صحيفة البلاد:
2025-06-26@11:16:05 GMT

طه حسين في المشاعر المقدسة 2-2

تاريخ النشر: 10th, July 2024 GMT

طه حسين في المشاعر المقدسة 2-2

.. بعد عودة عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين إلى القاهرة ،أجرى معه الصحفي والشاعر الكبير الأستاذ كامل الشناوي حواراً نشرته مجلة آخر ساعة في عددها الصادر بتاريخ 16 فبراير سنة 1955م. وسأله كامل الشناوي: علمت أنكم سافرتم إلى المدينة المنورة في طائرة صغيرة خطرة، مع أنكم لا تركبون الطائرات أبداً، وسبق أن رفضتم دعوات مهمة جداً لأمريكا وروسيا والهند لأن تلبيتها كانت تستلزم ركوب الطائرة، ولم تلبُّوا حتى دعوات ابنتكم وصهركم لزيارتهما وهما في أي منصب في السلك الدبلوماسي في أي بلد لهذا السبب؟

فأجاب الدكتور طه حسين : لم يكن من الممكن أن أتخلَّف عن هذه الزيارة، ولم تكن هناك طريقة أخرى غير الطائرة، كنت أحس أنه لا بد لي من زيارتها، لولا خوف الغرور لقلت إنها كانت دعوة من خارج نفسي دعوة آمرة.

ويستفهم كامل الشناوي: دعوة آمرة؟..ويقول طه حسين: دعوة آمرة لا بد أن تلبّى. لقد قال لي الأستاذ أمين الخولى: “إن الطريق البرِّي إلى المدينة مقطوع بسبب السيول الغزيرة التي هطلت هذا العام. ألا تؤجل زيارة المدينة هذه المرَّة؟ فقلت له: “لن أغفر لنفسي أبداً. شوقي إلى هذه الزيارة يتزايد منذ أكثر من سنتين”… ! وحين سأله كامل الشناوي كيف كان شعورك وانت في هذه الاماكن المقدسة ،أطرق الدكتورطه حسين ومسح جبينه بيده وكأنما يحاول أن ينفض عن رأسه غبار بعض الذكريات وقال : “لقد سبق أن عشت بفكري وقلبي في هذه الأماكن المقدسة زهاء عشرين عاماً – منذ بدأت أكتب “على هامش السيرة” حتى الآن- ولما زرت مكة والمدينة ،أحسست أني أعيش بفكري وقلبي وجسدي جميعاً . عشت بعقلي الباطن، وعقلي الواعي ، استعدت كل ذكرياتي القديمة، ومنها ما هو من صميم التاريخ، ومنها ما هو من صميم العقيدة ، وكانت الذكريات تختلط بواقعي، فتبدو حقائقا حيناً ورموزاً حيناً، وكان الشعور بها يغمرني ويملأ جوانب نفسي”.

ولما سئل: هل أخرجك هذا الشعور عن المألوف؟ ابتسم وقال: “على أي حال لم أصل إلى درجة الانجذاب، كنت دائماً في كامل وعيي، أخذتني الرهبة والخشية والخشوع كل مأخذ عندما كنت وحدي”.

وفي إجابة على سؤال آخر ،عبر الدكتور عن طه حسن مشاعره الأولى حين حلّ بهذه الأراضي فقال: “أول ما شعرت به وما زلت أشعر به إلى الآن هو الذي يجده الغريب حين يؤوب بعد غيبة طويلة جداً إلى موطن عقله وقلبه وروحه بمعنى عام”،وحين غادر الدكتور طه حسين مدينة جدة قاصداً البيت الحرام ،قام بالتنبيه على مرافقة أن يتوقف بالركب عند الحديبية، فلما توقفوا عندها ،ترجّل وقبض من تراب الحديبية قبضة فشمّها ثم تمتم ودموعه تنساب على التراب قائلاً: “والله إني لأشم رائحة النبي محمد –صلى الله عليه وسلم- في هذا التراب الطاهر”. ثم مضى الركب في طريقه حتى دخل الحرم الشريف من باب السلام، والدكتور لا يكاد يخفي وجد إيمانه عن رفيقه، وتوجها إلى الكعبة فتسلم الحجر وقبّله باكياً واستمر يطوف ويسعى في خشوع ضارع وبكاء خفي.

يقول أمين الخولي صاحبه في تلك الزيارة: “حين استلم طه حسين الحجر الأسود ظل يتنهّد ويبكي ويقبّل الحجر حتى وقفت مواكب الحجيج انتظاراً لأن يغادر هذا الأديب الكبير المكفوف مكانه، ولكنه أطال البكاء والتنهيد والتقبيل، ونسي نفسه فتركوه في مكانه وأجهشوا معه في البكاء والتنهيد” !
وعن ذكرياتها معه ، تقول السيدة سوزان زوجة الدكتور طه حسين في كتابها (معك) عن أثر هذه الرحلة في نفسه:“وما كان يواسيه شيء لو لم يتمكَّن من رؤية المدينة المنورة، وأعرف كم كان متأثراً عندما يقول لي: حقاً إن الإسلام دين الصفاء والتسامح” رحم الله عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين الذي لايزال يتمتع بعد رحيله بحضور فاعل في الوجدان الثقافي العام، بمواقفه وآرائه وكتاباته ومعاركه الأدبية، ورؤيته النقدية.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: عبدالعزيز التميمي الدکتور طه حسین کامل الشناوی

إقرأ أيضاً:

دعوة إسرائيلية لتوظيف الإنجاز في إيران لإنهاء الحرب في غزة

انطلقت دعوات إسرائيلية لاستغلال الإنجاز الذي تحقق في التعامل مع التهديد الإيراني، من أجل التوصل إلى اتفاق في قطاع غزة، وكسب تعاطف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي من الممكن أن يضمن إطلاق سراح الأسرى، وتشكيل مستقبل جديد للمنطقة.

