قالت دار الإفتاء المصرية، إنه يستحب للقارئ إذا فرغ من ختم القرآن الكريم أن يقرأ سورة الفاتحة وأول سورة البقرة؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبرنا أن قراءتهما من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى، وعلى ذلك جرى عمل المسلمين في كافة الأمصار.

حكم طهارة وصلاة مريض الكولوستومي.. الإفتاء توضح هل يجوز للمرأة الحائض أداء الطواف؟ الإفتاء تجيب (فيديو)

إأوضحت الإفتاء، أن سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخبرنا أنَّ قراءة سورة الفاتحة وأول سورة البقرة بعد ختم القرآن الكريم من أحب الأعمال إلى الله سبحانه وتعالى؛ قال الحافظ جلال الدين السيوطي: [يُسَنُّ إذا فرغ من الختمة أن يشرع في أخرى عقب الختم؛ لحديث الترمذي وغيره: «أَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللهِ الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ؛ الَّذِي يَضْرِبُ مِنْ أَوَّلِ الْقُرْآنِ إِلَى آخِرِهِ كُلَّمَا حَلَّ ارْتَحَلَ»، وأخرج الدانيُّ بسند حسن عن ابن عباس عن أبيّ بن كعب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قرأ: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ افتتح من الحمد، ثم قرأ من البقرة إلى: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، ثم دعا بدعاء الختمة، ثم قام].

وقد جرى على ذلك عمل الناس، وصح ذلك من قراءة ابن كثير رحمه الله تعالى:

قال الإمام القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن": [ومن حرمته: أن يفتتحه كلما ختمه؛ حتى لا يكون كهيئة المهجور، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا ختم يقرأ من أول القرآن قدر خمس آيات؛ لئلا يكون في هيئة المهجور، وروى ابن عباس رضي الله عنهما قال: «جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: عَلَيْكَ بِالْحَالِّ الْمُرْتَحِلِ، قَالَ: وَمَا الْحَالُّ الْمُرْتَحِلُ؟ قَالَ: صَاحِبُ الْقُرْآنِ؛ يَضْرِبُ مِنْ أَوَّلِهِ حَتَّى يَبْلُغَ آخِرَهُ، ثُمَّ يَضْرِبُ فِي أَوَّلِهِ؛ كُلَّمَا حَلَّ ارْتَحَلَ»].

وقال الإمام ابن الجزري في "النشر في القراءات العشر": [قال الحافظ أبو عمرو الداني في كتابه "جامع البيان": كان ابن كثير من طيق القواس والبزي وغيرهما يكبر في الصلاة والعرض من آخر سورة ﴿وَالضُّحَى﴾ مع فراغه من كل سورة إلى آخر ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾، فإذا كبر في (الناس) قرأ فاتحة الكتاب وخمس آيات من أول سورة البقرة على عدد الكوفيين إلى قوله: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾، ثم دعا بدعاء الختمة، قال: وهذا يُسَمَّى (الحال المرتحل)، وله في فعله هذا دلائل مستفيضة؛ جاءت من آثار مروية ورد التوقيف بها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأخبار مشهورة مستفيضة جاءت عن الصحابة والتابعين والخالفين].

ثم قال ابن الجزري: [وصار العمل على هذا في أمصار المسلمين؛ في قراءة ابن كثير وغيرها، وقراءة العرض وغيرها، حتى لا يكاد أحد يختم إلا ويشرع في الأخرى؛ سواء ختم ما شرع فيه أو لم يختمه، نوى ختمها أو لم ينوه، بل جعل ذلك عندهم من سنة الختم، ويسمون مَن يفعل هذا (الحال المرتحل)؛ أي الذي حلّ في قراءته آخر الختمة وارتحل إلى ختمة أخرى].

 يستحب للقارئ إذا فرغ من الختمة أن يشرع في أخرىقراءة القرآن

وعند الحنابلة: يستحب للقارئ إذا فرغ من الختمة أن يشرع في أخرى، لكنهم نقلوا عن الإمام أحمد المنع من قراءة الفاتحة وأول البقرة، مع نصهم على أنَّ القارئ إن فعل ذلك فلا بأس:

قال الشيخ الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى": [ويستحب إذا فرغ من الختمة أن يشرع في أخرى؛ لحديث أنس رضي الله عنه: «خَيْرُ الْأَعْمَالِ: الْحِلُّ وَالرِّحْلَةُ»، قيل وما هما؟ قال: «افْتِتَاحُ الْقُرْآنِ وَخَتْمُهُ».. (ولا يقرأ الفاتحة وخمسًا) أي: خمس آيات (من) أول (البقرة عقب الختم نصًّا)؛ لأنه لم يبلغه فيه أثر صحيح، (فإن فعل) ذلك (فلا بأس)، لكن تركه أولى].

وقال الإمام ابن الجزري في "النشر": [لا نقول إن ذلك لازم لكل قارئ، بل نقول كما قال أئمتنا فارس بن أحمد وغيره: من فعله فحسن، ومن لم يفعله فلا حرج عليه].

