جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-10@23:49:42 GMT

طوفان "بوح"

تاريخ النشر: 10th, June 2024 GMT

طوفان 'بوح'

 

عائشة بنت أحمد البلوشية

 

كُلنا يعي حقيقة أنَّ سيدنا نوح- عليه وعلى رسولنا الصلاة والسلام- هو الأب الثاني للبشرية، فقد دعا على قومه الذين ما فتؤوا يسخرون منه، علاوة على تكذيبه طوال مئات السنين التي استمر يدعوهم فيها إلى التوحيد، فلما زاد الطغيان وانتشر الكفر والظلم، حانت ساعة الطوفان، فظهرت العلامة بأن "فار التنور"، وهطلت مياه السماء، وانفجرت عيون الأرض، فأغرق الله تعالى الأرض ومن عليها وما عليها بطوفان عظيم؛ ليصبح طوفان نوح رمزًا للتطهير، وغلبة الحق على الباطل، وإعلاء كلمة الله عزَّ وجلَّ على الأرض، ونجت الفئة المؤمنة التي آمنت بنوح عليه السلام وركبت معه الفلك، وهلك من خالفه؛ بل حتى ولده الذي عصى أباه كان من المغرقين، أي أنه تعالى لم يستثن أحداً ممن خالف أوامر نبيه عليه وعلى رسولنا محمد الصلاة والسلام.

"طوفان الأقصى" هو الاسم الذي أطلقته المقاومة الباسلة على العملية المستمرة منذ السابع من أكتوبر 2023، وكُلنا يتذكر كل الأسماء أو بعضها التي أطلقت على العمليات السابقة على امتداد الزمان لما يربو على 70 عامًا ونيف من الاحتلال والتنكيل والقتل والتهجير والنهب والتجويع واغتصاب الأرض، لكن وكأنَّ هذا الاسم جاء اليوم ليظهر الحق على الباطل، ويطهر الأرض ممن أفسدوا فيها، ويرفع الظلم الذي استشرى وانتشر، ويزيل الغشاوة من على أبصار العالم أجمع، وينزع سدادات الآذان، بل حتى إن الصم سمعوا صرخات الحق، فمن كان يتوقع أن ينهض طلبة الجامعات "الغربية"، ليتظاهروا تضامنًا مع غزة، طالبين من جامعاتهم التوقف عن الاستثمار في أو مع الكيان الصهيوني؟!

هؤلاء الطلبة الذين ينتمون إلى الجيل "z"، وبات من المُسلَّم به أن أدمغتهم قد تمَّ غسلها لتنعدم المروءة فيها، وأن قلوبهم تم تمييعها لتمحى النخوة فيها، حرك طوفان الأقصى السفن من تحت أرجلهم، فسمعوا أصوات الإنسانية، ولم يثنهم تهديد بالفصل، أو زج في السجون، أو مهانة الاعتقال، أو الضرب المبرح، وأصبحنا نرى اليوم أن بلد الحرية- كما يزعمون-، لا حرية فيها، بل تهاوت هراوة عسكرهم بقوة على الأستاذ المُسن والطالب على حدٍ سواء، وسيقت السيدات من المعلمات والطالبات بنفس الأسلوب المُهين، طوفان الأقصى أسقط الأقنعة لتخرج الوجوه الكالحة والقبيحة على حقيقتها.

أعي جيدًا أننا جميعًا نؤمن بأنَّ النصر آتٍ لا مُحالة، ولكن ما لم أتوقعه أنني سأرى ما أراه وأنا لازلت على قيد الحياة، أن أشاهد هذه الأخبار عبر شاشات التلفاز، أو في مواقع التواصل الاجتماعي، أن تتصدر القضية الفلسطينية عناوين أخبار العالم بعد أن كانت في طيِّ النسيان، أن تتم مقاضاة الكيان الصهيوني في محكمة العدل الدولية، والمحكمة الجنائية الدولية، وأن تبدأ الدول الغربية، نعم الغربية في الانضمام واحدة تلو الأخرى إلى قضية التطهير العرقي والقتل والإبادة المرفوعة ضد الكيان الصهيوني، بل أن يوضع جيش الكيان الصهيوني في القائمة السوداء لأنه جيش قاتل للأطفال، وأن تقطع أفضل وأكبر الجامعات "الغربية" وأعرقها استثماراتها في الكيان المحتل، وأن تبدأ الدول "الغربية" واحدة تلو الأخرى في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وأن تبدأ الدول تباعاً بقطع علاقاتها مع الكيان الصهيوني، وأن يتحرر العالم من السيطرة الإعلامية الصهيونية المحكمة على الأدمغة، كل هذه المكاسب التي كانت يومًا ضربًا من الخيال باتت واقعاً نعيشه ونسمعه ونراه.

