هل ستكون بولندا في مرمى موسكو بعد أوكرانيا؟
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
ترسم الحروب كثيرا من حدود الدول ويرسم التاريخ مسار كثير من الحروب وهو ما حدث ويحدث مع بولندا حاليا التي وجدت نفسها بين عشية وضحاها من دولة تسعى للتعافي الاقتصادي والتقدم والنهوض كعضو في الاتحاد الأوروبي إلى دولة تماس على خط النار مع أوكرانيا. وقد بدأ التململ الروسي مبكرا من دور بولندا كدولة ممر للأسلحة والمعدات لأوكرانيا ووصل إلى ما اعتبرته وارسو تهديدا روسيا علنيا لسيادتها وتهديدا عسكريا صريحا قادما من بيلاروسيا.
وحتى نفهم أزمة بولندا ينبغي التنويه أنها من دول أوروبا الوسطى وهي دول تعاني من أزمة هوية أوروبية فلا هي تنتمي إلى معسكر أوروبا الغربية مثل فرنسا وهولندا بكل ما تملكه من مقومات سياسية واقتصادية وعسكرية وصناعية ولا هي من معسكر شرق أوروبا المنقسم بين دعم موسكو ومحاولة الاتحاد الأوروبي استمالته والاستثمار السياسي والعسكري فيه.
من الناحية النظرية فإن وراسو وكييف على قلب رجل أوروبي غربي واحد في مواجهة موسكو. ومن الناحية العملية فإن كل منهما يدفع فاتورة جوار الآخر. فبولندا أصبحت في مرمى النيران السياسية والدبلوماسية وأخيرا العسكرية والأمنية من موسكو منذ بداية الاجتياح الروسي لأوكرانيا. ووصل الأمر إلى أثمان تتعلق بالمنتجات الزراعية، فمؤخرا نشب تلاسن دبلوماسي ظهر للعلن بسبب المنتجات الزراعية الأوكرانية ودورها في التأثير السلبي على المزارعين البولنديين الذين تريد وارسو أن يتمكنوا من التسويق وبيع منتجاتهم ولا يتعرضوا لمنافسة من المنتجات الأوكرانية الأرخص ثمنا. ولم يقف الأمر عند التلاسن بل وصل إلى استدعاء السفير البولندي في أوكرانيا ونظيره الأوكراني في بولندا.
لقد كانت بولندا هي شرارة الحرب العالمية الثانية حين غزتها ألمانيا عام 1939 وعانت من ويلات هذه الحرب كما لم يعاني أي بلد أوروبي آخر دارت رحى الحرب على أرضه. ولا يمكن الجزم بأنها ستكون شرارة حرب عالمية ثالثة، لكن المهم أن قدر بولندا الجغرافي والسياسي وضعها في القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين بين فكي القوى الكبرى وجعلها تدفع أثمانا باهظة من حريتها وحدودها.عسكريا قالت بولندا بوضوح على لسان رئيس وزرائها ماتيوش مورافيتسكيإن إن مجموعات من مليشيات فاغنر العسكرية تتحرك نحو حدودها وهو ما يعني التحرش بالجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي الناتو. وردت وارسو بإرسال نحو ألف جندي إلى الحدود مع بيلاروسيا. ووصف رئيس الوزراء الوضع بأنه بالغ الخطورة. ولم تسفر هذه التحركات عن اشتباكات عسكرية حتى الآن لكن واضح من أن هناك من وضع البنزين بجوار النار في انتظار أية شرارة للاشتعال.
سياسيا قال الرئيس الروسي فلادمير بوتين الشهر الماضي إن بولندا حصلت على أراض في المناطق الغربية بسبب الرئيس الروسي السابق جوزيف ستالين وهو ما اعترضت عليه بولندا واعتبرته تهديدا لدولة ذات سيادة وتحديا لحدودها المعترف بها دوليا. ووصل الأمر بأن قال نائب وزير الدفاع الروسي السابق أندريه كارتابولوف الشهر الماضي بأنه يعتقد بأن قوات فاغنر موجود في بيلاروسيا للتحضر لهجوم على بولندا وأنها ستكون جاهزة للاستيلاء على أراض بولندية خلال ساعات.
