هجوم إسفيري على الروائي بركة ساكن بعد إغفاله دور الاسلاميين في الحرب
تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT
لاقى الكاتب الروائي عبد العزيز بركة ساكن هجوما اسفيريا كبيرا في منصات التواصل الاجتماعي بعد تعمده إغفال ذكر تسبب الإسلاميين في حرب السودان
التغيير: القاهرة
أثار منشور للروائي عبدالعزيز بركة ساكن الجدل في اوساط السودانيين على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بعد أن كتب: “كل قطرة دم سفكت في بلادنا يتحمل وزرها الجنجويد وقحت”.
وفور نشر البوست انهالت التعليقات على بركة مهاجمة إياه بتجاوز عناصر النظام البائد كونهم السبب في اشعال حرب ابريل التي اندلعت في البلاد.
وانبرت فئة للدفاع عن الروائي السوداني رأت أن ما كتبه يمثل وجهة نظره الشخصية التي يجب أن تحترم مهما كان توجهها.
ونبه معلقون الى تبدل مواقف ساكن في غضون شهر حيث سبق وان كتب في ابريل “أنا ضد تجريم قحط أو تقدم أو أي جهة مدنية لا تحمل السلاح، واختلف مع قحت واختلف مع تقدم مدنيا بالرأي والرأي الآخر ولكن أاظل ويظلون تحت مظلة الاحترام ولا تخوين لصاحب رأي”.
وعاد بركة في مايو ليتّهم قوى اعلان الحرية والتغيير (قحت) ويضعها في مرتبة واحدة مع “الجنجويد” أو الدعم السريع محملا اياهما وزر كل قطرة دم في البلاد طوال هذه الحرب حسب وصفه.
وعاب مؤيدون لبركة ساكن نفي صفة الكاتب عنه ووصم أعماله الأدبية بأنها غير جيدة فقط لأن البعض اختلفوا معه في الرأي.
تزييف الحقائق
وعلق الكاتب الصحفي عثمان شبونة على كلمات ساكن نافيا وجود كراهية بينهما واتهمه بتزييف الحقائق (بشبهات مذلة).
وقال شبونة: “يا بركه ساكن لا ذرة من كراهية في قلبي لك؛ إنما الأفعال هي التي تحملنا حملاً لكرهها فأنت مسؤول بالفعل عن التزييف الذي رماك مقلوباً في جب الشبهات المُذِلة؛ وقد وضعت (كُراعَك) عمداً في المزلقان بالقول: (كل قطرة دم سُفكت في بلادنا طوال هذه الحرب يتحمل وزرها الجنجويد وقحت)”.
وأضاف: “قولك بحاجة إلى تدعيم؛ لنعلم أين خبَّأت الكيزان وكتائبهم من حرب اللا كرامة التي تدور حالياً بين المُسمَى الجيش وأبناء (رحمه الطاهر)! أو كما وصفهم المعتوه ياسر العطا.. بينما المواطن يسدد فواتير حرب هؤلاء الأغبياء من دمائه وماله وإهدار كرامته”..!
وتساءل عثمان: “لماذا لم تكمل الجملة لتستقيم بالحقيقة (حول أسباب الحرب، محركاتها) ولماذا لم تقدِّم الكيزان على الجنجويد وقحت؟ أو حتى بدون ترتيب.. لماذا لم تقدمهم كجذر للحرب لتخفف وطأة (غرضك)”؟!
وأردف: “لماذا لم تقدِّم الضباط الخرفان (تبائع الجيش) على قحت والجنجويد؟ فالجيش بوضعه الشاذ أعتبره صاحب النصيب الأسدي لما وصل إليه السودان من انحطاط شامل (كامل)، ودونك أفعاله المباشرة عبر الأزمنة، والمتسببة في فقدان أرواح ملايين السودانيين:.
وأضاف: “يعني بالدارجي يا بركة (بدل كلامك المعولق جداً كان تكتب: براؤون يا رسول الله)! فنفاقهم أهون علينا من نفاقك”.
