إبراهيم رئيسي.. فقيه جعفري وقاض ترأس إيران 3 سنوات (بورتريه)
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
أثارت حادثت سقوط طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تفاعلا واسعا، لا سيما أن السلطات المختصة لم تتمكن من الوصول إليه بعد مرور ساعات على الحادثة.
وتاليا "بورتريه" نشرته "عربي21" سابقا حين وصول رئيسي إلى السلطة عام 2021:
فقيه جعفري وقاض شرعي وسياسي إيراني، يحمل لقب "حجة الإسلام"، هو الرئيس الثامن للبلاد منذ ثورة 1979، وفاز في الانتخابات قبل نحو 3 أعوام دون منافس جدي.
يرى منتقدوه أنه يفتقر إلى الكاريزما، ويعمل "بوحي الدروس الدينية والفقهية لعلي خامنئي"، فيما وصفته صحيفة "إندبندنت أون صندي" البريطانية بأنه "دمية الحرس الجمهوري والمرشد الأعلى" في "قصر سعد آباد" المقر الرئاسي في طهران.
ولد إبراهيم رئيسي عام 1960 بمدينة مشهد لأسرة متدينة، فقد كان والده وجده لوالدته من علماء المدينة. التحق بالحوزة العلمية في مشهد، وبعد أن أتم مرحلة المقدمات توجه إلى مدينة قم، وتتلمذ على أيدي كبار علماء المذهب الشيعي.
لم يكتف رئيسي بالتحصيل الديني، فواصل أيضا دراسته الجامعية في جامعة "الشهيد مطهري"، حتى نال درجة الماجستير في الحقوق الدولية، ودرجة الدكتوراه في فرع "الفقه والمبادئ قسم الحقوق الخاصة"، ثم بدأ بإلقاء الدروس في الوسطين الديني والأكاديمي.
شغل عدة مناصب في الجمهورية الإسلامية الإيرانية؛ ففي عام 1980 أصبح المدعي العام لمدينة كرج غرب طهران، وبعد خمس سنوات، تولى منصب نائب المدعي العام في طهران.
وفي عام 1988، كلفه الخميني، مؤسس الجمهورية الإسلامية، بالنظر في ملفات قضائية تتعلق بـ"الإرهاب"، المتمثل حينها في "حزب توده" ومنظمة "مجاهدي خلق".
كان رئيسي واحدا من القضاة الأربعة الأعضاء فيما أطلق عليها "لجنة الموت" التي قررت مصير الآلاف من معتقلي المعارضة الذين أعدموا عند انتهاء فترات سجنهم، ويقول تقرير لمنظمة العفو الدولية إن عدد ضحايا حملة الإعدامات تلك يقدر بحوالي 5 آلاف شخص، بينما قالت "مجاهدي خلق" إن العدد تجاوز 30 ألفا.
ودعا المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران، جاويد رحمن، إلى إجراء تحقيق مستقل في إعدام السجناء عام 1988، ودور رئيسي فيها عندما كان مدعيا في ذلك الوقت، وكذلك دوره في أحداث عام 2019.
وكانت الأمينة العامة لمنظمة "العفو الدولية" أنييس كالامار، قد دعت مجلس حقوق الإنسان والمجتمع الدولي إلى النظر في "آلية مستقلة" من أجل "تحقيق فعال" في ملف إعدام السجناء.
ويخضع رئيسي لعقوبات أمريكية بسبب دوره في إعدامات عام 1988، وفي حملات قمع ضد الاحتجاجات المناهضة للحكومة عامي 2009 و2019.
وفي أول مؤتمر صحفي بعد تعيينه رئيسا، قال رئيسي ردا على الاتهامات التي أدت إلى وضعه على قائمة العقوبات الأمريكية عام 2019: "أنا فخور بكوني مدافعا عن حقوق الإنسان وأمن الناس وراحتهم كمدع عام أينما كنت".
وأضاف أن "كل الأعمال التي قمت بها خلال فترة استلامي لمنصبي كانت دائما في اتجاه الدفاع عن حقوق الإنسان".
وردا على أسئلة وجهت إليه سابقا عن تلك الحقبة، نفى رئيسي ضلوعه في هذه الإعدامات، لكنه أبدى تقديره لـ"الأمر الذي أصدره الإمام الراحل روح الله الخميني" لتنفيذ "الإجراءات" بحق هؤلاء الموقوفين.
وبعد رحيل الخميني عام 1989 عين رئيسي في منصب المدعي العام بطهران، فبقي في هذا المنصب حتى عام 1994، حيث تولى منصب رئاسة دائرة التفتيش العامة، وبقي في هذه المهمة حتى عام 2004.
وشغل ما بين عامي 2004 و2014 منصب النائب الأول لرئيس السلطة القضائية، ثم عين مدعي عام إيران، كما ترأس المحكمة الخاصة برجال الدين منذ عام 2012، وعضو مجلس خبراء القيادة، وواحدا من 11 عضوا يؤلفون لجنة تعيين القائد الأعلى الإيراني.
وفي عام 2016، عينه خامنئي سادنا لـ"لروضة الرضوية"، وبذلك أصبح وصيا على أحد أغنى المنظمات الدينية في العالم الإسلامي، التي تتكفل بإدارة أهم المزارات الدينية في إيران.
وهذا المنصب يحمل الكثير من الهيبة والنفوذ، حيث تبلغ موازنة المؤسسة مليارات الدولارات، وتملك نصف الأراضي في مشهد، ثاني أكبر مدن إيران، وشركات نفط وغاز ومصانع.
وفسر كثيرون تعيين رئيسي في هذا المنصب بأنه تهيئة له ليخلف المرشد الأعلى علي خامنئي.
وفي عام 2019، عين رئيسا للسلطة القضائية، وبعد انتخابه رئيسا للجمهورية، عين نائبه الأول خلفا له على رأس السلطة القضائية.
وفي عام 2017، أعلن رئيسي ترشحه للانتخابات الرئاسية في إيران، وخسر في السباق الانتخابي أمام حسن روحاني الذي تمكن من الفوز بولاية ثانية.
وشهد عهد روحاني سياسة انفتاح نسبي على الغرب، كانت أبرز محطاتها إبرام اتفاق فيينا 2015 بشأن البرنامج النووي مع ست قوى كبرى، هي الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا، والصين، وروسيا، وألمانيا.
وعاد رئيسي وترشح ثانية في الانتخابات الرئاسية في 2021، التي قيل بأنها "مصممة ومفصلة على مقاسه" لإيصالهِ لسدة الرئاسة، بعد أن استعبد جميع منافسيه الذين قد يتفوقون عليه من الانتخابات عن طريق "مجلس صيانة الدستور"، وأعلن عن فوزه بنسبة 61% من أصوات الناخبين المشاركين و29% من أصوات الناخبين المسجلين.
وأشارت وسائل إعلام إلى أن "صيانة الدستور" عبد الطريق أمام رئيسي للوصول إلى الرئاسة، بعد أن أزاح كل منافسيه الحقيقيين من الانتخابات عبر رفض أهليتهم، ومنهم رئيس مجلس الشورى الإسلامي السابق علي لاريجاني، والرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد الذي وصف الانتخابات بـ"المهندسة سلفا، ووصف نجاد المرشحين الذين نافسوا رئيسي بأنهم "مدفوعون لإعطاء شرعية للانتخابات" التي اقتصرت على مخاطبة الأصوليين الإيرانيين، بعد استبعاد التيار الإصلاحي من الانتخابات.
وخلال فترة رئاسته، واجه رئيسي الذي وصفه خامنئي بـ"الرجل الحكيم"- تحديات أزمة اقتصادية وتوترا مع الغرب، بشأن العقوبات الأمريكية والمفاوضات حول الملف النووي، الذي أوقف العمل به الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وزاد من تبعاتها وباء "كوفيد-19".
