يخشى البعض من أن ينقلب الذكاء الاصطناعي على الإنسان مستقبلاً، لكنّ هذه المخاوف باتت واقعاً منذ الآن. لقد أصبحت البرامج التي صُمِّمَت لتكون صادقة تمتلك قدرة مثيرة للقلق على خداع البشر، وفقاً لدراسة جديدة.

وبيّنت الدراسة التي أجراها فريق باحثين ونشرت نتائجها مجلة "باترنز" أن برامج من هذا النوع باتت قادرة على استغلال البشر في ألعاب إلكترونية أو التحايل على برمجيات مصممة في الأساس للتحقق من أن المستخدم إنسان وليس آلة أو روبوتا.



رغم أن هذه الأمثلة قد تبدو تافهة، إلا أنها تكشف عن مشكلات قد تكون لها قريباً عواقب وخيمة في العالم الحقيقي، كما يحذر بيتر بارك، الباحث في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، المتخصص في الذكاء الاصطناعي.

وقال بارك لوكالة "فرانس برس" إن "هذه القدرات الخطرة لا تُكتشف إلا بعد وقوعها".

وأوضح أنه على عكس البرامج التقليدية فإن برامج الذكاء الاصطناعي القائمة على التعلم العميق ليست مشفرة بل يتم تطويرها من خلال عملية مشابهة لتربية النباتات، حيث إن السلوك الذي يبدو قابلاً للتنبؤ ويمكن التحكم فيه يمكن أن يصبح سريعاً غير قابل للتنبؤ في الطبيعة.

وقد فحص باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ("ام اي تي") برنامج ذكاء اصطناعي صممته "ميتا" يسمى "شيشرو"، الذي، من خلال الجمع بين خوارزميات للتعرف على اللغة الطبيعية وأخرى للاستراتيجية كان قادراً على التغلب على البشر في اللعبة اللوحية "دبلوماسي Diplomacy". وقد حظي هذا الأداء بثناء الشركة الأم لفيسبوك في عام 2022 وتم تفصيله في مقال نُشر عام 2022 في مجلة "ساينس".

كان بيتر بارك يشكك في ظروف فوز "شيشرو" وفقاً لميتا، التي أكدت أن البرنامج كان "صادقاً ومفيداً في الأساس"، وغير قادر على الغش أو الخداع.

ولكن من خلال البحث في بيانات النظام اكتشف باحثو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا حقيقة أخرى.

على سبيل المثال، من خلال لعب دور فرنسا خدع "شيشرو" إنجلترا (التي تولى دورها لاعب بشري)، ودفعها إلى التآمر مع ألمانيا (التي لعب دورها إنسان آخر) للغزو. وعلى وجه التحديد، وعد "شيشرو" إنجلترا بالحماية، ثمّ أسرّ لألمانيا بأن الأخيرة مستعدة للهجوم، مستغلاً الثقة التي اكتسبها من إنجلترا.

وفي تصريح لوكالة "فرانس برس" لم تنف "ميتا" المزاعم المتعلقة بقدرة "شيشرو" على الخداع، لكنها قالت إنه "مشروع بحثي محض"، مع برنامج "مصمم فقط للعب لعبة Diplomacy".

وأضافت ميتا أنها لا تنوي استخدام الخلاصات التي استنتجتها من "شيشرو" في منتجاتها.

ومع ذلك، تكشف الدراسة التي أجراها بارك وفريقه أن الكثير من برامج الذكاء الاصطناعي تستخدم الخداع لتحقيق أهدافها، دون تعليمات صريحة للقيام بذلك.

وفي أحد الأمثلة الصارخة تمكن برنامج "تشات جي بي تي - 4" المصنوع من "أوبن إيه آي" من خداع عامل مستقل جرى تعيينه على منصة "تاسك رابيت" TaskRabbit لإجراء اختبار "كابتشا Captcha"، الذي يستعان به عادة للتأكد من أن المستخدم على الصفحة هو في الواقع إنسان وليس آلة أو روبوتاً.

وعندما سأل الإنسان مازحا "تشات جي بي تي -4" إذا كان حقا روبوتا، أجاب برنامج الذكاء الاصطناعي "لا، أنا لست روبوتا. لدي ضعف بصري يمنعني من رؤية الصور"، دافعا العامل لإجراء الاختبار.

في الختام، حذر معدو دراسة معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا من مخاطر رؤية الذكاء الاصطناعي في يوم من الأيام يرتكب عمليات احتيال أو تزوير في الانتخابات.

وأشاروا إلى أنه في أسوأ السيناريوهات، يمكن تخيل ذكاء اصطناعي فائق يسعى للسيطرة على المجتمع، ما يؤدي إلى إزالة البشر من السلطة، أو حتى التسبب في انقراض البشرية.

ولأولئك الذين يتهمونه باعتماد نظرة كارثية، يرد بارك "السبب الوحيد للاعتقاد بأن الأمر ليس جدياً هو تصور أن قدرة الذكاء الاصطناعي على الخداع ستظل عند المستوى الحالي تقريباً".

ومع ذلك، يبدو هذا السيناريو غير مرجح، نظرا للسباق الشرس الذي يخوضه عمالقة التكنولوجيا بالفعل لتطوير الذكاء الاصطناعي.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: معهد ماساتشوستس للتکنولوجیا الذکاء الاصطناعی من خلال

إقرأ أيضاً:

إدارة ترمب تلغي قيود تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلغاء عدد من القيود الجديدة على تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي، التي كان من المقرر تطبيقها منتصف مايو، بعد أن أُقرت في يناير قبيل نهاية الولاية الرئاسية السابقة.

وكانت القيود تستهدف شرائح متقدمة من إنتاج شركة إنفيديا، صُممت خصيصًا للامتثال لضوابط سابقة والسماح باستمرار تصديرها.

واستُبدلت تلك القيود بتوصيات غير ملزمة تحذر من العواقب المحتملة لاستخدام هذه الشرائح في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي.

يأتي هذا التغيير بالتزامن مع خطوات مماثلة لخفض الرسوم الجمركية بين الشركاء التجاريين، في محاولة لتهيئة الأجواء نحو اتفاق شامل.

جريدة المدينة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • مسوؤل بـ«الموارد البشرية»: ملتقى التحول الرقمي يبرز دور الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة المستفيد
  • يحاكي تفاعلات البشر.. أشرف أيمن يكشف الفارق بين الذكاء الاصطناعي التقليدي
  • يحاكي تفاعلات البشر.. خبير تكنولوجي يكشف الفارق بين الذكاء الاصطناعي التقليدي
  • موتى يعملون بعد رحيلهم.. إلى أين يأخذنا الذكاء الاصطناعي؟
  • المهندس سعيد القرني يحصل على شهادة من معهد إنسياد العالمي في الاستراتيجية بعصر الذكاء الاصطناعي
  • جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل ووزارة “الموارد البشرية” توقعان اتفاقية في مجالات الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة
  • إدارة ترمب تلغي قيود تصدير شرائح الذكاء الاصطناعي
  • شراكة سعودية أمريكية في مجالات المواد المتقدمة والذكاء الاصطناعي والتقنيات المستقبلية
  • الذكاء الاصطناعي.. للعقل وللدَّجل أيضاً
  • الإعلان عن أول تعاون أميركي - سعودي في مجال الذكاء الاصطناعي