«أبوظبي للغة العربية» يُصدر دفعة أولى من موسوعة أشعار اللّغة الفرنسية
تاريخ النشر: 22nd, May 2024 GMT
أبوظبي (الاتحاد)
أخبار ذات صلةأصدر مركز أبوظبي للغة العربية، ضمن مشروع «كلمة» للترجمة، دفعة أولى ضخمة من موسوعة أشعار اللّغة الفرنسية المترجمة إلى اللغة العربية. والتي حرّرها وقدّم لها واختار شعراءها وقصائدها الشاعر والأكاديميّ العراقيّ المقيم في فرنسا كاظم جهاد، المتخصّص بالأدب العربيّ وشعراء أوروبّا الغربية.
شارك في ترجمة هذه الدفعة طاقم من المترجمين العرب من مختلف الدول العربية، من بينهم نهى أبو عرقوب من فلسطين، والفقيدة غادة السّمروط، ودانيال صالح، وماري طوق من لبنان، والفقيد محمّد بن صالح، ومحمّد علي اليوسفي، وأبو بكر العيّادي، وقيصر الجليدي من تونس، وقصيّ قاجو من سوريا.
وتشمل الدفعة الأولى ما يزيد على ثلاثين جزءاً، يتراوح عدد صفحات كلّ منها بين 120 و180 صفحة. وتضمّ السلسلة أجزاء فرديّة، كلّ منها مخصّص لواحد من كبار رموز الشّعر الفرنسيّ، وأجزاء أخرى جماعيّة، تجمع منتخبات واسعة لشعراء آخرين يشغلون مواقع مهمّة في تاريخ هذا الشّعر، وإن لم يكونوا بالضرورة في مصاف أكبر أعلامه أو عباقرته.
مختارات واسعة
وأكّد كاظم جهاد أنّه كان لا بدّ من العمل بهذا الإجراء المزدوج، لأنّ السلسلة مصمّمة بحيث تضمّ أجزاؤها الكاملة مختارات واسعة للعشرات من أصوات الشّعر الفرنسيّ والفرانكفونيّ، وأضاف أنه اشتغل على الموسوعة بشغفٍ وأناة، وتوخّى في اختيار مكوّناتها الموضوعية التامّة، فلم ينحز إلى تيّار دون سواه، ولم يخفض من صوت كبير لصالح صوت آخر، فجاءت الموسوعة تعبيراً عن تعدّدية كبيرة تضمّ شتّى أشكال التجارب الرّوحانية والفكرية والغنائية والمأساويّة، ومختلف الابتكارات الشكلية والمضمونية، وذلك عملاً بقناعة أساسية مفادها أنّ الشّعر، إن لم يكن متعدّداً وكريماً وتوّاقاً إلى الحريّة، خسرَ صفة الشّعر وأضاعَ نفسه.
وتشمل الدفعة الأولى المساحة الزمنيّة الممتدّة من نهايات العصر الوسيط الذي شهد ولادة اللّغة الفرنسية وحلولها محلّ اللّغة اللّاتينية واللّهجات المحكيّة التي كانت تتقاسم الخريطة اللّغوية لفرنسا، إلى بدايات القرن العشرين. وتُفتَتح الموسوعة بجزء أوّل مخصّص لشعراء العصر الوسيط الذين تمتدّ أعمالهم من نهايات القرن الرّابع عشر إلى نهايات القرن الخامس عشر، وعلى رأسهم غيّوم دو ماشو، وجان فرواسار، وشارل دورليان، والشّاعرة كريستين دو بيزان، والشّاعر الشهير فرانسوا فيّون، ثمّ تأتي سبعة أجزاء مخصّصة للقرن السادس عشر، وتضمّ أيضاً أصواتاً شعرية نسوية رائدة، يتصدّرها صوتا برنيت دو غييه ولويز لابيه.
تخصّ الموسوعة القرن السّابع عشر بأربعة مجلّدات، أمّا القرن الثّامن عشر، فحظي بأربعة أجزاء، ثمّ تخصّص الموسوعة 17 مجلّداً لشعراء القرن التاسع عشر، وتُختَتم هذه الدفعة الأولى بقصائد مختارة للشّاعرَين المخضرَمين فرانسيس جام وشارل بيغي، على أن تتبعها مختارات أخرى لشعراء مخضرمين آخرين نشطوا إبداعيّاً في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
ستكون المجلّدات المقبلة مخصّصة لشعراء القرن العشرين، الذي شهد مزيداً من التطوّر والتحوّل والابتكار، من خلال أصوات فرديّة لامعة وحركات وتيّارات شعرية حفرت أسماءها في التاريخ الشعريّ للفرنسيّة. وإلى جانب شعراء فرنسا، ثمة أصوات فرضت نفسها وأغنت اللّغة الفرنسية بإنتاجات شعرية ساطعة آتية من أفريقيا السوداء، ومن جزُر ما وراء البحار، ومن المشرق العربيّ والثقافة المَغاربيّة، ومن الغرب، وستُفرد الموسوعة مجلّدات فرديّة وجماعيّة لأهمّ أعلام هذا الشّعر الناطق بالفرنسية أو «الفرانكوفونيّ».
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: مركز أبوظبي للغة العربية اللغة الفرنسية فرنسا مشروع كلمة للترجمة الأدب العربي
إقرأ أيضاً:
الإبراهيمية والماسونية: جذور تاريخية وشكوك معاصرة
23 مايو، 2025
بغداد/المسلة:
ليث شبر
*تسعى هذه السلسلة التوعوية، المكونة من خمسة مقالات، إلى تمكين القارئ العربي من فهم قضايا مثيرة للجدل بعقل ناقد يتحرى الحقيقة بعيدًا عن التضليل ونظريات المؤامرة، وذلك لتعزيز وعي يحترم التعددية والعدالة في إطار دولة علمانية*.