وقد ذكر الإمام موفق الدين أبو محمد عبد الله بن قدامة المقدسي الحنبلي رحمه الله في كتابه "المغني" (2/ 126، ط. مكتبة القاهرة) أن أبا طالب صاحب الإمام أحمد قال: [سألت أحمد: إذا قرأ: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ يقرأ من البقرة شيئًا؟ قال: لا. فلم يستحب أن يصل ختمة بقراءة شيء. فحمله الشيخ موفق الدين على عدم الاستحباب، وقال: لعله لم يثبت عنده فيه أثر صحيح يصير إليه.

وفيه نظر؛ إذ يحتمل أن يكون فهم من السائل أن ذلك لازم، فقال: لا، ويحتمل أنه أراد قبل أن يدعو؛ ففي كتاب "الفروع" للإمام الفقيه شمس الدين محمد بن مفلح الحنبلي: ولا يقرأ الفاتحة وخمسًا من البقرة، نص عليه، قال الآمدي: يعني قبل الدعاء، وقيل: يُستَحَبُّ. فحمل نص أحمد بقوله (لا) على أن يكون قبل الدعاء، بل ينبغي أن يكون دعاؤه عقيب قراءة سورة الناس كما سيأتي نص أحمد رحمه الله، وذكر قولًا آخر له بالاستحباب.

وقال العلّامة إسماعيل حقي البروسوي في "روح البيان": [رُويَ عن ابن كثير رحمه الله أنه كان إذا انتهى في آخر الختمة إلى: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾ قرأ سورة ﴿الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ وخمس آيات من أول سورة البقرة على عدد الكوفي، وهو إلى: ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾؛ لأن هذا يُسَمَّى (الحالَّ المُرْتَحِلَ)، ومعناه: أنه حلَّ في قراءته آخر الختمة وارتحل إلى ختمة أخرى؛ إرغامًا للشيطان، وصار العمل على هذا في أمصار المسلمين، في قراءة ابن كثير وغيرها، وورد النص عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله أن مَن قرأ سورة الناس يدعو عقب ذلك؛ فلم يَسْتَحِبَّ أن يصل ختمه بقراءة شيء، ورُوِيَ عنه قولٌ آخرُ بالاستحباب].

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإفتاء دار الإفتاء ختم القرآن سورة الفاتحة سورة البقرة أحب الأعمال النبی صلى الله علیه وآله وسلم رحمه الله ابن کثیر

إقرأ أيضاً:

مسابقة "جيل القرآن" في سلوفينيا تختتم نسختها التاسعة بمشاركة واسعة وجهود تعليمية متميزة

في أجواء إيمانية واحتفالية مميزة، شهدت العاصمة السلوفينية ليوبليانا اختتام فعاليات النسخة التاسعة من مسابقة "جيل القرآن الكريم"، وذلك بحضور واسع تجاوز أكثر من 1000 طالب وطالبة من مختلف الأعمار من العائلات المسلمة، إلى جانب أولياء الأمور ومعلمي اللغة العربية والقرآن الكريم، في احتفالية أقيمت في المركز الثقافي الإسلامي، وتُعد من أكبر الفعاليات الإسلامية في الجمهورية.

وجاء تنظيم هذه المسابقة القرآنية برعاية رسمية من مسابقة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني للقرآن الكريم، التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر، والتي تعد الراعي الحصري والداعم الرئيس للمسابقة السلوفينية منذ انطلاقتها عام 2015، وتواصل دعمها للنسخة الحالية 2025 للعام التاسع على التوالي، تأكيداً لرسالتها في نشر القرآن الكريم وتعليمه للمسلمين غير الناطقين بالعربية.

مشاركة رسمية قطرية

وتُعد هذه المساهمة من أبرز أوجه الدعم القطري الدائم للأقلية المسلمة في سلوفينيا، حيث تتولى المسابقة كل عام دعم البرنامج القرآني السنوي عبر وفد رسمي من اللجنة المنظمة لمسابقة الشيخ جاسم للقرآن الكريم، يحضر إلى ليوبليانا للإشراف على المسابقة والمشاركة في فعاليات الحفل الختامي، ومتابعة التحضيرات للدورة المقبلة.

مسابقة تعليمية إيمانية تعزز الهوية والانتماء

تُنظم المسابقة سنوياً بإشراف مباشر من المشيخة الإسلامية في جمهورية سلوفينيا، ويشارك فيها 18 مركزاً تعليمياً للقرآن الكريم منتشراً في مدن البلاد وقراها، ويتلقى الطلاب دروساً أسبوعية في حفظ القرآن الكريم وفهم معانيه، إلى جانب مناهج في العقيدة والسيرة وأخلاق المسلم، مصممة خصيصاً لتعزيز الهوية الإسلامية لدى الناشئة وتحصينهم دينياً وفكرياً في مجتمع أوروبي متعدد الثقافات.

