مريم الشكيلية
"الحمدلله.. وبفضل من الله تعالى لقد رزقنا الله بمولود"
"نتشرف بمشاركتم فرحتنا بحضوركم لحفل زواج ابنتنا"
"ندعوكم لزيارتنا في منزلنا المتواضع بمناسبة منزلنا الجديد.. فأهلاً وسهلاً بكم"
هذه ليست دعوات حقيقية لمناسبات، وإنما هي بداية لمقال أردت منه أن ألفت الإنتباه إلى سلوكيات خاطئة ظهرت في وقتنا الحالي مرتبطة بهذه المناسبات الإجتماعية وغيرها.
إنَّ مشاركة الناس بعضهم البعض في أفراحهم ومناسباتهم هي عادات وتقاليد إجتماعية منذ زمن، ولكن لكل زمان ومكان عاداته وتقاليده التي تختلف بعضها عن بعض، والآن في وقتنا الحاضر أدخل الناس في هذه العادات صورًا جديدة للاحتفال وإظهار الفرح؛ منها: وضع الحلوى بشتى أنواعها كضيافة للزوار، وتجهيز وعمل توزيعات تعبيراً عن الفرح على سبيل المثال: تجهيز الحلويات أو كماليات مشكلة متنوعة أو حتى بخور وعطور في زجاجات لافتة وجميلة وصغيرة، وأيضاً السبحات الإسلامية والمصاحف، وأصبحت النساء تتفنن في وضع أجمل وأبهى التوزيعات والضيافة، حتى أصبح هناك ما يشبه التنافس بينهن في جعل من المناسبة أجمل وأرقى يتحدث عنها الناس بالجميل.
قد يتساءل البعض: هل هذا شيء خاطئ؟ أليس لكل زمان شؤون تختلف عن غيرها ونحن في زمن الصورة والعالم السريع المفتوح التي يسهل على الإنسان تناقل الأفكار الجديدة؟ ولكن نعم لم أرد من هذا الموضوع أن أسلط الضوء على الأفكار الجديدة فيما يُقدَّم من ضيافة وغيرها، ولكن ما تقوم به الناس في المناسبات الاجتماعية في الأفراح أو في تلبية دعوات الزيارات.
مع الأسف بعض النساء في الزيارات الاجتماعية يسلُكن سلوكيات خاطئة وغير لائقة ولا تتسم بالذوق أو الآداب، وهذه السلوكيات تتبعها النساء أكثر من الرجال؛ لأنها شؤون نسائية، ولا نكاد نراها في الرجال ألبتة. لهذا؛ فهي شؤون نسائية خالصة.
إنَّ من هذه السلوكيات غير اللائقة التي تتبعها النساء في الزيارات أنها تملأ حقائبها بهذه التوزيعات التي تقدَّم في الضيافة والمناسبة؛ فمن تتبع هذا السلوك تقول في نفسها إنَّها تأخذ الكثير من ما يقدم لابنتها أو لأختها أو لجارتها أو لأهل بيتها، وكأن المرأة التي دعتها للزيارة مسؤولة عن تقديم الحلويات والتوزيعات للعائلة كافة، وليس للزائرة وحدها.
إنَّ من آداب الزيارة: أخذ القليل مما يُقدَّم لنا، فإن كانت حلوى تأخذ كل واحدة منا قطعة واحدة وتبقي الباقي لغيرها، وليس أن تملأ كفَّ يديها بها أو تترك أطفالها يعبثون بالضيافة كيفما شاءوا.
ومن الغريب أيضاً أن نرى بعض النساء تطلب وجبات لأهل بيتها من المضيفة، وهنا تقع صاحبة الضيافة في حرج؛ لأنَّه من الممكن أن تكون صاحبة الضيافة قد أعدت وجبات للزوار فقط؛ فصاحبة الطلب في هذا بلا شك تضع نفسها في موقف غير لائق وتُحمِّل المضيفة عبئًا.
إنَّ من آداب الزيارة أن يكون الضيف متحليلا: بالآداب الحميدة والخلق الحسن الرفيع وعدم السماح للنفس بأنَّ تسلك مسلك الطمع فهو ما بعرضها للانتقاد والحرج.
إنَّ كرم الناس في المناسبات الاجتماعية لهو من كرم العرب، فالعرب معروفون بكرمهم بغض النظر عن إن كان مبالغًا فيه أم لا، ولكن بعض هذه السلوكيات الخاطئة من البعض تجعل المضيف في حرج وعبء قد تجعله لا يفتح بابًا للزيارات مرة أخرى.
فأيتها النساء، فلتكن في زياراتكن ثقافة وآداب، فيوم لك ويوم عليك، فلا تفسدن فرحة إحداهن بتلك السلوكيات وإن كانت بسيطة، لكنها مكلفة نفسيًّا وماديًّا.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
مصافحة دبلوماسية ناعمة بلا عناء ولكن…؟
بقلم : د. مظهر محمد صالح ..
عقد في بروكسيل عاصمة الاتحاد الاوروبي مؤتمراً لوزراء خارجية ثمانين دوله لنصرة الديمقراطية في العراق ذلك بين 21- 22 حزيران 2005 ، بناءً على دعوة نظمها الاتحاد الاوروبي والامم المتحدة , وكنت من بين اعضاء الوفد الرسمي العراقي الكبير الذي تراسه رئيس الوزراء انذاك ، وكانت تشكيلة الوفد العراقي تمثّل طيفاً سياسياً متنوعاً نظراً لطبيعة الحكومة العراقية الانتقالية في تلك الحقبة ، والتي جاءت بعد انتخابات كانون الثاني 2005 ، اي انتخابات الجمعية الوطنية ، حيث انتهينا في صباحات الاجتماع و في ساعاته الاولى التي اقيمت في مقر الاتحاد الأوروبي …في مبنى كلاسيكي يضم المفوضية الأوروبية (European Commission) ويُعد أحد أهم مقار صنع القرار داخل الاتحاد الأوروبي و يقع في الحي الأوروبي (European Quarter) من العاصمة البلجيكية مدينة بروكسل نفسها.
