تشكل «الدارك ويب» أحد أهم المخاطر الأمنية فى المجتمعات الأوروبية وبعض الدول الأفريقية، ومؤخراً أصبحت واقعاً ملموساً نعيشه يوماً بعد يوم فى مصر والدول العربية، وخلال الفترة الماضية شهدت مصر واقعة العثور على جثمان طفل فى شبرا منزوع الأحشاء وملقى بإحدى الشقق السكنية.

فى البداية ظن الجميع أنها واقعة جنائية، وهو أمر معتاد فى مثل هذه الجرائم، ولكن تحريات المباحث والنيابة العامة تمكنت من كشف الحقيقة المؤلمة التى أثبتت وقوع الجريمة بسبب «الدارك ويب»، وأصدرت النيابة العامة بيانها فى القضية رقم 1820 لسنة 2024، إدارى قسم أوّل شبرا الخيمة، بشأن العثور على جُثمان طفل يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً بإحدى الشقق السكنية المستأجرة، موضحة أن المعاينة أسفرت عن وجود جثمان المجنى عليه منزوع الأحشاء وجرى وضعها فى كيس مجاور لجثته.

تحريات المباحث توصلت بالفعل إلى مرتكب الواقعة، وبضبطه واستجوابه، أقر بارتكاب الجريمة بطلب من مصرى مقيم فى دولة الكويت، تعرف عليه عبر مواقع التواصل الاجتماعى الخاصة بتجارة الأعضاء البشرية، وطلب منه اختيار أحد الأطفال لسرقة أعضائه البشرية مقابل خمسة ملايين جنيه، وعقب اختياره لضحيته وعرضه عليه عبر تقنية «الفيديو كول»، طلب منه المذكور إزهاق روحه تمهيداً لسرقة أعضائه البشرية، على أن يتم انتزاع الأعضاء خلال «الفيديو كول» أيضاً، وأخبره بأنه سيبلغه بالخطوات التالية عقب قيامه بذلك، إلا أنه بعد أن قام بتنفيذ ما طُلب منه كلّفه بتكرار الأمر مع طفل آخر ليحصل على المبلغ المتفق عليه، فتم ضبطه قبل قيامه بذلك، ولم تعثر النيابة العامة على أية تجهيزات طبية تشير إلى أن المقصود هو تجارة الأعضاء البشرية.

وأسفرت التحريات عن كشف رقم هاتف المصرى المقيم بالكويت الذى استُخدم فى الجريمة، وبناء على تعليمات المستشار النائب العام اضطلعت إدارة التعاون الدولى بمكتب النائب العام بالاتصال بالجهات المختصة بدولة الكويت، والإنتربول الدولى، وأسفرت عن ضبط المتهم ووالده، وما بحوزتهما من أجهزة إلكترونية، حيث تم ترحيلهما إلى مصر، فباشرت النيابة العامة استجوابهما وصولاً لأسباب ارتكاب الجريمة، وأقر المتهم الأول -الذى جاوز الخامسة عشرة من عمره- أنه أوعز لمرتكب الجريمة بارتكابها، على نحو ما ورد بإقراره، قاصداً من ذلك الاحتفاظ بالمقاطع المرئية لواقعة قتل الطفل المجنى عليه والتمثيل بجثمانه، وذلك حتى تسنح له فرصة بيعها ونشرها عبر المواقع الإلكترونية التى تبثها مقابل مبالغ مالية طائلة، كما قرر أنه سبق أن قام بهذا الفعل فى مرات سابقة.

وأوضح إيهاب الزياتى، المحامى والخبير القانونى، أن القانون يتعامل مع قضايا «الدارك ويب»، أو الإنترنت المظلم، التى تعتبر من أخطر أدوات الإنترنت الخفية التى لا يمكن الوصول إليها باستخدام محركات البحث التقليدية مثل جوجل، بل ويتطلب الوصول إلى «الدارك ويب» استخدام برامج خاصة تضمن إخفاء هوية المستخدم، لافتاً إلى أن الجرائم التى تحدث داخل هذا المستنقع تظهر نتائجها فى المجتمع ويتأثر بها المواطنون، وبالتالى هناك ضحايا لا بد من أن يحميهم القانون ويوفر لهم الدعم ويرد لهم حقوقهم، وهناك شركاء لتلك العصابات لا بد من ردعهم وعقابهم بما يستحقونه.

وأكد «الزياتى»، لـ«الوطن»، أن الأنشطة غير القانونية منتشرة على «الدارك ويب» وبينها تجارة المخدرات والأسلحة، وتجارة البشر، والمعلومات المسروقة، مثل بيانات البطاقات الائتمانية والهويات المزورة، ويعتقد المجرمون أن هذه المساحة آمنة وبعيدة عن يد الأمن ومحاسبة القانون، ولكنهم واهمون، فالكل يُحاسب فى ظل التقنيات الحديثة التى يستعين بها رجال الأمن فى ضبط الخارجين عن القانون والمشاركين فى مثل هذه الجرائم.

وأشار د. مصطفى السعداوى، أستاذ القانون الجنائى، إلى أن الدستور المصرى يعاقب المشاركين فى عمليات النصب والاحتيال والابتزاز والتجارة غير المشروعة والسرقات التى تتم عبر الفضاء الإلكترونى أو يخطط لها من خلاله بنص المادة 1 فقرة 2 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات بمعاقبة كل من ارتكب النصب الإلكترونى بالحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وكذلك ما نصت عليه المادة 336 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من قام باستخدام وسائل الاتصال بغرض النصب على الآخرين، أو كل من حصل على نقود أو سندات دين أو متاع منقول أو عروض عن طريق الاستيلاء بالاحتيال لسلب شىء من المجنى عليه، أو استعمل طرقاً احتيالية لإيهام المواطنين بوجود واقعة مزورة أو مشروع كاذب أو إيهامهم بالأمل بالحصول على أرباح وهمية يُعاقب بالحبس، وحال شروع المتهم فى النصب دون استكمال الجريمة، يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وبعد انقضاء مدة سجنه، يظل تحت الملاحظة مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين، وحال وقوع جريمة قتل يُعامل المحرض معاملة الشريك فى الجريمة وفقاً لقانون العقوبات.

