القدس المحتلة- تفككت حكومة الطوارئ التي شكلها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورئيس "المعسكر الوطني" بيني غانتس، وذلك بعد 8 أشهر من تشكيلها، وبذلك تعود عجلة القيادة إلى أيدي حكومة اليمين المتطرف، التي تعتمد بالأساس على تحالف "الصهيونية الدينية" بقيادة بتسلئيل سموتريتش، وحزب "عظمة يهودية" بزعامة إيتمار بن غفير.

وتحمل استقالة غانتس في طياتها رسائل كثيرة بكل ما يرتبط بسير الحرب واليوم التالي لها، وسط تداعيات متعلقة بمفاوضات "وقف إطلاق النار" وصفقة التبادل، وانعكاساتها على مشهد سياسي في إسرائيل سيزداد تعقيدا، وسيسهم باتساع المعارضة والاستقطاب، وسط ترقب باحتدام الاحتجاجات وتعميق الشرخ بالمجتمع الإسرائيلي.

وتجمع التحليلات الإسرائيلية بأن استقالة غانتس وانسحابه من حكومة الطوارئ ستزيد من سطوة وهيمنة اليمين المتطرف على الحكومة، وتعزز السيطرة والتأثير لبن غفير وسموتريتش على المؤسسة العسكرية وسير القتال، الأمر الذي يقلل من احتمال التوصل إلى صفقة تبادل وتحرير المحتجزين الإسرائيليين.

وفي المقابل، تجمع تقديرات المحللين أن هيمنة اليمين المتطرف على الائتلاف الحكومي وتفردهم بمواقع اتخاذ القرار، ستزيد التطرف بالمواقف الإسرائيلية، مما سيسهم في نزع الشرعية بالمجتمع الدولي عن حكومة اليمين واحتدام الصدام مع الإدارة الأميركية والغرب ومختلف المؤسسات الدولية.

اليمين تحت الاختبار

يعتقد المحلل السياسي في "يديعوت أحرونوت" ناحوم برنياع، أن انسحاب غانتس من حكومة الطوارئ ستكون له تداعيات على المشهد السياسي بإسرائيل وسيزيده ضبابية وتعقيدا، الأمر الذي سيؤدي إلى تعميق الشرخ المجتمعي والاستقطاب، وسيتجلى ذلك بتصاعد الاحتجاجات بالبلاد.

وأوضح المحلل السياسي أن انسحاب غانتس يترك وزير الأمن يوآف غالانت ورئيس الأركان هرتسي هاليفي وحدهما، في مواجهة حكومة يمين متطرف لا تعرف ما المسؤولية في حالة الطوارئ، وقد تتصرف بانعدام مسؤولية بكل ما يتعلق بسير الحرب ومفاوضات صفقة التبادل.

أما على الصعيد الدولي، فيرى المحلل ذاته أن انسحاب غانتس وتفكيك حكومة الطوارئ، سيجعل من الصعب على نتنياهو التفاوض مع الحكومات الأجنبية والمجتمع الدولي، وخاصة الإدارة الأميركية، كما ستضع هذه المستجدات كلا من سموتريتش وبن غفير تحت الاختبار، وستعرض حكومة اليمين لتكون في حالة مواجهة وصدام مع العالم.

ويقول برنياع إن الجيش سيواصل القيام بالعمليات العسكرية والقتال، لكن التصدعات التي بدأت تظهر في قوات الاحتياط وفي الجيش النظامي أيضا سوف تتسع، بينما تجدد حكومة اليمين المتطرف عهدها بزيادة هيمنتها على مقاليد الحكم، والتأثير على المؤسسة العسكرية والأمنية، مع توقع تصاعد الاحتجاج ضدها وفي مقدمتها عائلات المحتجزين بقطاع غزة.

القراءة ذاتها، استعرضها محلل الشؤون الحزبية في صحيفة "هآرتس" يوسي فيرتر، قائلا إنه حتى مع وجود غانتس وآيزنكوت في مجلس الحرب (قبل انسحابهما)، كان أصحاب القول الفصل والتأثير في الحكومة هم نتنياهو وبن غفير وسموتريتش، حيث كان وزراء المعسكر الوطني مجرد غطاء مناسب لنتنياهو في مواجهة الولايات المتحدة والغرب.