وقد خُصص مقرر النسخة التاسعة للمسابقة هذا العام ليعزز أخلاق المسلم في الكتاب والسنة، وضم ثماني فئات، شملت:

1.     سيرة النبي صلى الله عليه وسلم

2.     سيرة الصحابة رضوان الله عليهم

3.     أركان الإسلام

4.     الإيمان- عقيدة المسلم

5.     أخلاق المسلم في القرآن الكريم

6.     القرآن كتاب الله

7.     حفظ سور القارعة إلى الناس

8.     حفظ سور الضحى إلى الناس

وبلغ عدد المشاركين في هذه الفئات139  متسابقًا ومتسابقة.

احتفال ختامي مميز وتكريم للمتميزين

وشهد الحفل الختامي للمسابقة الذي يعد ملتقى ثقافياً واجتماعياً واسعاً لمسلمي سلوفينيا، فقرات قرآنية من تلاوات فردية وجماعية، ومسابقات لمقاطع قرآنية قصيرة في الحفظ والتجويد، وعروضًا تعليميةً مرئيةً حول سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، بالإضافة إلى أناشيد دينية بالعربية والبوسنية، ومسابقات تفاعلية للأطفال.

كما تم تكريم أكثر من 50 فائزًا بجوائز مالية ومصاحف وشهادات تقدير، إلى جانب تكريم المعلمين والمشرفين، وتنظيم يوم رياضي خاص للطلاب وأسرهم في أحد المنتزهات.

شكر وامتنان لدولة قطر

وفي كلمته خلال الحفل، ثمّن المفتي العام لجمهورية سلوفينيا الشيخ نفزت بوريتش الدعم القطري المستمر، مشيدًا بدور مسابقة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني ومكانتها في خدمة القرآن الكريم، ووجّه شكره إلى سعادة الوزير غانم بن شاهين الغانم، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية في دولة قطر، وإلى رئيس اللجنة المنظمة للمسابقة على اهتمامهم المتواصل بتعزيز الهوية الإسلامية في أوروبا.

كما ألقى السيد فهد المحمد، رئيس الوفد القطري المشارك، كلمة نقل فيها تحيات القائمين على مسابقة الشيخ جاسم، وعبّر عن اعتزازه بهذا التعاون المثمر، وحثّ على الاستمرار في هذه الأنشطة القرآنية التي تُغرس بها محبة القرآن في القلوب، وتُبنى بها أجيال تعتز بدينها وهويتها.

ثمرة للتعاون الثقافي والديني القطري السلوفيني

تأتي هذه المسابقة ضمن سلسلة مشاريع دينية وثقافية تدعمها دولة قطر في سلوفينيا، وأبرزها المركز الثقافي الإسلامي في ليوبليانا، الذي افتُتح رسمياً عام 2022 برعاية سمو أمير البلاد المفدى الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ويُعد رمزاً للتسامح والتعايش والحوار الديني في أوروبا، حيث يساهم المركز في دعم الأنشطة الدينية والثقافية والتعليمية في سلوفينيا، ويتسع المركز لحوالي ألف مصلٍّ، ويحتوي على مرافق متعددة تضم: مكتبة، قاعات تعليم، صالة رياضية، مسرح، مطعم وغيرها من المرافق، وتنظم فيه الأنشطة التثقيفية والدينية والمبادرات المجتمعية، ويستقبل المركز نحو 700 طفل أسبوعياً للتعليم والتثقيف والترفيه الرياضي، كما يقوم المركز باستقبال زيارات طلاب المدارس لتعريفهم بالإسلام.

رسالة ممتدة لخدمة كتاب الله

وتُواصل مسابقة الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني للقرآن الكريم أداء دورها الريادي عالميًا، عبر دعم مسابقات القرآن الكريم والتعليم والتثقيف الشرعي حول العالم، ترسيخًا لمكانة دولة قطر في خدمة الإسلام والمسلمين، ولرؤية الدولة في تعزيز الهوية الإسلامية المعتدلة، وبناء جسور التواصل والتفاهم مع الشعوب من خلال رسالة القرآن الكريم التي تحمل الهداية والنور إلى العالم أجمع.

مقالات مشابهة

  • هل يجوز للحائض قراءة القرآن من الهاتف.. دار الإفتاء تجيب
  • هل سورة يس لما قرأت له؟.. الإفتاء تصحح خطأ شائعا عن فضلها
  • هل تدبر القرآن وحفظه فرض على كل مسلم؟ أمين الفتوى يرد
  • مقدمة في الفقه الأخلاقي
  • أذكار المساء لتحصين المسلم.. كلمات تنجيك من كل شر
  • مسابقة "جيل القرآن" في سلوفينيا تختتم نسختها التاسعة بمشاركة واسعة وجهود تعليمية متميزة
  • قداسة الانسان .. في حديقة الحيوان !
  • الإفتاء تنصح بقراءة هذه السورة لتجنب المشاكل والخلافات الأسرية
  • ماذا يحدث لمن يقرأ سورة النبأ بعد العصر؟.. النبي أوصى بها لـ 3 أسباب
  • ماذا يحدث بعد قراءة أذكار المساء كاملة؟.. 7 فضائل تعرف عليها