الاستثمار والعمالة والإنتاجية سيدفع الهند لتحقيق نموا اقتصاديا قويا
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
أكد بنك قطر الوطني أن الهند ستحقق نموا اقتصاديا قويا رغم التحديات الهيكيلة .
وقال البنك في تقريره الأسبوعي أن الهند تعتبر واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم، وهي تتحول بسرعة إلى محرك للنمو الاقتصادي العالمي.
وخلال الفترة من عام 2000 إلى عام 2023، التي تشمل سنوات التقلبات المرتبطة بالأزمة المالية العالمية وجائحة كوفيد، حققت الهند، وهي من البلدان الكبيرة في جنوب آسيا، متوسط معدل نمو قدره 6.
وبفضل هذا الأداء المستمر، أصبحت الهند الاقتصاد السادس في العالم، حيث تمثل 8% من الاقتصاد العالمي.
ونظراً لحجم الهند، فإن تحقيقها لمعدل نمو يبلغ 6.5% يضيف 0.52 نقطة مئوية إلى النمو العالمي.
وهذا يعني ضمناً أن الهند قد تساهم بحصة كبيرة في النمو العالمي المتوقع لعام 2024 والذي تُقدر نسبته بـ 3.2%.
وتمكنت الهند من تحقيق هذا الأداء على الرغم من العقبات الهيكلية الكبيرة. وأشارت الشركات والمؤسسات الدولية إلى أن الهند تعاني من الضوابط التنظيمية المشددة والبيروقراطية المجهدة، والقيود غير المتكافئة على التجارة وسوق العمل، وارتفاع تكاليف المعاملات.
وعلى الرغم من هذه الصعوبات، من المتوقع أن يستمر زخم النمو القوي في الهند، وأن يساهم في رفع مستويات المعيشة لنسبة كبيرة من سكانها.
في عام 2000، بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الهند 442 دولار أمريكي، وبلغ 2,500 دولار أمريكي في عام 2023، أي أنه أصبح ضمن النطاق الأدنى للدخل المتوسط وفقاً لتصنيف البنك الدولي.
وخلال عقد آخر تقريباً، يمكن أن تتجاوز الهند عتبة الدول ذات الدخل المتوسط الأعلى البالغ 4,465 دولار أمريكي، أي ما يقرب من 10 أضعاف مستوى نصيب الفرد في الهند قبل عقدين من الزمن.
وتوقع QNBأن تحافظ الهند على مسار نموها الثابت وأن تظل واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً، بمعدلات نمو تبلغ 6.4% في السنوات القليلة المقبلة.
واستند تقرير QNB إلي ثلاث عوامل رئيسية ستدعم النمو الاقتصادي للهند في السنوات القادمة.
أولاً، سوف تعمل مستويات الاستثمار المرتفعة على تعزيز الطلب الكلي وتوسيع القدرة الإنتاجية. وكنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، تعافى الاستثمار من المستوى المنخفض الذي بلغه في أعقاب الأزمة المالية العالمية وأثناء جائحة كوفيد، ومن المتوقع أن يظل أعلى من 30% على المدى المتوسط. ويعود ذلك بصفة رئيسية إلى تحفيز النفقات الرأسمالية من قبل الحكومة المركزية وحكومات الولايات.
وقد تضاعفت الميزانية المخصصة من قبل الحكومة المركزية للبنية التحتية بأكثر من ثلاثة أضعاف عما كانت عليه قبل خمس سنوات لتصل إلى 135 مليار دولار أمريكي للسنة المالية 2025.