ولفت فيرتر أنه بانسحاب غانتس يعود ائتلاف نتنياهو إلى حجمه الأصلي بـ64 عضو كنيست، "يشكلون حكومة اليمين المتطرف التي عاثت فسادا بالبلاد"، وسيكون على رئيس الوزراء التعامل مع التيارات والأحزاب الدينية المتطرفة التي أدخلهما إلى الحكومة.

وفي محاولة من نتنياهو للحفاظ على أوراق الضغط والتأثير ضمن سلطته، يقدر المحلل أنه سيتجه نحو تفكيك مجلس الحرب، وسيكتفي بالمجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية "الكابينت"، حيث لن يكون هناك أعضاء "المعسكر الوطني" الذين كانوا بالمرصاد لوزراء اليمين المتطرف، والذين اعتاد نتنياهو الصمت والاستمتاع بالصدام والمواجهة بينهم على مدار أشهر الحرب.

يقول فيرتر إن تخبط الجيش الإسرائيلي في مصيدة غزة، من دون إستراتيجية للانسحاب وخطة لليوم التالي، هو نتيجة للهيمنة والحضور الحاسم لبن غفير وسموتريتش، بالإضافة لتخلي نتنياهو عن التحالف الإقليمي بقيادة الولايات المتحدة، مما سيؤدي لاستمرار الفوضى في الضفة الغربية وازدياد عنف المستوطنين.

"إرهاب سياسي"

ووسط هذه التعقيدات والتحولات المرتقبة بالمشهد السياسي الإسرائيلي، هناك من وجّه انتقادات إلى غانتس بسبب استقالته من حكومة الطوارئ، حيث كتب الدكتور أوري فارتمان، وهو محاضر وزميل باحث في جامعة جنوب ويلز في بريطانيا، مقالا في صحيفة "يسرائيل هيوم"، اتهم فيه غانتس بأنه الرجل السياسي الذي فكّك الوحدة بالمجتمع الإسرائيلي خلال الحرب.

وقال فارتمان إنه مع الكثير من الأمل وحسن النية، أصبح غانتس مرة أخرى محور الانتقادات العامة على جانبي الخارطة السياسية، كونه أول سياسي في تاريخ إسرائيل يستقيل من الحكومة خلال حرب، وربما من الحكومة الأكثر أهمية للدولة اليهودية منذ حرب 1948.

ولفت إلى أن سر نجاح غانتس وتعاظم قوته السياسية كان بسبب عقيدته الأمنية، ونهجه في حالات الطوارئ وتوجهه نحو الوحدة، وتعامله من منطلق اهتمامات وحرصه على الأمن القومي لإسرائيل، ويستدرك قائلا "لكن قراره بالاستقالة من الحكومة بعد يوم من عملية الإنقاذ من قلب قطاع غزة، هو بمثابة إرهاب سياسي غير مسؤول".

ويقول فارتمان إنه بدا واضحا أن نتنياهو وغانتس لا يتفقان على مستقبل القطاع ومكانة السلطة الفلسطينية، ولا على صفقة التبادل، وهي الصفقة التي يرى الكثيرون بالمجتمع الإسرائيلي أنها "خطوة غير شرعية"، بينما لا يوجد شك بالتوافق على ضرورة تدمير حماس، "لكن يبدو أن غانتس والمعسكر الذي يمثله نسوا كل هذه الأمور"، حسب الباحث.

ومن وجهة نظر محللة الشؤون السياسية في الموقع الإلكتروني "والا" طال شيلو، فإن إسرائيل وبعد استقالة غانتس تدخل مرحلة جديدة في حربها، حيث لم تعد حكومة الطوارئ التي اتخذت القرارات الإستراتيجية الكبرى خلال الأشهر الثمانية الماضية موجودة، وقالت "من الآن فصاعدا أصبحت عجلة القيادة في أيدي نتنياهو وشركائه المتطرفين".

وتعتقد أن استقالة غانتس وانسحاب "المعسكر الوطني" من حكومة الطوارئ، يعيد المشهد السياسي الإسرائيلي إلى واقع ما قبل أحداث السابع من أكتوبر، الذي كرست به حكومة اليمين المتطرف الانقسام الداخلي بالمجتمع الإسرائيلي، وتوجهت بسياساتها نحو تعميق الشرخ والاستقطاب، والعزلة والمقاطعة الدولية.

وأمام العودة إلى الواقع الإسرائيلي ما قبل الحرب، تقول محللة الشؤون السياسية إن المعارضة والمنظمات الاحتجاجية تنظر في عودة غانتس وحزبه إلى صفوفها فرصة لتعزيز النضال، وتراهن على القانون لإعفاء اليهود الحريديم من الخدمة العسكرية، رافعة من أجل إسقاط حكومة اليمين المتطرف وتقويضها داخليا، حيث يعتبر قانون التجنيد أكبر تهديد لمستقبل حكومة نتنياهو.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حکومة الیمین المتطرف بالمجتمع الإسرائیلی من حکومة الطوارئ المعسکر الوطنی استقالة غانتس

إقرأ أيضاً:

وزراء إسرائيليون يطالبون نتنياهو بإنهاء حرب غزة

البوابة - بعد مرور أكثر من عام على الحرب في غزة، أبلغ وزراء إسرائيليون رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أن الوقت حان لإنهاء الحرب في غزة.

وأضافوا بأن كل يوم يمر يفوق الضرر السياسي الفائدة العملياتية للحرب.

وقالت القناة إن تصريحات الوزراء الإسرائيليين جاءت على خلفية ما سمتها المكالمة الصعبة بين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب حينما طلب الرئيس الأميركي بإنهاء الحرب.

وأشارت إلى أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم يتم التطرق داخل الائتلاف الحكومي إلى إمكانية إنهاء الحرب.

فيما قالت القناة 12 الإسرائيلية، إن ترامب قال لنتنياهو في مكالمة (الاثنين) بوضوح: "أريدك أن تُنهي الحرب".

وتؤكد المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى بغزة أن نتنياهو يواصل الحرب استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته، لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، لا سيما استمراره في السلطة.

المصدر: وكالات

كلمات دالة:وزراء إسرائيليون يطالبون نتنياهو بإنهاء حرب غزةغزةحربإسرائيل

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

رولا أبو رمان

عملت رولا أبو رمان في قسم الاتصال والتواصل لدى جمعية جائزة الملكة رانيا العبدالله للتميز التربوي، ثم انتقلت إلى العمل كصحفية في موقع "نخبة بوست"، حيث تخصصت في إعداد التقارير والمقالات وإنتاج الفيديوهات الصحفية. كما تولت مسؤولية إدارة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي.

انضمت رولا لاحقًا إلى فريق "بوابة الشرق الأوسط" كمحررة وناشرة أخبار على الموقع وسوشال ميديا، موظفة في ذلك ما لديها من مهارات في التعليق...

الأحدثترند وزراء إسرائيليون يطالبون نتنياهو بإنهاء حرب غزة الصين: إنتاج 12.8 مليون سيارة خلال 5 أشهر أرنولد يرتدي القميص رقم 12 الأسطوري في ريال مدريد مصر تدشن أول موقع إلكتروني تفاعلي لتعليم اللغة الهيروغليفية قافلة الصمود تنطلق من مصراتة..هل تسمح لها مصر بالعبور؟ Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اقرأ ايضاًأسعار العملات المشفرة مقابل الدولار

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • إعلام عبري: إجلاء عائلات وزراء ومسؤولين في حكومة نتنياهو إلى ملاجئ محصنة تحت الأرض
  • تأجيل حفل زفاف أفنير ابن نتنياهو بسبب الحرب
  • حكومة السوداني تندد بالاعتداء الإسرائيلي على إيران
  • أفضل صيغة للصلاة على النبي .. تفك الكروب وتزيد الأرزاق وتشفي من كل داء
  • ضغوط أوروبية متزايدة على حكومة نتنياهو: ستوكهولم تطالب بعقوبات على وزراء من اليمين المتطرف
  • استقالة وزير بحكومة نتنياهو احتجاجا على عدم إعفاء المتدينين من التجنيد
  • السويد تطالب بعقوبات ضد أعضاء اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو
  • حكومة المساومات،،، كامل إدريس بين سطوة المليشيات وفوضي الكيزان
  • إسرائيل.. المعارضة غاضبة لفشل حل الكنيست وتهاجم حكومة نتنياهو
  • وزراء إسرائيليون يطالبون نتنياهو بإنهاء حرب غزة