لقد كانت بولندا هي شرارة الحرب العالمية الثانية حين غزتها ألمانيا عام 1939 وعانت من ويلات هذه الحرب كما لم يعاني أي بلد أوروبي آخر دارت رحى الحرب على أرضه. ولا يمكن الجزم بأنها ستكون شرارة حرب عالمية ثالثة، لكن المهم أن قدر بولندا الجغرافي والسياسي وضعها في القرن العشرين والقرن الحادي والعشرين بين فكي القوى الكبرى وجعلها تدفع أثمانا باهظة من حريتها وحدودها.
والأهم من هذا وذاك هو رد فعل حلف شمال الأطلسي على صيحة الاستنجاد التي أطلقها رئيس الوزراء البولندي، إذ لم يتجاوب الحلف جديا مع هذه الصيحة ولم يدر أي حديث عن إمكانية تفعيل المادة الخامسة من ميثاق الدفاع الجماعي للحلف. وبعد أن أبلغته وارسو بالوضع اكتفى بالقول إنه يراقب الوضع. وهذا أمر يقبل كثيرا من التأويلات أهمها أن مسرح العمليات العسكرية في شرق أوروبا مرشح لدخول فاعلين جدد مثل قوات فاغنر ودولة مثل بيلاروسيا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بولندا روسيا روسيا علاقات بولندا رأي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة صحافة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
ماكرون يحذَر الصين: أبعدوا كوريا الشمالية عن أوكرانيا وإلا ستجدون الناتو في آسيا
حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الصين من أن استمرار دعم كوريا الشمالية لروسيا في أوكرانيا قد يدفع الناتو للتوسّع في آسيا. ودعا دول المنطقة إلى استقلال استراتيجي عن كل من واشنطن وبكين، محذراً من تصدّع النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية. اعلان
وجّه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تحذيراً مبطناً إلى الصين، داعياً إياها إلى منع كوريا الشمالية من التورّط في الحرب الروسية على أوكرانيا، وإلا فإن الناتو قد يجد نفسه منخرطاً بشكل أوسع في منطقة آسيا، في تحوّل استراتيجي غير مسبوق.
وفي خطاب ألقاه الجمعة في "حوار شانغريلا" الأمني في سنغافورة، قال ماكرون إن "وجود كوريا الشمالية في أوكرانيامسألة تهمّنا جميعاً. إذا كانت الصين لا تريد أن يكون للناتو دور في جنوب شرق آسيا، فعليها أن تمنع مشاركة بيونغ يانغ في النزاع على الأرض الأوروبية".
تأتي تصريحات ماكرون في وقت تشير فيه تقارير إلى أن جنوداً كوريين شماليين يقاتلون إلى جانب القوات الروسية في منطقة كورسك، بموجب اتفاق عسكري بين موسكو وبيونغ يانغ.
وتمثّل هذه التصريحات تحولاً لافتاً في موقف باريس، التي كانت قد قادت الجهود في عام 2023 لمنع إنشاء مكتب ارتباط للناتو في اليابان، مؤكدة رفضها لتوسيع نفوذ الحلف في آسيا. وقال ماكرونفي كلمته: "كنت قد عارضت دوراً للناتو في آسيا، لأنني لا أؤمن بالانخراط في صراعات استراتيجية تخصّ الآخرين"، ملمّحاً إلى إمكانية إعادة النظر في هذا الموقف.
Relatedماكرون يحذر من تأثير الرسوم الأمريكية ويطالب بتحرك أوروبي مشتركفي اتصال مع عباس... ماكرون يدعو لإصلاح السلطة الفلسطينية ونزع سلاح حماسنتنياهو لماكرون: "نرفض إقامة دولة فلسطينية لأنها ستكون معقلا للإرهاب الإيراني"وخلال جولته الآسيوية التي شملت فيتنام وإندونيسيا، وقّع ماكرون عدداً من الاتفاقيات، بينها صفقات في مجال الدفاع، قبل أن يختتم زيارته في سنغافورة، حيث ألقى الكلمة الافتتاحية في المؤتمر الذي استقطب شخصيات بارزة، بينهم وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسث، وكبيرة الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس.
وفي كلمته، حذّر الرئيس الفرنسي أيضاً من مخاطر انتشار الأسلحة النووية، ومن انهيار النظام الدولي الذي أُرسيت قواعده بعد الحرب العالمية الثانية، ودعا دول آسيا إلى عدم الارتهان لا للولايات المتحدة ولا للصين، مضيفاً أن "فرنسا تؤمن بالاستقلال الاستراتيجي وسيادة القرار. ونحن ندافع عن هذا النهج في أوروبا وفي منطقة الهندي-الهادئ".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة