محلل سياسي: إحراق معبر رفح محاولة إسرائيلية لاستباق أي حلول وفرض أمر واقع
تاريخ النشر: 21st, June 2024 GMT
#سواليف
اعتبر محلل سياسي أردني، أن إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي إحراق معبر رفح البري بين مصر وقطاع غزة، وشق طريق جديد بين معبري كرم أبو سالم ورفح، هي محاولة لتسجيل نصر مسبق، والقفز على أي حلول سياسية يتم مناقشتها في أي صفقة لوقف إطلاق النار، أو مرحلة ما بعد إنتهاء الحرب.
وحذر حازم عيّاد الباحث والمختص في الشؤون العربية وغرب آسيا من فرض الاحتلال هذا الأمر على مصر وعلى الجانب الفلسطيني في غزة بجعله أمرا واقعا.
وقال عيّاد لـ “قدس برس”: “ما أعلنه الجيش الإسرائيلي هي محاولة لاستباق الاحداث لمرحلة ما بعد إنتهاء الحرب لفرض حلول سياسية واقتصادية على مصر وعلى الجانب الفلسطيني في قطاع غزة لخلق واقع جديد في محاولة لفرضه على الأطراف بما فيها المقاومة الفلسطينية على اعتبار ان المعبر الجديد هو المعبر الذي يجب التعامل معه من خلال فرض سياسية الأمر الواقع”.
مقالات ذات صلة هآرتس: الجيش الإسرائيلي يستعد لإنهاء القتال في غزة 2024/06/21واعتبر ذلك بانه مخالفة لكل الاتفاقيات المعقودة مع الجانب المصري ومؤشرا على أن الجانب الإسرائيلي يرغب في تحيد الجانب الفلسطيني من إدارة المعبر سواء كانت المقاوم في غزة أو السلطة الفلسطينية.
وأضاف: “الاحتلال يريد أن يتحكم في المعبر بشكل كامل لحافظ على دوره وهيمنته في كافة مرافق القطاع الاقتصادية والتحكم في عملية الإعمار وإعادة البناء التي ستكون أحد المحاور الأساسية ما بعد الحرب”.
وأكد على ان الاحتلال يحاول أن يستبق الاحداث ليحقق نصرا قبل اوانه وان يخرج بهذا النصر قبل إنتهاء المعركة، وأن يقول انه انتصر وانه سيطر على القطاع من خلال السيطرة على المعبر والاعمار وإعادة البناء وتحقيق الحوكمة والسيطرة السياسية بالتحكم بالمواد الأساسية التي من خلالها سيتم عملية الاعمار.
واعتبر أن الرصيف البحري الذي أقامته الولايات المتحدة على شواطئ مدينة غزة بتكلفة 320 مليون دولار لن يكتب له النجاح طالما بقيت المقاومة.
وحذر عيّاد من أن واشنطن ستستخدم هذا الرصيف ليكون ضمن اوراق المساومة خلال أي مفاوضات من أجل تفكيكه.
وشدد على أن هذا الرصيف لا يمكن أن يأخذ صفة منشأة اقتصادية إنما يظل منشأة عسكرية للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل للتحكم في كل ما يدخل إلى قطاع غزة عبر محور نتساريم.
"يهدفون لمنع وصول المساعدات".. إحراق معبر #رفح يفجر غضبًا واسعًا على المنصات#الجزيرة_مباشر #غزة pic.twitter.com/07ozFqVgTw
— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) June 21, 2024المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف رفح الجزيرة مباشر غزة
إقرأ أيضاً:
مادلين تُحاصِر الحصار
في زمن تتواطأ فيه السياسة مع النسيان، ويتحوّل الصمت الدولي إلى أداة قتل، توجهت سفينة "مادلين" إلى شواطئ غزة، ولم تكن تحمل سوى 12 ناشطا وناشطة، من جنسيات متعددة، جاؤوا في محاولة رمزية لكسر الحصار المفروض على قطاع غزة.
لكن، كما كان متوقعا، لم تجد السفينة المتضامنة ميناء أو ترحيبا إنسانيا، بل اعترضتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في عرض البحر، وصادرت حريتها، واعتقلت من كانوا على متنها، في خرق فاضح للقانون الدولي، ورسالة واضحة: ممنوع حتى أن تتضامن مع غزة..
أصوات لا سلاح
من بين المعتقلين كانت الناشطة البيئية السويدية غريتا ثونبرغ، التي طالما خاطبت قادة العالم حول أزمة المناخ، لكنها قررت هذه المرة مخاطبة ضميرهم بشأن ما يحدث في غزة. كما ضمّت السفينة النائبة الأوروبية ريما حسن، الممنوعة سابقا من دخول الأراضي الفلسطينية، لكنها قررت أن تعود إليها عبر البحر، في تحدٍّ رمزي لقيود الاحتلال.
