أبناء حفتر يحكمون قبضتهم على الشرق الليبي.. هل يجهزهم المشير للحكم؟
تاريخ النشر: 15th, June 2024 GMT
يثير صعود 3 من أصل 6 من أبناء المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق وجنوب ليبيا، تساؤلات، حيث يرى البعض أن تعاظم نفوذهم يعكس "تطلع الأب لأن تحكم أسرته ليبيا"، التي تعاني من الانقسام السياسي منذ 2011.
وعُيّن صدام، النجل الأصغر لحفتر، رئيسا لقواته البرية المسيطرة على ثلثي مساحة ليبيا تقريبا، ويتولى خالد، القيادي العسكري، منصب رئاسة الوحدات الأمنية في جيش والده بصلاحيات كبيرة.
ولا يمكن إغفال بلقاسم حفتر، الذي عينه البرلمان في فبراير 2024 مديرا لصندوق إعادة إعمار ليبيا، بصلاحيات غير محدودة.
ويقول الباحث في المعهد الألماني للأبحاث، ولفرام لاشر، لوكالة فرانس برس، إن صعود أبناء حفتر هو "جزء من استمرارية ما كان يعد منذ البداية جيشا خاصا".
ويضيف أن "الدائرة الداخلية التي تسيطر على الوحدات والموارد الرئيسية لهذه الإمبراطورية الخاصة تضم أبناءه، بجانب أبناء عمومته وأبناء إخوته وأصهاره".
وبين أبريل 2019 ويونيو 2020، حاول حفتر (81 عاما) السيطرة على العاصمة طرابلس، لكن قواته هُزمت على الرغم من الدعم الذي يتلقاه من الإمارات ومصر وروسيا، حسب فرانس برس.
وبعد هذه النكسة المريرة، يقول لاشر: "شهدنا ارتقاء أبنائه السريع في الرتب العسكرية، متجاوزين في وقت قصير ما استغرق من الضباط الآخرين عقودا من الزمن، مما جعلهم محل سخرية".
ويضيف: "لكن، منذ ذلك الحين، ومن خلال رؤيتهم كل يوم على وسائل التواصل الاجتماعي، بدأ الليبيون يعتادون عليهم".
ويشير إلى أن قرار منح المشير حفتر ابنه الأصغر صدام منصب قيادة القوات البرية في جيشه، أثار الاستغراب وتساؤلات حول استعداد الأب لنقل صلاحيات الجيش إلى نجله، الذي تمت ترقيته بشكل سريع جدا إلى رتبة لواء وعمره لا يتجاوز 33 عاما.
أما بلقاسم، فقد عينه رئيس البرلمان، عقيلة صالح، من دون عقد جلسة رسمية للنواب قبل 4 أشهر، بقرار استثنائي، مديرا لصندوق إعادة إعمار ليبيا.
ونجله الثالث خالد، فقد تمت ترقيته أيضا إلى مرتبة لواء على رأس الوحدات الأمنية للجيش، في يوليو 2023.
ويقول أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طرابلس، خالد المنتصر، إن "تجهيز وترقية أبناء حفتر ليس صدفة، هذا مشروع استراتيجي للجنرال، لتحضير أسرته لحكم ليبيا عسكريا واقتصاديا".
ويضيف المنتصر لفرانس برس، أن حفتر الذي أصيب بجلطة دماغية عام 2018، "يسرع الخطى"، مضيفا: "باعتقادي أن حفتر يحضر أبناءه بمنحهم أدوارا وصلاحيات مختلفة للحكم مستقبلا. يقوم بتجهيز مشروع سياسي متكامل برعاية بعض الأطراف الدولية، مع الأخذ بالاعتبار فشل مشروعه في فرض سيطرته خاصة على غرب ليبيا والعاصمة طرابلس، حيث المقار السيادية".
وترافق عمليات تعزيز النفوذ عمليات "قمع" لكل الرافضين أو المعارضين لتعاظم سطوة عائلة المشير، وفق فرانس برس، التي أضافت أن بنغازي وسبها شهدتا في الأشهر الماضية "اعتقال شخصيات سياسية وقبلية بارزة، إلى جانب مقتل ناشطين في ظروف غامضة".
ويرى عماد جلول، الباحث الليبي في الشؤون السياسية، أن أبناء حفتر ومنظومة الأب الأمنية والعسكرية "تفرض قيودا وتعترض أي أصوات ناقدة، من خلال التصفية والقمع، لأنها تريد ساحة خالية من المعارضة".
ويشير جلول إلى "قتل سراج دغمان الحقوقي في بنغازي، واعتقال علي أبو سبيحة أحد مشائخ الجنوب النافذين المقرب من سيف الإسلام القذافي، وسبق ذلك العام الماضي اعتقال السياسي البارز فتحي البعجة ورفاقه، لمجرد أنهم عارضو سلطة الأمر الواقع أو أظهروا انتماء سياسيا مناهضا لحفتر".
وأثار إعلان وفاة المحامي دغمان في بنغازي أبريل الماضي، عقب اعتقاله بتهمة "المشاركة في التحريض على إسقاط الأجهزة الرسمية بما فيها الجيش"، جدلا وتنديدا دوليا، بعدما أشارت تقارير إلى مقتله نتيجة التعذيب. لكن الأجهزة الأمنية قالت إنه توفي "لمحاولته الفرار وسقوطه من الدور الرابع" في مقر احتجازه.
وتتكرر حوادث الاحتجاز ومقتل الناشطين والمناهضين لحفتر، خاصة في بنغازي، وفق فرانس برس. وكان أبرزها حادثة مقتل وزير الدفاع الليبي السابق المهدي البرغثي، وعدد من مرافقيه، نهاية العام الماضي، بعدما قبض عليهم بدعوى "إثارة العنف ومحاولة القيام بهجمات مسلحة" ضد قيادة حفتر.
كما خُطف النائب البرلماني إبراهيم الدرسي، الشهر الماضي. وتشير التقارير إلى تورط جهات تابعة لقوات حفتر في خطفه.
فيما تعد الواقعة الأشهر، اختطاف النائبة سهام سيرقوه التي ما زال مصيرها مجهولا منذ عام 2019، عقب ساعات من مشاركتها في مداخلة تلفزيونية عبرت فيها عن رفضها لهجوم قوات حفتر على طرابلس آنذاك.
ورأت المبعوثة السابقة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني وليامز، في مقال نشره موقع "بروكينغز" للأبحاث والرأي ومقره واشنطن، مطلع فبراير الماضي، أن "أبناء حفتر يتنافسون على المناصب لخلافته"، في الوقت الذي يستعد فيه "للانسحاب" من الحياة العامة.
وحول مصير جيشه، توقعت بأن يتولى نجله صدام قيادة الجيش خلفا لوالده، خاصة بعد ترقيته مؤخرا.
ويقول لاشر إن "المحزن في الأمر هو أنه في الأشهر الأخيرة، بدأ الدبلوماسيون الغربيون والأمم المتحدة في إضفاء الشرعية على تركيبة السلطة العائلية هذه التي تعتبر ثلثي البلاد وثرواتها الباطنية حكرا عليها، من خلال الاجتماع علنا مع أبناء حفتر".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: أبناء حفتر فرانس برس فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
حفتر .. التورط في حرب السودان
دعم المليشيا ومصر أبرز المتأثرين
حفتر .. التورط في حرب السودان
خبير عسكري: نجل حفتر أبرم اتفاقيات تهدف لخوض الحرب مع مليشيا الدعم السريع
أمدرمان: الهضيبي يس- الوان
دخلت ليبيا على خط الحرب السودانية قبل أيام عقب مشاركة مجموعة مسلحة تتبع للقائد العسكري خليفة حفتر، حيث هاجمت تلك القوة المدججة بالسلاح أحد نقاط الارتكاز الحدودية التي تجمع مابين السودان، مصر، ليبيا. الأمر الذي وصف من قبل الحكومة السودانية بالتعدي السافر وانتهاك القانون الدولي باعتبار ماحدث تدخل مباشر في شؤون السودان ووقوف مع مليشيا حملت السلاح ضد الدولة وقامت بانتهاك حقوق المواطنين وتدمير المرافق.
بينما لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يوجه فيها السودان أصابع الإتهام إلى ليبيا بالتدخل في شؤونه، ففي شهر سبتمبر من العام 2023 أكدت الحكومة وقتها مشاركة جنود ليبيون في القتال مع الدعم السريع بالعاصمة الخرطوم مطالبة مؤسسات المجتمع الدولي التعامل بشكل جاد مع من أسمتهم بالمرتزقة بل وذهب أبعد من ذلك ووصف مايحدث يعتبر بالمهدد للسلم والأمن الدوليين جراء اتساع نطاق الحرب في السودان.
