لندن- بعد استقالتهم بسبب مواقف قيادته من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، اختار سياسيون بارزون في حزب العمال البريطاني خوض غمار الانتخابات البرلمانية المقررة في 4 يوليو/تموز المقبل، كمستقلين.

ويبدو أن بروز المرشحين المستقلين، كبديل عن قوائم الأحزاب التقليدية، قد يهدد بإرباك التوازنات السياسية التي ستتشكل على ضوء نتائج الانتخابات المقبلة.

جيرمي كوربن زعيم حزب العمال السابق، وأحد أبرز الأصوات السياسية الداعمة للقضية الفلسطينية في بريطانيا، يُعتبر أحد أبرز هؤلاء المرشحين المستقلين. وظلّت مواقفه الداعمة لفلسطين مثار تشكيك دائم من طرف خصومه السياسيين الذين اتهموه تارة "بمعاداة السامية" وأخرى "بتأييد جماعات إرهابية".

وفي لقاء مع الجزيرة نت، وصف كوربن الحراك الطلابي المناصر لغزة وفلسطين، الذي تشهده الجامعات البريطانية، بغير المسبوق والفارق، وأكد أنه سيواصل الدفاع عن الطريق الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم المتمثل في إنهاء احتلال فلسطين.

وفي ما يأتي نص الحوار:

بعد سنوات من قيادة حزب العمال. ما سبب ترشحك كمستقل؟

أشعر بفخر كبير كوني نائبا عن منطقة إزلينغتون الشمالية منذ عام 1983. خلال هذه الانتخابات، تم منعي من الترشح عن حزب العمال. لم يكن لأحد في المنطقة رأي في هذا القرار. حدثني العديد من الأشخاص في دائرتي الانتخابية على الترشح كمستقل، وهذا ما قررت فعله.

أنا أترشح لضمان أن يكون لمجتمعي صوت مستقل في البرلمان، مدافعا عنهم وعن قيمهم المتمثلة في المساواة والديمقراطية والسلام.

لقد حظينا برد فعل رائع من الناس من جميع الخلفيات والأديان والأعمار، وذلك لأن حملتنا تركز على القضايا الأساسية التي يواجهها سكان دائرتي الانتخابية من فقر الأطفال، وارتفاع الإيجارات، وخصخصة خدماتنا الصحية الوطنية، وارتفاع ظاهرة العنصرية في مجتمعنا.

هل تعتقد أنه سيكون للمرشحين المستقلين وزن سياسي بالبرلمان المقبل؟

خلال الانتخابات المرتقبة، هناك العديد من المرشحين الاشتراكيين والخضر والمستقلين يترشحون في جميع أنحاء بريطانيا، وشعبيتهم الملحوظة واحتمال تصويت الناخبين لهم دون غيرهم من المرشحين الحزبيين، تعكس يأس العديد من الناس من إيجاد البديل السياسي الحقيقي لحزب المحافظين.

ويبدو أننا سنودع فترة حكم هذا الحزب للبلاد التي دامت 14 سنة، دون إيجاد حلول حقيقية للفقر، وعدم المساواة، بينما استمر في دعمه الحروب المروعة.

أعتقد أن الناخبين البريطانيين يحتاجون خطابا سياسيا جديدا أكثر مصداقية يمنحهم الأمل في أن يتمكن أطفالنا من الحصول على مستقبل أفضل، وفي وجود عالم أكثر سلاما، وفي أننا نستطيع بناء مجتمع متماسك.

هل سيكون للحرب على غزة دور محوري في اختيارات الناخب البريطاني؟

المواطنون في دائرتي الانتخابية يشعرون -ببساطة- بالاشمئزاز من الخسارة المروعة والفادحة في أرواح الأبرياء في غزة. ملايين الناس من جميع الأديان طالبوا بوقف إطلاق النار لعدة أشهر، ولكن الطبقة السياسية وصناع القرار في البلاد تجاهلوهم ببساطة.

لقد شعرتُ -ومعي الكثيرون- بالاشمئزاز والغضب من فشل كلا الحزبين -سواء المحافظين أو العمال- في الدفاع عن القانون الدولي، وتخليهم الفاضح عن الفلسطينيين الذين يعانون في ظل الاحتلال في وقت حاجتهم لهذا الدعم.

وخلال فترة الانتخابات، بدأ بعض السياسيين بالتراجع، متوجسين ربما من العواقب الانتخابية لمواقفهم السياسية، وفي محاولة لجسر الهوة مع مزاج انتخابي غاضب من عدم قدرة الطبقة السياسية على صياغة موقف واضح وصارم تجاه ما يكابده الفلسطينيون في غزة وضد ما تمارسه إسرائيل بحقهم.

ولكن أعتقد أنه لو كانت لدى هؤلاء السياسيين النزاهة، والضمير السياسي الأخلاقي، لحزنوا على 35 ألف فلسطيني قُتلوا أو جُوّعوا أو دُفنوا تحت الأنقاض ولكنهم لم يفعلوا ببساطة بسبب جبنهم الأخلاقي والسياسي.

ما الذي ستقدمه للملف الفلسطيني في حال فوزك بالانتخابات المقبلة؟

كيف ما كانت نتيجة الانتخابات وبصرف النظر عن المشهد السياسي الذي ستفرزه، أنا ومعي كثيرون سنستمر في التظاهر دعما لغزة وللمطالبة بوقف الحرب، لأن هناك بشرا يموتون كل لحظة ولا يمكن أن نغض الطرف عن ذلك ونتجاهله دون أي حراك.

وكمرشح مستقل عن إزلينغتون الشمالية، سأستخدم صوتي في البرلمان للمطالبة بوقف مبيعات الأسلحة لإسرائيل. وسأفعل ما كنت أفعله دائما، وهو الدفاع عن الطريق الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم المتمثل في إنهاء احتلال فلسطين.

ما تقديرك للحراك بالجامعات الطلابية؟ وهل يمكن أن يكون علامة فارقة في دعم القضية الفلسطينية؟

أعتقد أن الحراك الطلابي الذي تشهده الجامعات البريطانية غير مسبوق وفارق، لقد زرت مؤخرا مخيما للطلاب في مدرسة الدراسات الشرقية والأفريقية (إس أو أي إس) لإظهار دعمي. لقد أظهر هؤلاء الطلاب وزملاؤهم في جامعات بريطانية عدة تضامنا جريئا ومُقدرا مع أهالي قطاع غزة وما يكابدونه من معاناة وآلام.

ويجب على مديري الجامعات التفاعل مع الجسم الطلابي والاستجابة لمطالبهم، واستخلاص الدروس من هذه المظاهرة السلمية الفريدة للطلاب، والنظر إلى الرأي العام في بريطانيا الذي يؤيد بشكل ساحق وقف إطلاق النار الكامل والدائم والفوري في غزة.

ويجب أن نواصل دعم حراك الطلاب السلمي، في المملكة المتحدة وفي جميع أنحاء العالم، والذي يَعد بتغيير الطريقة التي يتعاطى بها الساسة مع القضية الفلسطينية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حزب العمال

إقرأ أيضاً:

برلمانيون بريطانيون يكشفون للجزيرة نت أبعاد اعتراف لندن بفلسطين

لندن- في ظل تصاعد معاناة الفلسطينيين وتزايد الضغوط الشعبية والحقوقية، شهدت الساحة الدولية تحركات متسارعة نحو الاعتراف بدولة فلسطين، بدءا بفرنسا وتلتها بريطانيا بخطوة دبلوماسية تعكس حرص لندن على التنسيق مع باريس لإرسال رسالة موحدة في ما بدا كسباق على مكانة الدولة التي ستقود حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

في الوقت ذاته، يواجه حزب العمال البريطاني الحاكم تحديا داخليا في محاولته تلبية مطالب الضغط الشعبي المتصاعد منذ العدوان الإسرائيلي على غزة.

ووقّع أكثر من 250 نائبا بالبرلمان البريطاني رسالة لرئيس الوزراء كير ستارمر تحثه على الاعتراف بدولة فلسطين قبل ساعات من إعلان عزمه على ذلك خلال دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل.

أمر حتمي

من جانبه، قال النائب عن حزب العمال أفضل خان، للجزيرة نت، إن الاعتراف البريطاني بفلسطين بات أمرا حتميا، بغض النظر عن الشروط التي قد يُعلنها السياسيون.

وأضاف خان أن القرار يأتي استجابة لتغير المزاج الشعبي داخل بريطانيا، الذي بدأ يُظهر تعاطفا متزايدا مع القضية الفلسطينية، وهو ما يضع حزب العمال على المحك، وأشار إلى الضغوط الشعبية والدبلوماسية المتعددة، وقال "ستارمر رئيس وزراء ليبرالي، وواجبه تنفيذ ما ورد في بيان حزبه، وهناك دعم واسع لهذا القرار داخل الحزب".

إلا أنه أقرّ بوجود تفاوت بين الضغط الشعبي والقرار السياسي المخطط له، وتساءل "هل فعلها لأنه خطط لها أم لأنه تعرض للضغط؟ الأمران مختلفان، لكن الضغط واضح أنه يعطي مفعولا".

من جهتها، رحبت ناز شاه، نائبة البرلمان عن دائرة برادفورد ويست، بإعلان ستارمر، وقالت للجزيرة نت "أرحب بالقرار الذي يشير إلى أن المملكة المتحدة ستتحرك للاعتراف بفلسطين في الأمم المتحدة خلال سبتمبر/أيلول المقبل".

وأضافت "لطالما دعوت حكومات البلاد المتعاقبة إلى الاعتراف بحق الدولة الفلسطينية غير القابل للتصرف والذي لا ينبغي أن يكون مشروطا بأفعال دولة أخرى، لكن أي خطوة نحو الاعتراف إيجابية ومستحقة للشعب الفلسطيني ويجب تنفيذها".

النائب أفضل خان: قرار الاعتراف بدولة فلسطين كان نتيجة الضغط الشعبي (الجزيرة)إنذار

من جانبه، شدد خان على أن القرار يرسل إنذارا لإسرائيل بضرورة تغيير سياساتها، خاصة فيما يتعلق "بوقف السرقة الممنهجة لأراضي الفلسطينيين".

إعلان

ورغم الشروط التي رافقت خطاب الاعتراف، استبعد خان قبول حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بشرط نزع السلاح الذي وضعته الحكومة البريطانية، معتبرا أن "ذلك ليس عائقا أساسيا، القرار البريطاني لا علاقة له بأي شيء آخر. بغض النظر عن تصرفات إسرائيل أو حماس، سيُعترف بفلسطين".

من ناحيته، عبّر جلين سيكر الأمين العام لمنظمة "صوت اليهود من أجل العمال" وأحد أبرز المعارضين داخل حزب العمال، عن موقف أكثر تشككا تجاه القرار، وأوضح للجزيرة نت "ستارمر يحاول تحقيق نجاح دبلوماسي من خلال دفع ملف الاعتراف بفلسطين، وهذا سيمكنه من الرد على بعض العداء الموجه له، خاصة فيما يتعلق بعدم فعاليته في مساعدة الأطفال الذين يعانون من التجويع".

وأضاف: "ستارمر يسعى لإرضاء الرأي العام بخطوة رمزية فقط، في الوقت الذي يواصل فيه دعم صادرات الأسلحة إلى إسرائيل، الاعتراف بفلسطين بالنسبة له مجرد تخدير للرأي العام وليس حلا حقيقيا، هو يرد على الضغوط سواء من اللوبي الإسرائيلي أو الإعلام أو المؤسسات، ولا يقود الموقف بفعالية".

وعن التحديات القانونية، أوضح سيكر أن الادعاء بأن الاعتراف بفلسطين سيكون "غير قانوني لأنه لا يفي بمعايير الدولة الصالحة وفق اتفاقية مونتيفيديو لعام 1933″، يتجاهل نقطة مهمة جدا هي الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني والإستراتيجية التي منعت فلسطين من أن تصبح دولة قابلة للحياة في الأصل. وقال "لا يمكن استخدام نتيجة تصرف خاطئ من طرف واحد كسبب لإنكار حقوق الطرف الآخر".

وبرأيه، يحاول ستارمر الموازنة بين الغضب الشعبي من ناحية، وبين ضغوط الولايات المتحدة وتوقعات إسرائيل من ناحية أخرى، في محاولة لإطلاق خطوة واحدة ترضي الجميع.

جلين سيكر: ستارمر يسعى لإرضاء الرأي العام بخطوة رمزية فقط (غيتي)نقطة تحول

في تصريح للجزيرة نت، كشف مصدر رفيع المستوى -تحفظ على ذكر اسمه- أن قرار الاعتراف بدولة فلسطين يفتح بابا قانونيا لمحامي حقوق الإنسان لاستغلال اتفاقية مونتيفيديو، التي تحدد معايير قيام الدولة في القانون الدولي، مما يعزز شرعية المطالب الفلسطينية وسيادتها القانونية.

وأضاف المصدر أن قانون التجنيد الأجنبي البريطاني، الذي ينظم مشاركة المواطنين في نزاعات خارجية، لا يُطبق على جنود الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بسبب عدم اعتراف لندن بفلسطين كدولة ذات سيادة، وهو ما أكدته الحكومة العام الماضي.

لذا، فإن الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، رغم رمزيته، يشكل -حسب المصدر نفسه- نقطة تحول قانونية تتيح لمحامي حقوق الإنسان مساءلة جنود الاحتلال أمام المحاكم الدولية والبريطانية، وتبدد بذلك العائق القانوني الذي استخدم العام الماضي لمنع ملاحقتهم.

أما الخبيرة السياسية نعومي إدريسي، والممثلة الإعلامية للصوت اليهودي داخل حزب العمال، فشككت بإمكانية تطبيق القرار عمليا، معتبرة في تصريح للجزيرة نت، أن وعد ستارمر مرتبط بشروط معقدة قد تمنع التنفيذ الفعلي.

وقالت "أعتقد أن ستارمر لن يفعل ذلك إلا إذا اقتنع بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مرحِّب بذلك، وهذا يعني أنه لن يفعل ذلك إلا إذا وافق الإسرائيليون، وهم لن يفعلوا".

ووصفت إدريسي فكرة حل الدولتين بأنها "خيال، يتحدثون عن ذلك منذ الثمانينيات، لكنه مجرد وهم، لأن الأراضي الفلسطينية المحتلة إما غزة المدمرة أو الأراضي التي تُنهب من قِبل الإسرائيليين".

إعلان

وأضافت أن المستوطنات الإسرائيلية الضخمة في الضفة الغربية تجعل من المستحيل إقامة دولة فلسطينية حقيقية، وتساءلت "كيف يُمكن للفلسطينيين بناء دولة في أرض تهيمن عليها مستوطنات مسلحة تحوي مئات الآلاف من الإسرائيليين اليهود؟".

ورغم تشكيكها في النوايا الغربية، تعترف إدريسي بالقيمة الرمزية للاعتراف البريطاني، "بالنسبة للفلسطينيين، للاعتراف قيمة رمزية هائلة لأنه يعني الاعتراف بوجودهم وحقوقهم".

لكنها حذرت من أن الدعم الغربي غالبا ما يخفي مصالح إستراتيجية، لا سيما أن الدول الغربية لطالما دعمت الصهيونية وتعتبر إسرائيل حليفها في المنطقة، مؤكدة "هذه الدول لا تعني بالاعتراف ما يعنيه الناس الشرفاء والإنسانيون؛ فهي لا تقصد المساواة أو الحرية أو العدالة".

مقالات مشابهة

  • بالفيديو : لوحات إعلانية تتهم زعيمي حزب العمال البريطاني ارتكاب جـ.ـرائم حـ.ـرب في غـ.ـزة
  • شفق نيوز تنشر أسماء المرشحين لانتخابات اتحاد كرة القدم
  • انتخابات الشيوخ 2025.. طريقة الاستعلام عن لجنتك الانتخابية في جميع المحافظات
  • «تيته» تؤكد أهمية إشراك الجميع في العملية السياسية الليبية
  • الدالي: التحالفات الانتخابية ضرورة لضمان تمثيل الأحزاب في ظل نظام القائمة والفردي
  • برلمانيون بريطانيون يكشفون للجزيرة نت أبعاد اعتراف لندن بفلسطين
  • فلسطين: يجب وقف إسرائيل عن جرائم الإبادة الجماعية في غزة
  • ندوة تثقيفية بقطور حول البرامج الانتخابية ومعايير اختيار المرشحين
  • المشاركة الانتخابية.. ندوة توعوية بمجمع إعلام الإسكندرية لدعم حملة صوتك هيفرق
  • خبراء للجزيرة نت عن زلزال روسيا التاريخي: أدركنا همسات الأرض بأثر رجعي