كشفت جريدة “الغارديان” البريطانية, في تحقيق حصري, عن كواليس الحرب السرية التي أدارتها وكالات الاستخبارات الصهيونية لنحو عقد من الزمن. مستخدمة في ذلك كل أساليب الضغط من ترهيب وتهديد لعرقلة عمل المحكمة الجنائية الدولية ولجم مسؤوليها من متابعة مرتكبي. جرائم الحرب الصهيونية في الاراضي الفلسطينية المحتلة.

وتحت عنوان “التجسس والقرصنة والترهيب: حرب الكيان الصهيوني المستمرة منذ تسع سنوات على الجنائية الدولية”. استهلت الغارديان التحقيق الذي نشرته على موقعها الالكتروني, أمس الثلاثاء. بالتذكير برسالة التحذير التي أصدرها المدعي العام للجنائية الدولية, كريم خان. خلال سعيه لإصدار أوامر اعتقال ضد قادة صهاينة. قال فيها “أصر على أن جميع المحاولات الرامية إلى إعاقة أو تخويف. أو التأثير بشكل غير لائق على مسؤولي هذه المحكمة يجب أن تتوقف في الحال”.

وعلى الرغم من أن المدعي العام لم يقدم تفاصيل محددة عن محاولات التدخل في إدارة عمل المحكمة. فانه أشار إلى بند في المعاهدة التأسيسية للمحكمة. يجعل أي تدخل من هذا القبيل “جريمة جنائية”, مبرزا أنه إذا استمر هذا السلوك فإن “مكتبه لن يتردد في التحرك”.

تفاصيل صادمة..

وأبرز التحقيق الذي أجرته الصحيفة بالتعاون مع مجلات اعلامية كيف وظفت المخابرات الصهيونية. أجهزة المخابرات لديها من أجل مراقبة كبار المسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية والضغط عليهم. وتشويه سمعتهم وتهديدهم في محاولة لعرقلة التحقيقات التي تجريها المحكمة.

واستند التحقيق لتصريح مسؤول صهيوني أكد أن إدارة المخابرات الصهيونية. وضعت قائمة بأسماء نحو 60 شخصا يخضعون للمراقبة نصفهم من الفلسطينيين والنصف الاخر من دول أخرى. بما في ذلك مسؤولين بالامم المتحدة وموظفين بالمحكمة الجنائية الدولية.

واعتمد هذا التحقيق على مقابلات مع أكثر من عشرين ضباطا في المخابرات الصهيونية الحاليين. والسابقين ومسؤولين حكوميين وشخصيات بارزة في المحكمة الجنائية الدولية. ودبلوماسيين ومحامين مطلعين على قضية المحكمة الجنائية الدولية وجهود الاحتلال الصهيوني في تقويضها.

وتوصلت الغارديان الى التأكيد بأن أجهزة الاستخبارات الصهيونية تمكنت بالفعل من التجسس. على اتصالات العديد من مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية. بما في ذلك السيد خان وسلفه في منصب المدعي العام, فاتو بنسودا. والتي أشرف عليها كل من مستشار الأمن القومي ووكالة التجسس المحلية “الشاباك”. بالإضافة إلى مديرية المخابرات العسكرية “أمان” وقسم الاستخبارات الإلكترونية “الوحدة 8200”.

واستمرت الأجهزة الصهيونية في مراقبة المسؤولين بما فيهم فاتو بنسودا. التي افتتحت بصفتها المدعي العام تحقيقا لمحكمة الجنائية الدولية في عام 2021. ما مكن المخابرات الصهيونية من الاطلاع المسبق على نوايا المدعي العام لطلب إصدار قرارات اعتقال ضد مسؤولين صهاينة.

واعتمدت الصحيفة على تصريحات لمسؤولين من المحكمة الجنائية. تؤكد أنهم كانوا على علم “بأنشطة جمع المعلومات الاستباقية التي يقوم بها عدد من الوكالات الوطنية المعادية للمحكمة. مبرزين أن المحكمة الجنائية الدولية تنفذ باستمرار إجراءات مضادة ضد مثل هذا النشاط. وإن “أيا من الهجمات الأخيرة ضدها من قبل وكالات الاستخبارات الوطنية. لم تخترق مقتنيات الأدلة الأساسية للمحكمة التي ظلت, حسبهم, “آمنة”.

اختراق الأجهزة الاستخبارات الصهيونية الرسائل الالكترونية

كما تحدث التحقيق بالتفصيل عن اختراق الأجهزة الاستخبارات الصهيونية الرسائل الالكترونية. حيث اعترفت خمس مصادر مطلعة على أنشطة المخابرات الصهيونية. بأنها تجسست بشكل روتيني على المكالمات الهاتفية التي أجرتها بنسودا وموظفوها مع الفلسطينيين.

شبح الملاحقات الجنائية يدفع بالكيان الصهيوني للرفع من حدة التهديد والتشهير

واعتبر تحقيق الغارديان أن قرار الجنائية الدولية بالسعي للحصول على أوامر اعتقال ضد المسؤولين الصهاينة “سابقة” في حد ذاتها. وهو ما دفع ب “المؤسسة العسكرية والسياسية للكيان الصهيوني بأكملها. الى شن حرب أكيدة ضد ما اسمته شبح الملاحقات القضائية.

وتحدثت الجريدة عن محاولة مسؤولين في أجهزة الاستخبارات الصهيونية “الموساد”. على رأسهم مديرها التخطيط لمتابعة وتهديد حياة شخصيات في المحكمة منهم بنسودا. بعد مضيها قدما في التحقيق ضد الجيش الصهيوني, بين أواخر 2019 و2021. وصلت الى حد حملة تشهير دبلوماسية طالت أفرادا من عائلتها.

وتابع التحقيق تفاصيل التجسس الصهيوني على المحكمة الى غاية تولي كريم خان رئاسة مكتب المدعي العام. للمحكمة الجنائية الدولية في جوان 2021, الذي أنشأ فريق عمل للمضي قدما في التحقيق.

كما انتقل الى الأراضي الفلسطينية المحتلة بعد عملية طوفان الاقصى. ليصدر في فيفري 2024. بيانا شديد اللهجة حول محاولة اجتياح مدينة رفح. فسره المستشارون القانونيون للكيان الصهيوني على أنه علامة تبعث على “التشاؤم”.

وتصاعدت المخاوف لدى الكيان الصهيوني, حيث أكد مصدر استخباراتي. بأن “موضوع المحكمة الجنائية الدولية تسلق سلم أولويات المخابرات الصهيونية”.

غير أن كل الضغوط التي يمارسها الكيان الصهيوني والتحذيرات الأمريكية. دفعت بالمحكمة الجنائية الدولية لتعزيز أمنها من خلال عمليات تفتيش منتظمة. لمكاتب المدعي العام وعمليات فحص أمني للأجهزة ومناطق خالية من الهواتف.

واختتم التحقيق بالقول أنه على الرغم من الضغوط, اختار خان, مثل سلفه في مكتب المدعي العام. المضي قدما في القضية, حيث أعلن الأسبوع الماضي سعيه لإصدار أوامر اعتقال بحق مسؤولين صهاينة اثنين. بتهمة المسؤولية عن الإبادة والمجاعة وحرمان إمدادات الإغاثة الإنسانية والاستهداف المتعمد للمدنيين.

المصدر: النهار أونلاين

كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة الاستخبارات الصهیونیة المدعی العام

إقرأ أيضاً:

المدعي العام بتشاد يهدد بملاحقة الصحفيين بسبب مذبحة مندكاو

أعلن المدعي العام في تشاد، عمر محمد كيدالا، عن إمكانية اتخاذ إجراءات قانونية ضد الصحفيين والنشطاء المدنيين الذين يجرون تحقيقات مستقلة في مذبحة مندكاو، الواقعة جنوب غرب البلاد.

وفي بيان رسمي، شدد كيدالا على أن أي دخول إلى المنطقة دون إذن مسبق يُعد انتهاكا لصلاحيات القضاء، وقد يعرض المعنيين للمساءلة القانونية.

ووفقا لمصادر محلية، أسفرت المذبحة، التي وقعت في مايو/ أيار 2025، عن مقتل 42 شخصا، معظمهم من رعاة الفولاني، بينهم نساء وأطفال.

وأشار البيان إلى أن بعض الصحفيين وأفراد من المجتمع المدني توجهوا إلى المنطقة لاستجواب السكان المحليين، وهو ما وصفه المدعي العام بأنه "تدخل غير مشروع في سير العدالة".

خريطة تشاد (الجزيرة) خلفية ما جرى

وقعت المذبحة على خلفية نزاع طويل الأمد بين رعاة الفولاني والمزارعين من قومية النغامايس حول حدود مناطق الرعي والزراعة.

وتُعد هذه الحادثة جزءا من سلسلة صراعات دامية بين المزارعين والرعاة، أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص وإصابة الآلاف بين عامي 2021 و2024، بحسب تقديرات مجموعة الأزمات الدولية.

وقد أثارت المذبحة موجة إدانات من منظمات إنسانية وإعلامية دولية.

توقيف سياسي بارز

وكان قد أُلقي القبض على المعارض السياسي ورئيس الوزراء السابق، سوكس ماسرا، في 21 مايو/أيار 2025، بتهمة "التحريض على الكراهية" على خلفية تصريحاته بشأن المذبحة.

وكان ماسرا، زعيم حزب "التحولات" والمرشح الرئاسي في انتخابات 2024، قد اعتُقل قبل 5 أيام من وقوع الحادثة.

رئيس الوزراء التشادي السابق سوكس ماسرا (الفرنسية)

وأعربت منظمات حقوقية، من بينها الاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمة "مراسلون بلا حدود"، عن قلقها من تصاعد القمع في البلاد، مطالبة بالإفراج عن الصحفيين المعتقلين وضمان محاكمات عادلة لهم.

وكانت السلطات قد أوقفت 3 صحفيين تشاديين في مارس/آذار 2025 بتهم تتعلق بالتعاون مع مجموعة "فاغنر" الروسية، مما زاد من تعقيد المشهد الإعلامي في البلاد.

إعلان توتر سياسي متصاعد

تأتي هذه التطورات في ظل أجواء سياسية مشحونة، عقب إعادة انتخاب الرئيس محمد إدريس ديبي إيتنو في مايو/ أيار 2024، في انتخابات أثارت جدلا واسعا وقاطعتها المعارضة.

كما عزز ديبي سلطته بفوز كاسح في الانتخابات التشريعية والمحلية في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه.

مقالات مشابهة

  • المدعي العام بتشاد يهدد بملاحقة الصحفيين بسبب مذبحة مندكاو
  • الغارديان: كيف تعيد إسرائيل تشكيل الشرق الأوسط وتواجه عزلة متزايدة؟
  • الحرس الثوري: لن نسمح للكيان الصهيوني أن ينعم بالهدوء والاستقرار
  • صحيفة فرنسية تفضح “إسرائيل”: الوحيدة التي تمتلك ترسانة نووية في ظل غموض تام وتجاهل للقانون الدولي
  • حركات الأزواد تطلب عدالة الجنائية الدولية في حرب الشمال المالي
  • محاكمة إمام أوغلو بتهمة ترهيب المدعي العام في إسطنبول
  • رايتس ووتش: انسحاب المجر من الجنائية الدولية إهانة لضحايا أسوأ الجرائم في العالم
  • عاجل| مركز إسرائيلي: المحكمة الجنائية الدولية تتجاوز صلاحياتها وتخضع لأجندات سياسية
  • إيران: سيتم تعويض الأضرار التي لحقت بالمواطنين جراء العدوان الصهيوني
  • المالكي يطالب المؤسسات الدولية بالوقوف مع إيران ضد الخطر الصهيوني