وشدد الخبير القانونى على أن خطورة «الدارك ويب» على المجتمع تكمن فى تعزيز الجرائم الإلكترونية وزيادة عمليات الاحتيال والابتزاز، مما يعرض الأفراد والشركات لخسائر مالية وأضرار نفسية كبيرة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يشكل «الدارك ويب» تهديداً للأمن القومى من خلال تمكين الأنشطة الإرهابية وتسهيل التواصل بين الإرهابيين، ولمواجهة هذه المخاطر، يجب على المواطن أن يمتنع عن المشاركة فى مثل هذه الجرائم أو الاستجابة للقائمين عليها، مع ضرورة الإبلاغ عن أى محاولات للاحتيال يتعرض لها فى الحال.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: دارك ويب الدارك ويب الانترنت الجرائم الإلكترونية الدارک ویب

إقرأ أيضاً:

فريق صيني يتدرب استعدادًا لألعاب الروبوتات العالمية الأولى

على ملعب كرة قدم في بكين، يتدرب "t1" على التسديدات ويتخذ مواقعه، T1 ليس لاعبًا عاديًا، بل هو روبوت بشري حائز على الميدالية الذهبية، يتدرب استعدادًا لألعاب الروبوتات العالمية الأولى، التي ستُقام في بكين في 15 أغسطس.


يُشارك T1 في سباقٍ لريادة الروبوتات، حيث تسعى الصين إلى تحقيق اكتفاء ذاتي أكبر في التقنيات المتقدمة.
ستجمع الألعاب فرقًا من أكثر من 20 دولة للمشاركة في فعاليات متنوعة، من ألعاب القوى إلى الرقص والفنون القتالية، بالإضافة إلى تطبيقات عملية مثل المناولة الصناعية والخدمات الطبية.
حقق فريق T1 وزميليه، بقيادة فريق هيفايستوس من جامعة تسينغهوا، إنجازًا تاريخيًا للصين الشهر الماضي بفوزه بالميدالية الذهبية في فئة "الروبوتات الشبيهة بالبشر، بحجم البالغين" في بطولة RoboCup Humanoid League التي أقيمت في البرازيل قبل 28 عامًا.
صرح تشاو مينغو، كبير العلماء في شركة Booster Robotics، الشركة المصنعة لـ T1: "تشجع الحكومة الصينية بنشاط تطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر. ولتطوير التكنولوجيا، تنظم الحكومة فعاليات تنافسية، وهذه الألعاب الرياضية إحدى هذه التجارب".
في حين قد يعتبر البعض هذه الفعاليات مجرد حيل، يرى خبراء الصناعة والمشاركون فيها أنها حافز حاسم لتطوير الروبوتات الشبيهة بالبشر نحو الاستخدام العملي في العالم الحقيقي.
على الرغم من أن فريق هيفايستوس لن يُزعج حتى منافسيه من البشر المبتدئين، إلا أن Booster Robotics ترى كرة القدم اختبارًا قويًا لتقنيات الإدراك واتخاذ القرار والتحكم التي يمكن تطبيقها لاحقًا في المصانع أو المنازل. قال تشاو: "لعب كرة القدم هو ساحة اختبار وتدريب... تساعدنا على صقل قدراتنا".
وكما هو الحال في الحياة الواقعية، غالبًا ما يُمثل الانتقال من ملعب التدريب تحديًا.
يعمل هيفايستوس على تطوير برنامج مُطور للبرازيل لتحسين مهارات تمركز اللاعبين.
لكن أداء الروبوتات الشبيهة بالبشر لا يزال يعتمد إلى حد كبير على المتغيرات البيئية، مثل سطح الأرض وصلابتها وانحدار أي منحدرات، وفقًا لتشن بينغوي من هيفايستوس.
لن تكون هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها فريق كرة قدم ملعبًا جديدًا ويُبدي أسفه على حالة الملعب.

طباعة شارك ملعب كرة قدم ألعاب الروبوتات بكين

مقالات مشابهة

  • التهرب من دفع الضرائب جريمة تقودك إلى الحبس.. اعرف التفاصيل
  • الجريمة بدأت بمشاجرة افتعلها أحد المارة.. تفاصيل جديدة حول مقتل الطالب ⁧‫السعودي‬⁩ طعنًا في بريطانيا
  • أعلن تفكيك شركات مرتبطة بالجماعة.. الأردن يشدد الإجراءات ضد الإخوان
  • العمالة الأجنبية المستهدفة.. الأنبار تتحول إلى بوابة للاتجار بالبشر
  • أم البواقي.. تنفيذ مداهمات لأوكار الجريمة وتوقيف 82 شخصا
  • فريق صيني يتدرب استعدادًا لألعاب الروبوتات العالمية الأولى
  • الثوابتة لـ"صفا": القطاع دخّل المرحلة الثالثة من الجوع والاحتلال يريد التغطية على هذه الجريمة
  • حملات أمنية لضبط تجار المخدرات والأسلحة في دمياط وأسوان
  • بعد تصريح الحكومة الأخير.. كيف واجه القانون جرائم الاتجار بالبشر
  • دبي الرقمية تكشف عن أول «أسرة إماراتية افتراضية» بالذكاء الاصطناعي – فيديو