يستكشف هذا المقال الرابع الشكوك حول العلاقة المزعومة بين الإبراهيمية والماسونية، ويركز على جذورهما التاريخية: هل تشكل الماسونية قوة خفية وراء الإبراهيمية؟ وكيف يواجه سياسي علماني هذه التساؤلات دون الانزلاق إلى التكهنات؟
تأتي الشكوك حول ارتباط الإبراهيمية بالماسونية من تاريخ طويل يحيط المنظمات السرية بهالة من الريبة، لكن النقاش يتطلب الرجوع إلى جذور كلا المفهومين. بدأت الماسونية في أوروبا خلال القرن السابع عشر كجمعيات للحرفيين البنائين، وتطورت إلى منظمة رمزية تركز على الأخوة والأخلاق، مستخدمة طقوسًا مستوحاة من التقاليد المسيحية واليهودية القديمة.
*بحلول القرن التاسع عشر، أصبحت رمزًا للنفوذ الخفي في السياسة والاقتصاد، خاصة في الغرب، مما غذى نظريات المؤامرة التي تربطها بالسيطرة العالمية*.
أما الإبراهيمية، فظهرت كمصطلح حديث في القرن العشرين، مستوحى من فكرة إبراهيم كأب مشترك للديانات التوحيدية، لكنها اكتسبت زخمًا مع مبادرات معاصرة تدعو إلى الحوار الثقافي.
فلماذا تلتقي هذه الجذور التاريخية في الشكوك الحالية؟
يربط البعض بين الماسونية والإبراهيمية بسبب تقاطع رمزي في استخدام التراث الديني، لكن هذا الربط يثير جدلًا معقدًا. يرى نشطاء علمانيون في تونس، على سبيل المثال، أن الإبراهيمية، كما طُرحت في مؤتمرات دولية عام 2024، قد تستغل الرموز الدينية لتعزيز تحالفات سياسية، مشيرين إلى أن الماسونية استخدمت تاريخيًا رموزًا مشابهة لتوسيع نفوذها.
*ففي القرن التاسع عشر، اعتمدت الماسونية طقوسًا مستوحاة من التقاليد الإبراهيمية لجذب أعضاء من خلفيات متنوعة*. لكن تدافع منظمات ثقافية في الأردن عن الإبراهيمية كإطار للتعاون الثقافي، وتنفي أي صلة بالماسونية، مؤكدة أن الحوار يهدف إلى تعزيز السلام دون أجندات خفية. وتُبرز هذه الردود جدلية مؤداها: هل تعكس الشكوك قلقًا مشروعًا من استغلال الرموز، أم مبالغة ناتجة عن إرث تاريخي؟
تتطلب رؤية علمانية التعامل مع الإبراهيمية بحيادية، دون رفضها أو تصويرها كضد للعلمانية. *فالدولة العلمانية، التي تفصل الدين عن السياسة، تستطيع استيعاب الحوار الثقافي إذا احترم التعددية ولم يتحول إلى أداة للحكم الديني* . لأن المخاوف من الإبراهيمية لا تنبع من الحوار بحد ذاته، بل من إمكانية استغلاله لتعزيز مصالح سياسية، كما حدث في القرن الثامن عشر عندما استخدمت الماسونية شبكاتها لدعم النخب السياسية في أوروبا. ومع ذلك، تُظهر الوقائع أن الإبراهيمية الحديثة، كما طُرحت في فعاليات مثل قمة أبوظبي للتعايش 2023، تهدف إلى تعزيز التعاون الثقافي، لكن غموضها يُغذي الشكوك، خاصة في سياق إقليمي مشحون بالتوترات.
يُثير النقاش سؤالًا جوهريًا: هل تستند الشكوك إلى أدلة، أم تُغذيها روايات تاريخية مبالغ فيها؟
بينما تُحذر أوساط أكاديمية في مصر من أن التركيز على الماسونية كتهديد قد يُصرف الانتباه عن قضايا ملحة، كالعدالة الاجتماعية. ففي تقرير لمركز دراسات مصري عام 2024، أُشير إلى أن ربط الإبراهيمية بالماسونية يعكس خوفًا من التغيير أكثر منه دليلًا ملموسًا. بالمقابل تُصر أوساط شعبية في العراق على مشروعية الشكوك، مشيرة إلى أن التاريخ يُظهر استخدام الرموز الثقافية لخدمة مصالح النخب.
تُشير هذه التوترات إلى ضرورة تقييم الإبراهيمية بعقلانية، دون الانجرار إلى نظريات المؤامرة.
ومن هنا يتضح الموقف السليم : *يُرحب بالحوار الثقافي إذا احترم التعددية وخدم العدالة، لكن تُرفض أي محاولة لاستغلال الثقافة أو الرموز التاريخية لأغراض سياسية* .
فالدولة العلمانية قادرة على قيادة هذا الحوار دون السماح لأي مبادرة بتقويض مبادئها، سواء ارتبطت بتكهنات حول الماسونية أم بمبادرات غامضة. وبدلاً من الخوف من الأجندات الخفية، *نقترح رؤية علمانية تضمن أن يظل الحوار أداة للتقدم، مستلهمة قيم المساواة التي تحمي التنوع الثقافي* .
ومع هذا النقاش، تبرز تحديات جديدة: كيف تستجيب الدولة العلمانية لتعقيدات العولمة والمبادرات الثقافية؟ يناقش المقال القادم هذه التحديات، لمواصلة البحث عن الحقيقة بروح نقدية ملتزمة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts