بوابة الوفد:
2025-06-10@02:58:07 GMT

من أمن العقاب أساء الأدب

تاريخ النشر: 14th, May 2024 GMT

ما يقوم به مجرم الحرب نتنياهو وحكومته من إبادة وتهجير لأهل غزة غير مبالين بأى نتيجة تترتب على إجرامهم ينطبق عليه مقولة «من أمن العقاب أساء الأدب»، فعندما يغيب أو يُغيب الردع والمحاسبة على الجُرم يتيح لمرتكب الجُرم التمادى فى الإقدام على ارتكاب فعلته مطمئناً أن أحداً لن يحاسبة أو يردعه، لذا تحل الفوضى فى المجتمع ويتصرف المخالف على هواه، فلا قانون يوقفه ولا رادع يردعه أو يحاسبه فيتمادى أكثر وأكثر فى ارتكاب فعله وإجرامه.

مجرمو الحرب فى الكيان المحتل يضمنون حماية أمريكا لهم بل دعمهم ومساندتهم ومدهم بأدوات القتل وأسلحة التدمير والوقوف فى المحافل الدولية رافعين أيديهم بـ«الفيتو» لرفض أى قرار إدانة لمجرمى الحرب فى إسرائيل أو وقف إطلاق النار بعد أكثر من سبعة أشهر من القتل والتدمير.. وصل الحال لتهديد قضاة محكمة الجنايات الدولية من قبَل مسئولين أمريكيين رغم ما على المحكمة وعلى مدعيها العام من علامات استفهام بسبب تلكئها فى إصدار قرارات بملاحقة مجرمى الحرب فى إسرائيل على ما يرتكبونه من مجازر وإبادة لشعب فلسطين، لهو خير بيان على موقف أمريكا الحقيقى بعيداً عن بعض التصريحات التى يلهوننا بها للتضليل ولاستمرار حرب الإبادة وزعزعة الاستقرار فى المنطقة.. ليس لهم عهد ولا وعد فهم قتلوا أنبياءهم ونقضوا عهودهم ومواثيقهم مع الله جل شأنه، ومع الأنبياء على مدى تاريخهم، ونقضوا عهدهم مع الرسول عليه الصلاة والسلام (الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم فى كل مرة وهم لا يتقون)» الأنفال» أى لا يخافون الانتقام، ولذلك فإن نقضهم لأى عهد آخر ليس متوقعاً فقط، بل إنه مؤكد وبدهى.

قيام سفير إسرائيل فى الأمم المتحدة بتمزيق ميثاق الأمم المتحدة ومن على منصتها بل فرمه فى مفرمة كانت بحوزته أمام دول العالم وأثناء التصويت على منح دولة فلسطين عضوية كاملة فى مجلس الأمن دون ردع أو عقاب دليل على أن ممثل دولة الاحتلال يضمن عدم مسألته أو ردعه من أحد.

الموقف الأمريكى الذى يقف بالمرصاد لأى تحرك لوقف حرب الابادة بحاجة إلى وجود ردع فموقف الدول العربية والإسلامية والأفريقية ودول عدم الانحياز الذى لم يتجاوز حد المناشدات -إلا ما ندر- أصبح بحاجة إلى استخدام لغة أخرى تشكل رادعا لإجبار أمريكا على تغيير مواقفها وتصرفاتها حيال الأزمة وحل الدولتين..أمريكا وإسرائيل بحاجة إلى ردع، صحيح أن لكل منهما ردع خاص به لتغيير مواقفه والكف عن إجرامه وعربدته.. أمريكا شريكا وليست وسيطا، وإسرائيل لا تؤمن بأى تفاوض أو تفاهم فما تفهمه إسرائيل هو لغة القوة والردع تعليق الأمل على غير ذلك تضييع للوقت وللجهد مع مجرمين لا يعرفون سوى التصدى بالقوة لإجرامهم وعربدتهم فى المنطقة..إسرائيل لا تؤمن ولا تريد السلام فهذه عقيدتهم وهذا سلوك يمنيهم المتطرف والذى يفوز فى الانتخابات ومن يدعى غير ذلك فهو واهم يخدع نفسه ويضلل من حوله..معاملة أمريكا على أساس أنها وسيط فى حل النزاع وإنهاء الصراع وهم كبير وخديعة كبرى.. حان الوقت لتغيير سياسة التعامل مع أمريكا باعتبارها شريكاً لا وسيطاً فى حرب الإبادة الجماعية لشعب فلسطين وتغذية الصراع فى المنطقة..هذا هو وقت الجد الذى لا لبس فيه لنصرة الحق فلا تضيعوه.

[email protected]

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: من أمن العقاب أساء الأدب مجرم الحرب نتنياهو

إقرأ أيضاً:

لماذا لا تستطيع إسرائيل أن تنتصر في غزة؟

عندما بدأت إسرائيل حربها على غزة في أكتوبر 2023، لم يكن الهدف المعلن أقل من «القضاء التام على حماس». بدا ذلك، لحظة انفعالية، وكأنه مهمة ممكنة. فإسرائيل دولة ذات تفوق عسكري لا يُضاهى في المنطقة، وتتمتع بدعم غربي سياسي وتسليحي ضخم، بينما تقاتل حركة محاصَرة، محدودة الموارد، ومعزولة جغرافيا. لكن أكثر من 20 شهرا من القصف والدمار والإبادة الجماعية لكل ما يدب على الأرض، لا يبدو النصر، وفقا للتوجيه السياسي المعلن والصادر للمؤسسة العسكرية، في الأفق، بل إن إسرائيل نفسها باتت أبعد من أي وقت مضى عن تحقيق أهدافها في الحرب.

ما الذي يحدث إذن؟ ولماذا لم تعد القوة العسكرية كافية لتحقيق الانتصار؟ ولماذا تصبح كل حرب تشنها إسرائيل على غزة أطول، وأكثر دموية، وأقل فاعلية؟

في عمق العقيدة العسكرية الإسرائيلية ـ كما هو الحال في كثير من العقائد العسكرية الغربية ـ ترسّخت فكرة الحرب الخاطفة، التي تحقّق النصر السريع من خلال الضربة الأولى الساحقة، وقد نجحت هذه العقيدة في حرب 1967، لكنها فشلت مرارا منذ ذلك الحين، خصوصا في مواجهة الخصوم غير النظاميين الذين يتقنون حرب المدن والأنفاق، ويجيدون تحويل نقاط ضعفهم إلى أدوات استنزاف طويلة الأمد.

تشبه الحالة الإسرائيلية في غزة ما يسميه بعض الاستراتيجيين «مغالطة الحرب القصيرة»؛ حيث يُفترض أن صدمة القوة ستدفع الخصم إلى الانهيار، لكن الواقع يُثبت أن الخصم ـ عندما يكون متجذرا شعبيا، وعقائديا، ومتحركا جغرافيا ـ لا يُهزم بهذه الطريقة، بل على العكس، كلما طال أمد الحرب، زادت فاعليته، واهتزت صورة القوة المتفوقة أمام جمهورها.

تُظهر تجربة إسرائيل في غزة أن التفوق العسكري وحده لا يكفي؛ فإسرائيل دمرت معظم البنية الأساسية في القطاع، وقتلت عشرات الآلاف، وهجّرت الملايين في غزة لأكثر من مرة، لكنها لم تستطع إقناعهم بالتخلي عن المقاومة، ولم تستطع فرض سيناريو «ما بعد حماس» رغم أنه كان شغل العالم الشاغل أكثر من شغلهم بإنهاء الحرب ووقف الإبادة. وفي غياب هذا السيناريو، تبدو الحرب بلا غاية واضحة سوى التدمير، وهذا ما يحدث الآن، فلا هدف واضح لجيش الاحتلال إلا التدمير والاستمتاع بالقتل والتجويع.. لكن هذا الأمر رغم فظاعته إلا أنه بات يفقد إسرائيل زخمها السياسي ويقوّض مشروعيتها الأخلاقية التي كانت توهم العالم بها.

وبينما تبحث إسرائيل عن «نصر كامل»، تواصل حماس الظهور والاختفاء، القتال والتكتيك، مقاومة القصف وممارسة الإعلام. لم تعد المعادلة تقتصر على مَن يملك الطائرات والدبابات، بل مَن يملك القدرة على الصمود، وعلى إدارة زمن طويل من القتال غير المتكافئ.. ومن يستطيع أن يقنع العالم بسرديته، ويبدو أن غزة تحقق تقدما عميقا في هذا الجانب رغم أنه بطيء جدا بسبب عملها منفردة في ظل غياب المشروع العربي الموحد في هذا الجانب.