دورون هدار، القائد السابق لوحدة الأزمات والمفاوضات في جيش الاحتلال، ذكر أنه "عندما خططت حماس لطوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، تصورت أن تندلع حرباً إقليمية متعددة القطاعات، سيعمل فيها، بجانب غزة، الضفة الغربية، وحزب الله من لبنان، والحوثيون من اليمن، والمنظمات من سوريا، والميليشيات الشيعية من العراق، وإيران أيضًا، صحيح أن كل هذا حدث، ولكن بالتدريج، وليس بالتزامن الكامل كما كانت تتوقع الحركة، وتريد".

وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي12" أن "ترسانة الأسلحة التي كانت لدى كل هذه الجبهات في تلك اللحظة كانت ستضع تل أبيب في مواجهة حرب وجودية، بقوة نيران ستُسبّب أضراراً هائلة، وخسائر بشرية تقدر بآلاف الإسرائيليين".

وأوضح أن "ما حدث خلال العشرين شهرا الماضية أن الشرق الأوسط تغير كليا، فقد تم القضاء على معظم القادة الذين أداروا تلك المنظمات، وخسرت حماس مكانتها، وفقدت معظم قدراتها، وسقط نظام الأسد، وتراجع حزب الله عقوداً من الزمن، وتآكل نفوذه في لبنان، ويعاني الحوثيون من ضربات شديدة، وهاجمت إسرائيل إيران بهدف إلحاق أضرار جسيمة ببرامجها النووية والصاروخية، وإزالة تهديد وجودي وصل نقطة اللاعودة".



وأشار أن "نتائج الهجوم على إيران لم تُعرف بعد، وستتضح لاحقاً، لكن لا شك أن جرأة تل أبيب لم تُعِد له الردع الذي تحطم في السابع من أكتوبر، بل وأيضاً الردع الإقليمي، حيث تخوض حرباً في قطاع غزة منذ عشرين شهراً، ولا يزال 53 رهينة يقبعون في أنفاق حماس، فيما يحاول الرئيس ترامب تشكيل واقع جديد، كصانع سلام في شكل التطبيع مع السعودية، وإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهو يسمع من كل الغرف أنه لن يكون ممكناً المضي قدما بالاتفاق مع المملكة طالما استمرت الحرب في غزة".

وأوضح أنه "من المفارقات أن ما تسبب في الاضطرابات الإقليمية قد يكون هو نفسه ما سيجلب الاستقرار للمنطقة بأكملها، ويمنح ترامب إنجازاً كبيراً يعزز صورته، وربما يمنحه جائزة نوبل للسلام، ما يستدعي إرسال وفد للدوحة، ومنحه تفويضا للتفاوض على إنهاء الحرب في غزة، يحقق كل المطالب، بما فيها الإفراج عن جميع الرهائن، ونقل السلطة من حماس، وإنشاء منطقة عازلة، والمعابر، وإعادة الإعمار على أساس تقدم الانفراج، وأكثر من ذلك".

وأكد أن "دولة إسرائيل مطالبة بأن تتفاوض بصدق وإرادة، وتعيد المختطفين، وتستعيد علاقاتها الدولية مع الدول الصديقة، وتسمح للرئيس ترامب بإبرام اتفاقيات جيدة إضافية في المنطقة، لأنها أثبتت أنها لا تحتاج للغرق في الوحل اللبناني لتحقيق النصر؛ ولا يوجد سبب يجعلها تفعل ذلك وسط أنقاض غزة، والآن هناك فرصة سانحة لإحداث تحول استراتيجي، بموجبه التوصل لاتفاق يعيد جميع الرهائن، ويعمل، بالتعاون مع رئيس أميركي متعاطف، على إعادة تشكيل وجه الشرق الأوسط بأكمله للأجيال القادمة".

مقالات مشابهة

  • مصر.. دعوة من ساويرس وسط ضجة باحثة إسرائيلية وما قالته عن أصل أرض فلسطين
  • إجراء جديد وهام جدًا للمسافرين عبر جسر الملك حسين
  • مهم للمسافرين عبر جسر الملك حسين
  • إعلان دعوة الجمعية العمومية العادية لشركة مأرب للتأمين
  • دعوة مفتوحة إلى الأمين العام للأمم المتحدة
  • الدكتور حمدان السرحان محافظا في وزارة الداخلية
  • دعوة إسرائيلية لتوظيف الإنجاز في إيران لإنهاء الحرب في غزة
  • دعوة لتشكيل وفد من أصحاب القرار بإقليم كوردستان لحل المشاكل المالية مع بغداد
  • علي جمعة: ابدأ بنفسك دعوة للإصلاح في زمن الغربة على نهج رسول الله ﷺ
  • دعوة للتفاؤل وسط تقلبات الحياة: ابتسم فالغد قد يحمل ما يسعدك