د. عمرو محمد عباس محجوب

مع بدء توافد العرب والمسلمين لأمريكا وبدايات التعبير عن التضامن مع فلسطين، انشأت الايباك في ١٩٧٩ احد ازرعها "برنامج تنمية القيادات السياسية" لتجنيد الطلاب للإبلاغ عن زملائهم وأساتذتهم المؤيدين لفلسطين، وأصدرت كثير من كتيبات إرشادية لتعطيل وافشال اي اجتماعات معادية للكيان وتوجيهات لمحاصرتها.

بعد تصاعد التأييد للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية وفي عام ٢٠٠١ انشأت الخارجية الاسرائيلية برنامج “زمالة الهاسبارا” وهي كلمة عبرية تعني الشرح أو التوضيح ويستخدم من قبل الحكومة الإسرائيلية ومؤيديها لوصف المجهودات التي تقوم بها لتوضيح وجهة نظرها وتعزيز إسرائيل في مواجهة الصحافة السلبية،وتعني البرباجندا التي بنيت على تفنيد اسس نزع الشرعية عن الكيان باعتبارها اغتصاباً لارض شعب آخر، الاحتلال للضفة وغزة والجرائم التي ارتكبتها على طوال تاريخها.

النشاط الاخر الأخطر لهذة المنظمات هي محاصرة الطلاب والأساتذة المؤيدين لفلسطين وحرمانهم من التوظيف ومحاربتهم في زرقهم تحت شعارات العداء للسامية، وتم تأسيس “موقع مراقبة الحرم” وذلك لنشر اسماء المعادين وإرسالها للشركات وغيرها. وبعدها أطلق موقع اكبر وأكثر تاثيراً اسمه” كناري ميشون” والتي كانت تلاحق الطلاب والأساتذة خاصة منظمة "حركة مقاطعة إسرائيل" وهي حركة فلسطينية المنشأ عالمية الامتداد (BDS)في عزل النظام الإسرائيلي أكاديمياً وثقافياً وسياسياً، وإلى درجة ما اقتصادياً كذلك. يتم تمويل الأنشطة الصهيونية عبر المال الأسود لمنظمات مثل الصندوق القومي اليهودي وأخرى مرتبطة بالكيان مباشرة وأفراد (ارجع للمخبر الاقتصادي، اشرف إبراهيم، يوتيوب، كيف تخطط اسرائيل للقضاء على المظاهرات الطلابية في الجامعات الامريكية، ٢٦ أبريل ٢٠٢٤)

اختلف هذا بعد ٧ اكتوبر ٢٠٢٤، بعد ان شعر الكيان بالخطر الشديد وقرر
التدخل مباشرة: فوجه نتنياهو خطاباً للمجتمع الأمريكي وشبه الاحتجاجات بما حدث في المانيا في الثلاثينات ووجه التهديدات، وبعدها كونت لجنة برئاسة وزير خارجية الكيان ووزارة الشتات الإسرائيلي لوضع خطط تدخل مباشرة ووضع استراتيجيات مستقبلية وغيرها من دفع مدراء جامعات كبرى للاستقالة مثلما حدث في يناير ٢٠٢٤ من هارفارد الى بنسلفانيا.

درس المؤرخ والأنثروبولوجي الفرنسي إيمانويل تود، في كتابه "هزيمة الغرب"، في الفصل العاشر في الكتاب وهو بعنوان «العصابة الحاكمة في واشنطن»؛ ليشرح بالأرقام أسباب قوة اليهود، رغم أن اليهود لا يشكلون سوى 1.7 في المائة من الشعب الأميركي ويسيطرون على مواقع القرار في المراكز البحثية، كما أن ٣٠٪؜ من أصل أكبر مائة ثروة في الولايات المتحدة هم أيضاً من اليهود. ولهؤلاء، كما هو معروف، تأثيرهم الكبير على الجامعات والمعاهد العليا على اعتبار أنهم من كبار المانحين، وهو ما ظهر جلياً مع حرب غزة.

تكونت المجموعات المحتجة في الغرب عموماً وأمريكا خاصة من الشباب الأمريكي هناك وغيرهم مجموعة من المناصرين للقضية الفلسطينية منذ عقود طويلة من الفلسطينيين والعرب والتي عملت لوقت طويلة في تنظيم وحشد الطلاب لمواقفها ومثلت الاساس الصلب التي التفت حولها الاحتجاجات ولعبوا الدور الأكبر. انضم اليهم مجموعات كبيرة وواسعة ممن شاهدوا الحرب أمامهم واتخذوا موقفاً اخلاقياً ضد إرتكاب جرائم الإبادة باسمهم، المجموعة الثالثة من السود واللاتين والآسيويون وغيرهم موقفهم مبني ان غزة تتعرض للعنصرية والقمع مثلما مورس ضدهم، المجموعة الرابعة لديها موقف سياسي من الرأسمالية الوحشية التي تضطهدهم، وتحفظات حول حرية التعبير وتهديد الحريات.

التجربة التاريخية تثبت ان هذه التحركات التي تبدأ وتتوسع وتتمدد، غير قابلة للإيقاف مهما فعلت السلطات، التي تكون عادة مطمئنة لإجراءاتها وتجربتها التاريخية في الاختراقات والقمع والترويض، وتستعملها بدون ان تضع في اعتبارها الظروف السياسية والاجتماعية والإعلامية التي تغيرت (عادة من اجيال عتيقة ومسنة وكسولة فكرياً)، لتكتشف انها تواجه واقعاً مختلفاً تماماً. وكانت الثورة السودانية الديسمبرية مثالاً ساطعاً على ذلك ولازالت. ولذلك فان التغيير سوف يحدث رغماً عن تشنجات وصراخ كل اجهزة الإمبراطورية التي بدأ تكلسها وتراجعها في الظهور علانية وانها ستنتصر.  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

ثورة في علم الأعصاب.. ابتكار أصغر دماغ – حاسوب في العالم

أعلن تحالف بحثي من جامعات أمريكية عن تطوير ما يعد أصغر وأكثر واجهة دماغ حاسوب تقدما في العالم، فاتحا الباب أمام جيل جديد من التطبيقات الطبية والتقنية التي كانت حبيسة الخيال العلمي لعقود.

وجاء الإنجاز الذي خرج إلى العلن مؤخرا بعد سنوات من التعاون بين فرق من كولومبيا وستانفورد وبنسلفانيا ومستشفى نيويورك بريسبيتيريان، حيث نجح الباحثون في بناء منصة عصبية مبتكرة تحمل اسم "الواجهة الحيوية للقشرة المخية" (BISC)، وتعمل على تحويل الإشارات الدماغية إلى بيانات رقمية بسرعة غير مسبوقة.

وأضافت الدارسة أن ما يميز المشروع ليس فقط قدرته التقنية، بل الفلسفة الهندسية التي يستند إليها: شريحة إلكترونية متناهية الرقة لا يتجاوز سمكها 50 ميكرومتراً، أي أرفع من شعرة الإنسان، يمكن تثبيتها مباشرة فوق القشرة الدماغية بعملية جراحية محدودة التدخل.

ورغم صغر حجمها، تضم الشريحة 65 ألفا و536 نقطة اتصال كهربائية، قادرة على التقاط النشاط العصبي لحظة بلحظة وإرساله لاسلكياً بسرعة تقارب 100 ميغابت في الثانية.

This is BIG: breakthrough in wireless bioelectronics

A new single BCI chip is 100 times faster than current brain chip implants.

Scientists in the US have created a new brain computer interface chip that’s so small and thin, it sits on the surface of the brain like a flexible… pic.twitter.com/rwORjULU5Q — SciTech Era (@SciTechera) December 8, 2025

هذا الدمج بين الكثافة العالية للحساسات والتصغير الهندسي لم يكن متاحاً في التقنيات السابقة، التي كانت تعتمد على أسلاك خارجية وحجيرات إلكترونية bulky تقيّد الحركة وتزيد المخاطر. أما النظام الجديد فيجمع كل مكوناته في وحدة واحدة صغيرة، ما يخفف التعقيدات الجراحية ويجعل الاستخدام الطويل أكثر أمناً وفعالية.


وعلى الصعيد الطبي، يرى الباحثون أن الجهاز قد يمثل نقلة نوعية في علاج الاضطرابات العصبية المستعصية. فإلى جانب دوره المحتمل في مراقبة حالات الصرع بدقة أعلى، تتوقع فرق التطوير أن يسهم النظام في إعادة التواصل الحركي للمرضى المصابين بالشلل، وتمكينهم من التحكم بالأجهزة الخارجية باستخدام الإشارات الدماغية فقط. كما يدرس العلماء إمكانياته في دعم مرضى السكتات الدماغية، وتحسين القدرات البصرية لدى بعض الحالات المعقدة.

وسمح التمويل الذي حصل عليه المشروع من المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية ببدء المرحلة التجريبية على المرضى، بينما أسس الباحثون شركة ناشئة باسم "كامبتو نيوروتك" لإنتاج نسخة طبية جاهزة للاستخدام السريري خلال السنوات المقبلة.

New Paper-Thin Brain Implant Could Transform How Humans Connect With AI | Columbia University School of Engineering and Applied Science

A radically miniaturized brain implant called BISC is redefining what’s possible in human–computer interaction, offering a paper-thin,… pic.twitter.com/EfC4mVuwy8 — Owen Gregorian (@OwenGregorian) December 8, 2025

ورغم أن المشروع يقدم اليوم ضمن الإطار العلاجي، إلا أن تأثيره المستقبلي قد يتجاوز حدود المستشفيات، فإمكانية خلق قناة اتصال مباشرة وثنائية الاتجاه بين الدماغ والأجهزة الذكية تفتح، بحسب الخبراء، ميادين جديدة في التعليم والتدريب وحتى الترفيه، حيث قد يصبح التحكم بالأجهزة عبر التفكير البشري وحده أمراً مألوفاً.

إن ابتكار "BISC" لا يضيف مجرد أداة جديدة لعلم الأعصاب، بل يطرح أسئلة أعمق حول حدود التكامل بين الإنسان والتكنولوجيا، وما إذا كان العالم على أبواب مرحلة يصبح فيها الدماغ جزءاً مباشراً من الشبكات الذكية التي تحيط بنا.

مقالات مشابهة

  • حروب الشيطنة إنقاذ لسمعة الكيان الصهيوني
  • الكرة المصرية في مفترق طرق.. والجبلاية تحتاج ثورة تصحيح
  • مغامرة "الفدائي" في كأس العرب تتوقف عند ربع النهائي
  • مأساة لا تتوقف.. هكذا مرّ المنخفض الجوي على أهالي غزة
  • ماذا يحدث لجسمك عندما تتوقف عن تناول اللحوم؟
  • منها ٢٪؜ بعقود عرفية.. تسجيل أكثر من ٣٥٠ ألف حالة طلاق بمصر في ٢٠٢٤
  • إيرواني: يجب على العالم أن يتحرك بحزم لإنهاء الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة
  • إلا اليهود الإشكناز والصينيين.. تحقيق أمريكي موسع في قتل لقاحات كوفيد لــ10 رضع
  • ثورة في علم الأعصاب.. ابتكار أصغر دماغ – حاسوب في العالم
  • 508 مخالفات في الأوتوستراد.. حملات مرورية لا تتوقف