صفا

طالب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، المحكمة الجنائية الدولية بفتح مكتب قطري تابع لها في فلسطين لاستكمال عملها في "ملف الحالة في فلسطين" بخصوص الجرائم المُرتكبة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك الجرائم التي ترتكبها "إسرائيل" في قطاع غزة منذ تشرين أول/أكتوبر الماضي. 

وشدد الأورومتوسطي في بيان ورد وكالة "صفا"، يوم الخميس، على أهمية قيام المحكمة الجنائية الدولية بمثل هذا الإجراء لتتمكن من تيسير تحقيقاتها واستكمالها على الأرض، والوقوف على ظروف ارتكاب هذه الجرائم وتداعياتها، وفحص حقائق الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة بسياقه الكامل، والوصول والعمل في جميع المناطق التي ترتكب فيها هذه الجرائم، بما في ذلك قطاع غزة، والتمكنّ من الاطلاع على كافة الأدلة وتبادلها بطريقة فعّالة وسريعة وتضمن سلامتها وأمانها.

وأكد الأورومتوسطي على ضرورة مقابلة الضحايا وعائلاتهم بشكل مباشر، وسماع الشهود في الوقت الصحيح، ودعم أشكال التنسيق والتعاون مع السلطات الوطنية والمؤسسات المحلية المختصة، بما يساهم ويعجل في إرساء جزء من العدالة في فلسطين، وإحضار مرتكبي هذه الجرائم أمام المحكمة ومساءلتهم ومحاسبتهم وإنصاف الضحايا وتعويضهم. 

وقال المرصد الحقوقي إن المحكمة الجنائية يوجد لديها مكاتب قطرية في العديد من الدول التي تجري بخصوصها التحقيقات، كمكتبها في كييف في أوكرانيا، والذي يعد أكبر مكتب للمحكمة خارج لاهاي، بالإضافة إلى مكاتبها في أوغندا وكينيا ومالي وجورجيا وساحل العاج وجمهورية أفريقيا الوسطى وجمهورية الكونغو الديموقراطية. 

وأضاف أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، يدرك أهمية فتح مكاتب قطرية في الدول التي تنظر المحكمة في ملفاتها، كونه يسعى في الفترة الأخيرة إلى فتح مكتب قطري جديد للمحكمة في ليبيا، كما أعلن قبل يومين أمام مجلس الأمن، حيث اعتبر أن فتح هذا المكتب سيساهم في التكامل والتحقيقات التي ستساعد على تنفيذ القرارات الدولية ذات الصلة بالحالة في ليبيا والتزامات نظام روما الأساسي الذي أنشئت على أساسه المحكمة.

ونبه الأورومتوسطي إلى أنه وبشكل عام، تعاملت المحكمة الجنائية الدولية منذ البداية مع الحالة في فلسطين بتباطؤ ومماطلة متكررة وغير مبررة. 

فبعكس الحالة في أوكرانيا، التي استغرق فتح التحقيق بشأنها حوالي شهر بعد بدء الحرب فيما بينها وبين روسيا، استغرقت المحكمة أكثر من ست سنوات لتعلن في 3 آذار/مارس 2021 عن فتح التحقيق في الحالة في فلسطين، بعدما أعلنت دولة فلسطين في 1 كانون ثان/يناير 2015 عن قبول اختصاص المحكمة في النظر في الجرائم المرتكبة في الأرض الفلسطينية، وتقديم الإحالة للمحكمة للنظر في هذه الجرائم منذ تاريخ 13 حزيران/يونيو 2014.

وبعد أن أعلنت المدعية العامة السابقة للمحكمة، "فاتو بنسودا"، في 3 آذار/مارس 2021، عن فتح التحقيق في الحالة في دولة فلسطين، ما لبثت أن انتهت فترة ولايتها بعد هذا القرار بثلاثة أشهر، ليتسلم "كريم خان" سدة الادعاء العام في المحكمة. 

ومنذ ذلك الحين، لم يشهد ملف الحالة في فلسطين أي تطور يُذكر، على الرغم من مضي أكثر من ثلاث سنوات على الإعلان الرسمي بفتح التحقيق في الحالة في فلسطين، وبرغم مضي خمسة أشهر على ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وأخطر جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وجريمة العدوان ضد وفي قطاع غزة على مرأى ومسمع المحكمة ومدعيها العام، والعالم بأكمله.  

واعتبر الأورومتوسطي أنه يتعين على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية العمل على فتح مكتب قطري واتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لذلك بالتعاون مع الدول الأطراف في نظام روما الأساسي، وعدم الانصياع للنهج الإسرائيلي الذي يرفض دخول لجان تقصي الحقائق والتحقيق الأممية والدولية، باعتبار أن هذا القرار من شأنه أن يطمس الحقيقة ويفوت فرص جمع الأدلة الضرورية اللازمة لإثبات وقوع الجرائم وتحديد هوية مرتكبيها، مما يمكنهم من الإفلات من العقاب. 

