مهرجان قوارب التنين الصيني رحلة عبر الزمن والتقاليد
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
تشو شيوان
يُعد مهرجان قوارب التنين، أو ما يسمى بالصينية "دوان وو" أحد أهم الأعياد التقليدية في الصين ودول شرق آسيا الأخرى، ويصادف هذا المهرجان اليوم الخامس من الشهر الخامس من التقويم القمري أي ما يعادل أواخر مايو أو يونيو من التقويم الميلادي، ويصادف هذا العام الإثنين، 10 يونيو 2024 لهذا أقيمت الاحتفالات الكبيرة والضخمة في جميع أنحاء الصين.
ففي العاصمة بكين تقام أكثر من 2000 فعالية، تشمل الأسواق المفتوحة وعروض التراث الثقافي غير المادي، والعادات المحلية، وفي هوتشو بمقاطعة تشجيانغ، تُقام بعض العروض البهلوانية، وهي من التراث الثقافي غير المادي للمدينة، وفي منطقة تشانغ جيا جيه السياحية بمقاطعة هونان، يؤدي الفنانون رقصة التنين، وهذه "التنانين" مصنوعة من القماش لتسهل على الراقصين تأدية رقصاتهم البهلوانية والاستعراضية، وفي مدينة ووهان بمقاطعة هوبي يمكن للسياح ارتداء الأزياء التقليدية والمشاركة في بعض الألعاب القديمة والتقاليد المحلية وبهذه الأيام تتزين الصين بزينة القوارب لتشعر أنك وسط مهرجان ضخم وكبير ينقلك في رحلة عبر الزمن والأساطير. مسقط رأس الشاعر البطل تشيو يوان.
إن مهرجان قوارب التنين له أصول عريقة حيث تُحيط بالمهرجان العديد من الأساطير والحكايات، أشهرها قصة الشاعر الوطني "تشو يوان"فقد عاش "تشو يوان" في عصر الدول المتحاربة والذي ولد في مدينة ووهان بمقاطعة هوبي وكان يُعرف بوطنيته وإخلاصه لمملكته، وتحكي الأسطورة أنه في عام ألفين وثمانية وسبعين قبل الميلاد، في اليوم الخامس من الشهر القمري الخامس، وفقا للتقويم الصيني التقليدي، قفز تشيو يوان إلى نهر ميلو بمقاطعة هونان وأغرق نفسه، عندما علم أن الأعداء قد سيطروا على وطنه. وبعد موته، ألقت الجماهير لفائف الأرز الدبق المعروفة بالدزونغ دزه، حتى تأكله الأسماك لحماية جسد الشاعر. وقد وأصبحت لفائف الدزونغ دزه أحد المأكولات الرئيسة في هذا العيد وهي عبارة عن كرات من الأرز اللزج ملفوفة بأوراق الخيزران، ترمز إلى "تشو يوان" وإلقاء الأرز في النهر، وتجتمع العائلة لتحتفل بهذا المهرجان وتناول لفائف الدزونغ دزه مع بعضهم البعض.
ويُعدّ سباق قوارب التنين من أهم فعاليات المهرجان، حيث تتنافس فرق من مختلف أنحاء العالم في سباقات مُثيرة للقوارب المزينة برؤوس التنين، وتُضفي قرع الطبول وحركات المُجدفين المُتناسقة جوًا من الحماس والتشجيع على ضفاف الأنهار والبحيرات، وهذه أهم طقوس الاحتفال بالمهرجان وتنظم العديد من المدن والقرى سباقات وبطولات محلية لسباق قوارب التنين، وبجانب سباقات القوارب، تتضمن فعاليات المهرجان العديد من العادات والتقاليد الأخرى، مثل تعليق أوراق "عشبة النار" وتُعلق هذه الأوراق على أبواب المنازل لدرء الأرواح الشريرة وجلب الحظ السعيد كما يعتقد الصينيون، بالإضافة لإقامة رقصات التنين المبهرة في مختلف أنحاء البلاد، تجسّد قوة وحيوية التنين، وقد اشتهرت هذه الرقصات وأصبحت رمزاً ثقافياً صينياً تجده أينما تجد احتفالاً صينياً في جميع أنحاء العالم.
وخلال السنوات الماضية أصبح مهرجان قوارب التنين مهرجان ثقافي عالمي يتخطى حدود الصين ليُصبح مهرجانًا ثقافيًا عالميًا يُحتفل به في العديد من الدول حول العالم، فهو يُمثل فرصةً رائعة للتعرف على الثقافة الصينية العريقة وتقاليدها المُميزة، كما يُعزز روح التعاون والمثابرة بين أفراد المجتمع خصوصاً وأن سباق القوارب يرمز للعمل المشترك بين أعضاء الفريق ولو عدنا للأسطورة فإن مشاعر حب الوطن والتفاني من أجله مازالت حاضرة في جميع تقاليد المجتمع وتجدها حاضرة في جميع الاحتفالات والمسابقات المصاحبة، ومازالت اسطورة الشاعر الوطني اسطورة ملهمة للأجيال لكونها تجسيداً حقيقياً لمعنى البطولة، وفي نظر الصينيين جميعاً يُعتبر تشو يوان بطلاً حقيقياً وكانت تضحيته ملهمة لشعبه وتكريماً لتضحيته يحتفل الصينيون كل عام بمهرجان قوارب التنين ويسترجعون إرثهم وموروثهم التاريخي الكبير.