ورغم وقوف الدول التي تدعي العظمة- لأنها سقطت أخلاقيًا- مثل أمريكا وبريطانيا وفرنسا ومساهمتها في عمليات التطهير العرقي وإبادة الأطفال والنساء والمدنيين، إلّا أنه وقوف مع الباطل، فطوفان الأقصى جاء فيصلًا بين الحق والباطل، وكلاهما جليَّان تمامًا، فتحية صادقة إلى جميع أولئك الطلبة في جامعات العالم وأساتذتهم على تعليمنا درساً أن المؤسسات التعليمية هي صروح علم وتربية، وأن الإنسانية ما تزال بخير، وتحية إلى تلك الشعوب الغربية لأنهم أثبتوا أن القضية الفلسطينية قضية جميع الشعوب لا تقتصر على العرب فقط، ولأنهم أنصتوا إلى بوح طوفان الأقصى في أذن الكون، بأن الحق حق وأن الباطل باطل، وأن الظلم وباله ظلمات على الظالم.

ومثلما كان طوفان نوح تطهيرا للأرض من الظلم والطغيان والكفر، جاء طوفان الأقصى مطهرا لأدمغة أجيال العالم وجلاء لأبصارهم بحقيقة الصهيونية البشعة، وأحقية الفلسطينيين في فلسطين الأرض والوطن، وإن كل من شارك في جرائم التطهير العرقي والإبادة الجماعية للأطفال والنساء والمدنيين سيدفع الثمن على مرحلتين، أولاهما في الدنيا؛ لأنه سيظل مُطاردًا بجرائمه، وستلاحقه صرخات الثكالى والأرامل والأيتام بدعواتهم عليه في صحوه ونومه، أمّا في الآخرة وهي المرحلة الأهم لأنها السرمدية فحتمًا سيجني العقاب الإلهي وسيخلُد فيه مهانًا.

----------------------------------------------

توقيع:

 

"إِذا الشَّعْبُ يوماً أرادَ الحياةَ // فلا بُدَّ أنْ يَسْتَجيبَ القدرْ.

ولا بُدَّ للَّيْلِ أنْ ينجلي // ولا بُدَّ للقيدِ أن يَنْكَسِرْ.

ومَن لم يعانقْهُ شَوْقُ الحياةِ // تَبَخَّرَ في جَوِّها واندَثَرْ"

أبو القاسم الشابي.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

ثورة النساء في عدن: صوت الحق يعلو في وجه الإهمال

في مدينة عدن، حيث تتشابك الحرارة مع الأزمات اليومية، وحيث الشوارع تعج بالمارة وسط انقطاع دائم للكهرباء، لم تكن أصوات أبواق السيارات هذه المرة هي الأعلى، بل هتافات نساء قررن أن يكسرن حاجز الصمت. خرجت النساء من منازلهن، يحملن في قلوبهن سنوات من الضجر والمعاناة، وأيديهن ترفع لافتات تفيض بالمطالب: “نريد كهرباء لا تنطفئ”، “نريد حياة كريمة”، “نريد تعليمًا لأطفالنا”، و”نريد خدمات صحية تحترم إنسانيتنا”.

تعاني الأسر في عدن من انقطاع متواصل للكهرباء، وتدهور في النظام التعليمي، وضعف في الخدمات الصحية، ما دفع هؤلاء النساء إلى اتخاذ موقف موحّد، يطالبن فيه بحياة كريمة، مؤكدات أنهن لا يقللن عن نساء العالم في شيء، وأن لهن الحق في العيش بكرامة.

من تظاهرة في عدن 10 مايو/آيار 2025

لطالما كان للنساء دور نضالي بارز في مواجهة الفساد، واليوم يتجلى ذلك الدور بأبهى صورة في عدن. قررت النساء ألا يخضعن للظروف أو الصمت، بل أن يقفن في موقف مشرف يطالبن فيه بحقوقهن الأساسية. شعارهن كان: “جئنا لأجل ما تبقى من عدن”. تركن أطفالهن في منازل بلا كهرباء ليحملن رسالة للعالم بأنهن محرومات من أبسط حقوقهن.

النساء المشاركات في التظاهرة تحدثن عن واقع مأساوي تعيشه المدينة، حيث يصل انقطاع الكهرباء إلى أكثر من 20 ساعة يوميًا، ما يؤثر على الصحة النفسية والجسدية لأطفالهن وأسرهن. ومع ذلك، لم تقتصر مطالبهن على الكهرباء فقط؛ فقد أشرن أيضًا إلى أزمات أخرى كضعف وصول المياه، تأخير الرواتب، وغياب فرص العمل.

ما ميز هذه التظاهرة هو مشهد النساء من مختلف الأعمار، صغيرات وكبيرات، متحدات على قلب واحد. كان المشمعة والفانوس رمزًا لهذه المرحلة العصيبة، حيث رافقتا النساء في احتجاجهن، تمامًا كما رافقتاهن في ظلام لياليهن. ورغم القمع والاعتقالات التي تعرض لها الرجال في مظاهرات سابقة، جاءت النساء ليقلن كلمتهن، معلنات رفضهن لوضع بات لا يُحتمل.

في عدن، الثورات ليست دائمًا بالسلاح؛ بل بصوت النساء المطالبات بحياة كريمة. إن “ثورة النساء” تذكير بأن التغيير يبدأ من الأمهات، من ربات البيوت، من المعلمات، من القائدات، ومن كل امرأة تؤمن بأن لها صوتًا يجب أن يُسمع.

 

د.آيات النعماني10 مايو، 2025 شاركها فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام الحوثيون يقصفون أحياء سكنية ويفجرون منازل المدنيين في تعز جنوب غربي اليمن إحباط محاولة تهريب ثلاثة ملايين صاعق عسكري إلى الحوثيين عبر البحر الأحمر مقالات ذات صلة “الصحفيين اليمنيين”: محاكمة الحوثيين للمياحي أمام قضاء استثنائي جريمة ضد حرية التعبير 10 مايو، 2025 الحوثيون والإمامة.. وجهان لاستبدادٍ واحد 10 مايو، 2025 إحباط محاولة تهريب ثلاثة ملايين صاعق عسكري إلى الحوثيين عبر البحر الأحمر 10 مايو، 2025 الحوثيون يقصفون أحياء سكنية ويفجرون منازل المدنيين في تعز جنوب غربي اليمن 10 مايو، 2025 اترك تعليقاً إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليق *

الاسم *

البريد الإلكتروني *

الموقع الإلكتروني

احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.

