”إذا اهتممنا نحن، سيهتم العالم. وإذا تحركنا، فإن العالم سيتبعنا"، هذا ما قاله باراك أوباما، الذي كان حينها أصغر سيناتور في مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية إلينوي، أمام آلاف الأشخاص الذين توافدوا، في أبريل/نيسان عام 2006، إلى المتنزه الوطني في واشنطن العاصمة لحضور مسيرة حاشدة شارك فيها مشاهير ورياضيون أولمبيون ونجوم سياسيون صاعدون من أجل حشد دعم دولي لوقف الإبادة الجماعية في إقليم دارفور غربي السودان.

وتحدثت في التظاهرة أيضا نانسي بيلوسي، التي أصبحت في ما بعد رئيسة مجلس النواب، وفي الأسبوع نفسه قدم السيناتور جو بايدن آنذاك مشروع قانون في الكونغرس يدعو حلف شمال الأطلسي (الناتو) للتدخل لوقف الإبادة الجماعية في السودان.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هآرتس: بالنسبة لنتنياهو رعب رفح ليس "حادثا مؤسفا" ولا استثنائياهآرتس: بالنسبة لنتنياهو رعب ...list 2 of 2فزغلياد: دول البلطيق والبولنديون يدفعون أوروبا نحو حرب نوويةفزغلياد: دول البلطيق ...end of list

بهاتين الفقرتين استهل مراسل مجلة "فورين بوليسي" روبي غرامر تحليله للأوضاع في دارفور، حيث تخشى منظمات الإغاثة من كارثة جديدة وشيكة مع اقتراب قوات الدعم السريع من مدينة الفاشر، حاضرة الإقليم السوداني.

وقال إن احتمال حدوث إبادة جماعية أخرى، بعد مرور 18 عاما من تلك التظاهرة، يلوح في الأفق في خضم حرب أهلية جديدة متفجرة هناك. ولكن هذه المرة، لا توجد تجمعات ولا مشاهير من الصف الأول ولا دعوات للتدخل العسكري الخارجي، بل إن حفنة من قادة العالم هم من اكتفوا بالتصريح بكلمات "جوفاء" لإدانة الفظائع، وفق المقال.

وأشارت المجلة إلى أن القتال بين القوات المسلحة السودانية ومليشيا الدعم السريع شبه العسكرية المنافسة لها -حسب وصفها- أسفر حتى الآن عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص وتشريد نحو 9 ملايين آخرين منذ بدء النزاع في أبريل/نيسان 2023. وقد اتهمت الولايات المتحدة كلا الطرفين بارتكاب جرائم حرب وفظائع، وخلصت إلى أن قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها قد ارتكبت تطهيرا عرقيا.

وقال مراسل المجلة لشؤون الدبلوماسية والأمن القومي، في تحليله، إن المسؤولين الغربيين وعمال الإغاثة بدوا منزعجين ومرعوبين من قلة اهتمام العالم بالصراع، ومن نقص المساعدات والموارد المقدمة للمنكوبين.

وحذر هؤلاء المسؤولين من أنه إذا استمرت الحال على ما هي عليه ولم تكن هناك استجابة دولية قوية للأزمة، فإن غرامر يعتقد أن السودان ربما ينهار ويتحول إلى دولة فاشلة، وربما يواجه إبادة جماعية كاملة مرة أخرى.

ولفت كاتب المقال إلى أن نطاق الصراع اتسع ليتحول إلى حرب إقليمية كاملة بالوكالة، منوها إلى أن مصر والسعودية، بالإضافة إلى إيران، تدعم الجيش السوداني، في حين تفيد التقارير بأن الإمارات تزود الدعم السريع بالسلاح والإمدادات العسكرية. كما تتلقى أيضا الدعم من تشاد ومن روسيا عبر جماعات "المرتزقة" التابعة لها، في إشارة -على ما يبدو- إلى مجموعة فاغنر.

وتتركز بؤرة الصراع الآن في الفاشر، عاصمة شمال دارفور ومركز القتال، التي يصفها غرامر في تحليله بأنها آخر معاقل الجيش في دارفور.