ما فعلته "مادلين" يتجاوز محاولة رمزية للوصول إلى غزة، لقد أعادت إشعال نار التضامن الشعبي، وحرّكت وجدانا عالميا كان يُراد له أن يتجمّد أمام مشاهد الإبادة المستمرة في القطاع
كان على متن "مادلين" أطباء وصحفيون ومدافعون عن حقوق الإنسان، لم يحملوا سلاحا، بل شهاداتهم وأصواتهم، لكنهم وُوجهوا بالقمع ذاته الذي يتعرض له من يحاول إيصال حليب أطفال أو أدوية إلى غزة.
الاحتلال الإسرائيلي، الذي يحظى بغطاء سياسي يكاد يكون مطلقا، لم يكتفِ هذه المرة بمنع السفينة من الرسو، بل قرر أن يعتقل ويشيطن كل من يحاول كسر الصمت. وزير الدفاع الإسرائيلي وصف النشطاء بأنهم "مخرّبون"، وهو توصيف يكشف أن تل أبيب تعتبر كل تضامن فعلا عدائيا، حتى لو صدر عن طبيب يحمل سماعته أو صحفي يحمل قلمه.
من إيطاليا إلى الجزائر.. الشعوب تتحرّك
ومع ذلك، فإن ما فعلته "مادلين" يتجاوز محاولة رمزية للوصول إلى غزة، لقد أعادت إشعال نار التضامن الشعبي، وحرّكت وجدانا عالميا كان يُراد له أن يتجمّد أمام مشاهد الإبادة المستمرة في القطاع.
من الجزائر، جاء الإعلان عن قافلة برّية شعبية تستعد للانطلاق نحو معبر رفح، بمشاركة واسعة من النقابات والمجتمع المدني. رسالة هذه القافلة واضحة: إذا أُغلقت المعابر السياسية، فستُفتح الطرق الشعبية، وإذا خذلت الحكومات، فعلى الشعوب أن تقول كلمتها.
هنا، تبرز المفارقة المؤلمة: أن "مادلين" أبحرت من أوروبا، على متنها أجانب يخاطرون بحياتهم من أجل غزة، في وقت تلتزم فيه دول الجوار بالصمت، وتُحكم فيه قبضتها على حدودها، وكأنها تقف في صفّ الحصار، لا ضده.
غزة: اختبار أخلاقي للعالم
منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تُقصف غزة بشكل يومي، ويُقتل الأطفال تحت الأنقاض، وتُدمّر المستشفيات، وتُجتثّ الأحياء من جذورها. تقارير الأمم المتحدة والهيئات الحقوقية تتحدث بوضوح عن جريمة إبادة جماعية، لكنها لا تجد ترجمة سياسية أو قانونية، سوى بعض البيانات الدبلوماسية المترددة، وأحيانا المتواطئة.
لقد تحوّلت رحلة السفينة إلى لحظة كاشفة، لجبن السياسات، ولشجاعة الضمائر. إلى محطة فاصلة، بين عالم يواصل تجاهل المجازر، وآخر بدأ، في استعادة صوته
في هذا السياق، تصبح كل محاولة رمزية -كرحلة "مادلين" أو قافلة الجزائر- فعلا سياسيا بامتياز، يُحرج المجتمع الدولي، ويضعه أمام مرآة سقطاته. فحين يُجرَّم التضامن، تصبح إنسانيتنا هي المتّهمة.
إن الخطر الأكبر ليس فقط فيما يرتكبه الاحتلال من جرائم ممنهجة، بل في ما لا نفعله نحن. كل دقيقة صمت نمارسها، هي شراكة ضمنية في استمرار هذه الكارثة.
الرسالة وصلت رغم القمع
رغم قمعها ومصادرتها، لم تفشل "مادلين"، على العكس، لقد أوصلت رسالتها بوضوح: أن الحصار لن يكون قدرا دائما، وأن الشعوب حين تتحرك قادرة على إرباك أقوى الجيوش، ولو بقارب صغير.
لقد تحوّلت رحلة السفينة إلى لحظة كاشفة، لجبن السياسات، ولشجاعة الضمائر. إلى محطة فاصلة، بين عالم يواصل تجاهل المجازر، وآخر بدأ، في استعادة صوته.
وإن كانت "مادلين" قد اعتُقلت، فالرمز لا يُعتقل.. وإن مُنعت من الوصول، فقد فتحت الطريق.
إن غزة لم تعد فقط جغرافيا تحت الحصار، بل صارت جرحا مفتوحا في ضمير هذا العالم. وكل قارب يبحر نحوها، وكل قافلة تنطلق باتجاهها، هو محاولة لإعادة وصل ما انقطع بين السياسة والأخلاق. وإذا كانت الحكومات قد قررت أن تنسحب من المعركة، فلتتقدّم الشعوب.