قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، إن المقاصد الشرعية والوطنية متشابكة ومترابطة، فعندما يكون الفرد ملتزمًا بالقيم الإسلامية والأخلاق الحميدة، فإنه سيكون مواطنًا حسنًا ومسؤولًا في المجتمع. وهذا يؤدي بدوره إلى تعزيز استقرار الوطن وتقدمه، فالمقاصد الشرعية والوطنية ليست متناقضة، بل هي متجانسة وتتعاضد لتحقيق الخير والازدهار في المجتمع.

مفتي الجمهورية: انتشار العنف والإرهاب قديمًا وحديثًا بسبب الانحراف عن تعاليم الأديان

جاء ذلك خلال لقائه في برنامج "اسأل المفتي" مع الإعلامي حمدي رزق على فضائية "صدى البلد" مضيفًا أن الإسلام أتى برسالته لبناء الإنسان وتطويره في كل جوانب حياته، وأن يصبح الإنسان قائمًا بواجبه التكليفي في الدنيا، وهو أن يؤمن بالله ويعبد إياه ويزكي نفسه ويتحلى بالفضائل والأخلاق الحميدة. وهذه المقاصد الشرعية عندما تتحقق في الفرد، فإنها تعود بالنفع والمصلحة على المجتمع والوطن بأكمله.

وشدد المفتي على أن هناك توأمة بين العلم والدين، فالنصوص الشرعية من الكتاب والسنة تحدثنا وتحثنا على إعمال العقل والتدبر والتفكر والبحث، فطلب العلم بكافة تخصصاته من ضمن التكليفات الشرعية بل يُعد من فروض الكفاية في الشرع الشريف، كما أنه لا لا يمكن فهم النص الشرعي إلا بوجود عقل رشيد ومنفتح على العلوم الأخرى.
وأكَّد فضيلته على أنَّه عندما نعمِّق النظر في مكونات الفتوى نجدها تتكون من جملة من العناصر المتكاملة والتساؤلات التي جاءت الفتوى لتجيب عنها، وهذا لا يأتي بشكل رشيد إلا إذا كان هناك وعي وإلمام واطلاع وتشابك مع العلوم الأخرى المختلفة، فالعلم يحتلُّ مكانةً عظيمةً وقيمةً كبيرة في منظومةِ القيمِ الإسلامية، فالطريق إلى فهم الدين لا يكون إلَّا بالعلم.

وأشار مفتي الجمهورية إلى ضرورة المحافظة على المقاصد الشرعية، وهي المقاصد التي تبحث في المقصود من أوامر الشرع الشريف ونواهيه، وكذلك المقاصد الوطنية التي تهدف لحب الوطن والحفاظ عليه حيث إن حب الوطن غريزة فطرية عند الإنسان السوي، وهو أمر مفتقد عند أهل التطرف والإرهاب الذين يقلصون من قيمته، بل يسعون إلى نزع هذه الغريزة الفطريَّة عن الإنسان.

وأضاف أنَّ حبَّ الوطن متأصل عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ فهو أمر ثابت وراسخ في النفس بالفطرة، والإسلام لا يتعارض مع الفطرة؛ فالرسول صلى الله عليه وسلم أحب مكة باعتبارها وطنه الذي نشأ فيه، على الرغم من إيذاء أهلها له، حتى إنه رغم كل هذا الإيذاء خرج منها وقلبه متعلق بها تعلقًا تامًّا، قائلًا قولته الشهيرة: "والله إنك لأحب البلاد إلى الله وأحب البلاد إلى نفسي ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت"، فضلًا عن أن التشريع ربط كثيرًا من الأحكام بالوطن؛ كقصر للصلاة، ورخصة للفطر، وغيرها من الأحكام، وذلك لأن مفارقة الأوطان عسيرة مما يدل على عِظم الوطن وفضله.

