لجريدة عمان:
2025-05-20@15:27:22 GMT

أيّ مستقبلٍ ينتظر متاجر الكتب؟

تاريخ النشر: 26th, June 2024 GMT

أيّ مستقبلٍ ينتظر متاجر الكتب؟

الترجمة عن الفرنسية : حافظ إدوخراز

تعدّ صناعة الكتاب أول صناعة ثقافية في فرنسا، لكن سوق الكتاب تبقى مع ذلك جد هشّة. وعرفت السلوكيات المرتبطة بقراءة الكتب واقتنائها العديد من التطوّرات على مدار العشرين عامًا الماضية، لتُسائل بذلك التوازنات الدقيقة التي نشأت بين اللاعبين في هذه السوق.

أدّى إدخال الأجهزة القارئة والكتب الرقمية انطلاقًا من بداية الألفية الثانية إلى ظاهرة كبيرة تمثلت في إلغاء الوساطات.

يكفي الآن حاسوب بسيط من أجل نشر نص ما والوصول إلى القراء المحتمَلين. تكاد تكون تكاليف إعادة إنتاج الكتاب الرقمي منعدمة، مما يؤدي إلى تدمير القيمة بالنسبة إلى العديد من الجهات الفاعلة في هذا القطاع (ناشرون، مطابع، تجار كتب، نقّاد).

يسائل مجيء التكنولوجيا الرقمية الدور التقليدي الذي يقوم به الوسطاء بين المؤلف والقارئ، وتميل بعض المهام التي كانت في السابق من اختصاص هؤلاء الوسطاء إلى الانحسار لصالح شبكة الإنترنت. وتقدّم العديد من المواقع الإلكترونية على سبيل المثال اقتراحات للقراءة بناءً على خوارزميات. وعلى صعيد آخر، وإن كانت الظاهرة لا تزال هامشية، فمن الممكن قرصنة الكتب الرقمية، وتتيح بعض المواقع إمكانية تنزيل الكتب بشكل غير قانوني.

وممّا ساهم أيضا في ظاهرة إلغاء الوساطات الرواج الذي لقيه التسوّق عبر الإنترنت، خصوصًا بفضل جائحة كورونا. لا تملك متاجر الكتب في الواقع الحق الحصري في بيع الكتب الجديدة. لقد أظهرت دراسة أجرتها النقابة الوطنية للناشرين عام 2021 أنه وإن كان 77٪ ممن شملهم الاستطلاع يقتنون كتبهم الجديدة في المكتبات (والتي لا تزال على رأس قائمة أماكن شراء الكتب)، فإن 48٪ منهم يشترون كتبهم الورقية على الإنترنت. وهذا رقم قد ارتفع بشكل حادّ خلال السنوات الأخيرة (أكثر من عشر نقاط بالمقارنة مع عام 2015). وتجدر الإشارة إلى أن 29٪ ممن تمّ استطلاع آرائهم لديهم شعور بأن الأسعار مرتفعة في متاجر الكتب مقارنة بأي مكان آخر، وهذا على الرغم من قانون توحيد سعر بيع الكتاب الذي يرجع إلى عام 1981. يعدّ هذا الشعور أحد العوائق التي تعترض الشراء في متاجر الكتب.

ولذلك فإن القراء اليوم (وغدا على نحو أكثر بلا شك) لديهم إمكانية الاستغناء عن الوسطاء الذين كانوا ضروريين سابقا للتوسّط بينهم وبين الناشرين. لقد سبق أن صرّح جيف بيزوس، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون والوجه المكروه لدى تجّار الكتب، لصحيفة لوموند الفرنسية بهذا الخصوص في عام 2011 قائلا: «الأشخاص الوحيدون الضروريون في قطاع النشر حاليا هم القارئ والكاتب».

