رأت دورية "فورين بوليسي" الأمريكية أن تولي الرئيس النيجيري بولا تينوبو رئاسة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" والانقلاب العسكري في النيجر يشكلان فرصة لتعزيز مكانة تينوبو داخليا وخارجيا.
وذكرت "فورين بوليسي" أن الرئيس النيجيري عندما قال في خطاب توليه الرئاسة الدورية لمجموعة "إيكواس" في شهر يوليو الماضي إنه "يجب علينا التمسك بالديمقراطية، بدون الديمقراطية لن يكون هناك حكم رشيد أو حرية أو سيادة قانون، لن نسمح بانقلاب عقب انقلاب في غرب إفريقيا" لم يتوقع آنذاك أنه سيتعين عليه التعامل مع كارثة في دولة من دول الجوار، ففي 26 يوليو الماضي تحرك جنود من جيش النيجر وأطاحوا بالرئيس المنتخب محمد بازوم.


وأضافت الدورية الأمريكية أنه عقب هذا التحرك، أصدر تينوبو بيانا شديد اللهجة عقب ساعات أدان فيه الانقلاب في النيجر، وذلك قبل أن يبعث برئيس بنين باتريس تالون إلى النيجر كوسيط رسمي لتكتل إيكواس، إلى جانب إرسال الرئيس السابق لنيجيريا عبد السلام أبو بكر إلى نيامي كجزء من جهود الوساطة النهائية، وعقب تنصيب مدبري الانقلاب للجنرال عبد الرحمن تشياني رئيسًا للنيجر، دعا تينوبو إلى عقد قمة طارئة لقادة "إيكواس" لمناقشة رد المجموعة.
ووفقا لـ"فورين بوليسي" فإن التحركات السريعة للرئيس النيجيري، والتي تضمنت الحديث مع نائبة الرئيس الأمريكي، كامالا هاريس، ووزير الخارجية، أنتوني بلينكين، وكذلك الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو جوتيريش، وجهات فاعلة أخرى في المنطقة، لاقت إشادات غربية واسعة.
ورأت "فورين بوليسي" أن هذه الظروف تمثل فرصة لتينوبو، والذي وصل إلى منصبه بالحصول على أقل أصوات مقارنة بالرؤساء المنتخبين منذ عودة البلاد إلى الديمقراطية في عام 1999، لتعزيز سمعته؛ مضيفة أن الرئيس النيجيري يولي ملفات السياسة الخارجية تركيزا وجهدا كبيرين، مشيرة إلى أن ملفات السياسة الخارجية قد تساعد تينوبو في إنجاح رئاسته لنيجيريا؛ نظرا لتأثير الدبلوماسية الإقليمية على الأمن والتجارة في المنطقة.
ولفتت الدورية الأمريكية إلى أنه عندما بدأت أزمة النيجر، لم يكن تينوبو قد عين رسميًا مجلس وزراء أو وزيرًا للخارجية أو حتى اختص أي من مستشاريه بحقيبة خارجية، مضيفة أن موازنة مسئوليات منصبه واحتواء الحزب الحاكم الذي يضع عينه بالفعل على الانتخابات المستقبلية، قد يشكلان تحديا كبيرا للرئيس النيجيري.
ورأت "فورين بوليسي" أن تعامل حكومة الرئيس النيجيري السابق محمد بخاري، وكذلك تعامل مجموعة "إيكواس" مع الانقلابات السابقة في المنطقة، يمثل كذلك جزءا من التحدي الذي يواجه تينوبو، مشيرة إلى أن مالي وبوركينا فاسو تعاملتا مع الإنذارات المتكررة لمجموعة "إيكواس" عقب الانقلابات السابقة بالتهديد بالانسحاب من المجموعة، موضحة ان تينوبو قد يستخدم الموقف الحالي لرسم مسار جديد للمجموعة واستخدامه كعنصر أساسي في التخطيط لسياسته الخارجية.
وأضافت "فورين بوليسي" أن هذا الانقلاب يعد مختلفا عن سابقيه ؛ فالصراع المتنامي في المنطقة يشير إلى أن حكام دول منطقة غرب أفريقيا يتفاعلون مع بعضهم البعض من أجل تلافي تأثير مثل هذه الحوادث على دولهم. 
ورأت الدورية الأمريكية أن هذه الأزمة تقدم بُعدًا جديدا للعلاقة الجيدة على ما يبدو بين نيجيريا وفرنسا والتي دلل عليها اختيار تينوبو لباريس كوجهة لزياراته لتلقي العلاج في الخارج بدلا من لندن كما كان معتادا مع الرئيس السابق محمد بخاري.
