«شيماء»: تعلمت حرفة «التُلي» بالصدفة.. وعملت مشروعي الخاص وشاركت في المعارض
تاريخ النشر: 6th, July 2024 GMT
فى سن الثانية عشرة، توجهت «شيماء النجار»، مع صديقة لها لشراء بعض الأشياء من السوق، ووجدتها تشترى إبرة وخيطاً من نوع خاص،
حيث تقول: «بحب التطريز والشغل اليدوى جداً، وفى يوم روحت مع صاحبتى تجيب خيوط وإبر من نوع خاص، وعرفت إنها بتشتغل حرفة اسمها التلى وأثارت فضولى»، وكانت هناك سيدة عجوز بالمحل الذى توجهت صديقة شيماء لشراء الإبر والخيوط منه، ووجدت السيدة ملامح التساؤل والإعجاب على وجهها، فطلبت منها أن تجلس إلى جوارها، وبدأت فى تعليمها خطوات «التلى» على قطعة من القماش، ومنحتها الفرصة لتجرب بنفسها، وطلبت منها أن تجرب فى المنزل وتعود لها فى اليوم التالى بالمنتج النهائى الذى توصلت له.
تقول ابنة قرية شندويل بمحافظة سوهاج لـ«الوطن»، إن السيدة العجوز انبهرت بمهارتها، حيث عادت لها فى اليوم التالى بقطعة القماش وقد تمكنت من إنهاء تطريزها بالتلى، وتعلمت الحرفة بسرعة، بالرغم من صعوبة تعلمها، أحبتها وقررت أن تحترفها واستمرت فى التعلم وتطوير مهارتها بالحرفة، إلى أن أصبح لديها مشروعها الخاص. تقول السيدة الأربعينية، إنه بعد احترافها لـ«التلى»، قررت أن تعلم سيدات القرية، فى البداية كانت الأعداد قليلة إلى أن وصلت إلى 20 سيدة، واستمرت فى تطوير ذاتها والمشروع إلى أن بدأ فى التوسع، ووصل عدد السيدات اللاتى يعملن معها إلى قرابة الـ2000 سيدة، وتمكنت من المشاركة فى العديد من المعارض الدولية والمحلية، ورفضت تلقى أى دعم مادى من الأسرة وقررت أن تقيم مشروعها بنفسها دون أى مساعدات خارجية، ونجحت فى الأمر.
«التلى» هو حرفة تراثية نشأت فى قرية جزيرة شندويل، ولكنها اندثرت لفترة طويلة، وبعدها عادت للنور مرة أخرى، فتسعى إلى أن تكون عنصراً مساعداً فى عودة الحرفة التراثية إلى النور مرة أخرى.
وعن اندثار «التلى» وعودته مرة أخرى قالت «شيماء»: «فى عهد محمد على باشا، اهتم بالتلى وأمر بتطويره، وشهدت هذه الفترة انتشاراً واسعاً وازدهاراً للحرفة، وأهدى ملكة إنجلترا آنذاك قطعة من التلى، فاحتفظت بها وأهدتها للمتحف فى إنجلترا وكُتب تحتها (قطعة مصرية مصنوعة بأيادى سيدات الصعيد)، بالتالى التلى كان فى هذا الوقت منتشراً على الصعيد الداخلى لمصر وكذلك الخارجى». مثله مثل كل الأشياء، تأثرت حرفة «التلى»، بمرور الزمن، حيث قالت: «فى الماضى كان يتم استعمال خيوط من الذهب والفضة، أما الآن فيتم استعمال خيوط نحاسية مطلية بماء الذهب أو الفضة، وطريقة استعماله أيضاً تطورت واختلفت، فى الماضى كانت السيدات يستعملنه فقط على خامة واحدة وهى (التول الخفيف والثقيل)، اليوم أصبح هناك تنوع فى الخامات التى يستعمل عليها التلى، منها الحرير على سبيل المثال».
«شيماء» ليست الوحيدة، هناك العديد من السيدات اللاتى عملن على نشر الحرفة فى شندويل وغيرها من قرى ومحافظات الصعيد، فبدأن فى تعليمها للسيدات، وبذلك أصبح اليوم هناك آلاف من السيدات فى الصعيد ينتجن قطع التلى المختلفة، حيث تقول «شيماء» إن «محافظتى سوهاج وأسيوط هما أكثر المحافظات التى تمارس فيها السيدات تلك الحرفة، ولكن العدد الأكبر لممارسات تلك الحرفة هو فى قرية جزيرة شندويل، التى تعتبر المنبع الأساسى للحرفة منذ فجر التاريخ».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الت ل ى حرفة صعيدية سوهاج إلى أن
إقرأ أيضاً:
د. شيماء الناصر تكتب: غزة إبادة الإنسان والبيئة معاً
تبدلت الحياة والمهشد بأكمله في غزة إلى ما قبل الـ 7 من أكتوبر وما بعده لاحتضار مزدوج فالأنسان والبيئة أصبحا هدفً مزدوج عملت قوات الاحتلال الإسرائيلية على تدميره.
فالجريمة الإنسانية التي استهدفت الإنسان بالقتل والتجويع والتهجير القسري كشفت النقاب عن جريمة إنسانية أخرى وهي إبادة بيئته الطبيعية التي يحيا فيها لجعل الأرض التي يعيشون عليها غير صالحة للحياة فإذا ما نجا الفلسطينيون من رصاصات القتل كانوا على موعد مع مواجهة بيئتهم التي تشرف على مفارقة الحياة والانهيار التام .
سلسلة من التدمير الممنهج لكافة جوانب الحياة الإنسانية الأساسية شملت تدمر موائل الغذاء وإزالة وتدمير مايقرب من 48% من الغطاء النباتي للقطاع مابين الاقتلاع والتجريف أو حتى برش المبيدات الحارقة على الأراضي جواُ لإلحاق الضرر بالمحاصيل والتي يبقى أثرها الملوث يمتد لعقود داخل التربة لإحكام عملية التجويع الممنهج و إفساح الطريق للآليات العسكرية لاكتساح أراضي القطاع وتوسيع نطاق المنطقة العازلة وكانت الرصاصات جزاء من يحاول الدفاع قوته من الفلسطينيين . لم يقف الأمر هنا بل امتد ليشمل حلقات السلسلة من تلويث مصادر المياه وقطع واستهداف سبل الوقود عن محطات الكهرباء و عن محطات معالجة الصرف الصحي مما أدى لامتلاء قنوات الصرف بالمياه الملوثة مما لوث خزانات المياه الجوفية التي يعتمد عليها الغزوين انخفض نصيب الفرد إلى أقل من 5.7لتر يومياً مقارناً ب حوالي 85 لتر يومياً قبل الحرب بالإضافة لتصريف كميات كبيرة من المياه غير المعالجة لسواحل البحر ليصبح التلوث مضاعفاً .
كل ذلك تزامن مع انتشار النفايات بالقطاع وظهور مكبات النفايات العشوائية والتي لم يعرف كيفية التخلص منها مع توقف كافة الأنشطة المدنية بالقطاع .
فبعد أستهداف الغذاء والماء تولت نوبات القصف لشمل البنلء الذي يحتمى به المواطن الغزوي لم تكتفي قوات الأحتلال بالتهجير القسيري من الشمال للجنوب ومن الجنوب للوسط دون مكان آمن فقامت بنصف مربعات سكنية وأحياء باكملها وتجريف للطرق وهدم للبنى التحتية والمنشاءات والمرافق العامة فيما يعرف باتباعها لسياسة الأرض المحروقة فلم يجد الفلسطنسون نفسهم إلا وسط أطنان من الركام بلغت حسب التقديرات الأولية حوالي 22 مليون طن من الركام أَضافاً لأحتواء تلك الكومات من الركام على كثير من الذخائر غير المتفجرة وسموم المعادن الثقيلة من الأسلحة المستنفذة بالأضافة لي ماهو موثق بالتقارير التي تثبت أستخدام قنابل الفسفور الأبيض المحظور دولياً من قبل قوات الأحتلال والتي تضر بكل شئ بداية من أحتراقها وتفاعها مع الهواء مكونه حمض الفسفوريك الذي يسبب حرائق مدمرة للبيئة الطبيعية وأجساد البشر وحالات من الأختناق والموت كل ذلك يضاف إلي أن هبوط هذا الفسفور على التربة يلوثها تلويثاً طويل الأمد تصبح معه التربة لعقود غير صالحة للزراعة وإذا ماتسرب جزء من هذا الحمض للمياه الجوفية أو الساحلية يفسدها تماماً ويتراكم أجزاء منه داخل أجسام الأسماك والكائنات البحرية مما يودي لفقدان الموائل والتنوع البيولوجي ومصادر إمدادات مياه الشرب فالتلوث البيئي هنا في أخطر صوره المتتالية والمرتبطة ,إلي جانب كل هذة الأثار المباشرة على حياة الغزويين وبيئتهم يكمن أثر أخر غير مباشر وهو زيادة الابعاثات الكربونية فوق سمائهم نتيجة النشاط العسكري الزائد من قبل قوات الاحتلالوالتي تجاوز حسبب تقارير بيئية أممية مايعادل نشاط أكثر من 20 دولة معاً خلال فترة الحرب , فالجريمة البيئية في غزة جريمة مكتملة الأركان لذلك كان هناك مطالبة من بعض خبراء القانون الدولي فتح تحقيقات عاجلة وفقاً لنظام روما الأساسي والذي يحرم شن هجمات مدمرة على البيئة الطبيعية .
وقد قدر البنك الدولي كلفة الأ عمار المطلوبة لقطاع غزة مابين 53 ل 80 مليار دولار ومدتة تمتد لعقود وأن أكبر المشكلات أمامهم ستكمن في إزالة الأنقاض والركام والتخلص منه وأنه قد يستغرق نحو 21 عاماً بتكلفة 1.2 مليار دولار وحسب تصريح لجوتيريتش يحتاج القطاع كدفعة أولى ل 20 مليار دولار للبدء
إن ما يحدث في غزة ليس مجرد صراع على الأرض أو الهوية، بل هو جريمة بيئية تتطلب وقفة جادة من المجتمع الدولي. لقد تم تدمير النظم البيئية، وتجريف الأراضي الزراعية، و تلويث مصادر المياه، مما يشكل تهديدًا وجوديًا ليس للفلسطينيين فحسب، بل للبشرية جمعاء. إن الإبادة البيئية في غزة تعكس فشلًا ذريعًا في حماية البيئة وحقوق الإنسان، وتستدعي منا جميعًا اتخاذ موقف حازم ضد هذه الانتهاكات. إن مسؤوليتنا لا تقتصر على إدانة هذه الجرائم، بل تتطلب منا العمل الجاد على معالجة العواقب المدمرة التي خلفتها. يجب أن نضغط على الحكومات والمؤسسات الدولية لتطبيق القوانين البيئية وتعزيز العدالة المناخية، والتأكد من محاسبة مرتكبي هذه الجرائم. لتحقيق عالم أكثر عدلاً، يجب أن تكون قضايا البيئة وحقوق الإنسان في صميم أجندتنا. إن الدفاع عن البيئة في غزة هو دفاع عن حق كل إنسان في الحياة والكرامة. فلنقف جميعًا معًا، لنرفع صوتنا ضد هذه الممارسات المروعة، و لنؤكد أن العدالة البيئية لا يمكن أن تتحقق إلا بتحرير الأرض والإنسان.