وإذا كانت حرب إسرائيل الظالمة تفشل فإن السبب لا يعود كما يعتقد البعض إلى ضعفها العسكري ولكن إلى حجم التناقض بين الوسائل والغايات؛ فبينما تُستخدم القوة التدميرية بأقصى درجاتها، يبقى الهدف السياسي ـ القضاء على حماس ـ أو بمعنى آخر القضاء على المقاومة هدفا مجردا وغير واقعي بالنظر إلى عقيدة المقاوم الفلسطيني الذي ما زال متمسكا بحقه في أرضه وبأن مشروعه الأول هو تحرير أرضه من المحتل الإسرائيلي.

وأثبتت التجربة أن قتل القادة وتدمير المباني لا يعني نهاية المقاومة، بل إن رفض المحتل الإسرائيلي لأي شكل من أشكال الحل السياسي وإمعانه في التدمير والإبادة يحفز المقاومة ويوسع قاعدتها الشعبية وحاضنتها الاجتماعية وتغلغلها في العقيدة الفلسطينية. وما حدث في غزة خلال العامين الماضيين من شأنه أن يعمق الحقد ويحفز مشاريع الانتقام حتى عند أولئك الذين آمنوا في لحظة من اللحظات بفكرة «السلام» مع إسرائيل.

ومن الواضح أن الحروب بين الاحتلال والمقاومة في العقدين الماضيين لا تنتهي إلى نتيجة واضحة، إنها أقرب إلى «صراعات بلا نهاية»، لا اتفاقات سلام واضحة ولا بيانات استسلام، بل جولة تضع بذورا لجولة أخرى، وكل هدوء هش يفضي إلى انفجار عنيف جدا وهو ما يجعل من الصعب قياس النصر والهزيمة.

رغم ذلك فإن «حماس» في نظر الفلسطينيين والكثير من العرب تنتصر بمجرد بقائها على قيد الحياة، واستمرارها في المقاومة أو نجاحها في تنفيذ عملية نوعية مهما كانت نتائجها، وهذا يعكس الفارق بين من يُقاتل من أجل بقاء دولة، ومن يُقاتل من أجل بقاء القضية.

ربما كان الدرس الأهم من هذه الحرب ـ والحروب التي سبقتهاـ هو أن الاستراتيجية العسكرية يجب أن تكون امتدادا لرؤية سياسية واضحة، وليس بديلا عنها، وحين تنفصل عن السياسة، تتحول إلى عبث.

تستطيع إسرائيل أن تُلحق أذى هائلا بغزة كما تفعل الآن، لكنها لا تستطيع فرض السلام من طرف واحد، ولا بناء واقع دائم بالقوة فقط.

لكن ما يعيق إسرائيل عن تحقيق النصر في غزة ليس فقط قدرة حماس على القتال، بل غياب الاعتراف الإسرائيلي بأن هذا النوع من الحروب لم يعد يُنتصر فيه بالطريقة التقليدية، وقد آن الأوان أن تعترف بأن قوة السلاح وحدها لا تكفي، وأن غزة ومن فيها واقع لا يمكن أن تمحي وجوده أبدا وإن لم تبدأ بقراءة هذا الواقع بعيون سياسية لا عسكرية، فستظل تدور في حلقة حرب لا تنتهي، وتتحول حربها الظالمة بالضرورة إلى مجرد إبادة إنسانية.

عاصم الشيدي كاتب ورئيس تحرير جريدة عمان

مقالات مشابهة

  • انكماش اقتصادي.. تراجع الصادرات الصينية في ظل الحرب التجارية مع أمريكا
  • لماذا لا تستطيع إسرائيل أن تنتصر في غزة؟
  • شَظَفُ الطَّبْع
  • إسرائيل: أصدرنا تعليمات للسفينة "مادلين" بتغيير مسارها
  • شخص خطير أشعل الحرب بين ترامب وماسك.. وهكذا انهار التحالف الأقوى في أمريكا
  • ولي عهد السعودية: على المجتمع الدولي إنهاء عدوان إسرائيل على فلسطين
  • ولي العهد السعودي: على المجتمع الدولي إنهاء عدوان إسرائيل على فلسطين
  • الأيديولوجيا في الأدب: روح مبدعة أم ظلّ ثقيل؟
  • أمريكا تدرس منح 500 مليون دولار لمؤسسة غزة الإنسانية بناء على طلب إسرائيل
  • مسؤول سابق بجيش إسرائيل: فشلنا وأصبحنا عبئا يهدد استقرار المنطقة