ويُعدّ مهرجان قوارب التنين مزيجًا فريدًا من التاريخ والتقاليد والرياضة، حيث يُتيح للمشاركين فرصةً للخوض في تجربة ثقافية غنية واكتشاف عادات وتقاليد عريقة تُشكل جزءًا هامًا من الهوية الصينية، وأردت من خلال هذا الطرح أن أنقل للقارئ العربي صورة من صور الثقافة الصينية العريقة التي تخلد ذكريات أساطير الأمة الصينية، والأمة الصينية مازالت متمسكة بعاداتها وتقاليدها التاريخية العريقة وتتوارث هذه العادات الأجيال المتعاقبة، ولهذا نفخر نحن الصينيين بأساطيرنا وأسطوراتنا ونحاول جاهدين المحافظة على تقاليدها ومعانيها العميقة، ومن الجميل أن أجد نافذه أشارك فيها الأصدقاء العرب جانباً من ثقافتنا وتاريخنا الصيني الذي نفتخر به ونريد مشاركته للعالم لكونه تاريخاً ملهماً إنسانياً وحضارياً ووطنياً، ومن الجميل أن نجدد مثل هذه المعاني ونجدد روحها في نفوس شعوبنا وأمتنا، ونتشارك مع الآخرين قصصهم الأسطورية الملهمة التي ساهمت بشكل ما في رفعة حياتهم وتحسينها.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
حراك محموم في بغداد: الأحزاب تسابق الزمن لتسجيل التحالفات
12 مايو، 2025
بغداد/المسلة: يشتعل المشهد السياسي العراقي بحراك محموم لتشكيل تحالفات انتخابية قبيل موعد الانتخابات البرلمانية المقرر في 11 تشرين الثاني 2025، مدفوعًا بقانون الانتخابات الحالي الذي يعتمد نظام “سانت ليغو”، ويجعل كل محافظة دائرة انتخابية واحدة بمعامل قسمة 1.7، مما يقلل فرص المرشحين المستقلين ويدفع الأحزاب نحو التحالفات.
ويفرض القانون، الذي تغير عام 2023 استجابة لاحتجاجات 2019، شروطًا صارمة، إذ تتطلب تسجيل الأحزاب رسومًا تصل إلى 25 مليون دينار وتدقيقًا من هيئة المساءلة والعدالة، ما يعزز هيمنة الكتل الكبرى.
ويؤكد النائب المستقل ياسين العامري أن “نظام سانت ليغو يجعل فوز المرشح الفردي شبه مستحيل”، مشيرًا إلى أن “الأيام المقبلة ستشهد مباحثات مكثفة قبل إغلاق تسجيل التحالفات”.
ويضيف أن “القانون يتيح للكتل تشكيل تحالفات مختلفة بين محافظة وأخرى”، مما يجعل خارطة التحالفات متغيرة باستمرار.
وتظهر بيانات المفوضية العليا المستقلة للانتخابات تسجيل 66 تحالفًا سياسيًا و331 حزبًا حتى 5 أيار 2025، مع توقعات بارتفاع العدد قبل انتهاء المهلة الممددة في 14 أيار.
ويعكس هذا الحراك انقسامات داخل الكتل الكبرى، إذ ينوي ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي خوض الانتخابات بقوائم منفردة في بعض المحافظات.
وتشير تقديرات إلى أن الإطار التنسيقي، الذي يضم 140 مقعدًا برلمانيًا، قد يشهد تصدعًا بسبب خلافات داخلية.
ويستعيد العراق تجربة مماثلة في انتخابات 2021، عندما أدت تغييرات القانون إلى تقسيم البلاد إلى 83 دائرة، مما قلل هيمنة الأحزاب التقليدية وحفز ظهور أحزاب جديدة مثل “نازل آخذ حقي”.
وتكشف إحصاءات تلك الانتخابات عن مشاركة 42.15% من الناخبين، مع فوز التيار الصدري بـ73 مقعدًا.
وتتوقع الأوساط السياسية أن تشهد انتخابات 2025 تنافسًا شيعيًا-شيعيًا مع انقسامات سنية وكردية، وسط مخاوف من عزوف ناخبين بسبب فقدان الثقة.
وتعزز هذه الديناميكية حالة عدم اليقين، إذ يصعب التكهن بالخارطة النهائية للتحالفات قبل إغلاق التسجيل. وتبقى الانتخابات اختبارًا لقدرة النخب السياسية على استعادة ثقة الشارع، وسط تحديات الفساد والتدخلات الإقليمية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts