السيطرة لأطراف الحرب الصادرة من مرصد حرب السودان في فبراير 2024 ومضاهاتها بالسيطرة الحالية لا يمكن التعرف على اي تغييرات كبيرة. ويعتبر هذا مؤشر لوصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.

معدلات القتلى : يمكن أن تشير قلة التغير في أعداد القتلى، بما في ذلك القتلى العسكريين والمدنيين، إلى انخفاض شدة الحرب وقربها من الوصول إلى مرحلة الجمود. رغماً عن عدم توفر رصد منشور لعدد قتلى الجيش وقوات الدعم السريع عبر الزمن، الا اننا نلحظ زيادة في عدد القتلى العسكريين خاصة في معارك كردفان الأخيرة ولا نلحظ تغييرات كبيرة في عدد القتلى المدنيين. ويعتبر هذا مؤشر لعدم وصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.

مدة الحرب : يمكن أن يساعد فحص مدة الحرب في تقييم ما إذا كان قد وصلت إلى مرحلة الجمود. إن الحروب الأهلية ومرحلة الجمود تمتد غالباً لسنوات عديدة. مر عام فقط على الحرب الأهلية السودانية. ويعتبر هذا مؤشر لعدم وصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.

تقدم عملية السلام : يمكن لقلة التقدم المحرز في اتفاقات وقف إطلاق النار وفي المفاوضات حول التسوية السلمية أن يشير إلى ان الحرب قد وصلت إلى مرحلة الجمود. نلحظ في الحرب الجارية عدم إحراز تقدم وحدوث إخفاقات متكررة في تنفيذ اتفاقات وقف إطلاق النار وحماية المدنيين وايصال المساعدات الانسانية. ويعتبر هذا مؤشر لوصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.

الأثر الاقتصادي : يمكن لتزايد الأثر الاقتصادي السالب للحرب، بما في ذلك تزايد الأضرار التي تلحق بالبنية التحتية، وتفاقم تعطيل التجارة، واستفحال الأزمات الاقتصادية، أن تشير إلى وصول الحرب إلى مرحلة الجمود. نلحظ اثناء الحرب الأهلية السودانية انكماش اقتصادي متسارع وتجارة متراجعة وبنية تحتية متدهورة. ويعتبر هذا مؤشر لوصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.

الوضع الإنساني : يمكن أن يشير تدهور الوضع الإنساني، بما في ذلك مستويات النزوح وانعدام الأمن الغذائي والوصول إلى الخدمات الأساسية، إلى وصول الحرب إلى حالة الجمود. نلحظ تفاقم الأزمات الإنسانية اثناء الحرب الأهلية السودانية. ويعتبر هذا مؤشر لوصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.

التدخلات الخارجية : يمكن أن يساعد التوازن في الدعم الخارجي للأطراف المتحاربة او توقفه في وصول الحرب إلى مرحلة الجمود. نلحظ تنامي الدعم الخارجي للجيش السوداني مما قد يقود لتوازنه مع الاسناد الخارجي لقوات الدعم السريع. ويعتبر هذا مؤشر لوصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.

الرأي العام والضجر من الحرب : قد يؤدي الإرهاق من الحرب وانتشار خيبة الأمل على نطاق واسع بين السكان إلى الوصول إلى مرحلة الجمود. على الرغم من عدم وجود قياسات للرأي العام أثناء الحرب في السودان، الا أننا لا نلحظ تنامي السخط الشعبي ضد الحرب في السودان بصورة كافية. ويعتبر هذا مؤشر لعدم وصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.

الانقسامات داخل الأطراف المتحاربة : زيادة الانقسامات داخل الأطراف المتحاربة يمكن أن يشير إلى وصول الحرب إلى مرحلة الجمود. لا نلحظ انقسامات داخل الأطراف المتحاربة في السودان. ويعتبر هذا مؤشر لعدم وصول الحرب الجارية في السودان لمرحلة الجمود.

خلاصة

من خلال النظر في مؤشرات قياس حالة الجمود المذكورة أعلاه مجتمعة يمكن أن نخلص إلى أن الحرب الأهلية بين الجيش وقوات الدعم السريع في السودان لم تصل بعد إلى مرحلة الجمود وان ازدياد التصعيد متوقع..

moniem.mukhtar@googlemail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بین الجیش وقوات الدعم السریع فی السودان الحرب الأهلیة السودانیة الأطراف المتحاربة وصول الحرب إلى حالة الجمود یمکن أن

إقرأ أيضاً:

السودان: إطلاق حملة تطالب بإعادة الاتصالات للجزيرة

أرجع ناشطون في السودان، تزايد وتيرة الانتهاكات بواسطة الدعم السريع والقصف الجوى لطيران الجيش، للتعتيم الإعلامي والصعوبة البالغة في التواصل مع الأهالي.

مدني: التغيير

أطلق ناشطون بولاية الجزيرة- وسط السودان، مناشدة لإطلاق حملة إعلامية واسعة لإعادة الاتصالات والإنترنت إلى الولاية بعد انقطاعها لعدة أشهر جراء الأوضاع الأمنية التي تمر بها.

وسيطرت قوات الدعم السريع على مدينة ود مدني عاصمة الجزيرة في 18 ديسمبر الماضي عقب انسحاب الجيش السوداني، في سياق الحرب التي اندلعت بينهما بالعاصمة الخرطوم منتصف ابريل 2023م، وسرعان ما غزت قرى ومحليات الولاية وتمددت إلى الولايات المجاورة، وصاحبت هجماتها عمليات سلب ونهب وتقتيل وترويع كثيرة للسكان.

وناشدت لجان مقاومة مدني في تعميم، يوم الاثنين، بإطلاق حملة إعلامية واسعة يشارك فيها “المواطنون، لجان المقاومة، منظمات المجتمع المدني والفاعلين بالداخل والخارج ومن يُهمهم أمر مواطن ولاية الجزيرة المكلوم الذي ذاق الأمرين للشهر الخامس توالياً”، لإعادة الاتصالات والإنترنت لولاية الجزيرة.

وأطلقت اللجان الهاشتاق “#اعيدوا_شبكات_الاتصالات_للجزيرة”.

وكانت اللجان قالت في تعميم سابق، إن مواطني محليات ولاية الجزيرة- عدا المناقل- لازالوا يعانون نتيجة لانقطاع شبكات الاتصالات والإنترنت للشهر الرابع على التوالي.

وأضافت: “تتزايد وتيرة الإنتهاكات بواسطة مليشيا الجنجويد تارة وبواسطة القصف الجوي لطيران قوات الجيش تارة أخرى؛ نتيجة التعتيم الإعلامي والصعوبة البالغة في التواصل مع الأهالي والمواطنين”.

ونبهت إلى أن مدينة ود مدني شهدت انقطاعاً للتيار الكهربائي والمياه لثلاثة أيام، مما فاقم معاناة مواطني المدينة المتواصلة.

وتوقفت خدمة شبكات الاتصالات والإنترنت في أجزاء واسعة من البلاد، في فبراير الماضي، جراء الحرب بين الجيش والدعم السريع، قبل أن تعود في العديد من الولايات، عدا مناطق في كردفان والخرطوم والجزيرة ودارفور.

وتواجه قوات الدعم السريع اتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة بولاية الجزيرة، ومناطق أخرى، تشمل العنف الجنسي المتصل بالصراع والقتل والإبادة الجماعية، علاوة على نهب وسرقة موارد المدنيين وإذلالهم واحتلال منازلهم وتشريدهم، مستغلة في ذلك التعتيم الإعلامي وغياب شبكات الاتصالات وإمكانية التواصل مع الأهالي لمعرفة ما يجري على الأرض.

الوسومإنتهاكات قوات الدعم السريع الإنترنت الاتصالات الجيش الخرطوم الدعم السريع السودان حرب 15 ابريل 2023م دارفور كردفان لجان مقاومة مدني

مقالات مشابهة

  • قاعدة عسكرية روسية في البحر الأحمر.. كيف تؤثر على حرب السودان؟
  • السودان: إطلاق حملة تطالب بإعادة الاتصالات للجزيرة
  • السودان.. خروج مستشفى الفاشر الرئيسي عن الخدمة
  • الدعم السريع يتوغل في الفاشر… ومستشفى المدينة يتوقف وقوات «حميدتي» تتهم الجيش بقتل 50 مدنياً في أم درمان
  • السودان.. مستشفى الفاشر الرئيسي يخرج عن الخدمة
  • "الدعم السريع" تطلق سراح 537 من أسرى الشرطة السودانية
  • الجيش يسقط مسيرات للدعم السريع فوق مدينة شندي واشتباكات بمناطق متفرقة
  • السودان.. الجيش يسقط مسيرات للدعم السريع واشتباكات بمناطق متفرقة
  • السودان: عسكرية الحرب ومدنية الحل
  • هل يَعِي (التقدميون) خطورةَ ما يفعلون؟