قد تثير ظاهرة إلغاء الوساطات هذه مخاوف من مستقبل قاتم ينتظر متاجر الكتب كما نعرفها. غير أن النصائح التي يقدّمها بائعو الكتب اليوم تبدو ضرورية لمساعدة القراء في القيام باختياراتهم، حيث إن المعروض من الكتب كثير للغاية. يزداد عدد العناوين المنشورة في فرنسا كل عام، وحتى أكثر الخوارزميات كفاءةً تفشل في الحد من الدّوار الذي يصيبنا بسبب الخيارات المتاحة أمامنا. كيف يمكن لمتاجر الكتب أن تدافع عن دورها كوسيط لا غنى عنه؟

لقد أنجزت، في إطار رسالتي للدكتوراه، دراسة نوعية همّت 35 قارئًا باستخدام مقابلات استفسارية من أجل فهم علاقتهم بالكتاب وبُعده المادي. مكّن هذا العمل البحثي من وضع خطاطة قرائية حول ممارسات استهلاك الكتب بعيدا عن التعارض الديالكتيكي التقليدي بين الكتب الرقمية والمطبوعة.

يعتمد مستقبل متاجر الكتب على فهم ممارسات استهلاك الكتب الجديدة. لقد ساد الاعتقاد لفترة طويلة أن الكتاب الرقمي هو الأخ العدوّ بالنسبة إلى الكتاب الورقي (هذا إن لم يكن حفّار قبره).

في الواقع، نلاحظ في صفوف مستهلكي الكتاب الرقمي ارتباطًا شديدًا بالكتاب الورقي واستهلاكًا مشتركًا لهذين الشّكلين. وهم بذلك يتنقّلون بين الورقي والرقمي وفقًا لاحتياجاتهم ورغباتهم، وقد يشترون أحيانًا كتابًا بشكليه الورقي والرقمي مدفوعين بالرغبة في هذا الاستهلاك الهجين. وأظهرت دراسة حديثة أن 1٪ فقط من قرّاء الكتب الإلكترونية تقتصر قراءتهم على الشكل الرقمي. تستمر الغالبية العظمى بالتالي في استهلاك الكتب الورقية بعد إدخال التكنولوجيا الرقمية في ممارساتها. نلاحظ إذن أن التكنولوجيا الرقمية لا تحلّ مكان الورق، مثلما أن التلفاز لم يحلّ مكان السينما.

نميل على مستوى التمثّلات إلى الربط بين متاجر الكتب والكتب الورقية من جهة، وبين المنصّات الإلكترونية والكتب الرقمية من جهة أخرى. غير أنه من الأجدر التفكير في التمييز بين الشراء عبر الإنترنت وخارجه أكثر من التفكير في التمييز بين الشكلين الورقي والرقمي للكتاب. وبالتالي، من الممكن شراء الكتب الورقية على الإنترنت، ومن الممكن على عكس ذلك شراء الكتب الرقمية من صاحب متجر كتب (تماما كما يمكن للمرء اليوم استعارة الكتب الرقمية من المكتبة بفضل إمكانية الإعارة الرقمية في المكتبات).

يمكن لوساطة بائع الكتب، بصفته هيئة مركزية تقدّم المشورة والمساعدة في الاختيار من بين عدد كبير من الكتب، أن تحتفظ بكامل مكانتها، حتى في سياق الاستهلاك الرقمي. وإذا كان العديد من متاجر الكتب اليوم تمنح إمكانية اقتناء الكتب الرقمية من خلال مواقعها الإلكترونية، فإنها لا تذهب أبعد من ذلك في الوقت الراهن.

يمكن في المستقبل تعميق هذا النهج من خلال إتاحة إمكانية شراء الكتب الرقمية في المتاجر المادية في إطار منطقٍ من التهجين. ويمكن بالتالي للمستهلكين الاستمرار في طلب الكتب الرقمية مع الاستفادة من نصائح بائع الكتب وأيضا من كل ما يمكن أن يقدّمه مكانٌ مثل متجر الكتب: لقاءات بين القراء ومع المؤلفين، الطابع الودّي لمتجر القرب، الإثارة الحسّية.. إلخ. وهكذا، يجب أن يصير (أو يبقى) متجر الكتب مكانًا للحياة أكثر من كونه مكانًا للبيع.