ووثق تقرير مطول صادر عن منظمة هيومن رايتس ووتش كيف ارتكبت قوات الدعم السريع والمليشيات المتحالفة معها فظائع واسعة النطاق، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي وقتل الأطفال ومجازر بحق المدنيين عندما استولت على مدينة الجنينة السودانية العام الماضي.

ويحذر المسؤولون الأميركيون ومسؤولو الأمم المتحدة وخبراء حقوق الإنسان من أن الشيء نفسه سيحدث على الأرجح إذا سيطرت قوات الدعم السريع على الفاشر، ولكن على نطاق أوسع بكثير.

عناصر من الدعم السريع بالقرب من مدينة الفاشر (مواقع التواصل)

وذهب ناثانيال ريموند، المدير التنفيذي لمختبر البحوث الإنسانية في كلية الصحة العامة بجامعة ييل الأميركية والذي يدير مشروعا بحثيا يراقب الصراع في السودان، إلى أبعد من ذلك، إذ نقل عنه مراسل المجلة توقعه بأن الصراع قد يسفر عن سقوط ضحايا بحجم ما حدث في هيروشيما وناغازاكي حين ألقت الولايات المتحدة قنبلتين ذريتين على المدينتين اليابانيتين في مايو/أيار 1945 قبيل انتهاء الحرب العالمية الثانية.

وعزت نيكول ويدرشيم، وهي مسؤولة كبيرة سابقة في مجلس الأمن القومي تعمل الآن مع منظمة هيومن رايتس ووتش، ضعف الاهتمام الدولي بالصراع في السودان إلى استحواذ قطاع غزة الفلسطيني على اهتمام الأميركيين والحراك الشعبي في الولايات المتحدة، الذي يتسم بالمحدودية تجاه الأزمات الخارجية.

وذكر عديد من المسؤولين الحاليين والسابقين المطلعين على مساعي وقف إطلاق النار في السودان، والذين تحدثوا إلى المجلة شريطة عدم الكشف عن هويتهم، أن المحادثات المعنية بذلك قد تُستأنف في مدينة جدة السعودية في يونيو/حزيران المقبل، وفي ذلك الوقت قد تكون قوات الدعم السريع قد استولت بالفعل على الفاشر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات قوات الدعم السریع فی السودان إلى أن

إقرأ أيضاً:

خبير: العالم منشغل بإيران وإسرائيل.. وفي غزة تستمر الإبادة الجماعية بصمت

في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم نحو التصعيد المتسارع بين إيران وإسرائيل، وما يحمله من احتمالات لانفجار إقليمي واسع، تتوارى خلف الأضواء مأساة أكبر وأعمق، لا تقل خطورة ولا بشاعة. 

ففي غزة، تستمر جريمة الإبادة الجماعية بصمت قاتل، مستفيدة من الانشغال الإعلامي والسياسي العالمي بما يدور في الجبهات الأخرى،  وخلف الضجيج الإقليمي، تمضي آلة الحرب الإسرائيلية في تنفيذ مخطط تدميري ممنهج، يفرغ القطاع من سكانه، ويحوله إلى أرض يباب، دون مساءلة أو رادع.

من جانبه، قال الدكتور جهاد أبولحية، أستاذ القانون والنظم السياسية الفلسطينى، إنه في ظل التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل، انشغل العالم بما بدا وكأنه بوادر لحرب إقليمية كبرى، لكن خلف هذا الضجيج الإقليمي تستمر في غزة جريمة الإبادة الجماعية ، حيث  لم تتوقف بل تتصاعد ، مستفيدة من حالة الغفلة الدولية وانشغال الإعلام العالمي.