وختم بتساؤل: “ماذا تركت للكيزان من بعدك يا بركة؟ ماذا تركت لكتيبة (البلاع بن هالك)! وليس العظيم (البراء بن مالك)؛ إنهم يفترون باسمه والأدهى أنهم يفترون باسم الرسول الأعظم، ماذا تركت لمستهبلي هذه المليشيا و(مصباحها) المنطفىء بالوهم وقلة الفهم”؟
موقف المثقف
فيما راى أنور عثمان خليل في منشور بفيسبوك أن موقف ساكن يعبر عن المثقف عندما يتغير إلى “بلبوسي داعم للحرب وحينها تحل الكارثة وانفصام الشخصية” بحسب وصفه.
وأضاف أنور: “الغريب في الأمر ان الروائي بركة ساكن اكبر( بلبوسي) علي وجه الأرض وكل كتاباته تقوم علي التحريض وآخرها حديثه عن الاشاوس واليمن ولم يذكر الجيش رغم ان مليشيات جيش 56 الفلولي هي صاحبة فكرة اليمن ولهم جنود وضباط يتم تفويهجم كل عام مثلهم مثل الاشاوس”.
واستدرك بالقول: “ولكن لأن البلبوسي بركة يحمل في داخله قليلا من العنصرية تجاه بعض المكونات التي ينحدر منها الاشاوس لم يدرك ان الجيش نفسه يذهب إلى اليمن وان الاشاوس لم يطرقوا هذا الباب إلا عبر جيش ومليشيات دولة 56 الايدلوجية النفعية”.
وختم قائلا: “بركة ساكن مشروع مثقف بلبوسي يخادع نفسه انه كاتب”.
بركة يدافع
بدوره وردا على الانتقادات التي وجهت اليه كتب الروائي السوداني عبدالعزيز بركة ساكن، بصفحته على فيسبوك لتوضيح موقفه تحت عنوان: “لا تحتاج المواقف الاخلاقية إلى تبرير، إلا لمن يفتقرون اساسا للاخلاق”.
وقال ساكن: “وفي عهد الانحطاط السياسي الذي نعيش فيه، يحاول بعض ابواق الاعلام نشر هذا الانحطاط ليسود ويصبح هو المعتاد، ولهذا لن نتوقف عن فضحهم وتعريتهم ومحاربتهم الكلمة بالكلمة والرأي بالرأي الاخر والتفنيد، كما يجب ان يفعل الرجل الشريف”.
واستدرك: “ولكن الكذب والتدليس هو من سمات من يفتقرون الى شرف الخصومة واصالة الموقف وقبل كل ذلك البوصلة الاخلاقية”.
وأضاف ساكن: “ان ثمن وتكلفة انحطاطهم هذا هو مزيد من معاناة السودانيين وعذابهم وحملة الشيطنة والكذب والتزوير وخلط المواقف التي يقوم بها منسوبو قحت، تهدف لاسكات الاصوات التي تشير الي جرائم وانتهاكات الجنجويد الذين يحاولون التغطية على افعالهم وجرائمهم. وهذا ما لن ينجحوا فيه وسنظل نرفع صوتنا ونشير الي ما هو، اينما كان”. مضيفا “وأنا ما زلت على رأيي وبالطبع لن أغيره”.
وقال: “كل قطرة دم سُفكت في بلادنا، طوال هذه الحرب يتحمل وزرها الجنجويد وقحت”.
بروفايل
عبد العزيز بركة ساكن، المولود في كسلا شرق السودان، (1963)، هو كاتب وروائي حاز جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي عن روايته “الجنقو مسامير الأرض”، وتُرجمت أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية.
وظلت القضايا التي تتناولها أعمال ساكن، مثل الحرب والسلام، والإبادة الجماعية في دارفور، وقضايا المجتمعات المحلية في شرق السودان وغربه؛ مثار جدل واهتمام واختلاف في الأوساط الثقافية والاجتماعية السودانية؛ فضلاً عن منع أعماله عن طريق سلطة المصنفات الأدبية والفنية في السودان، في فترة نظام الإنقاذ الإسلاموي (1989-2018).
واختير ساكن كاتباً لمدينة «غراتس» النمساوية، للعام 2022- 2023، وهي منحة من أجل التفرغ للكتابة لعام كامل والمشاركة في الحياة الثقافية في المدينة. وله أكثر من عشر روايات ومجموعتان قصصيتان.
وفي العام 2020 فاز ساكن بجائزة الأدب العربي التي يمنحها معهد العالم العربي في باريس بالتعاون مع مؤسسة جان لوك لاغاردير.
الوسومالجيش الحرية والتغيير الدعم السريع بركة ساكن كتائب الإسلاميين
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الحرية والتغيير الدعم السريع بركة ساكن كتائب الإسلاميين
إقرأ أيضاً:
السودان وفروقات الوعي السياسي
أن الحرب تعتبر أعلى درجات الأزمة في أية مجتمع، و العقل السياسي الذي تسبب في الأزمة حتى وصلت إلي الحرب، لا يستطيع أن يحدث تغييرا في واقعها، إلا إذا استطاع تغيير طريقة تفكيره.. و التغيير لا ينتج بعقول خاملة لا تستطيع أن تنتج أفكار جديدة، فقط تعيد إنتاج ذات المقولات التي تسببت في الحرب.. المطلوب عقول جديدة، تنتج أفكار جديدة، تستطيع من خلالها أن تحدث تنشيط في الفعل السياسي يتجاوز سلبيات الماضي.. لكن محاولات إعادة ذات العقليات برفع ذات الشعارات القديمة سوف تعيد إنتاج الأزمة.. أن النخب السياسية السودانية تتخوف من نقد ممارساتها التي أوقعتها في الأخطاء التي قادت إلي الأزمة.. لذلك الكل يميل للتبرير الذي يغيب معرفة الأسباب و يعيد إنتاج الأزمة بصور مغايرة..
أن أغلبية النخب السودانية السياسية، أو المثقفة التي تدور في المحور السياسي، لا يفكرون إلا من خلال مصالحهم الخاصة، أو مصالح أحزبهم، لذلك ينظرون لواقع الأحداث من خلال عدسات ضيقة لا تساعد على النظرة الكلية للأزمة.. مثالا لذلك نشرت سودان اندبندنت خبرا يقول ( طالب نائب رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل ز جعفر الميرغني رئيس الوزراء كامل إدريس بالعمل على تهيئة المناخ للانتخابات العامة في السودان) و أضاف قائلا ( إقامة مؤسسات انتخابية تضمن انتقال السلطة عبر انتخابات حرة و نزيهة) أن جعفر الميرغني لم يجد ما يقوله إلي رئيس الوزراء غير الانتخابات الأداة الموصلة للسلطة.. رغم أن البلد ماتزال الحرب مستمرة فيها، المؤامرات الخارجية تنوع في تحدياته.. فالعقل الذي لا ينظر للأزمة بكلياتها لا يكون مفيدا في معالجة الأزمة.. و أيضا هناك أحزاب و سياسيين متمسكين بالتفاوض ليس قناعة منهم إنه طريقا ناجعا للحل، بل لأنهم يعتقدون أن أنتصار الجيش على الميليشيا سوف يحدث واقعا سياسيا جديدا يصعب عليهم شروط الالتحاق به.. و أيضا هناك قوى سياسية تريد أن تنتهي الحرب لكي تواصل فعلها الثوري.. الأمر الذي يؤكد خمول العقل السياسي في إنتاج أفكار جديدة تتجاوز بها الأزمة..
أن الحرب ليست عملية سياحة للترفيه، أو حالة من حالات الغضب و بعدها ترجع الأشياء كما كانت قبل الحرب.. الحرب تستخدم فيها كل أدوات القتل و التدمير، و يظهر السلوك السالب بكل تفاصيله، و كلها أشياء سوف يكون لها انعكاسات على حياة الناس و سلوكهم و علي طريقة تفكيرهم.. الحرب حتما سوف تظهر قوى جديدة من الشباب الذين شاركوا في القتال، هؤلاء يجب أن يكون لهم دورا في مستقبل البلاد السياسي.. الجيش بعد الانتصار أيضا لديه مهمة أخرى.. هي حفظ الأمن و جمع السلاح من كل المقاتلين و فرض السلام الاجتماعي و السياسي في البلاد.. و وضع حد لتدخل النفوذ الخارجي في الشأن السياسي السوداني.. و كلها قضايا في حاجة للتفكير العقلاني الموضوعي... و ليس التفكير القائم على المصالح الضيقة..