من المهم في الختام أن نفهم الكتاب كشيء يندمج في نسقٍ أكثر شمولية يتضمّن مزيدًا من الأشياء. غالبًا ما تكون ممارسات القراءة مصحوبةً بجانب مادّي يرتبط بها، سواء تعلق الأمر بكتب ورقية أو رقمية. يمكن أن تأخذ هذه المادّية المصاحبة شكل فنجان من الشاي أو غطاء أو شمعة أو العديد من العناصر الأخرى التي تلازم عملية القراءة.

إنَّ التفكير في ممارسات استهلاك الكتب بكل تعقيداتها المادية يجعل من الممكن فهم تجربة المستهلكين والآليات التي تشجّع على انغماسهم في القراءة. بإمكان بائعي الكتب التعمّق في هذا الفهم من خلال تقديم تجربة أكثر شمولية على غرار متجر جيبير جوزيف (Gibert Joseph) للكتب (أكبر متجر مستقل للكتب في فرنسا)، والذي قام مؤخرًا بتجديد مبانيه، ويخصّص الآن طابقًا لدروس اليوغا أو صناعة الفخّار من خلال التعاون مع جمعيات محلّية، فضلًا عن الحفلات الموسيقية والمؤتمرات التي تُقام به.

من الجليّ أنه على الرغم من أن متاجر الكتب الصغيرة لا تملك نفس الوسائل، إلا أنها تندمج وتشارك في حياة الأحياء التي توجد بها. إن هذا القرب هو الذي يشكّل مصدر قوّتها. وبعد أن حاولت شركة أمازون التنافس مع متاجر الكتب التقليدية في الولايات المتحدة وبريطانيا، اضطرّت إلى إغلاق متاجرها المادّية في عام 2022 لأنها لم تكن مربحة بما فيه الكفاية. تملك متاجر الكتب التقليدية ميزات تفتقر إليها المنصّات الإلكترونية، ولا ريب أن هذه الميزات سوف تحظى بمكانة أكبر في عرضها خلال السنوات القادمة.

إن متاجر الكتب هي مختبرات للأفكار والمبادرات التي تُسهم في ابتكار متجر الكتب المستقبلي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: شراء الکتب من الممکن العدید من من خلال التی ت مکان ا

إقرأ أيضاً:

اتحاد الكتاب: حصلنا على تعهد بتأجيل إغلاق بيوت الثقافة المستأجرة

كتب- محمد شاكر:

عقدت النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر، برئاسة الدكتور علاء عبدالهادي، مساء أمس الأحد اجتماعا مهما بمقر الاتحاد بالزمالك، بمشاركة المجلس الاستشاري الأعلى بنقابة، مع اللواء خالد اللبان رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة بحضور الشاعر مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، حول قرارات هيئة قصور الثقافة الأخيرة وما أثير حول إغلاق بيوت الثقافة المستأجرة.

وقال الكاتب أحمد قرني عضو المجلس الاستشاري الأعلى بنقابة اتحاد الكتاب ورئيس النقابة الفرعية لكتاب بني سويف والفيوم، في تصريحات لمصراوي: حرصا من نقابة اتحاد الكتاب وتقديرها للموقف وغضبة الأدباء فقد دعا الاتحاد لهذا الاجتماع، حيث تحدث رئيس الاتحاد عن أهمية الشراكة الثقافية بين نقابة الكتاب وبين وزارة الثقافة وأكد خلال كلمته على أهمية الثقافة والهيئة لكونها تتعامل مع الكتاب والمواهب في كل المجالات.