Δ

شاهد أيضاً إغلاق عدن حقنا!!! 10 مايو، 2025 الأخبار الرئيسية “الصحفيين اليمنيين”: محاكمة الحوثيين للمياحي أمام قضاء استثنائي جريمة ضد حرية التعبير 10 مايو، 2025 الحوثيون والإمامة.. وجهان لاستبدادٍ واحد 10 مايو، 2025 إحباط محاولة تهريب ثلاثة ملايين صاعق عسكري إلى الحوثيين عبر البحر الأحمر 10 مايو، 2025 ثورة النساء في عدن: صوت الحق يعلو في وجه الإهمال 10 مايو، 2025 الحوثيون يقصفون أحياء سكنية ويفجرون منازل المدنيين في تعز جنوب غربي اليمن 10 مايو، 2025 الأكثر مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 اخترنا لك الحوثيون والإمامة.. وجهان لاستبدادٍ واحد 10 مايو، 2025 عدن حقنا!!! 10 مايو، 2025 حين يُشعل الوكيل الفتيل… وتنهال النيران من تل أبيب 6 مايو، 2025 عاد المياحي فاستقامت الكلمة 6 مايو، 2025 عدن وجه السلطة 5 مايو، 2025 الطقس صنعاء سماء صافية 20 ℃ 20º - 19º 21% 3.91 كيلومتر/ساعة 19℃ السبت 27℃ الأحد 27℃ الأثنين 26℃ الثلاثاء 29℃ الأربعاء تصفح إيضاً “الصحفيين اليمنيين”: محاكمة الحوثيين للمياحي أمام قضاء استثنائي جريمة ضد حرية التعبير 10 مايو، 2025 الحوثيون والإمامة.. وجهان لاستبدادٍ واحد 10 مايو، 2025 الأقسام أخبار محلية 30٬107 غير مصنف 24٬212 الأخبار الرئيسية 16٬376 عربي ودولي 7٬716 غزة 10 اخترنا لكم 7٬347 رياضة 2٬548 كأس العالم 2022 88 اقتصاد 2٬382 كتابات خاصة 2٬166 منوعات 2٬105 مجتمع 1٬924 تراجم وتحليلات 1٬939 ترجمة خاصة 175 تحليل 23 تقارير 1٬691 آراء ومواقف 1٬597 ميديا 1٬519 صحافة 1٬501 حقوق وحريات 1٬404 فكر وثقافة 948 تفاعل 848 فنون 502 الأرصاد 460 بورتريه 68 صورة وخبر 40 كاريكاتير 33 حصري 29 الرئيسية أخبار تقارير تراجم وتحليلات حقوق وحريات آراء ومواقف مجتمع صحافة كتابات خاصة وسائط من نحن تواصل معنا فن منوعات تفاعل English © حقوق النشر 2025، جميع الحقوق محفوظة   |   يمن مونيتورفيسبوكتويترملخص الموقع RSS فيسبوك تويتر واتساب تيلقرام زر الذهاب إلى الأعلى إغلاق فيسبوكتويترملخص الموقع RSS البحث عن: أكثر المقالات مشاهدة واللاتي تخافون نشوزهن 14 مارس، 2018 التحالف يقول إن نهاية الحوثيين في اليمن باتت وشيكة 26 يوليو، 2019 الحكومة اليمنية تبدي استعدادها بتوفير المشتقات النفطية لمناطق سيطرة الحوثيين وبأسعار أقل 12 أكتوبر، 2019 (تحقيق حصري) كيف تحوّلت مؤسسات صنعاء إلى “فقَّاسة صراع” الأجنحة داخل جماعة الحوثي؟ 29 أغسطس، 2021 مجموعة العشرين تتعهّد توفير “الغذاء الكافي” في مواجهة كورونا 22 أبريل، 2020 أكثر المقالات تعليقاً 1 ديسمبر، 2022 “طيران اليمنية” تعلن أسعارها الجديدة بعد تخفيض قيمة التذاكر 3 مايو، 2024 تفحم 100 نخلة و40 خلية نحل في حريق مزرعة بحضرموت شرقي اليمن 30 ديسمبر، 2023 انفراد- مدمرة صواريخ هندية تظهر قبالة مناطق الحوثيين 21 فبراير، 2024 صور الأقمار الصناعية تكشف بقعة كبيرة من الزيت من سفينة استهدفها الحوثيون 4 سبتمبر، 2022 مؤسسة قطرية تطلق مشروعاً في اليمن لدعم أكثر من 41 ألف شاب وفتاه اقتصاديا 29 نوفمبر، 2024 الأسطورة البرازيلي رونالدينيو يوافق على افتتاح أكاديميات رياضية في اليمن أخر التعليقات عبدالعليم محمد عبدالله محمد البخاري

سلام عليكم ورحمة الله وبركاتة...

أحمد ياسين علي أحمد

رسالة المعلم أهم شيئ بنسبة لهم ، أما الجانب المادي يزعمون بإ...

jameel hazaa

يلعن اب#وكم يا ولاد ال&كلب يا مناف&قين...

ابوسلمان المريسي

نقدرعملكم الاعلامي في توخي الصدق والامانه في نقل الكلمه الصا...

ابوسليمان المريسي

نشكركم على اخباركم الطيبه والصحيحه وارجو المصداقيه في مهنتكم...

مقالات مشابهة

  • ثورة النساء في عدن: صوت الحق يعلو في وجه الإهمال
  • صورة مرعبة للأرض من زاوية غير مألوفة تثير ذهولاً وهلعاً حول العالم( صورة)
  • مسير شعبي في اللحية بالحديدة لخريجي دورات “طوفان الأقصى”
  • مسير شعبي لخريجي دورات “طوفان الأقصى” في مديرية اللحية بالحديدة
  • مسير لخريجي دورات “طوفان الأقصى” من منتسبي الوحدات الأمنية في ذمار
  • مسير في ذمار لخريجي دورات “طوفان الأقصى” من منتسبي الوحدات الأمنية
  • أحمد أبو هشيمة: شرق بورسعيد من أرض مهملة لمنطقة لوجستية عالمية.. وشاهدوا ماذا يفعل ترامب من أجل الاستثمار في أمريكا
  • باحث: نتنياهو يستهدف القضاء على الكيان السياسي الفلسطيني في غزة والضفة الغربية
  • 45 معتقلًا واقتحام للمسجد الأقصى.. تصعيد إسرائيلي جديد في القدس والضفة الغربية
  • ضياء رشوان: طوفان الأقصى أيقظ العالم العربي.. هاجم الاحتلال بشدة (شاهد)