وأوضحت أن البلدين ينظر إليهما على أنهما متنافستان في المنطقة، فغالبا ما تكون العمليات الأمنية وحتى التأثير على المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا مسرحًا رئيسيا لهذا التنافس، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن تينوبو تربطه علاقات أفضل مع دول غرب إفريقيا الفرنكوفونية.
وأضافت "فورين بوليسي" أن التعامل مع أزمة النيجر يتطلب إدارة رشيدة لعدة أسباب، الأول يتمثل في ضمان أن يثق مواطني نيجيريا في انخراط حكومتهم في الأزمة، دون أن ينظر إليها على أنها للدفاع عن المصالح الفرنسية أو الغربية بشكل واضح، والثاني أن هذه المشاركة قد تتعارض مع الشراكات القائمة مع الصين التي حافظت على مستوى قوي من الاستثمار في نيجيريا وقد تستخدم هذه العلاقة لمحاولة تعزيز وجودها تحت إدارة تينوبو النشطة، والثالث يتمثل في كيفية تعامل نيجيريا مع مجموعة فاجنر وروسيا، اللتين سرعان ما أصبحتا وسيطين قويين في المنطقة.
ورأت "فورين بوليسي" أن العمل في ظل وجود كل هؤلاء الشركاء المحليين والخارجيين سيساعد بشكل كبير على دعم الركيزة الرئيسية الأخرى لعمل السياسة الخارجية لتينوبو والمتمثلة في تحسين التجارة، مضيفة أنه عندما تولى تينوبو رئاسة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وعد بعقد قمة استثنائية حول التجارة والاستثمار في أكتوبر المقبل، والتي يمكن أن تهدئ مخاوف المستثمرين الخارجيين والدول المجاورة من أنه سينفذ إجراءات ضارة بسياسة التكتل بشأن حرية حركة البضائع.
وأشارت إلى أنه في عام 2019، أغلق الرئيس السابق بخاري حدود نيجيريا مع بنين لتحسين إنتاج الغذاء محليا، من بين أسباب أخرى، وهي سياسة لم يكن الكثيرون متأكدين من أنها أسفرت عن نتائج مرجوة، لافتة في الوقت نفسه إلى أن جهود خلق بيئة جاذبة للاستثمار الأجنبي من المرجح أن يتم تعليقها حتى يتم حل الأزمة الحالية.
وأوضحت الدورية الأمريكية أن رئاسة نيجيريا لمجموعة إيكواس ليست جديدة، إذ شغل جميع رؤساء نيجيريا، باستثناء ثلاثة - استمرت فترة حكم اثنين منهما أقل من عام - منصب رئيس المجموعة منذ إنشائها.
واختتمت بالقول إنه بغض النظر عن توليها الرئاسة الدورية لمجموعة "إيكواس"، فإن نيجيريا تحتم أن تكون محط أنظار الجميع بسبب أزمة الانقلاب في جوارها حيث تتوقع دول المنطقة والعالم أن تساعد أبوجا في كبح جماح هذه الأزمة.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: نيجيريا إيكواس النيجر الرئیس النیجیری فورین بولیسی الأمریکیة أن غرب إفریقیا فی المنطقة دول غرب إلى أن

إقرأ أيضاً:

رسالة ماكرون للرئيس ترامب: غرينلاند ليست للبيع.. ولا حتى قارة أنتركتيكا!

انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بشكل حاد وساخر، أطماع نظيره الأمريكي دونالد ترامب بالسيطرة على غرينلاند، قائلًا: إن الجزيرة ليست للبيع "ولا حتى القارة القطبية الجنوبية". اعلان

وهاجم ماكرون، خلال كلمة افتتاحية في مؤتمر الأمم المتحدة حول حماية المحيطات والذي عُقد في مدينة نيس الفرنسية،** ترامب بالقول إن: "قاع البحر ليس للبيع، تمامًا كما أن غرينلاند ليست متاحة للبيع، ولا القارة القطبية الجنوبية أو أعالي البحار معروضة للبيع.". في إشارة ضمنية إلى أن رغبات الأخير التوسعية قد لا تقف عند حد معين.

وأضاف الرئيس الفرنسي: "ولا ينبغي أن نتنازل عن تراخيص الصيد للدول النامية، ولا أن نضحي بالبيانات العلمية أو سلامة المجتمعات الساحلية. نحن نتحدث عن ملكية مشتركة. نحن نتحدث عن مشروع يخصنا جميعًا. فلنمضِ قدمًا."

ومن المقرر أن يزور ماكرون الإقليم الدنماركي يوم الأحد، حيث سيُجري محادثات مع رئيس وزراء غرينلاند، ينس-فريدريك نيلسن، ورئيسة وزراء الدنمارك، ميت فريدريكسن، حول أمن شمال الأطلسي والقطب الشمالي، فضلًا عن تغير المناخ والطاقة والمعادن الهامة، وفقًا لما أفاد به مكتب الرئيس الفرنسي.

قارب يبحر عبر مدخل بحري متجمد خارج مدينة نوك، غرينلاند، 6 مارس 2025Evgeniy Maloletka/ APRelatedالدنمارك تستدعي القائم بالأعمال الأمريكي على وقع تقارير عن أنشطة استخبارتية في غرينلاندملك الدنمارك يزور غرينلاند... رد رمزي على أطماع ترامب في الجزيرة القطبية؟ماكرون قريباً في جزيرة غرينلاند.. زيارة أوروبية في وجه المطامع الأمريكية؟

وكان ترامب، الذي انسحب من اتفاقية باريس للمناخ، قد أعرب غير مرة عن رغبته في السيطرة على الجزيرة الغنية بالمعادن والتي تتميز بموقع استراتيجي.

وتشكل زيارة ماكرون المرتقبة لها في 15 حزيران/ يونيو الجاري، رسالة واضحة للزعيم الجمهوري، حول رؤية فرنسا والدول الأوروبية لمكانتها.

وفي وقت سابق من هذا العام، عرض وزير خارجية فرنسا، جان-نويل بارو، إرسال قوات فرنسية للمساهمة في حماية الجزيرة، لكن الدنمارك رفضت هذا العرض.

وقد أثارت محاولات سيد البيت الأبيض للاستحواذ على الجزيرة موجة غضب واسعة في الدنمارك وأوروبا وحتى في غرينلاند نفسها. وأظهر استطلاع رأي حديث أن 85% من سكان الجزيرة لا يؤيدون الانضمام إلى الولايات المتحدة، في حين يُعبّر بعضهم عن تطلعه للاستقلال عن الدنمارك مستقبلًا.

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • اجتماع في بلدية الجديدة بحث في أزمة النفايات المتفاقمة في بلدات عدة
  • الشوبكي .. زيارة الرئيس اللبناني إلى الأردن فرصة استراتيجية لتفعيل تصدير الطاقة إلى لبنان
  • النيجيري أوسيمين.. من بائع متجول إلى أفضل لاعب في أفريقيا
  • قيادات وزارة الدفاع ورئاسة الأركان تتفقد المرابطين بالمنطقة العسكرية الرابعة
  • طوني فرنجيه في لقاء مع مرده فرنسا: نثمّن دور الرئيس عون الساعي إلى بناء الثقة داخليا وخارجياً
  • اتحاد الكرة النيجيري يوجه رسالة تحذيرية للاعبين بعدم التعاقد مع أندية الخليج
  • رسالة ماكرون للرئيس ترامب: غرينلاند ليست للبيع.. ولا حتى قارة أنتركتيكا!
  • تكريما للرئيس عون وعقيلته.. الرئيس سليمان يقيم مأدبة عشاء في دارته في اليرزة
  • فيلم العودة إلى العمل.. المزج بين الحركة والكوميديا بغلاف بوليسي
  • وزارة الدفاع ورئاسة هيئة الأركان وقيادة المنطقة العسكرية السادسة ينعون العميد محمد الغولي