وأضاف قرني: تحدث بعد ذلك اللواء خالد اللبان حول رؤيته لتطوير هيئة قصور الثقافة وكيفية تنمية مواردها وطرح ما أثير حول غلق بيوت الثقافة في الأماكن المستأجرة وأن هناك مقرات لا تتجاوز عدة أمتار ولا تصلح لإقامة الأنشطة ولا تليق بمكانة المثقف والفنان وبعضها يظل مغلقا طوال العام بلا عمل مع تغيب الموظفين الدائم وأنه يمتلك رؤية سيقدمها قريبا لوزارة الثقافة لتنمية الموارد.

وأكمل قرني: استمع " اللبان" إلى آراء الزملاء وانتقادتهم للقرار من كل جوانبه وأهمية إتاحة الثقافة لكل ربوع مصر، واستمر الاجتماع لعدة ساعات.

وختم قرني بقوله: انتهى اللقاء باقتراح تشكيل لجنة لمتابعة أنشطة وفعاليات البيوت المزمع غلقها، وأي بيت ثقافة أو مكان يثبت فاعليته وقيامه بأنشطة حقيقية ستتكفل الهيئة بتدبير مكان لائق قبل قرار الغلق، وأوضح أنه بالنسبة لتلك المقرات سيؤجل قرار إخلائها لحين رأيي اللجنة.

اقرأ أيضاً:

ننشر مواصفات امتحان مادة الرياضيات للصف الخامس الابتدائي الترم الثاني 2025

تنسيق الجامعات 2025.. كل ما تريد معرفته عن برنامج الطب الفرنسي "كاف" لطلاب الثانوية

8 توجيهات من جامعة الأزهر لعمداء الكليات بشأن الامتحانات

لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا

لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا

اتحاد كتاب مصر إغلاق بيوت الثقافة المستأجرة الدكتور علاء عبدالهادي

تابع صفحتنا على أخبار جوجل

تابع صفحتنا على فيسبوك

تابع صفحتنا على يوتيوب

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان

أخبار

اتحاد الكتاب: حصلنا على تعهد بتأجيل إغلاق بيوت الثقافة المستأجرة

روابط سريعة

أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلاميات

عن مصراوي

اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصية

مواقعنا الأخرى

©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا

كيف ردت مصر على طلبات صندوق النقد الدولي في المراجعة الخامسة؟ .. فخري الفقي يجيب زيادة الرواتب في يوليو.. جدول أجور الموظفين بالدرجات المالية الدولار يتراجع تحت الـ 50 جنيها لأول مرة منذ 5 أشهر 27

القاهرة - مصر

27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك خدمة الإشعارات تلقى آخر الأخبار والمستجدات من موقع مصراوي لاحقا اشترك

مقالات مشابهة

  • الحنيان: الهلال ينتظر قرار إنزاغي قبل نهاية الأسبوع ..فيديو
  • الشيباني: الشعب لم ينتظر أحدًا.. وسحب الثقة من حكومة فقدت شرعيتها
  • محافظ الغربية يتابع موقف المشروعات الخدمية والتنموية بالمراكز ويشدد: المواطن لن ينتظر أكثر من ذلك
  • هل تعتقد أن دماغك مقسّم.. قراءة الكتب تكشف الحقيقة!
  • الشيباني: الشعب لم ينتظر أحدًا وسحب الثقة من حكومة فقدت شرعيتها
  • اتحاد الكتاب: حصلنا على تعهد بتأجيل إغلاق بيوت الثقافة المستأجرة
  • كل ما تحتاج معرفته عن رسوم كتب الكتاب ومصاريف عقد ‏القران 2025‏
  • كوابيس في الكواليس.. إصدار جديد من هيئة الكتاب لـ سعد الدين وهبة
  • ترامب يطالب المركزي الأميركي بخفض الفائدة وينتقد‭ ‬سلسلة متاجر وول مارت
  • المشاريع نصف المنجزة: الخرائط على الورق.. والواقع ينتظر