معلوم في الفكر السياسي أن عملية البناء و النهضة تؤسس عن طريقين.. الأول أن تكون هناك أحزاب ناضجة و فاعلة، على رأسها قيادة لها مشروع سياسي، يلتف حولها الشعب و تعمل بجد، و عمل إداري بخبرات عالية، و نزاهة و شفافية. و التزام قوى بتطبق القوانين، و استطاعت أن تنجح في ذلك حدث ذلك في البرازيل و الهند و تركيا و ماليزيا و رواندا.. و هناك دول نهضت من خلال حزب واحد أو قيادات عسكرية أيضا استطاعوا أن يلتزموا بمعايير النهضة.. المشروع السياسي و حسن الإدارة و النزاهة و الشفافية و تطبيق القوانين و حدث ذلك في الصين و سنغافورة و كوريا الجنوبية و فيتنام.. و النجاح في الثاني الرهان عليه في التحول غلي الديمقراطية مرتبط بالتطور الاقتصادي الذي يبرز طبقة أوسطى جديدة تقود إلي تحول ديمقراطي من خلال دورها السياسي و الفكري و الثقافي في المجتمع..
إذا أردنا أن نقارن العملية السياسية في السودان.. بالتطورات التي حدثت بعد ثورة ديسمبر نجد أن الشارع كان أكثر وعيا من القوى السياسية، التي فشلت في إدارة الأزمة السياسية، لأسباب عديدة.. اولا - أنها لم تكن لديها مشروعا سياسيا.. ثانيا - القيادات التي قدمتها للمواقع الدستورية " الوزارات" أغلبيتهم كانت ذات خبرات ضعيفة، و بعض منهم أول وظيفة له في حياته و حياتها كانت وزارة.. ثالثا - خسارتهم للشارع الذي جاء بهم للسلطة.. رابعا – راهنوا على الخارج أن يعيدهم للسلطة.. خامسا - تحالفهم مع الميليشيا و أصبحوا جناحها السياسي.. سادسا - فشلوا في تقييم التجربة و مايزالون يرهانوا حتى الآن لكيفية العودة للسلطة، دون أن يكون لهم تصورا مقنعا للشارع... سابعا – عندما تفشل قيادة الأحزاب في معركتها و تخسر الشارع تبدأ بتغيير قياداتها في محاولة من أجل كسب الشارع، لكن قلة الخبرة، و عدم وجود قيادات أفضل ظلت الأحزاب تصارع بذات القيادات التي باتت غير مقبولة في الشارع..
أن البلد ليس كما قال جعفر الميرغني (بإنها في حاجة إلي مؤسسات انتخابية تضمن انتقال السلطة عبر انتخابات) البلد حتى يكون فيها أحزاب قادرة على تحمل المسؤولية الوطنية، هي في حاجة لتشريعات " قانون الأحزاب" أن تجرى الأحزاب مؤتمراتها قبل كل أنتخابات على أن لا يترشح أي عضو أكثر من دورتين.. و في الفترة الانتقالية أن تجري الأحزاب انتخاباتها مرتين قبل الانتخابات.. لكي يضمن الشعب ليس هناك احتكارية للأحزاب من قبل شلة أو مجموعات بعينها، أو بيوتات، أو أفراد، و بالتالي يضمن تداول القيادة في الأحزاب، و الانتخابات تضمن تجديد للأفكار و البرامج، و النافسة هي التي تخلق الوعي، و تقدم قيادات مدركة لدورها، إلي جانب مراقبة ألأموال حتى لا يتدخل النفوذ الخارجي عبر التمويل.. أن أهم خطوة قبل الانتخابات قانون الأحزاب.ز حتى تأتي قيادة ضعيفة القدرات لأنها لم تصعد لقمة الحزب إلا بسبب علاقة الأبوة و المحسوبية و الشللية و غيرها.. نسأل الله حسن البصيرة
zainsalih@hotmail.com