وسيكون هذا الرقم أكبر بحوالي الضِعف إذا تم تضمين الإنفاق على مستوى الولايات. إن الاستثمار في البنية الأساسية له مردود كبير على البلدان ذات الاحتياجات الكبيرة، وسوف يحقق التحسين المطلوب بشدة في السكك الحديدية، والطرق السريعة، وشبكات الكهرباء، والممرات المائية، وغيرها من البنى التحتية الحيوية الأخرى، فمن المتوقع، على سبيل المثال، أن يرتفع عدد المطارات من 148 مطاراً قبل بضع سنوات إلى 200 مطاراً بحلول العام المقبل، وذلك مصحوب بنمو كبير في خدمات شركات الطيران. بالإضافة إلى خفض التكاليف اللوجستية وتكاليف النقل، فإن النفقات الرأسمالية من قبل الحكومة سوف تشجع الاستثمار في الأعمال التجارية. في الواقع، من المعروف أن الاستثمار الحكومي له أكبر تأثير إيجابي على النشاط الاقتصادي، وأنه يعتبر وسيلة فعّالة لتحفيز الشركات الخاصة على الاستثمار.
ثانياً، سيوفر العدد الكبير والمتزايد من السكان الشباب إمداداً ضخماً من العمالة لدعم الاقتصاد الآخذ في التوسع. مؤخراً، تفوقت الهند على الصين كأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، بعد أن وصل عدد سكانها إلى 1.4 مليار نسمة. ومع متوسط عمر يبلغ 28 عاماً مقارنة بـ 39 عاماً في الصين، فإن مشكلة شيخوخة السكان التي أصبحت منتشرة على نطاق واسع في بلدان أخرى، غير موجودة في هذه الدولة الواقعة في جنوب آسيا. بالإضافة إلى ذلك، تبلغ نسبة المشاركة في القوى العاملة 51% فقط، أي بمقدار 25 نقطة مئوية أقل من الصين. ويرجع هذا الاختلاف إلى حد كبير إلى الانخفاض الاستثنائي في معدل مشاركة المرأة في الهند الذي يبلغ 25%، وهو أقل بنسبة كبيرة تبلغ 46 نقطة مئوية من الصين. وتؤكد هذه الإحصاءات الإمكانات الكبيرة والاتجاهات المشجعة في زيادة المعروض من العمالة، والتي ستستمر في دعم مسار النمو الاقتصادي في الهند.
ثالثاً، تم إعداد أجندة إصلاحية واسعة النطاق لتوفير دعم قوي لنمو الإنتاجية. وخلافاً للاقتصادات الناشئة الأخرى في السنوات الأخيرة، كان التحسن في الإنتاجية عاملاً مهماً في تفسير النمو الاقتصادي في الهند. إن تحرير قوانين العمل، والذي تم الترويج له بالفعل في العديد من الولايات الهندية، سوف يسهم في إعادة التوازن في توزيع العمال من الزراعة نحو قطاعات أكثر إنتاجية. ووفقاً لصندوق النقد الدولي، فإن إنتاجية العمال في القطاع الزراعي في الهند لا تتجاوز 2.3% من إنتاجية القطاعات الزراعية الأكثر إنتاجية في العالم. تبلغ إنتاجية العمالة في قطاع الخدمات في الهند 18% مقارنة بعمال الخدمات ذوي الإنتاجية الأعلى. ولأن 46% من القوة العاملة الهندية تعمل في القطاع الزراعي منخفض الإنتاجية، فإن تشجيع انتقال العمال إلى أنشطة أكثر إنتاجية من شأنه أن يوفر دفعة كبيرة للاقتصاد.
وتحرز الحكومة تقدماً أيضاً في التفاوض على اتفاقيات تجارية ثنائية جديدة، وإزالة الحواجز الجمركية وغير الجمركية المعيقة للتجارة. وهذا من شأنه أن يعرض المنتجين الهنود لدرجة جيدة من المنافسة، ويساعدهم على زيادة الإنتاجية. واجتذبت الإصلاحات بالفعل استثمارات أكبر في التصنيع والتكنولوجيا من الشركات متعددة الجنسيات مثل أبل، وسامسونغ، وبوينغ. ومن الآن فصاعداً، ستستمر عملية الإصلاح الجارية في لعب دور رائد في قصة النمو في الهند.