مشروعية التبرع للمشروعات الوطنية

واختتم مفتي الجمهورية حواره بالرد على سؤال يستفسر عن مشروعية التبرع للمشروعات الوطنية قائلًا: يجوز التبرع بكل طمأنينة لكل مؤسسة معتمدة من الدولة أو محل ثقة على سبيل المثال لا الحصر مشروع حياة كريمة فهو مشروع فريد ومن خصوصيات مصر وقد اهتم بأماكن بعيدة ونائية ندعو الله أن يثيب من فكر وساعد وعمل وأنفق في مثل هذه المشروعات الخيرية الكبيرة والعظيمة، حيث إننا لم نجد مشروعًا مسَّ حياة المواطنين مثلما وجدنا في مشروع حياة كريمة، فهو مشروع مسلكه حميد ويجوز التبرع له من الزكوات المفروضة فضلًا عن الصدقات، فهو مشروع موجَّه للفقراء والنفع المشترك ودعم القرى الفقيرة؛ ومن ثم ينسحب عليه ما ينسحب على مصارف الزكاة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية شوقي علام المقاصد الشرعية القيم الإسلامية حمدي رزق المقاصد الشرعیة مفتی الجمهوریة

إقرأ أيضاً:

عهدٌ.. يا قلبًا على هذا الوطن

 

 

 

عائشة بنت أحمد سويدان البلوشية

 

في يوم الإثنين الثامن من ديسمبر 2025م دخلت تتهادى بمشيتها المتأنية، وابتسامة امتنان صافية ترتسم على محياها، تتعلق الوجوه والقلوب بمقدمها الكريم، وتنتشي محافظة الظاهرة بوصولها الحاني، تمضي نحو أكشاك العرض العشرة، كانت جميع الجهات تنتظر دخولها إلى قاعة المهلب بن أبي صفرة؛ ليبدأ كل فرد منهم بتقديم العرض الخاص بالجهة التي يمثلها، وتقف بأناة أمام كل كشك، لتسأل عن كل ما يخطر بداخلها عن فعالية الاستراتيجية المعروضة، وسير كل عملية تعليمية كانت أو صحية أو تخطيطية، وتنصت لكل تفصيلة باهتمام بالغ.

اليوم رأيت السمت القابوسي الفريد في هذه السيدة العُمانية البوسعيدية الجليلة، سيدة عُمان الأولى، رأيتها تنصت باهتمام بالغ، تحاول جاهدة أن تعطي كل شخص حقه في التحية من صغير وكبير، كيف لا وهي السيدة التي تربت على الأصل والموروث والعادات والتقاليد العُمانية الأصيلة، في كنف والدتها السيدة خالصة بنت نصر البوسعيدية -رحمها الله- ووالدها السيد عبدالله بن حمد البوسعيدي- أطال الله في عمره- المعروف بكرمه ورحابة صدره.

كانت زيارتها التاريخية الأولى لحصن عبري قمة في معنى القرب والحب والحنو بين حرم جلالة السلطان المفدى وبين كل من كان بداخله من نساء وفتيات، كانت تحتضن تلك السيدة، وتحيي أولئك الفتيات من مدرسة حمراء الدروع، تسلم على الفارسات اللاتي استقبلنها على ظهور الجياد، وتتفقد تلك المنتجات الحرفية بدقة بالغة، وأعطت الجميع الوقت الكافي للشرح. لقد خلقت غمامة من الحبور والسعادة البالغة في ذلك الحصن العتيق الذي تم تشييده في قبل حوالي 400 عام على يد بني نبهان؛ حيث قام ببنائه لاحقًا الشيخ خاطر بن عامر اليعقوبي، ويقع في وسط عبري بجوار السوق القديم، ورغم أنه قد تم التأكيد على الجميع أن برنامج العروض والجولة في الحصن يجب أن لا تتجاوز الخمسة والسبعون دقيقة، لكنها بروح الأم الحانية، مكثت هناك قرابة الساعتين ونصف الساعة، وقد أنصتت لمطالب الموجودين، وتجاذبت أطراف الحديث مع موزة "القرر"، تلك المرأة التي لم نعرفها إلّا متألقة بالفضة التي ترتديها، بدءًا بـ"الفتخ" إلى "البلاغة"، وثوب "الفحايح" الذي لا زالت ترتديه إلى يومنا هذا. وهنا انطلقت ضحكة السيدة الجليلة باستمتاع لما تسمعه لتقول لها "أنتِ تُحفة"، وكانت نظرات السيدة الجليلة تؤكد أنها مهتمة بكل كلمة انطلقت من أفواه الجميع، تستلم كل رسالة بكل تواضع.

سيدتي الجليلة.. كيف لا تفعلين ذلك وأصلك الطيب ينضح بقوة على كل كلمة أو فعل تقومين به، وأكاد أجزم يقينًا بأن قلبكِ كان يخفق بالرغبة في الطبطبة بأمومةٍ تنثر السكينة على كل من وقعت أنظاركِ عليه، ولسان حالكِ يقول لهم "سنفعل ما نستطيع بعون الله، لجعل عُمان ومن عليها في عزة وشموخ ورخاء".

سيدتي الجميلة القلب الجليلة المقام، تتوجه ألسنة أهل الظاهرة ولساني معهم، بجزيل الشكر لمقامك الجليل على وصولك لأرض السر عبري الواعدة، وصولٌ انتظرناه بشوقٍ طال أمده، فخبت جذوته برؤيتك بيننا، رغم أننا نعلم أن كلمات الشكر تقف حائرة أمام لفتاتك الكريمة، وترجو شركة الظاهرة دعمكم الكريم، وتوجيه تعليماتكم بإنشاء المراكز الحكومية للأشخاص ذوي الإعاقة في ولايتي ينقل وضنك.

إن الحناجر تلهج بالدعاء أن يحفظكم وسلطاننا المفدى، وأن يعينكم على كل ما يلقيه المنصب والمكانة من أحمال تنوء بثقلها الجبال، ونعاهدكم سيدتي بأننا معكم شيبةً وشبابًا، نساءً ورجالًا في بناء عُمان الحاضر والمستقبل إن شاء الله تعالى، والظاهرة تتطلع شوقًا منذ الآن لزيارة قادمة، وعسى أن تكون قريبة، وأن تكثُر جولاتك للمحافظات لتصبح سنوية، لأنكِ تحبين لقاء الناس، ولأن الشعب عامة ينتظرون مثل هذه اللقاءات.

 

-----------------------------------

توقيع:

"تتوارى.. عنِ العُيونِ احتشامًا

وحنانًا بمُهجةِ الفنَّانِ

أنتَ شادٍ.. ومِثلُها ينشدُ الرَّفقَ

صوابًا في لُجَّةٍ مِن حنانِ

لَورا.. تِلك لَورا.. فِداءُ لَورا الغواني"

غازي القصيبي.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يهنئ محافظ الدقهلية بانضمام المنصورة إلى الشبكة العالمية لمدن التعلم (GNLC)
  • مفتي الجمهورية يشارك في الجلسة الختامية للمسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن الكريم
  • دين الله وسط.. أمين الإفتاء يحذر من التشدد في إصدار الأحكام والفتاوى
  • عهدٌ.. يا قلبًا على هذا الوطن
  • مفتي الجمهورية: فصل الشتاء ربيع المؤمن وغنيمة روحية
  • حكم إجراء عملية تجميل لفتاة تعاني من تشوه.. الإفتاء توضح الضوابط الشرعية
  • مفتي الجمهورية يهنئ وزير الشباب والرياضة بمناسبة اختياره رئيسًا للجنة بمنظمة اليونسكو
  • مفتي الجمهورية: الحفاظ على مقومات الهوية الوطنية المصرية يقوم على التعايش والتسامح
  • مفتي الجمهورية: مواجهة الفكر الإلحادي والمتطرف تتم بالفكر أيضا
  • بهدف تطوير القطاع في الوطن العربي.. المنظمة العربية للسياحة تطلق مبادرة “المقاصد السياحية الشاملة والمستدامة 2030”