أعلنت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، الأربعاء 22 مايو، عن حالة إصابة بشرية ثانية بإنفلونزا الطيور يرجح ارتباطها بتفشي المرض في الأبقار في مزارع الألبان الأمريكية.

وإلى جانب الاشتباه في تعرض هذين الحالتين البشريتين للعدوى بعد التعرض لأبقار مصابة، فقد أصاب فيروس إنفلونزا الطيور، المسمى H5N1، مؤخرا حيوانات لم يسبق أن أصيبت، مثل الماعز والأبقار.

إقرأ المزيد مرتبطة بتفشي بقرة الألبان.. الولايات المتحدة تعلن عن اكتشاف الحالة البشرية الثانية لإنفلونزا الطيور

ما هو فيروس إنفلونزا الطيور H5N1؟

فيروس H5N1 هو نوع فرعي من فيروس الإنفلونزا "أ" (A). ويتم تصنيفه على أنه شكل من أشكال إنفلونزا الطيور شديدة الإمراض (HPAI)، لأنه يسبب مرضا شديدا ومميتا في الدواجن. 

وكان فيروس H5N1 مسؤولا عن تفشي إنفلونزا الطيور بشكل كبير في مزارع الدواجن الأمريكية وفي مزارع في بلدان أخرى منذ عام 2022.

وعلى الرغم من أن فيروسات إنفلونزا الطيور الممرضة جدا من نوع "أ" (HPAI) معروفة بتدمير مجموعات الطيور الداجنة، إلا أن فيروس H5N1 يصيب أيضا الطيور البرية ويصيب أحيانا ثدييات مختلفة، بما في ذلك البشر.

وفي الأنواع الحية غير الطيور، ما يزال من الممكن أن يسبب مرضا مميتا، ولكن بعض الحالات تكون خفيفة أو من دون أعراض.

وتثير عدوى فيروس H5N1 في الثدييات بشكل عام مخاوف من أن الفيروس يمكن أن يتطور ليصيب البشر بسهولة أكبر وربما ينتشر على نطاق واسع بين الناس، ما يؤدي إلى حدوث جائحة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. لكن العلماء لم يروا أي تغييرات في الفيروس تشير إلى حدوث ذلك في هذه المرحلة.

ما هي الحيوانات التي يمكن أن يصيبها فيروس H5N1؟

يصيب فيروس H5N1 في أغلب الأحيان الطيور الداجنة والبرية، على الرغم من أن بعض الطيور البرية تعمل بمثابة "خزانات" للفيروس، ما يعني أنها تستطيع حمله ونشره دون الإصابة بالمرض. وتشمل هذه الناقلات الطيور المائية، مثل البط والبجع، والطيور الساحلية، مثل الزقزاق، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض.

إقرأ المزيد اكتشاف طبي يحقق نتائج واعدة في منع عدوى الإنفلونزا

وفي السنوات العشرين الماضية أو نحو ذلك، تم اكتشاف فيروس H5N1 أيضا في ما لا يقل عن 48 نوعا من الثدييات في 26 دولة، بما في ذلك الثعالب والدببة والفقمات وأسود البحر، بالإضافة إلى القطط والكلاب الأليفة وحيوانات المنك المستزرعة.

وفي هذا العام، تم اكتشاف فيروس H5N1 لأول مرة في الماعز، في مزرعة بولاية مينيسوتا، حيث سبق أن ثبتت إصابة البط والدجاج بالفيروس. واكتشاف إصابة الأبقار في تكساس وكانساس بالفيروس، والتي يشتبه أيضا التقاطها العدوى من الدواجن المصابة.

وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها العثور على فيروس H5N1 في الحيوانات المجترة.

هل يمكن لفيروس H5N1 أن يصيب البشر، وما مدى خطورته؟

يمكن أن يصيب فيروس H5N1 البشر في بعض الأحيان ويمكن أن يؤدي إلى الوفاة، حيث يؤدي نحو 50% إلى 60% من الحالات المبلغ عنها إلى مرض مميت.

وتم الإبلاغ عن أكثر من 880 حالة إصابة بشرية بفيروس H5N1 في جميع أنحاء العالم منذ أواخر التسعينيات، وفقا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.

وفي أغلب الأحيان، تحدث حالات العدوى البشرية بفيروس H5N1 بعد أن يكون الشخص على اتصال وثيق أو طويل من دون وقاية (دون قفازات أو قناع وجه أو حماية للعين) مع الطيور المصابة أو مع أسطح ملوثة بلعاب الطيور المريضة أو مخاطها أو برازها.

إقرأ المزيد "مصدر قلق كبير".. الصحة العالمية تحذر من خطر تفشي إنفلونزا الطيور بين البشر

ولم يتم ربط هذه الحالات بانتشار الفيروس بشكل مستدام من إنسان إلى آخر، ولكن هناك بعض الأدلة على انتشار محدود للغاية بين البشر.

وعلى الرغم من أن عدوى فيروس H5N1 يمكن أن تكون قاتلة، إلا أن البعض لا تظهر عليهم أي أعراض أو تظهر عليهم أعراض خفيفة فقط.

وقد تشمل الأعراض الخفيفة التهابات العين، مثل التهاب الملتحمة (العين الوردية)، وأعراض الجهاز التنفسي العلوي، مثل العطس والسعال. ويمكن أن تؤدي الحالات الشديدة إلى التهاب رئوي يهدد الحياة.

ويمكن علاج إنفلونزا الطيور بالأدوية المضادة للفيروسات المستخدمة لعلاج الإنفلونزا الموسمية، إلى جانب وجود العديد من اللقاحات المرشحة المعدة للتصنيع، فقط في حالة انتشار هذا الفيروس أو فيروس وثيق الصلة به فجأة بين الناس، حيث لا تحمي لقاحات الإنفلونزا الموسمية من فيروس H5N1.

هل يجب أن نقلق بشأن فيروس H5N1 في الأبقار؟

يعد العثور على فيروس H5N1 في الأبقار أمرا مثيرا للاهتمام بالنسبة للعلماء لأنه لم يتم رؤيته من قبل.

وبالنسبة للأبقار، فهناك بعض التلميحات المبكرة إلى أن الفيروس يمكن أن ينتشر بين الماشية، حيث أفادت التقارير أن الأبقار في أيداهو أصيبت بالمرض بعد تعرضها لأبقار تم شحنها من تكساس. ويُعتقد أيضا أن حالات ميشيغان مرتبطة بأبقار من تكساس. ومع ذلك، ما تزال هناك حاجة إلى تأكيد قدرة فيروس H5N1 على الانتشار بين الأبقار.

إقرأ المزيد دراسة: "كوفيد" ما يزال أكثر فتكا من الإنفلونزا

وفي ما يتعلق بالبشر، "لم تجد الاختبارات الأولية تغييرات في فيروس H5N1 من شأنها أن تجعله أكثر قابلية للانتقال إلى البشر"، كما أشارت وزارة الزراعة الأمريكية في بيان صدر في أبريل. مضيفة: "في حين أن الحالات بين البشر الذين هم على اتصال مباشر مع الحيوانات المصابة ممكنة، فإن هذا يشير إلى أن الخطر الحالي على الجمهور ما يزال منخفضا".

وأفادت مراكز السيطرة على الأمراض أيضا أنه لم تكن هناك تغييرات على الفيروس من شأنها أن تجعله مقاوما للأدوية المضادة للفيروسات المعتمدة من إدارة الغذاء والدواء (FDA) لعلاج الإنفلونزا.

ومع ذلك، يوصي الخبراء بضرورة تجنب الحيوانات المريضة أو الميتة. ويجب عليهم أيضا تجنب الحليب الخام أو البراز أو القمامة أو المواد الأخرى الملوثة بالحيوانات المشتبه في إصابتها بفيروس H5N1، كما يجب تجنب المنتجات الغذائية غير المطبوخة أو غير المطبوخة جيدا من هذه الحيوانات.

وأشارت وزارة الزراعة الأمريكية إلى أن اكتشاف فيروس H5N1 في الأبقار لا يهدد إمدادات الحليب. ويتم بسترة إمدادات الحليب التجاري قبل طرحها في السوق، ما يقتل الفيروسات.

وحتى الآن، عثر على فيروس H5N1 في أبقار الألبان، لكن وزارة الزراعة الأمريكية أكدت أيضا أن إمدادات لحوم البقر آمنة وأن طهي اللحوم بشكل صحيح يقتل الفيروسات.

جدير بالذكر أنه لا توجد حتى الآن أدلة كافية لمعرفة ما إذا كان شرب الحليب الخام الملوث بفيروس H5N1 يمكن أن يؤدي إلى إصابة الإنسان بالعدوى.

المصدر: لايف ساينس

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: أخبار الصحة إنفلونزا الطيور الصحة العامة انفلونزا بحوث حيوانات أليفة حيوانات برية طيور عالم الحيوانات فيروسات معلومات عامة معلومات علمية السیطرة على الأمراض إنفلونزا الطیور إقرأ المزید فی الأبقار بین البشر یمکن أن

إقرأ أيضاً:

عيسى بيومي يكتب: الروبوتات أو أنسنة الآلة

يعود مصطلح الأنسنة للفيلسوف الإغريقي زينوفانيس (حوالي٥٦٠-٤٧٨ ق.م) وهو يعني – طبقًا للموسوعة البريطانية – إطلاق الأوصاف الإنسانية على الأشياء والأحداث؛ مثل وصف الكومبيوتر بالخبث، وتشبيه أصوات الرياح بالغضب والوعيد، وتشخيص الشمس والقمر بوجوه مبتسمة أو عابسة. 

لكن المعنى المقصود بهذا المصطلح يسبق زينوفانيس بآلاف السنين، منذ قطع الإنسان الحجارة ونحت التماثيل ليشخص معبوداته بصورته وهيئته. والآن يواصل إنسان العصر الحديث إسقاط ذاته في صنع آلة تنتصب على ساقين مثله وتتحرك بقدمين، تملك ذراعين وكتفين وكرة مثل رأسه تجتمع فيها كاميرات للنظر ومجسات للسمع والاستشعار، ويتحكم في هذه الآلة ويضبط سيرها ويسخرها نظام من أنظمة الذكاء الاصطناعي طوره مبتكره وشفّره لطاعة سيده، أو هكذا يفترض.

تمكن الإنسان من تحقيق مفهوم الدمج بين العالم المادي وتكنولوجيا المعلومات، ليس فقط في صنع حواسب وماكينات خاضعة لبرامج تشغيل مشفرة، وإنما أضاف إليها القدرة على الحركة الذاتية في نطاق محدد وظروف بيئية معينة، بعد أن شكلها على صورة بشر وأحيانًا غير البشر وأطلق عليها مسمى الروبوتات.

لم يقتصر الأمر هنا على مزج علوم الكومبيوتر بالهندسة الكهربية والميكانيكية والرياضيات لابتكار عالم قياسي جديد من تفاعل الإلكترونيات مع الحركة الميكانيكية بواسطة البرمجة مما يضفي على الآلة ذكاء مصطنعًا محصورًا في لوغاريتماته وشفراته، وإنما امتد طموح المخترعين لاستقراء علوم البيولوجي وعلوم الدماغ والأعصاب وعلوم النفس والعلوم المعرفية والفلسفة؛ لكي يستنبطوا تعريفًا للوعي الإنساني يمكن نسخه في الروبوت يجعله فصيلًا من الإنسان. وهم لا ينتظرون لتحقيق طموحهم أن تؤدي تلك العلوم المتخصصة دورها في فهم معنى الوعي الإنساني أولًا قبل تقليده في الكيان المصنوع، وتقدير إمكانية مضاهاته بواقع ميكانيكي، وإنما ينطلقون بكل قوة في تطوير برامجهم دون التفات لما يجهلونه عن الإنسان.

هل هو محض الفضول، وإصرار العقل البشري لاختبار حدود قدراته واللهفة على تطوير حياته أسرع وأبرع مما تمنحه الطبيعة ولو أدى ذلك إلى انقراض نوعه؟ هل هو الربح والثروة والنفوذ وما يأمنه التقدم التكنولوجي من بقاء وازدهار؟ هل هو التنافس الأخرق في الاختراع للسيطرة على العالم بأي وسيلة ممكنة ولو أدى ذلك لسيطرة المخترعات على العالم وخضوع البشرية لإله ميكانيكي من صنع أذهان أبنائها؟ 

روبوتات واعية؟!

لكي نكون منصفين في تناول مسألة الوعي ووصف الماكينة به علينا أن نفرق بين مفهومه عند الفلاسفة، ومفهومه عند علماء النفس، ومفهومه عند علماء المخ والأعصاب الذين يترجمونه بما يجري في الدماغ وما تستشعره الحواس من محيطها ليتحول إلى معلومات وبيانات يقوم المخ بتحليلها والتفاعل معها واستنتاج ما يجب على صاحبه من فعل إزائها، أو ما نسميه بالسلوك. وهذا المفهوم الأخير هو ما يتخذه علماء الروبوتات نسقًا لمحاكاة الروبوت به في محاولة لإلصاق صفة الوعي الإنساني بأدائه، باعتبار الوعي نتاج عمل المخ البحت وليس شيئًا ينتمي لعالم فوق الطبيعة لا يمكن إدراكه. فالبحوث والدراسات القائمة على تقنية تصوير الدماغ تظهر العلاقة بين نشاطات عصبية محددة وقدرات الوعي، مما يبرهن على فرضية نشوء الوعي نتيجة عمليات عصبية معقدة. 

أهم تطبيقات تكنولوجيا الروبوتات 

بالتقدم المتسارع في برامج الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا تصنيع الروبوتات بهتت الخطوط التي تفصل الواقع عن أفلام الخيال. فالروبوتات ستغير نمط عيش البشر بغزوها مجالات متنوعة تمس مناحي حياتهم المتعددة، فهي لن تبقى مقصورة على خطوط تجميع السيارات ولعب الأطفال. الأعمال التي تتسم بالتكرار والرتابة وفي نفس الوقت تتطلب الدقة المتناهية تقوم بها الروبوتات ولنذكر منها تصنيع الرقائق الإلكترونية على سبيل المثال، وكذلك المهام شديدة الخطورة على حياة البشر كغزو الفضاء واكتشاف أعماق البحار والاقتراب من فوهات البراكين.. 

ولنلق نظرة سريعة على بعض التطبيقات الحالية لتكنولوجيا الروبوتات لإعطاء انطباع عن التغيير الشامل الذي يدنو من البشرية بخطًا حثيثة شئنا أم أبينا. 

في الرعاية الصحية

الروبوتات لا تكل ولا تشتكي أو تتأفف؛ تُعين الجراحين في تنفيذ العمليات مثل الروبوت الشهير دافينشي، والروبوت الدقيق أوريجامي الذي يبتلعه المريض في كبسولة ليعالج متاعب في المعدة، ومنها ما ينتقل في مجرى الدم للوصول بالدواء في ثوان لأي جزء في الجسد لمعالجته، ومنها ما يقوم بمهام التمريض العادية كإعطاء الدواء للمريض في أوقات محددة أو التواصل بينه وبين طبيبه مثل روبوت جيبو، كما تقوم بتعقيم وتطهير حجرات وأرضيات المستشفيات بالأشعة فوق البنفسجية مثل روبوت لايت سترايك. 

ولهذا أصبحت الروبوتات جزءًا هامًا من المنظومة الصحية في الدول المتقدمة.  فمثلًا شارك الروبوت دافينشي منذ وافقت على استخدامه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عام ٢٠٠٠ في ملايين العمليات الجراحية على مستوى العالم بما فيها عمليات القلب.

في التعليم

أنواع متعددة من الروبوتات تؤدي دورًا متناميًا ومطردًا في الأنشطة التعليمية والتدريبية، وهو دور لو التزم بالمعايير الإنسانية يمكنه أن يسهم في محو أمية البشر وتأهيلهم للعمل، خاصة في بقاع من الأرض تفتقر للمدرسين والمدربين. ومع التطور المطرد الحادث في أنظمة الذكاء الاصطناعي والتعلم العميق للماكينة، ربما ينمو دور الروبوتات في مجال التعليم ويحدث ثورة في البناء المتعارف عليه الآن للنظم التعليمية في العالم أجمع.

 ومن الأمثلة على تلك المحاولات في الوقت الحاضر الروبوت إلياس لتعليم أكثر من عشرين لغة، الذي تم تجربته في مدارس فنلندا عام ٢٠١٨، والروبوت كيكو المتداول في رياض الأطفال في الصين يقص عليهم الحكايات ويطرح الألغاز، وكثير غيرهما.

فهل تنتفي الحاجة لبناء المدارس وإعداد المدرسين ويصبح لكل فرد نموذجه التعليمي المستقل الذي يأخذ في حسبانه قدراته ومواهبه مستهدفًا أفضل بنيان لعقله وجسده؟ حينئذ ستُعظم البشرية من مكون أفرادها وتقلل الفاقد من أعمارهم. لكن هذا التفاؤل مشروط بتغيير المفهوم المادي البحت للتقدم الحضاري.

في الزراعة

من أهم استخدامات الروبوت في النشاط الزراعي حاليًا في مرحلة الحصاد، كما يستخدم أيضًا في نثر البذور والري واقتلاع الحشائش الضارة ومراقبة الظروف الجوية وتحليل التربة، وحلب الأبقار. 

هذه التطبيقات تقلل الحاجة للعمل اليدوي وبالتالي تخفض تكلفة الإنتاج الزراعي في الدول التي تعاني من نقص الأيدي العاملة نتيجة ارتفاع نسبة كبار السن فيها مع ضعف نسبة المواليد الجدد مثل اليابان وهي مشكلة تزحف على الدول المتقدمة عمومًا. وبمفهوم الحضارة الحديثة تأتي الحلول دائمًا من واقع الحال التكنولوجي المهيمن على البشر وليس من نهج أخلاقي وتفاعل إنساني يؤالف بين شعوب تفتقر الشباب العامل وشعوب تفتقر العمل لشبابها.

في المجال العسكري

والعالم يموج بالصراعات والمصالح المتضاربة التي لا هدف لأصحابها غير الهيمنة المطلقة على الغير والنفوذ المادي المطلق، ولا يرتأي المتصارعون فيه أو عليه وسيلة للوصول إلى غايتهم غير الحرب والدمار؛ لا غرابة أن تكون كل تكنولوجيا جديدة محط أنظار زعمائه لتوظيفها في حروبهم، وتكنولوجيا الروبوتات ليست استثناء.

التنافس على اختراع الروبوتات العسكرية ذات التحكم عن بعد أو ذاتية الحركة لا يهدأ، سواء لأغراض الهجوم أو البحث والإنقاذ أو النقل أو التجسس. أصبحت هناك روبوتات تحلق في الهواء تقتل وتدمر وروبوتات تغوص في البحار لتقتفي وتفجر وروبوتات تنطلق فوق سطح الأرض لتكتسح وتسوي.

 الأبحاث جارية لتحويل المدفعية لأسلحة ذكية تحسب كمية المقذوفات المطلوبة لتدمير هدف ما وتُشحن ذاتيًا، ويمكن ترك أمر الإطلاق لها لولا ما سنته اتفاقيات جنيف من ضرورة تدخل العنصر البشري في إصدار هذا الأمر.

 وإن لم يمنع هذا من استمرار تطوير أنظمة الأسلحة الفتاكة المستقلة (LAWs) أو الروبوتات القاتلة.

ويدفع القادة العسكريون ويدافعون عن الروبوتات العسكرية بأنها لا تغفل أو تشعر بالتعب، ولا تختبئ خوفًا أو تتحدث لزملائها، وهي لا تشعر أو يتنازعها الضمير حين تؤدي مهامها فليست في حاجة لطبيب نفساني يعالج صدماتها، فهي منقذ للجنود من القتل ومن ويلات الحروب إذا حاربوا. وبالطبع لا يهم ما تحدثه من قتل ودمار في الجانب الآخر.

استكشاف ما يتخطى قدرة البشر

كيف يمكن للإنسان ببدنه الضعيف السفر الممتد في الفضاء نحو الكواكب في مجموعتنا الشمسية ولا أقول فيما يقطن المجرة وما بعدها؟ 

المريخ من أقرب تلك الكواكب وأهونها، تبلغ الرحلة نحوه تسعة أشهر بتكنولوجيا اليوم، كما أن ظروفه الجوية لا تناسب حياة الإنسان لنقص الأوكسجين والماء وبرودته الشديدة وتعرضه للإشعاع وتربته السامة وجاذبيته الضعيفة مقارنة بالجاذبية الأرضية؛ فبدون حماية دائمة لا تدوم حياة إنسان على المريخ أطول من دقيقتين، لكن الروبوتات بالتصميم المناسب يمكنها السفر إليه دون مشقة والتواجد فوق سطحه والحركة وانتقاء عينات من تربته وتحليلها لاستكشاف أسراره والتواصل مع مراكز المراقبة الأرضية لتلقي التعليمات على مدى زمني يصل لعقود، كما هو حادث الآن. 