وأبرز أن هذا الحجب الإسرائيلي يفرغ العدالة الدولية من مضمونها حين يرهنها بيد الدول المرتكبة لهذه الجرائم، كما أن هذا المنع ينتهك بالأساس الالتزامات الدولية لـ"إسرائيل"، بما في ذلك قرار محكمة العدل الدولية الصادر في 26 كانون ثان/يناير الذي ألزم "إسرائيل" بمنع دمار وضمان الحفاظ على الأدلة المتعلقة بجريمة الإبادة الجماعية التي تشتبه المحكمة قيام إسرائيل بارتكابها في قطاع غزة. 

وكان الأورومتوسطي شدد في بيان سابق له، على أهمية تحريك المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاتها في ملف الحالة في فلسطين واتخاذ الإجراءات القضائية التي طال انتظارها، وإصدار أوامر إلقاء قبض على المسؤولين الإسرائيليين المتورطين بارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين ومحاكمتهم ومحاسبتهم، باعتبارها خطوة أولى باتجاه تحقيق العدالة الدولية للشعب الفلسطيني، وتعويضًا جزئيًّا عن الظلم التاريخي الذي ما يزال يعاني منه، وإنصافً لبعض من ضحاياه.

وأكد المرصد الحقوقي على وجوب إنهاء حالة الإفلات من العقاب الفعلية التي طالما تمتعت بها "إسرائيل"، وإخضاعها لمنظومة القانون الدولي، وخلق حالة من الضغط والتأثير الرادع عليها لمنع ارتكاب المزيد من الجرائم ضد الفلسطينيين في أقرب وقت ممكن. 

كما دعا المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى اتخاذ القرارات والإجراءات القانونية وفقًا لنظام روما الأساسي والقواعد الإجرائية وقواعد الإثبات الخاصة بالمحكمة على أسرع وجه ممكن لغايات المساءلة من أجل الـضحايا وحرصًا على السلام والعدل في المنطقة والعالم.

وحث الأورومتوسطي على ضرورة تفعيل دور المحكمة باعتبارها الجهة القضائية الدولية المختصة والمسؤولة بالدرجة الأولى عن مساءلة ومحاسبة الأفراد جنائيًا ومدنيًا على ما اقترفوه من جرائم خطيرة تمس الإنسانية بأكملها وتهدد السلم والأمن الدوليين، ولإحياء دورها في تحقيق العدالة الجنائية بغض النظر عن هوية الجاني والمجني عليه، والذي أنشئت من أجله.

وجدد الأورومتوسطي دعوته للمجتمع الدولي بكافة مكوناته إلى العمل على دعم عمل المحكمة في اتجاه إقامة العدالة، باعتباره أقل ما يمكنه فعله، وبخاصة في ظل الفشل الدولي المستمر في تنفيذ التزاماته الدولية في منع ووقف الجرائم الخطيرة والانتهاكات الجسيمة التي ترتكب ضد الشعب الفلسطيني على مدار 76 عامًا، بما في ذلك جرائم الحرب، وجرائم ضد الإنسانية، وجريمة الإبادة الجماعية، إلى جانب تواطؤ بعض الدول والاشتراك مع "إسرائيل" في الحفاظ على الوضع غير القانوني للاحتلال العسكري المستمر لفلسطين، من خلال تقديم مختلف أشكال الدعم والمساعدة العسكرية والسياسية والمالية والإعلامية إلى "إسرائيل". 

وأكد الأورومتوسطي أن على جميع الدول تنفيذ التزاماتها القانونية والأخلاقية والامتثال لطلبات إلقاء القبض والتسليم في حال صدورها، والتعاون لغايات القبض على المتهمين الإسرائيليين الذين تصدر بحقهم هذه الأوامر، والحيلولة دون فرارهم، والعمل على تسليمهم دون تأخير إلى المحكمة الجنائية الدولية وفقًا للإجراءات والقواعد الدولية ذات الصلة. 

كما حث المرصد الحقوقي على قيام الدول الأطراف في اتفاقيات جنيف لعام 1949 بتنفيذ التزاماتها بموجب هذه الاتفاقيات، بما في ذلك البدء بإجراء التحقيقات الجنائيـة في محاكمها الوطنية، استنادًا للولاية القضائية العالمية، وإلقاء القبض على مرتكبي هذه الانتهاكات ومقاضاتهم وفقًا للقوانين الدولية والوطنية ذات الصلة.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: المرصد الأورومتوسطي الأورومتوسطي المحكمة الجنائية المحكمة الجنائية الدولية فلسطين تحقيقات المحکمة الجنائیة الدولیة الحالة فی فلسطین هذه الجرائم فتح التحقیق بما فی ذلک قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

جرائم ضد العدالة.. خبراء قانونيون ينتقدون استهداف الاحتلال لـالجنائية الدولية

قال خبراء قانونيون إن الجهود التي تبذلها وكالات المخابرات الإسرائيلية لتقويض المحكمة الجنائية الدولية والتأثير عليها يمكن أن ترقى إلى مستوى "جرائم ضد إدارة العدالة" ويجب التحقيق فيها من قبل المدعي العام للمحكمة.

وردا على ما تم الكشف عنه بشأن عمليات المراقبة والتجسس الإسرائيلية ضد المحكمة الجنائية الدولية، قال العديد من خبراء القانون الدولي البارزين إن سلوك أجهزة المخابرات الإسرائيلية يمكن أن يرقى إلى مستوى الجرائم الجنائية، بحسب ما ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية.

وتم نشر الكشف عن الحملة الإسرائيلية المستمرة منذ تسع سنوات ضد المحكمة مؤخرا كجزء من تحقيق مشترك أجرته صحيفة الغارديان والمجلة الإسرائيلية الفلسطينية +972 ومجلة Local Call الناطقة بالعبرية. 


ويوضح بالتفصيل كيف تم نشر وكالات الاستخبارات في البلاد للمراقبة والاختراق والضغط على كبار موظفي المحكمة الجنائية الدولية وتشويه سمعتهم وتهديدهم.

أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، الأسبوع الماضي أنه يسعى للحصول على أوامر اعتقال بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق حماس والقادة الإسرائيليين.

وكان قرار السعي للحصول على أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يوآف جالانت هو المرة الأولى التي يتخذ فيها المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إجراء ضد قادة حليف غربي وثيق.

وقبل الكشف يوم الثلاثاء، زعم خان أن محاولات غير محددة "لعرقلة أو تخويف أو التأثير بشكل غير لائق على مسؤولي هذه المحكمة" قد تمت بالفعل من قبل أطراف لم يذكر اسمها. يمكن أن يشكل هذا السلوك جريمة جنائية بموجب المادة 70 من النظام الأساسي للمحكمة المتعلق بإقامة العدل.

وقال توبي كادمان، وهو محام بريطاني متخصص في القانون الجنائي الدولي والإنساني، إن النتائج التي توصلت إليها صحيفة الغارديان كانت "مزعجة للغاية" وتتضمن مزاعم "تشكل محاولة لحرف مسار العدالة من خلال استخدام التهديدات" للمدعية العامة السابقة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا. 

وأضاف أنه "من الواضح تماما أن هذه الأمور تقع ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ولا سيما بموجب المادة 70 من النظام الأساسي، وأي شخص يحاول عرقلة التحقيقات المستقلة للمدعي العام يجب أن يواجه العواقب".

وأكد مراقبون منذ فترة طويلة في المحكمة الجنائية الدولية أن" تصرفات إسرائيل تستدعي المزيد من التحقيق".

 وقال مات كانوك، رئيس مركز العدالة الدولية التابع لمنظمة العفو الدولية في لاهاي: "من الواضح تمامًا أن العديد من الأمثلة التي تم تسليط الضوء عليها في التقرير قد ترقى إلى مستوى جرائم بموجب المادة 70، وينبغي توجيه مثل هذه الاتهامات ضد أي شخص يسعى إلى إعاقة مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية أو ترهيبهم أو التأثير عليهم بشكل فاسد.


وقال خبير آخر في المحكمة الجنائية الدولية، مارك كيرستن، الأستاذ المساعد في القانون الجنائي بجامعة فريزر فالي في كندا: "من الصعب أن نتخيل ما يمكن أن يكون محاولة أكثر فظاعة للتدخل بشكل غير مشروع في عملية الادعاء".

وحذر العديد من الخبراء أنه يتعين على الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، وعددها 124 دولة، أن تتصرف بناء على النتائج لإرسال رسالة واضحة إلى الجهات الفاعلة التي تحاول تخريب عمل المحكمة.

وقالت دانيا تشيكل، ممثلة الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان لدى المحكمة الجنائية الدولية: “يجب أن تكون هذه الادعاءات بمثابة دعوة للاستيقاظ للدول الأطراف في ما هو على المحك. إنهم بحاجة إلى التجمع معًا ودعم المحكمة التي بنوها.

مقالات مشابهة

  • جرائم ضد العدالة.. خبراء قانونيون ينتقدون استهداف الاحتلال لـالجنائية الدولية
  • كاتب بريطاني يصف إسرائيل بالدولة المارقة بعد كشف هجومها على الجنائية الدولية
  • خطوات بسيطة للحصول على صحيفة الحالة الجنائية
  • بوليتيكو: نتنياهو مستاء من تراجع بايدن عن دعم عقوبات ضد الجنائية الدولية
  • كيف سترد الجنائية الدولية على أنشطة إسرائيل التجسسية التي استهدفتها؟ (فيديو)
  • كاتب في الغارديان .. كيف أصبحت إسرائيل دولة مارقة؟
  • مهاجمة إسرائيل المحكمة الجنائية الدولية تثبت أنها دولة مارقة
  • "الجارديان": تهديدات إسرائيل للمحكمة الجنائية الدولية تثبت أنها دولة "مارقة"
  • صحيفة الغارديان البريطانية: حرب سرية للكيان الصهيوني ضد المحكمة الجنائية الدولية
  • كيف أصبحت إسرائيل دولة مارقة؟