ضمن مشروع ثقافي يسعى لتسليط الضوء على التراث العماني من خلال ابتكار أعمال فنية تجسد شجرة اللبان ذات الرمزية الثقافية والتاريخية العريقة بين جنبات المعرض الذي افتتح في بيت الزبير برعاية السيد خالد بن حمد البوسعيدي مساء أمس، وحمل عنوان معرض الفن التشكيلي والأزياء «مملكة اللبان: إرث تاريخي متجدد»، تتجلى إبداعات أكثر من ثلاثين عملًا في منصة تجمع نخبة من رائدات الأعمال في عالم الأزياء، والفنانين الموهوبين، والحرفيين المبدعين، إلى جانب كوكبة من الكتاب العمانيين الذين يسردون بدقة تاريخ سلطنة عمان العريق، يهدف هذا المشروع في إصداره الأول إلى المحافظة على الهوية العمانية الأصيلة، وتجسيدها بطرق إبداعية خارج نطاق الصناديق التقليدية المألوفة محليًا، وذلك من خلال عرضها وتعزيزها على المستويين المحلي والعالمي.

وتألقت لوحات الفنانة دليلة الحارثية، المختصة في المدارس الفنية الواقعية والتعبيرية والتأثيرية. كما برزت أعمال الفنان عبدالملك المسكري في الفن الجرافيتي (الكتابة على الجدران)، إلى جانب تميز فردوس شافي في فن الماندالا. وفي جناح الأزياء، أبدعت مصممتا الأزياء حنان العيسرية وعزيزة البروانية بتصاميم فريدة، مستلهمة من كتب الدكتورة أسماء الجرو ونصر البوسعيدي التي تستكشف تاريخ عُمان ورموزها الثقافية. هذه المراجع الثرية كانت بمثابة ينابيع الإلهام للفنانين، حيث انغمسوا في جوهر الهوية الوطنية العُمانية، لينقلوا جمالياتها إلى لوحاتهم وتصاميمهم الأزياء. ويستمر المعرض في استقبال الزوار حتى يوم السبت المقبل، مانحًا الفرصة لاستكشاف هذه التحف الفنية التي تروي قصص عُمان العريقة بلغة فنية معاصرة، وتجسد التراث بأبهى حلة.

ولطالما كان اللبان عنصرًا محوريًا في تاريخ عُمان وحياة شعبها، حيث استلهم معرض «مملكة اللبان» ألوانه الساحرة من العمامة السعيدية الشهيرة، ذات الألوان الجذابة والمميزة. بهذا المزيج الفريد من الفنون والحرف والأدب، يسعى المشروع إلى إحياء التراث العُماني وإبرازه بصورة مبتكرة، تجمع بين الأصالة والمعاصرة، كما يدعو «المعرض» الزوار إلى غوص عميق في أعماق الثقافة العُمانية، واستكشاف جوهرها الحقيقي من خلال منظور فني وإبداعي لا مثيل له.

من بين الأعمال البارزة المعروضة في المعرض تبرز قطعة فنية استثنائية تحمل اسم «ملكة اللبان»، هذه اللمسة الفنية تجمع بين الأزياء المبتكرة والفن التشكيلي، حيث تصور فستانًا مطورًا ومصنوعًا بشكل فني بارع، يعرض هذا العمل مزيجًا فريدًا من التراث الثقافي العُماني والأزياء المعاصرة، واستوحي تصميم الفستان من العمامة السعيدية، حيث يعكس تصميمه المحدد ولوحة ألوانه من الأصفر والأزرق والنيلي والبنفسجي والأحمر، الأهمية التاريخية والعناصر الأسلوبية المرتبطة بعمامة الإمام سعيد بن سلطان البوسعيدي.

يمثّل هذا العمل، من خلال عرضه على شكل عارضة أزياء، شهادة حية على مزيج رائع بين الزخارف التقليدية والجماليات الحديثة، إلى جانب كونه قطعة فنية بحد ذاتها، يعمل هذا العمل أيضًا كقطعة تعليمية تسلط الضوء على التاريخ الغني والهوية الثقافية العُمانية.

وفي عمل فني آخر يحمل عنوان «المـلـك نيرون الحضارة الرومانية» يبرز تصميم المصممة حنان العيسرية وتجسيد الفنان عبدالملك المسكري بمميزاته بكونه تجسيدًا مجسمًا لشجرة اللبان تم استخدام ألوان العمامة السعيدية في رسمها، بالإضافة إلى استعمال اللبان نفسه في تزيينها.

وما يميز هذا العمل هو المزج الفريد بين الفنون التشكيلية والفن الجرافيتي. فقد قام الفنان عبدالملك برسم شخصيات تاريخية على السجادات باستخدام الفن الجرافيتي، ليضفي بذلك لمسة إبداعية وحيوية على العمل الفني.

يعكس «المـلـك نيرون الحضارة الرومانية» روح المشروع حيث يجمع بين عناصر التراث العُماني والفنون المعاصرة في قالب واحد، فمن جهة، نرى استخدام العمامة السعيدية واللبان، كونهما يمثلان رموزًا ثقافية عُمانية عريقة، ومن جهة أخرى، نلمس لمسات الحداثة من خلال الفن التشكيلي والجرافيتي، وهذا التناغم بين الأصالة والمعاصرة هو ما يجعل من هذا العمل الفني تحفة إبداعية فريدة من نوعها، حيث تتداخل الحضارات والفنون في تكوين لوحة فنية متكاملة تحاكي جوهر الثقافة العُمانية الأصيلة.

يضيف المعرض عملًا فنيًا آخر يحمل عنوان «الحضارة الفرعونية» أو «لوحة الملكة حتشبسوت» من إبداع الفنانة دليلة الحارثية وتصميم الأزياء للمصممة عزيزة البروانية. يجسد هذا العمل الفني لوحة للفنانة «الحارثية» تصور الملكة الفرعونية الشهيرة حتشبسوت، وهذا العمل الفني يعكس بشكل رائع العلاقة العريقة بين عُمان، أرض الذهب واللبان، والحضارات القديمة مثل الفراعنة والإغريق والرومان. فقد كانت هذه الحضارات تولي أهمية كبيرة للبان العُماني وتعتبره من الكنوز الثمينة.

يضم المعرض عملًا فنيًا آخر بعنوان «ماندالا العمامة السعيدية» للفنانة فردوس شافي، والذي يمزج بين فن الماندالا والأزياء. تحول هذه اللوحة الفنية إلى قطعة أزياء ذات خلفية عميقة ترتبط بالحضارة العُمانية وتجارتها باللبان قديمًا مع الحضارة الهندية، يتجسد هذا العمل في شكل ساري هندي تقليدي، تجسيدًا للروابط التاريخية بين الحضارتين العُمانية والهندية، حيث كان اللبان إحدى أهم السلع التجارية المتبادلة بينهما. تصميم هذه القطعة الأزياء الفريدة هو من إبداع المصممة عزيزة البروانية.

بالإضافة إلى ذلك، يضم المعرض عملًا آخر بعنوان «قلادة اللبان» من تصميم المصممة حنان العيسرية، والذي يستوحي تصميمه من شجرة اللبان الرمزية. تم تصميم هذه القلادة بالتعاون مع شركة أولاد آدم للمجوهرات، حيث تجسد الماضي والمستقبل معًا. القلادة مستوحاة من قلادة المغفور له -بإذن الله تعالى- السلطان قابوس بن سعيد ـ -طيب الله ثراه-، والتي صممها في الستينيات من القرن الماضي المرحوم آدم بن إسحاق الصائغ في مسقط، وهي معروضة حاليًا في المتحف الوطني.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العمل الفنی هذا العمل الع مانیة الع مانی العمل ا ع مانیة من خلال

إقرأ أيضاً:

مستويات فنية عالية في بطولة عُمان لناشئي الريشة الطائرة

"عمان": اختتمت اللجنة العُمانية لألعاب المضرب بطولة عُمان للريشة الطائرة للناشئين للأندية، التي أُقيمت في أكاديمية واحة للريشة الطائرة بولاية بوشر، وسط مشاركة واسعة لتسعة أندية من مختلف محافظات سلطنة عُمان، تنافس لاعبوها ضمن ثلاث فئات عمرية: تحت 13 سنة، وتحت 15 سنة، وتحت 17 سنة.

وجاء تنظيم البطولة ضمن جهود اللجنة الرامية إلى توسيع قاعدة ممارسة اللعبة، واكتشاف وصقل المواهب الواعدة في فئة الناشئين، إلى جانب توفير بيئة تنافسية محفزة تسهم في تطوير اللاعبين فنيًا وبدنيًا داخل الأندية.

وشهدت المنافسات مستويات فنية عالية وحماسًا لافتًا، عكس جاهزية الأندية واهتمامها المتزايد ببرامج الفئات السنية.