كما شهدت البلاد احتجاجات واسعة خلال الأعوام الماضية، أبرزها بعد وفاة الناشطة مهسا أميني، وتبعها تنفيذ مجموعة أحكام بالإعدام.
وفي خطاب التنصيب، شدد رئيسي على أن تحسين الظروف الاقتصادية لبلاده لن يرتبط "بإرادة الأجانب"، وقال "إن أعداء بلاده يشنون عليها حربا نفسية ويقاطعونها اقتصاديا".
وأضاف: "برنامجنا النووي سلمي، والسلاح النووي في عقيدتنا محرم شرعا، ولن يكون له موطئ قدم في إستراتيجيتنا"، معتبرا أن "التدخل الأجنبي في المنطقة لا يحل أي مشكلة، بل هو المشكلة بعينها".
وأتاح تولي رئيسي رئاسة إيران الفرصة للتيار السياسي المحافظ والمتشدد لتعزيز نفوذه في هيئات الحكم، بعد الفوز الذي حققه في الانتخابات التشريعية العام الماضي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي عالم الفن كاريكاتير بورتريه الإيراني رئيسي خامنئي طهران إيران طهران خامنئي رئيسي سياسة سياسة عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن عالم الفن سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حقوق الإنسان وفی عام
إقرأ أيضاً:
كربلاء والوعي الذي يُرعب الطغاة
• ما لنا ولكربلاء؟ ولماذا نُعيد ونكرر الحديث عن واقعة مرّ عليها أكثر من أربعة عشر قرناً؟ أليست مجرد قصة قديمة؟ ألا يجدر بنا أن ننشغل بحاضرنا؟!! …،
سؤالً كثيراً ما نسمعه يردد على ألسنة الكثيرين، وقد يلقى استحساناً عند البعض، دون أن يدركوا كنهه ولا المغزى منه.
هذا السؤال – في جوهره– ليس بريئاً كما يبدو… بل إنه دعوة خفية لطمس التاريخ، وتغييب الوعي، والتخلي عن أعظم درس في رفض الظلم ومقاومة الطغيان.
إنه امتداد لصوت الطغاة في كل عصر، حين يريدوننا أن ننسى كل ما يوقظ الشعوب ويفضح المستبدين.
• واقعة كربلاء ليست مجرد حدث عابر، بل صرخة أبدية أطلقها الحسين بن علي عليه السلام في وجه الطغيان والانحراف، حين تحوّل الحكم الإسلامي إلى ملك وراثي فاسد، وحين تحول الدين إلى أداة بيد السلطان …
لقد خرج الحسين، لا لطلب دنيا ولا جاه، بل كما قال في بيان ثورته: [ وإني لم أخرج أشِرًا ولا بَطِرًا، ولا مُفسدًا ولا ظالمًا، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم )، أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي.]
فهل يُعقل أن ندفن هذا الوعي وندّعي أن لا علاقة لنا به؟
وهل نُربي أبناءنا على رفض الظلم ونحن نصمت عن أعظم درس في رفضه؟
وهل يمكن لأي أمّة تسعى إلى نهضة حقيقية أن تطلب من أبنائها نسيان هذا الموقف الخالد؟!
إن الدعوة إلى نسيان كربلاء ليست حيادية كما يدّعي أصحابها، بل هي امتداد لنهج الطغاة الذين أرادوا طمسها منذ لحظة وقوعها. وهم اليوم – بربطات عنق حديثة ومصطلحات (عقلانية) – يكررون ذات الخطاب: {لا تفتحوا ملفات الفتنة} ، {لا تخوضوا في التاريخ}”، {لا تثيروا النعرات}، بينما هم يغرقون الحاضر والمستقبل في بحر من الفتن والانحراف.
بل ما يثير الأسى أن الذين يروجون لهذه الدعوات هم أنفسهم الذين صمتوا أمام طغاة العصر، وخضعوا لهم، وسلّموا لهم ثروات الأمة، وقرارها السيادي، ومستقبل وإرادة شعوبها على طبق من ذهب.
• يريدوننا أن ننسى الحسين لأن ذكر الحسين يفضح خنوعهم. يطلبون منا الصمت عن (كربلاء) لأن (كربلاء) تُدين صمتهم على (غزة)، وتكشف نفاقهم في مواجهة الاحتلال، وتُحرج ولاءهم للظالم.
• يريدون ديناً منزوعاً من روحه الثورية، ديناً بلا كربلاء، بلا صرخة، بلا تضحية…. ديناً يُستخدم لتخدير الشعوب وتسخيرها للطغاة، لا لتحريرها.
• لكن صوت الحسين عليه السلام، في وعينا، مازال يهتف: [ ألا وإنّ الدعيّ بن الدعيّ قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منّا الذلة].
• والأخطر من كل ذلك، أن من يطالبنا بطيّ صفحة كربلاء، يقطع الحبل الذي يربط الأمة بوعيها، ويمنعها من فهم ما هي فيه الآن.
إذ لو فهمنا كربلاء بحق لفهمنا لماذا وصلنا إلى هذا الواقع المظلم …، ولو وَعينا مغزى ثورة الحسين، لأدركنا أن ما نعيشه اليوم هو تكرار لذلك الانحراف، بأسماء جديدة وواجهات مصقولة.
• الحسين خرج يواجه التوريث والظلم والفساد وتزييف الدين والتسلط على رقاب الأمة باسم الطاعة … أليس هذا ما نراه اليوم؟
• فهم كربلاء لا يعني البكاء عليها، بل استلهامها كدروس لبناء وعي جديد وموقف أخلاقي صلب.
فكربلاء تعلّمنا أن الصمت جريمة، وأن المهادنة مع الباطل خيانة.. وأن الإصلاح لا يأتي دون تضحية ….. ومن يطلب منا نسيان الحسين يطلب منا – دون أن يقولها – أن ننسى أنفسنا، ونُسلم أرواحنا وأوطاننا وأطفالنا للطغيان، صامتين خانعين.
• كربلاء لا تموت، لأنها ليست ذكرى، بل مشروع دائم للنهضة والتحرر، يُبعث كلما حاولوا دفنه، ويكبر كلما حاولوا إسكات صوته.
• والحسين ليس قضية طائفة ولا مذهب، بل رمز إنساني إسلامي عالمي للحق والعدالة والكرامة والثورة في وجه الاستبداد …. وإحياء ذكراه ليس عودة إلى الماضي، بل تمسكٌ بالمبدأ الذي به يمكننا تقييم الحاضر من أجل بناء المستقبل.
فحين يُطلب منك أن تنسى كربلاء .. فاعلم أن هناك من يخاف أن تتذكر.
وحين يُقال لك إن الحسين قضية قديمة لا تخصك، فاعلم أن طغاة اليوم يرتجفون من وعيك إن فهمت لماذا خرج وضد من ولأجل ماذا !!!
كربلاء ليست قصة نُحييها كل عام، بل معيار نزن به واقعنا، ومرآة نكشف فيها زيف الحاكم، وضياع الدين وصمت الأمة.
وليس صدفة أن أكثر من يطالبونك بنسيان الحسين، هم الذين خضعوا لليزيد الجديد، وركعوا للمستبد، وسلّموا القرار والثروات والكرامة، ثم قالوا لك: دع التاريخ واهتم بحاضرك!
فمن لم يفهم ماضيه لن يفهم حاضره أصلاً… ومن لا يرى نفسه في صفوف الثائرين إلى جانب الحسين، فهو حتماً جزء من الحشود التي صفّقت ليزيد.