كذلك لم تخف بعض الدوائر الإقليمية مخاوفها تجاه توسع نطاق الحرب في السودان مما سيكون له تأثيرًا بالغًا على بعض دول الجوار ومن أبرزهم مصر، فقد أطلع مصدر موثوق (ألوان) على زيارة مرتقبة مطلع الاسبوع القادم لمستشار الشؤون الأمنية للرئاسة المصرية اللواء عباس كامل لمدينة بورتسودان من المتوقع أن يجري خلالها مباحثات مع المسؤولين السودانيين حول تطورات الأوضاع في المنطقة وأهم الملفات هي قضية التدخل الليبي في الشأن السوداني. وتتمثل تلك المخاوف في ازدياد حجم الأنشطة السالبة على متن الشريط الحدودي الذي يربط ما بين الدول الثلاث مما أدى إلى ازدياد عمليات بيع السلاح، والهجرة غير الشرعية، والمخدرات مما يشكل مهددًا حقيقيًا على السودان.
ويقول الخبير العسكري عبد المنعم عبد القادر أن الحرب في السودان بعد دخولها العام الثالث هناك بعض الأطراف الإقليمية والدولية التي تسعى لتنفيذ سيناريوهات محدودة النطاق خاصة وأن الهدف من توسعة نطاق الحرب قد يدفع المجتمع الدولي للتحرك وفرض مزيد من العقوبات والتهديد بفرض الوصاية لتحجيم دور الجيش.
كذلك تقليص أي دور محتمل لتطوير علاقات السودان الخارجية بما يحمله من أبعاد عسكرية، وسياسية تعزز موقف الدولة بإبرام مزيد من الصفات كما فعل مؤخرًا مع دول مثل تركيا، إيران، باكستان وغيرها من الدول.
وزاد عبد القادر: ووفقًا لما توفر من معلومات فإن من بات يقود صفقات الحرب ليس المشير خليفة حفتر إنما نجله صدام عقب زيارات قام بها مؤخرًا لكل من إيطاليا، الولايات المتحدة الأمريكية، الخليج العربي لكسب التأييد السياسي نحو خطوة متوقعة، مستغلًا في ذلك الأوضاع الداخلية التي يمر بها السودان بصورتها العسكرية. مؤكدًا أن ما يقوم به نجل حفتر – ماهو إلا محاولة للعب دور مخلب القط في المنطقة، مما سيكون له تأثير بالغ خلال الفترة المقبلة مالم يتم التنسيق المحكم وبشكل جيد مابين مصر، والسودان متوقعًا في الوقت نفسه بأن تقوم “القاهرة” بلعب دور لإثناء مجموعة المشير خليفة حفتر عن الخوض في الحرب السودانية.
ويشير الكاتب الصحفي عبدالناصر الحاج إلى خروج الحرب في السودان من دائرة التعاطي المحلي للإقليمي نظرًا لما باتت تحمله من تقاطعات لمصالح عدة دول منها حليفة للسودان وقد يطلب مساعدتها بشكل أكبر نسبة لتوسع رقعة المهددات. وهنا علينا الإقرار بأن تدخل “ليبيا” قد يطيل أجل الحرب في السودان مما يفاقم الأوضاع الإنسانية ويضاعف الوضع الاقتصادي والاجتماعي معًا، باعتبار انها قوات صممت في الأصل على عقد صفقات تحمل القتال دون أي عقيدة عسكرية وهو ماقامت به من قبل مع تشاد، والسودان الآن.
ويضيف الحاج: فالأمر أيضا يستدعي تحركًا سياسيًا من قبل الحكومة السودانية يتجاوز محطة الإدانات، فهناك كروت رابحة ما تزال بيد “السودانيين” للحد من نطاق حربهم أهمها إقامة تحالفات إقليمية ودولية وفقًا لصيغة مصالح جديدة تكفل اجهاض أي محاولات لتهديد الأمن القومي السوداني. لافتًا إلى أن علاقة “السودان” الآن توصف بالجيدة مع دول المعسكر “الشرقي” ولكن تحتاج للتوظيف والانتقال بها من محطة التعاطي الدبلوماسي لتبادل المصالح الاستراتيجية، وقطعًا لن يتأتى ذلك في ظل عدم اتخاذ قرار سياسي من قبل الحكومة نحو هذا الاتجاه بكلياته العسكرية والسياسية حفاظًا على آمنه الداخلي وموارده.