في أحدث تطور ميداني، وصلت المواجهات التي تدور في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني والحركات المتحالفة معه، إلى المستشفى الجنوبي الوحيد العامل في المدينة، مما يهدد حياة مئات المرضى والمصابين.

وتأثرت أغلب المؤسسات العلاجية في ولاية شمال دارفور بالمواجهات المسلحة التي تدور بين الطرفين، في حين خرج كثير منها عن الخدمة فعليا.

وشنّت قوات الدعم السريع، السبت، هجوما علي مدينة الفاشر من 3 اتجاهات، ووصلت حتى المستشفى الجنوبي، بينما تحدث شهود عيان عن "نهب مخزونات من الأدوية"، وفق ما أفاد مراسل الحرة.

وشهد إقليم دارفور الذي يقع غرب السودان، حربا طاحنة في عام 2003، إذ استعان نظام الرئيس السابق، عمر البشير، بميليشيات "الجنجويد" التي أدمج أعضاؤها لاحقا، في قوات الدعم السريع.

وبعد اندلاع الصراع بينها والجيش في 15 أبريل 2023، تمكنت قوات الدعم السريع من السيطرة 4 من أصل 5 ولايات في دارفور، إذ سيطرت أولا على ولاية جنوب دارفور، وتبع ذلك سيطرتها على ولاية غرب دارفور، ثم ولاية وسط دارفور، وولاية شرق دارفور.

وتعيش ولاية شمال دارفور وضعا استثنائيا، خاصة عاصمتها الفاشر، إذ تتواجد قوات الدعم السريع، في أحياء شرق المدينة، بينما توجد الحركات المسلحة والجيش في الأجزاء الأخرى.

وتضم المدينة أكثر من مليون شخص نزحوا إليها خلال الصراع الحالي والحروب الماضية التي أوقعت أكثر من 300 ألف قتيل، وقادت لنزوح ولجوء أكثر من مليوني شخص، بحسب الأمم المتحدة.

لماذا يتجاهل العالم "الإبادة الجماعية الوشيكة" في السودان؟ نقل تقرير لمجلة "فورين بوليسي" عن مسؤولين غربيين وعمال إغاثة يعملون في السودان قولهم إنهم منزعجون لقلة الاهتمام الدولي بالصراع الجاري منذ أشهر.

وأكد المستشار السياسي لحكومة إقليم دارفور، عبد الوهاب همت، أن "ما يحدث في الفاشر كارثة إنسانية حقيقية"، منوها إلى أن المدينة شبه محاطة بقوات الدعم السريع، وأن هناك معاناة لإدخال الأدوية الضرورية.

وقال همت لموقع الحرة، إن "هناك نقصا في الخدمات الأساسية والضروية، ونقصا في الغذاء، لأن السوق الرئيسية للمدينة لم تعد تعمل بكامل طاقتها، من جراء الحريق الذي طال عددا من المحال التجارية.

وأضاف "هناك استهدف للقطاع الصحي، إذ تعرض المستشفى السعودي والمستشفى العسكري وعدد من المراكز الصحية الأخرى للقصف منذ بداية المواجهات، قبل أن تصل أخيرا إلى المستشفى الجنوبي".

وأكد المستشار السياسي لحكومة إقليم دارفور، مقتل وإصابة عدد من المواطنين في المستشفى الجنوبي، منوها إلى أن "قوات الدعم السريع أخذت عددا من مرافقي المرضى كأسرى، بينما تعرض مدير المستشفى وطبيب آخر للاعتداء والضرب".

ويأتي تصاعد القتال في الفاشر، رغم بروز قلق دولي وتحذيرات أممية عن مخاطر إنسانية قد تترتب على استمرار الصراع.

وفي أبريل الماضي، دعت وزارة الخارجية الأميركية، على لسان المتحدث باسمها ماثيو ميلر، جميع القوات المسلحة في السودان إلى "الوقف الفوري لهجماتها على الفاشر في شمال دارفور".

وجاء في البيان: "تشعر الولايات المتحدة بقلق بالغ إزاء التقارير الموثوقة التي تفيد بأن قوات الدعم السريع والميليشيات التابعة لها قامت بتدمير قرى متعددة غرب الفاشر". 

كما حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في وقت سابق هذا الشهر، من عمليات القتال في الفاشر.

تحركات جديدة.. ماذا تريد مصر من مؤتمر القوى المدنية السودانية؟ في تحرك مصري جديد بالأزمة السودانية، أعلنت القاهرة عن مؤتمر للقوى السياسية المدنية السودانية، نهاية يونيو، وأشارت إلى أن المؤتمر يهدف للوصول إلى توافق بين تلك التشكيلات عن "سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان"، عبر حوار سوداني/ سوداني.

في المقابل، نفى مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، دخول قواتهم إلى المستشفى الجنوبي بالفاشر، مشيرا إلى أن "قوات الدعم السريع تصدت للهجوم الذي طالها من الجيش والحركات المتحالفة معه، وحققت تقدما ميدانيا".

وقال طبيق لموقع الحرة، إن "الجيش يسعى لتغطية الهزائم التي يتلقاها في جبهات القتال، من خلال نسج الأكاذيب، ومن خلال اتهام الدعم السريع بأشياء ليست حقيقية".

وأشار إلى أن "هذه الاتهامات ليست جديدة، وظللنا نسمعها منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل 2023، وهي تهدف لصرف الأنظار عن تورط الجيش في قصف المدنيين العزل بالطيران".

وأضاف "عمليات القصف التي ينفذها الجيش تهدف لإبادة بعض المكونات، خاصة في منطقة الزرق وكبكابية وغيرها".

ولفت مستشار قائد قوات الدعم السريع إلى أن "الجيش يستخدم المواطنين دروعا بشرية ويعرض حياتهم إلى الخطر، بجانب قصفه مواطنين في مناطق أخرى".

وحذرت مسؤولة الشؤون السياسية بالأمم المتحدة، روزماري ديكارلو، في أبريل الماضي، من أن نحو 800 ألف شخص في مدينة الفاشر معرضون "لخطر شديد ومباشر" في ظل تفاقم أعمال العنف".

ويشير الإعلامي، الناشط المجتمعي، في مدينة الفاشر، خالد أبو ورقة، إلى أن "الوضع في المدينة آخذ في التدهور، مع تصاعد القصف المدفعي".

وقال أبو ورقة لموقع الحرة إن "القصف أدى لمقتل أعداد كبيرة من المواطنين، بما فيهم أسر كاملة، داخل منازلهم، خاصة في الناحية الشمالية الشرقية والناحية الشمالية الجنوبية للمدينة".

ولفت إلى أن السكان باتوا في حالة نزوح داخلي بين الأحياء، هربا من نيران الحرب، بينما يواجه الذين يحاولون الفرار من المدينة إلى مناطق أخرى، خطر الموت.

وأضاف "من يحاولون الهرب من الفاشر يتعرضون للسلب والنهب والقتل، مضيفا "بالأمس حاولت أسرة الفرار من الفاشر عن طريق مليط، فتم قتل جميع أفرادها". 

وأشار الناشط المجتمعي إلى أن المدينة تواجه ندرة كبيرة في السلع الأساسية والضرورية، بجانب ارتفاع كبير في أسعار السلع، مما يفاقم معاناة المواطنين.

القاعدة الروسية وتحركات التقارب السوداني مع موسكو.. لماذا الآن؟ على وقع الحرب الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يتحرك قادة الحكومة السودانية لترسيخ العلاقات مع روسيا، وسط اعتراضات من قبل مكونات سياسية سودانية، وبخاصة الباحثة عن إنهاء الحرب واستعادة المسار الديمقراطي.

بدوره، لفت همت إلى أن المعاناة لا تقتصر على القطاع الصحي، إذ يواجه السكان مشكلة كبيرة في الحصول على مياه الشرب، بسبب محاولات قوات الدعم السريع السيطرة على خزان قولو الوحيد الذي يمد المدينة بالمياه.

ويتفق همت مع أبو ورقة بخصوص الخطر الذي يواجه الفارين من المدينة إلى مناطق أخرى، قائلا إن "هناك صعوبة تواجه الذين يرغبون في مغادرة الفاشر هربا من الحرب، إذ تقوم قوات الدعم السريع بقتلهم أو سلبهم وترويعهم".

من ناحيته يرد الباشا بأن قوات الدعم السريع لا تعترض طريق النازحين، وأنها أعلنت مرارا عن فتح مسارات للمدنين الراغبين في الخروج من الفاشر، مؤكدا أن قوات الدعم السريع ترحب بأي جهود تهدف إلى إحداث هدنة في الفاشر، أو إيقاف القتال.

واندلعت المعارك في السودان في 15 أبريل من العام الماضي بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي".

وأسفرت المعارك عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص، بما في ذلك ما يصل إلى 15 ألفا في مدينة الجنينة بإقليم دارفور بغرب البلاد، وفق الأمم المتحدة.

وأجبر القتال نحو 9 ملايين شخص على النزوح. وبحلول نهاية أبريل، نزح إلى ولاية شمال دارفور وحدها أكثر من نصف مليون شخص جديد، وفقا لبيانات الأمم المتحدة.

وتسببت الحرب بإغلاق أكثر من 70 في المئة من المرافق الطبية في البلاد، ووضعت ما تبقى من مرافق تحت ضغوط كبرى. ويواجه 1.7 مليون سوداني في دارفور خطر المجاعة.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: ولایة شمال دارفور قوات الدعم السریع المستشفى الجنوبی مدینة الفاشر فی السودان فی الفاشر فی مدینة أکثر من إلى أن

إقرأ أيضاً:

حاكم إقليم دارفور يحذر من خطر تقسيم السودان

حذر حاكم إقليم دارفور ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي من خطر تقسيم السودان، متهما في الوقت ذاته مسؤولين سودانيين بالتخلي عن دارفور بعد السيطرة على وسط البلاد.

ونبه مناوي أمام حشد لزعماء القبائل بمدينة بورتسودان، أمس الجمعة، من "خطط لتقسيم السودان"، مؤكدا أن الشعب سيعمل على إفشال هذه الخطط. وأوضح أنه لا يمكن تقسيم البلاد بالطريقة التي تريدها قوات الدعم السريع.

ولفت إلى أن سفير دولة عظمى (لم يسمها) اتصل به في بدايات الحرب طالبا رأيه بشأن تشكيل 3 حكومات في السودان.

وأكد أنه حال توحد كل الأطراف الرافضة لمشروع الدعم السريع فإن ذلك كفيل بمنع تشكيل الحكومة الموازية (التابعة لقوات الدعم السريع).

وقال مناوي إن بعض المسؤولين السودانيين يعتقدون أن السيطرة على ولايتي الجزيرة (وسط البلاد) والخرطوم يكفي بحجة أن المناطق الطرفية تشهد صراعا منذ ما قبل استقلال.

وبينما أشار إلى "وجود مسؤول سوداني كبير يعتقد أن الحرب خارج الخرطوم غير مهمة"، نبّه مناوي إلى أن دارفور ليس مجرد جغرافيا، بل هو إقليم زاخر بالثروات والموارد وذو مجموعات سكانية متداخلة مع دول أفريقية.

وخلال يناير/كانون الثاني ومارس/آذار الماضيين استعاد الجيش السيطرة على ولايتي الجزيرة والخرطوم وأجزاء من ولاية النيل الأبيض وأجبر قوات الدعم السريع على الانسحاب إلى دارفور وكردفان.

وأعلنت قوات الدعم السريع، السبت الماضي، تشكيل حكومة موازية في السودان، في خطوة حذرت الأمم المتحدة سابقا من مخاطرها على وحدة البلاد.

وسيرأس قائد قوات الدعم السريع السودانية محمد حمدان دقلو (حميدتي)، المجلس الرئاسي في الحكومة الموازية، في حين سيكون قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، عبد العزيز الحلو، نائبا له في المجلس المكون من 15 عضوا.

مقالات مشابهة

  • جريمة بشعة: مقتل طفلة رضيعة.. ودفن الضحايا “ممنوع”
  • السودان.. مقـ.ـتل 15 مدنيا برصاص قوات الدعم السريع في دارفور
  • “فضيحة إنسانية: الحمل سفاحًا وتزويج النساء قسرًا بمعتقلات في الفاشر
  • عاجل.. الجيش السوداني يُعلن إسقاط طائرة مسيرة تابعة لـ الدعم السريع في مدينة الفاشر
  • الفاشر تسير نحو المجاعة
  • حاكم إقليم دارفور يحذر من خطر تقسيم السودان
  • “مغادرة بلا عودة”.. والي شمال دارفور يحذر من مغبّة الخروج من الفاشر
  • السودان.. الجنائية الدولية تتسلم ملف جرائم الدعم السريع في دارفور
  • “الجنائية” تتسلم ملف جرائم “الدعم السريع” في السودان
  • “الدعم السريع” تنشئ كلية حربية في إحدى مدن غرب السودان