وأضاف أبولحية في تصريحات لـ "صدى البلد"، أن الحرب بين إيران وإسرائيل، والتي احتلت العناوين العريضة للأخبار وتحليلات الساسة، لم تساهم بأي حال في التخفيف من جرائم إسرائيل في غزة، بل وفرت لها الغطاء الأمثل للاستمرار في مشروعها التدميري دون رقابة أو مساءلة، فبينما انصرفت الكاميرات والأقمار الصناعية لمتابعة الهجمات المتبادلة والتصريحات النارية بين تل أبيب وطهران، كانت آلة القتل الإسرائيلية تمارس مهمتها اليومية في غزة بهدوء قاتل.

وأشار أبو لحية، إلى أن المناطق التي حددتها إسرائيل كمناطق آمنة ومخصصة لتوزيع المساعدات الإنسانية، تحولت إلى مصائد موت، حيث يقتل الجوعى أثناء انتظارهم للحصول على كيس دقيق بات أغلى من الذهب في غزة المحاصرة، وهذا ليس قصفا عشوائيا، بل تكتيك مرسوم بعناية لقتل أكبر عدد ممكن من الجوعى والنازحين، واستخدام الحصار كسلاح إبادة لا يقل فتكا عن القنابل.

وأكد أبو لحية، أن الجوع بات يفتك بأمعاء الأطفال والنساء والشيوخ، في ظل انهيار كامل للمنظومة الصحية، حيث المستشفيات الباقية عاجزة عن تقديم أي رعاية، إما بسبب التدمير أو بسبب نفاد الأدوية والمواد الطبية، بينما آلاف الجرحى، من بينهم أطفال مبتورو الأطراف، يتركون ليموتوا ببطء لأنهم ممنوعون من السفر للعلاج.

وتابع: "وبموازاة ذلك، تستمر سياسات النزوح القسري الممنهج، حيث تجبر العائلات على التنقل من منطقة إلى أخرى، في حركة تشبه التهجير الجماعي المقنن، وكل منطقة تعلنها إسرائيل "آمنة" تصبح لاحقا هدفا مباشرا، ما يجعل المدنيين بلا وجهة وبلا أمان".

43 شهيدا بنيران الاحتلال في قطاع غزة منذ فجر اليومالأمم المتحدة: إسرائيل تستخدم الغذاء سلاحا في حربها على غزة

وأردف: "الأخطر أن هذا كله يتم ضمن استراتيجية تدمير ممنهجة، حيث لم يتبقَ حجر على حجر في معظم أحياء غزة. أحياء بأكملها محيت من الخريطة، والمدارس تحولت إلى مقابر جماعية، والمستشفيات إلى ساحات للموت البطيء، والمساجد إلى ركام. لا شيء يستثنى من القصف، وكأن الهدف الحقيقي هو محو غزة عن الوجود بالكامل".

 

43 شهيدا وقلق من التصعيد| غزة تشتعل والضرب في إيران يوسع دائرة الحرببينهم منتظرون للمساعدات.. عشرات الشهداء ومئات المصابين في غزة منذ فجر اليوم طباعة شارك إيران إسرائيل غزة قطاع غزة

مقالات مشابهة

  • وصول دفعة جديدة تضم 678 من الفارين من قوات الدعم السريع بمنطقة المثلث
  • خبير: العالم منشغل بإيران وإسرائيل.. وفي غزة تستمر الإبادة الجماعية بصمت
  • الدعم السريع وشهية الحروب التي فُتحت في الإقليم
  • قتلى وجرحى في غارة بمسيّرة للدعم السريع على الفاشر
  • الحكومة الكينية تنفي تورطها في تسليح الدعم السريع
  • إستشهاد الضابط الإداري علي منصور مانيس عقب الهجوم الذي شنته المليشيا على مدينة الفاشر
  • نازحو الفاشر تحت النار.. قصف الدعم السريع يحصد أرواح المدنيين
  • الجيش السوداني وحلفاؤه يتصدون لهجوم عنيف في الفاشر
  • داير أوجّه رسالة صغيرة لأهلنا في الدعم السريع الحاربونا برعاية دول أجنبيّة؛ وللإخوة في تشاد
  • بين تهنئة محمد كاكا ودعم حفتر … ماذا يحدث في خاصرة السودان الغربية؟