الوطن:
2025-07-05@03:20:21 GMT

الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: كيف وصلتنا السنة؟ (4)

تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT

الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: كيف وصلتنا السنة؟ (4)

إن الحقيقة الأولى التى ينبغى أن تعلم هى أن أول من قام بتدوين السنة النبوية هو سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بمعنى أنه، صلى الله عليه وسلم، أمر بتدوين السنة، فكان مما أمر صلى الله عليه وسلم بتدوينه السنن التى تعد قوانين عامة تنظم النواحى الاقتصادية والسياسية والإدارية للدولة، ومن ذلك أمره، صلى الله عليه وسلم، بكتابة تلك الصحيفة التى آلت إلى سيدنا على رضى الله عنه بعد ذلك.

وهى صحيفة فيها بيان لحدود حرم المدينة النبوية، والنهى عن تغيير علامات حدود الأرض والتعدى عليها، والقوانين الجنائية الخاصة بأنواع الجراحات وما يترتب عليها من قصاص أو دية، وتحديد أعمار الإبل التى تجب فى الديات، والنهى عن إجارة الجناة، والأمر بالحفاظ على عهود المسلمين وعدم نقضها، وغير ذلك.

وقد كانت هذه الصحيفة معلقة بقراب [غمد] سيف سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا فيه دلالة على أنها قانون ثابت لا ينقض.

ويرى د. محمد حميد الله أن هذه الصحيفة هى «وثيقة المدينة» التى كتبها سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، دستوراً لدولة الإسلام الأولى بالمدينة المنورة، والتى تعد أول دستور لدولة فى تاريخ العالم، وقد ذكرت بطولها فى بعض كتب السيرة، وروى نصوصاً منها كأحاديث متفرقة بعض المحدثين كالإمام أحمد والبخارى ومسلم وأبوداود والترمذى وابن ماجه.

كما أنه، صلى الله عليه وسلم، كتب كتاباً خاصاً بالصدقات بين فيه مقدار زكاة الحيوانات، وظل مع الخلفاء بعده، وحينما تولى سيدنا أبوبكر رضى الله عنه أمر الخلافة نسخ نسخة من هذا الكتاب لسيدنا أنس بن مالك رضى الله عنه حينما وجهه إلى البحرين، وكان لدى سيدنا عمر نسخة من هذا الكتاب، توارثها آله من بعده.

وقد روى البخارى وغيره أن أناساً شكوْا إلى سيدنا على سعاة «عمال» عثمان على الزكاة، فأرسل سيدنا على ولده محمد ابن الحنفية إلى سيدنا عثمان رضى الله عنه بهذا الكتاب، فرده سيدنا عثمان لأنه كان على علم بما فيه، ولا يستبعد أن تكون لديه نسخة منه أيضاً.

وقد كان صلى الله عليه وسلم يأمر بتدوين مثل هذه السنن لمن يرسلهم إلى الجهات المختلفة، ومن هذا كتابه الذى كتبه لعمرو بن حزم (ت 53هـ)، حين بعثه إلى اليمن يفقه أهلها ويعلمهم السنة ويأخذ صدقاتهم، وقد احتوى هذا الكتاب على أحكام فى الصلاة، والزكاة، والديات، والطلاق، والعتاق، وبيان بعض الكبائر.. وغير ذلك.

وقد كان أصحاب النبى، صلى الله عليه وسلم، والتابعون يرجعون إلى هذا الكتاب ويدعون آراءهم.

وقد احتفظ عمرو بن حزم بهذا الكتاب حتى صارت نسخة متوارثة عند آله من بعده، حتى إن سيدنا عمر بن عبدالعزيز (ت 101هـ) حينما استخلف، أرسل إلى المدينة يلتمس كتاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فى الصدقات، وكتاب عمر بن الخطاب السابقة الإشارة إليه، فوجد عند آل عمرو بن حزم كتاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى عمرو بن حزم فى الصدقات، ووجد عند آل عمر كتاب عمر فى الصدقات، مثل كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنسخا له.

وقد اطلع محمد بن شهاب الزهرى (ت 124هـ) على هذا الكتاب بنفسه، حيث أحضره له أبوبكر بن محمد بن عمرو بن حزم (ت 120هـ)، وقد اعتمد الأئمة الأربعة فى مذاهبهم على هذا الكتاب.

وقد كتب، صلى الله عليه وسلم، كتاباً مثل هذا للعلاء بن الحضرمى (ت 21هـ) حين أرسله إلى البحرين بين فيه فرائض الصدقة فى الإبل والبقر والغنم والثمار والأموال، وكتب أيضاً كتاباً لوائل بن حجر (ت 50هـ) لما أراد الشخوص إلى بلاده.

وكذلك كتب، صلى الله عليه وسلم، لمن وفد عليه من الوفود كتباً تتضمن ما يحتاجونه من أمور السنة، ومن كتبه هذه ما كتبه لوفد ثقيف، ووفد تجيب، ووفد نجران، ووفد غامد..

وهذا الذى ذكرناه من الكتب التى أمر صلى الله عليه وسلم بتدوينها ليس هو كل كتبه صلى الله عليه وسلم، وإنما هو نماذج تدل بجلاء على أن أول من بدأ بتدوين السنة فعلاً هو سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ويؤخذ منها أيضاً أن التصنيف فى السنة - أى: كتابة الكتب فى موضوعات خاصة- كان هو صلى الله عليه وسلم أول من سنه وبدأ به.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: السنة النبوية المطهرة وثيقة المدينة صلى الله علیه وسلم سیدنا رسول الله رضى الله عنه هذا الکتاب

إقرأ أيضاً:

د.حماد عبدالله يكتب: مصر التى فى خاطري !!



هذه الجملة التى جائت فى أوائل الخمسينيات مع بداية صحوة للشعب المصرى على أمل زهو وطنى – قاده مجموعة شباب ضباط مصر من القوات المسلحة – فجائت الكلمات من شدو أم كلثوم " مصر التى فى خاطري وفى فمى أحبها من كل روح ودم ".
جاءت هذه الأغنية معبره عن شعور كل مصري على أرض مصر أو خارجها – ومازالت مصر التى فى خاطر أم كلثوم – هى مصر التي فى خاطر كل وطنى اليوم – إلا عدد كبير جدًا من المصريين – لم تعد مصر فى خاطرهم أو فى " حلمهم " – أصبحنا اليوم شتات من المصريين – لم تعد مصر فى خاطرهم نتنازع 
و نتصارخ حينما نتناقش أو نتحاور – ونسمى كل مجموعة تصرخ فى وجه بعضها البعض – سواء كانوا على قهوة -أو فيما يسمى ندوة أو حتى على الهواء مباشرة – إنها حالة من الحوار أو النقاش أو الرأى والرأى الأخر – وأصبح كل فريق من الشتات يتربص بالأخر – ولا نعلم ما هو خفى تحت ثيابه – هل هو سكين قاطع أم سلاح قاذف – أم نية خبيثة لنشر الاشاعات 
و الإتهامات جزافًا – ومفيش مانع لأن سوق " السمع " رائج هذه الأيام فلا شيىء يشغل بال الكثيرين اليوم إلاأن يسأل أحدهم الأخر – هل سمعت عن فلان أو علان -هل قرأت ماذا كتب ( عدنان أو حزنان ) كل سواء – الكل يتحدث والكل ينقد والكل يشيع ما يراه وحسب هواه – لا محاسبة – ولا تدقيق فى المعلومات – ولا أهمية أساسًا لما يقال "الكذب منه والحقيقى" – ولا يهم أحد أن يصدق ما يقال أو يكذبه فنحن جميعًا نعيش فى سوق "عكاظ" !! حيث لا يفهم أحد ولا هو مطلوب أن نفهم    !!
كل هذا يهدم صورة مصر التى كانت فى خاطر أم كلثوم –وخاطرى –وخاطر كل المصريين ! 
مصر التى تجمعنا مواطنون على أرضها –ونحتمى بالرزق فيها –ونتقاسم الحياة بهنائها –ومرها فى أرجائها –تحتاج منا جميعًا أن نهدأ –وأن نعى –وأن نعمل جميعًا من أجل رفعة هذا المجتمع –مطلوب من المصريين أن ينبذوا الأحقاد –وأن يتخلوا عن مساوىء سلوك البشر وعن الأنانية –وترك الحرام –ونبذ الفساد –والبعد عن مكامن الشبهات –مطلوب من المصريين إدارة وشعب أن يتقوا الله فيما رزقهم وفيما حباهم به من نعمات –مطلوب من المصريين أن نستقوى بديننا "إسلام أو مسيحية " وأن نتبع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم –بأننا أمة متحابة تسعى للخير –وتنشر السلام –وتقضى على الجهل والمرض والفقر بالتعاون والتكافل بين أغنيائنا –وفقرائنا –مطلوب الإخلاص فى أدائنا لأعمالنا –مطلوب أن نضع فى إعتبارنا أن العمر قصير جدًا –وأن الحياة بكل ما فيها من لهو ومن متع –هى زائلة وأن الباقى فى هذه الدنيا هى الأعمال الصالحة والصدقة الجارية –ودعوات الأبناء الصالحين لأهاليهم ولأبائهم –لسنا مؤبدين فى الأرض –ولسنا بخالدين فيها إلا بالذكرى الطيبة –هذه هى أرض مصر التى فى خاطرى وفى خاطر كل مخلص من مواطنيها –لذا أمامنا جهاد عظيم –وهو جهادنا مع أنفسنا لكى نعمل على أن تكون مصر –ليست عالة على أمة أخرى –بمعونات أو منح –ولا يمكن أن نطلب الحسنة ونحن أسياد –فلسنا بأتراك الزمن الغابر "أعطنى حسنة وأنا سيدك"!!
           أ.د/حمــاد عبد الله حمـــاد 
  Hammad [email protected]

مقالات مشابهة

  • حكم صيام يوم عاشوراء فقط .. دار الإفتاء تجيب
  • أحمد ياسر يكتب: غزة بين أنقاض الجوع والكرامة
  • فعل نهى عنه النبي يوم الجمعة.. احذره
  • د.حماد عبدالله يكتب: مصر التى فى خاطري !!
  • هل يستحق البائع العربون إذا لم يتم البيع؟.. الإفتاء تجيب
  • حكم الصلاة على النبي في الميكرفون آخر الأذان
  • شحاتة السيد يكتب: الأسرار المناخية في الأمطار الصيفية
  • إسماعيل الشيخ يكتب: رحيل أحمد عامر.. لحظة صدق مع النفس وعِبرة للأحياء
  • هل ورد ذكر يوم عاشوراء في القرآن الكريم؟.. تعرف الآيات التي أشارت له
  • موعد يوم عاشوراء لعام 2025 وما فضل صيامه؟