حقيقة وصول الإنسان بجسده إلى كوكب من الكواكب وتطويع الظروف لتناسب استمرار عيشه على سطحه؛ له زهوه ويلهب خياله ويجعل من طموحه واقعًا، لكن طبيعة خلقة البشر منحتهم ذلك الجسد الواهن الذي لا يمكنه العيش إلا في ظروف محددة، وإنما بالعقل يمكنهم استيعاب الكون واستكشاف أسراره بما يبتكرونه من وسائل مثل الروبوتات. 

وكذلك يمكن بالروبوتات المتخصصة اكتشاف أسرار الأرض والحياة في أرجائها المترامية، حيث يصعب وأحيانًا يستحيل على الإنسان الوصول إليها بجسده؛ مثل أعماق المحيطات التي تبلغ آلاف الأمتار ويصل الضغط الهيدروستاتيكي عندها مئات ضعفه على السطح، ومثل باطن الأرض وفوهات البراكين التي تزيد درجة حرارتها على الألف درجة مئوية، وكلها ظروف يستحيل على أجساد البشر احتمالها. 

في خدمة العملاء 

وفي المعارض التجارية تتحرك الروبوتات لمساعدة الزائرين في الوصول لأجنحة الشركات العارضة، وفي المتاحف خاصة العلمية منها تقدم الروبوتات خدمة الشرح والتفسير للمفاهيم العلمية التي سبق تحميلها في ذاكرة الروبوت المزود ببرامج الذكاء الاصطناعي اللغوية ليقوم بترديدها، كما يمكنها التفاعل مع أسئلة الزائرين.

وتقوم روبوتات خدمة العملاء أثناء تفاعلها مع العملاء بجمع بيانات عنهم لتحليل اختياراتهم وتنميط سلوكهم مما يساعد على تطوير سياسات التسويق الخاصة بالشركات التي يعملون لها. وهذا ليس كلامًا نظريًا أو محدودًا بمعامل البحث والاختراع؛ فهناك عشرات الآلاف من روبوتات خدمة العملاء تؤدي عملها في الدول المتقدمة.

هذه الأمثلة من التطبيقات المختلفة لتكنولوجيا الروبوتات في أنشطة الإنسان المتعددة التي ذكرناها آنفًا تُظهر كم يمكن للروبوتات أن تعين الإنسان في مهام متنوعة بمختلف المجالات، ومنها ما يعسر عليه القيام بها لضعف بنيانه الجسدي وأحيانًا يستحيل، وهي وسيلة لرفع كفاءة عمره القصير بما توفره من وقت، وغير ذلك من منافع تُسهم في تقدمه وارتقائه إذا استثنينا صناعة الحرب والدمار بكافة أشكاله. فما الذي يفزع الإنسان إذن من مشاركة الروبوتات لحياته؟ 

وإلى مقال قادم..

طباعة شارك الأنسنة زينوفانيس الذكاء الاصطناعي الروبوتات أوريجامي المنظومة الصحية الروبوت إلياس المريخ خدمة العملاء

مقالات مشابهة

  • مركب جديد من الشوكولاتة قد يغيّر قواعد علاج إنفلونزا الطيور والخنازير
  • لا علاج له ولا لقاحات.. ماذا نعرف عن فيروس غرب النيل الذي ينتشر في أوروبا؟
  • حديقة حيوان بالدنمارك تطلب حيوانات أليفة لإطعام الحيوانات المفترسة.. ما القصة؟
  • اجتماع حاسم ومعارضة عسكرية.. كل ما نعرفه عن "احتلال غزة"
  • وجبة للمفترسات.. حديقة حيوانات دنماركية تفتح باب التبرع بالحيوانات الأليفة
  • بسبب مداهمات الهجرة.. إيداع حيوانات أليفة في مأوى بلوس أنجلوس بعد احتجاز أصحابها
  • ارتفاع حصيلة وفيات فيروس غرب النيل في إيطاليا
  • مساع قطرية لحماية الطيور المهاجرة ... ضرورة للحفاظ على التنوع البيولوجي والتوازن البيئي
  • قرار وزاري بحظر استيراد الطيور الحية من منطقة في إسبانيا
  • عيسى بيومي يكتب: الروبوتات أو أنسنة الآلة