واختُتمت البطولة بإقامة ثلاث مباريات نهائية متتالية، أعقبها حفل تتويج الفائزين وتكريم الحكام والمنظمين والجهة الراعية، وذلك تحت رعاية الدكتور عبدالرحيم بن مسلم بن خلفان الدروشي، رئيس اللجنة العُمانية لألعاب المضرب، وبحضور مسؤولي الأندية، ومحبي اللعبة، وأسر اللاعبين.

وتميّزت نتائج البطولة بتألق واضح لأندية صلالة ومصيرة وعبري، حيث توزعت المراكز الأولى بينها في مختلف الفئات العمرية.

ففي فئة تحت 17 سنة، توّج شهاب الهنائي من نادي مصيرة بالمركز الأول بعد أداء قوي ومستقر طوال البطولة، وجاء سعيد الشبلي من نادي صلالة في المركز الثاني، فيما حلّ زياد الهنائي من نادي صلالة ثالثًا، وعبدالعزيز الهنائي من نادي عبري رابعًا.

أما في فئة تحت 15 سنة، فقد أحرز أحمد الشبلي من نادي صلالة المركز الأول، تلاه عدي الهنائي من نادي عبري في المركز الثاني، بينما جاء زكريا الهنائي من نادي صلالة ومحمد الهنائي من نادي مصيرة في المركزين الثالث والرابع.

وفي فئة تحت 13 سنة، واصل نادي صلالة حضوره القوي، حيث أحرز خالد الشبلي المركز الأول، وجاء أنور الهنائي من نادي مصيرة ثانيًا، فيما حل عبدالله العويدي من نادي مصيرة ثالثًا، وآدم القصابي من نادي قريات رابعًا، في منافسات كشفت عن بروز جيل جديد من اللاعبين الواعدين.

وأعرب الدكتور عبدالرحيم الدروشي، رئيس اللجنة وراعي حفل الختام، عن سعادته بالمستوى الفني المتطور الذي قدمه اللاعبون، مشيدًا بالجهود الكبيرة التي تبذلها الأندية في رعاية المواهب الناشئة وتطوير رياضة الريشة الطائرة. وأكد أن اللجنة تولي الفئات السنية أهمية قصوى في المرحلة الحالية، ضمن خطة تمتد لثماني سنوات تهدف إلى بناء جيل قادر على تمثيل سلطنة عُمان في المحافل الإقليمية والدولية، مشددًا على استمرار الدعم الكامل لبرامج الناشئين.

من جانبه، عبّر مدرب نادي مصيرة، سليمان الهنائي، عن انطباعه الإيجابي عن البطولة، مؤكدًا أن المنافسات أظهرت تطورًا ملحوظًا في المستوى الفني والجاهزية البدنية للاعبين، وهو ما يعكس الاهتمام المتنامي بتأهيل الناشئين وتوسيع قاعدة الممارسين. ووجّه الهنائي شكره للجنة العُمانية لألعاب المضرب على التنظيم المتميز، داعيًا إلى استمرار هذه البطولات لما لها من أثر إيجابي في تطوير اللعبة.

وبدوره، أشاد عمار الحمادي، أحد أعضاء اللجنة الفنية وحكام البطولة، بحسن التنظيم والأجواء التنافسية، مؤكدًا أن البطولة كانت فرصة حقيقية لاكتشاف المواهب الواعدة وتعزيز روح الصداقة والتواصل بين اللاعبين من مختلف محافظات السلطنة، مشيرًا إلى أن الأداء الفني والانضباط الذي أظهره اللاعبون يبشّر بمستقبل مشرق لرياضة الريشة الطائرة في عُمان.

مقالات مشابهة

  • مستويات فنية عالية في بطولة عُمان لناشئي الريشة الطائرة
  • مهارة مدرب المغرب بترويض الكرة بطريقة فنية في مباراة سوريا تثير تفاعلا
  • أحمديات: مملكة النمل تتحدث عن البشر
  • الرئيس عبد الفتاح السيسي يتلقى اتصالًا هاتفيًا من ملك مملكة البحرين الشقيقة
  • قيادة عُمانية لحدث عالمي
  • محاضرات ثقافية وورش فنية بثقافة البحر الأحمر
  • اللجنة العُمانية القطرية المشتركة تستعرض مسارات تعزيز التعاون الثنائي
  • العملية لا تزال متواصلة.. إخماد حريق بمصنع تيزي وزو
  • إفلاس الحاضر يهدد التاريخ العريق لـ منتخب مصر
  • اتفاقية الشراكة الاقتصادية العُمانية - الهندية تعيد رسم ملامح الاقتصاد العماني