وينتهي التقرير إلي التوقع بأن تستمر الهند في تحقيق نمو ثابت، مع توسع الاقتصاد بمعدلات قريبة من 6.5% في عامي 2024 و2025، وستحافظ على زخم قوي بعد ذلك على خلفية المساهمات الكبيرة من رأس المال والعمالة والإنتاجية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بنك قطر الوطني الهند الاقتصاد العالمي النمو العالمي فی العالم أن الهند
إقرأ أيضاً:
البنك الدولي: اقتصاد الإمارات الأسرع نمواً في المنطقة خلال 2025
مصطفى عبد العظيم (أبوظبي)
توقع البنك الدولي أن يسجل اقتصاد دولة الإمارات نمواً قوياً هذا العام يصل إلى %4.8، وأن يرتفع إلى %5 في المتوسط خلال العامين المقبلين 2026 و2027، مدفوعاً بشكل رئيس بنمو الأنشطة غير النفطية التي يتوقع أن تحقق نمواً بنسبة %5.2، وتعافي نمو القطاع النفطي ليبلغ متوسطه %4.5. وأوضح البنك الدولي في أحدث نسخة من تقرير «المستجدات الاقتصادية لدول الخليج» – إصدار خريف 2025، أن توقعات نمو اقتصاد دولة الإمارات هذا العام تعد الأعلى بين اقتصادات المنطقة، مستفيداً من التنوع الاقتصادي الواسع، مشيراً إلى أن مساهمة القطاعات غير النفطية بلغت %75.5 من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في عام 2024.
أخبار ذات صلةوقال التقرير، إن النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي اكتسب زخماً متزايداً في عام 2025، مدعوماً بالإصلاحات الهيكلية والابتكار الرقمي المتسارع، متوقعاً أن ينمو اقتصاد الإمارات العربية المتحدة بنسبة 4.8%، والمملكة العربية السعودية بنسبة 3.8%، والبحرين بنسبة 3.5%، وعُمان بنسبة 3.1%، وقطر بنسبة 2.8%، والكويت بنسبة 2.7%.
وسلط التقرير الذي حمل عنوان «التحول الرقمي في الخليج: محرك قوي للتنويع الاقتصادي» الضوء على ثلاثة محاور رئيسة تشمل تطور مؤشرات التنويع الاقتصادي على مدار العقد المنصرم، وتتبع مستجدات الاقتصاد الكلي، مع تسليط الضوء على التحول الرقمي. يأتي ذلك على خلفية الأحداث العالمية التي تسودها حالة عدم اليقين وتقلبات أسواق النفط.
ووفقاً لبيانات التقرير سجل اقتصاد الإمارات نمواً في الربع الأول من العام الجاري بلغ 3.9% على أساس سنوي، بدعم من زخم نمو الأنشطة غير النفطية بمعدل 5.3%، لاسيما القطاعات الرئيسة كالتصنيع والأنشطة المالية والتأمين والإنشاءات، والسياحة، والطيران، والنقل.
وتوقع التقرير أن تظل مستويات التضخم في الإمارات مستقرة عند 2% حتى عام 2027، وأن تبقى كذلك معدلات البطالة منخفضة نسبياً مقارنة باقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، مشيراً إلى أنه وفقاً لتقديرات منظمة العمل الدولية لعام 2025، تبلغ نسبة التشغيل إلى السكان 76.2%، مما يعكس زيادة في مشاركة القوة العاملة، خاصة بين النساء.
ووفقاً للتقرير من المتوقع أن يظل الميزان المالي للإمارات مستقراً في المدى المتوسط وأن يبلغ متوسط فائض مريح يبلغ 5% من الناتج المحلي الإجمالي، مدعوماً بقوة وحجم صناديق الثروة السيادية التابعة لها، والتي تصنف من بين الأكبر عالمياً، مما يوفر احتياطيات مالية كبيرة وتدفقات إيرادات طويلة الأجل تخفف من المخاطر المالية.
