جسومة أم السمچ نصف القمر الثاني لبريجيت باردو
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
مايو 12, 2024آخر تحديث: مايو 12, 2024
عبدالكريم إبراهيم
الجمال لايعرف مكانا له؛ ينبتُ حيثما وجدت ارض له، وربما تساعد بعض الظروف في أن يكون هذا الجمال مميزاً عمّا سواه : منها الدعاية الاعلامية والعالمية في نشره. في حين بقيت بعض ايقونات الجمال حبيسة المحلية، ولم يعرفها سوى نزرٌ بسيطٌ من العشاق الذين يقدرون الجمال الحقيقي ويهيمون في حياضه .
وهناك مثل يرده الكثير ” يخلق الله من الشبه اربعين ” ، ولكن أن تجتمع رائحة العطر الفرنسي الفواح برائحة (الزوري) يعدُ ضرباً من الخيال الشعري الحالم. أنها نصف القمر الثاني ( جسومة أم السمچ) التي زرعَ فيها الله كل محاسن وانوثة بادور حتى لا يستطع سوى من يعرف تلك المراة البسيطة أن يميز بين كلا الحسناوتين. الفرق بين الاثنين أن بريجيت نجد صورها وافلامها تعرض في جميع انحاء العالم، ولها مغرمون من شتى بقاع العالم، ولا يمكن أن يحصى عددهم وبلدانهم . الثانية (جسومة أم السمچ) هي أيقونة احدى الاسوق الشعبية ، يعرفها من يهوى ( الزوري ) وعدد من نساء المنطقة اللاتي يخشين على أواجهن من سحرها الفتان عند شراء السمك .
تجلس (جسومة أم السمچ) وسط ذلك السوق الشعبي، وهي تتوهيج خلف ( شليتها ) وعباءتها السوداء ، عناجةً وهي تنادي باعلى صوتها عن السمك الذي (يلو گ لحگ الحبيب). وبما أن مدرسة صديقنا استاذ سعد قربية من ذلك السوق الشعبي فأنه يجعل طريقه على أخت بريجيت باردو ؛لاجل أن يمتع ناظريه بهذا الجمال الرباني ، ويقارنه بجمال الممثلة العالمية. وعندما يقبض راتبه ،ويلاحظ زملائه زيادة أناقته وكثرة وضع العطور الفرنسية يعرف عندها هؤلاء الزملاء أن زميلهم سعد ذاهب كعادته شراء(الزوري ) من ( جسومة أم السمچ) . عندها يبادره أحدهم عن الفرق بين باردو وجسومة، فيقول : كلاهما يشعان رقةً وأنوثةً، ويمكن تميزها من الرائحة فقط . علما أن هذا الرجل العاشق يؤمن أن الجمال لا تصنعهُ المعطرات ، أنما هو من إبداعات الخالق .
شاءت الاقدار أن ينقل سعد إلى مدينة أخرى لترك مدينة الثورة مفارقاً قمره وهو يتوسط السوق رغما عنه. ولكن زملائهُ الذين كانوا يتواصلون معه برسائلهم كلما شاهدوا (جسومة) تذكروا زميلهم سعد وبريجيت باردو حتى انقطعت هذه الفاتنة لمدة لتعاود الظهور مرة اخرى في نفس المكان. لقد تزوجت من قريب لها ، ولكن الظروف دفعتها إلى العمل مرة أخرى . لم يخبروا زملائهم بهذا الخبر المحزن الذي سيزل كالصاعقة على رأسهِ. وعندما زار في احدى الاجازات مدرسته القديمة، سأل زملائه عن اخبار ( جسومة )، ولكن الصمت كان هو الجواب ، فعرف أنها ارتبطت بشحص أخر، وكل ما فعله القاء نظرة الأخيرة على لوحة سحرته بجمالها وأخذته الى باريس وشارع الشانزلزيه والعطور الفرنسية وبريجيت بادور فعمد إلى صورة الاخيرة التي كان يعلقها في غرفة استراحة المعلمين ،ليقسمها نصفين ، وعندما سألهم أحدهم عن فعله هذا ، قال : اليوم فقدت بريجيت باردو نصفها الآخر .
مرتبطالمصدر: وكالة الصحافة المستقلة
إقرأ أيضاً:
أحمد الجمال: ثورة يونيو لحظة تاريخية وضعت قدم المصريين على طريق الإصلاح الحقيقي
قال الكاتب الصحفي أحمد الجمال إن من يقدّر ثورة 30 يونيو يقدّر شعب مصر أولًا، لأن هذه الثورة لم تكن لتتحقق لولا إرادة المصريين، كما أن الشعب نفسه لم يكن ليضع قدمه على طريق الإصلاح الحقيقي لولا هذه اللحظة التاريخية.
وأوضح أن شعب مصر هو من حافظ على الدولة المصرية بتماسكها، بوحدتها، وبقدرتها على عبور الصعاب.
وأشار خلال لقائه مع الإعلامي حمدي رزق، خلال تقديمه برنامج « نظرة» عبر قناة «صدى البلد» إلى أن بعض المؤرخين يرددون مصطلح "الثورات الناقصة"، بداية من 1805 وحتى ثورة يناير، وكأن الشعب لا يُكمل ثوراته، لكنه في الحقيقة يفرمل عندما يشعر بخطر على الدولة ذاتها.
وأوضح أن الشعب المصري لديه وعي خاص يجعله يتوقف عند اللحظة التي يوشك فيها الوطن على التهديد، لأنه يعلم أن استمرار الضغط قد يؤدي إلى انهيار العلاقة التاريخية التي تربطه بالنهر والبحر والصحراء، فالمواطن يثور عندما يشعر بالخطر لكنه يتوقف عندما يشعر بأن الكيان مهدد.
وأوضح أن من يقود مرحلة ما بعد الثورات، لا يبدأ من الصفر، بل يجد دولة موجودة وقادرة على التعافي، فقط تحتاج إلى ترميم وبناء على ما هو قائم.
وأضاف أن مصر لم تخرج من الفراغ، بل هي حضارة ممتدة يحميها شعب يعرف متى يتحرك ومتى يتوقف حفاظًا على الوطن.