كما توقع التقرير أن يظل الوضع الخارجي لدولة الإمارات قوياً، مع فائض متوقع في الحساب الجاري يبلغ 7.4% من الناتج المحلي الإجمالي في 2025، وأن يصل إلى 7.8% من الناتج في 2026 و5.8% في 2027.
وجهة الاستثمار الأجنبي
وتوقع التقرير أن تواصل الإمارات الريادة في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر الوافد عالمياً مقارنة بحجم الاقتصاد، مشيراً استقطاب الدولة أكثر عن 45.6 مليار دولار من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2024، والتي تدفقت بشكل رئيس نحو خدمات الأعمال والتكنولوجيا والخدمات المالية، وقطاعات النقل والتخزين والاتصالات ومنتجات المستهلكين.
وأرجع التقرير جاذبية الإمارات للاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السياسات الحكومية الطموحة التي تدعم الاستثمارات في القطاعات غير النفطية ذات القيمة العالية، مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والحوسبة السحابية، فضلاً عن استفادة الإمارات من سمعتها القوية كمركز داعم للأعمال، مدعومة بلوائح صديقة للمستثمرين وقواعد تأشيرات تهدف إلى جذب الكفاءات العالمية، ومن بيئة تتمتع بالاستقرار السياسي والاقتصادي على الرغم من الاضطرابات الإقليمية.
وقالت صفاء الطيب الكوقلي، المديرة الإقليمية لدول مجلس التعاون الخليجي لدى البنك الدولي «لم يعد التنويع والتحول الرقمي رفاهية، بل أصبح ضرورة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي والازدهار على المدى البعيد. وستكون الاستثمارات الاستراتيجية في القطاعات غير النفطية والابتكار في بالغ الأهمية لاستدامة النمو والاستقرار الاقتصادي»، وأضافت «إن القفزة الرقمية التي حققتها دول مجلس التعاون الخليجي مذهلة، حيث إن متانة البنية التحتية وتنامي القدرات الحاسوبية والمهارات والكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي يعزز مكانة المنطقة للريادة والابتكار بشريطة معالجة تحديات البيئة والعمالة بشكل استباقي».
التحول الرقمي
استعرض البنك في تقريره جهود التحول الرقمي في دول مجلس التعاون الخليجي كمحرك قوي للتنويع الاقتصادي، منوهاً بريادة دولة الإمارات في هذا المجال، بعد أن رسخت الدولة موقعها سريعاً لتقود التحول الرقمي عالمياً، مستفيدة من الاستراتيجيات الوطنية الطموحة، والتنسيق المؤسسي القوي، والبنية التحتية الرقمية عالمية المستوى لبناء اقتصاد قائم على المعرفة، تنافسي، وموجه بالابتكار.
وتناول التقرير مؤشرات الاقتصاد الرقمي والمشهد التكنولوجي في الإمارات، والتوجه الاستراتيجي ومرتكزات السياسات، والاتصال والبنية التحتية الرقمية، والخدمات الحكومية الرقمية، وتنويع الاقتصاد الرقمي، وتنمية رأس المال البشري، وحوكمة البيانات المفتوحة، وتوسيع نطاق الذكاء الاصطناعي عبر القطاعات الرئيسة.
التقنيات الرقمية
على صعيد مؤشرات البنية التحتية التكنولوجية، تحتل الإمارات المرتبة 12 عالمياً، مما يعكس قدراتها القوية في التقنيات الرقمية المتقدمة والاتصال، كما تواصل الإمارات إظهار تطور رقمي استثنائي، حيث حققت نتيجة في مؤشر تنمية تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (IDI) بلغت 98.3 في عام 2025.
أكد التقرير أن الأمن السيبراني يُعد محوراً أساسياً للاقتصاد الرقمي في الإمارات، حيث تحقق الدولة علامات مثالية عبر جميع ركائز المؤشر العالمي للأمن السيبراني للاتحاد الدولي للاتصالات، مما يضعها في الفئة الأولى ويجعلها معياراً عالمياً.