والمدهش في الامر ان الحضور الغفير من الوزراء وممثلي الدول غلبت عليهم الجدية والحماس في المشاورات الثنائية الدبلوماسية التي سبقت دخول قاعة انعقاد المؤتمر في مشاركة سياسية واسعة لم اعهدها بهذا الزخم من قبل ومن شتى الأطراف الدولية الحاضرة ، فمن المعتاد في مثل هذه المؤتمرات الدولية أن تُجرى اللقاءات الثنائية والمجاملات الدبلوماسية ضمن جدول زمني محدد، وغالبًا ما يتم توثيقها في البيانات الصحفية أو التقارير الرسمية ،ولاسيما وان المؤتمر المذكور و لكثافة واهمية حضوره انتهى باصدار بيان ختامي مشترك شدد على دعم العراق في العملية السياسية ، والأمن ، وإعادة الإعمار ، حيث اتفق المشاركون على توسيع التعاون الفني والمالي مع الحكومة العراقية.
و عبرت الدول المشاركة عن اعترافها الكامل بسيادة العراق واستقلاله.
و اللافت في الامر ان وزيرة خارجية الولايات المتحدة الاميركية (الاسبق) قد شكل حضورها مفارقة مهمة في تدافع ممثلي الدول من وزراء الخارجية وغيرهم من كبار الشخصيات لإسداء التحية لها في مكتبها الرسمي في قصر المفوضية الاوروبية ونحن ننتظر ساعة الدخول الى قاعة المؤتمر ، قلت في سري ولما لا …!! وان دولتها العظمى هي التي اسقطت النظام السابق في بلادي قبل اعوام قليلة ولها قدم السبق في هذا الحشد الذي جمع صناع الدبلوماسية العالمية للاعتراف بالعراق الديموقراطي الجديد ، وانا أتطلع في الوقت نفسه الى ذلك الاصطفاف الطويل الذي سبق الجميع فيه الامين العام الاسبق للامم المتحدة كوفي عنان الذي قيل انه استغل الفرصة لطرح موضوع قرار مجلس الأمن رقم 1559 ، وهو القرار الصادر عن المجلس نفسه في 2 ايلول 2004، وكان موجّهًا بشكل رئيس إلى لبنان وسوريه ، في سياق الأزمة السياسية والأمنية اللبنانية آنذاك وانسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان، كما ذكرت الصحف الاوروبية وقتها .
ولكن ما ادهشني ان طابوراً طويلًا من ممثلي اعضاء الدول المشاركة قد تزاحم على مكتب الوزيرة كوندليزا رايس ولم ينفك الى اخر لحظة من الانتظار لمصافحة رئيسة الدبلوماسية الاميركية و لا ادري لماذا من دون غيرها وبشكل لا فت حقا قبل ساعة انعقاد المؤتمر ، حيث تكاثف ذلك التزاحم المنظم وانا جالس بعيداً انظر الى ذلك الحراك واحدث سري كيف يمكن لكل هولاء الرجال من بلوغ سيدة العالم في صناعة الدبلوماسية لاسداء المجاملة الباهتة او الجدية في وقت ضيق ..!! انه امر بغاية الصعوبة في تفسير مايجري في عالم جمع الاقوياء والضعفاء في فضاء دبلوماسي واحد..!! وهنا وفجاة تم الإذن للوفود المشارِكة للتوجه الى قاعة الموتمر واذا بالوزيرة السمراء اصبحت بجانبي صدفة لتهديني مصافحة حارة ناعمة عجز عن بلوغها ذلك الطابور الذي تأسيتُ علّى الكثير ممن لم يحظ في مصافحتها في عالم التصافح والابتسامات والمجاملات البروتوكولية التي تحمل مشاعر الجمع بين الغرباء والاصدقاء في لحظات تاريخية ربما هي حاسمة في السياسة الدولية. و قلت في نفسي هل هو طابور المصافحات لسيدة العالم الاولى هو نفاق أم حنكة؟اذ يصفه البعض بأنه نفاق سياسي راقٍ ويراه آخرون أداة ضرورية لاحتواء الصراعات وفتح نوافذ للسلام ، وان الفرق يكمن في النية والغرض ، فأذا كانت المجاملة تستخدم لتجنب حرب أو إذابة جليد دبلوماسي، فهي أداة ذكية.
أما إذا كانت لإخفاء او تبرير الانتهاكات ، فهي نفاق مغلف.
وقلت في لحظتها ، انه قد جائني اعظم انتصار في دبلوماسية خاطفة لم تكلفني شخصيا ذلك الطابور المتعب الذي اصطف لمصافحة وزيرة خارجية اقوى دولة في العالم احتلت بلادي واسقطت اقوى حصن من حصون دكتاتوريات الشرق الأوسط ، انها الوزيرة الصلبة السمراء كوندليزا رايس .
ولم تمضِ اسابيع على مؤتمر بروكسل لنصرة الديمقراطية في العراق لتعلن الوزيرة من قلب القاهرة برنامجها السياسي الاممي الذي سمي (الفوضى الخلاقة Creative Chaos … ) وهنا تذكرت ذلك الاقتصادي الشهير جوزيف شومبيتر صاحب نظرية التدمير الخلاق Creative Destruction و كانما كانت تنظر الى العملية الاقتصادية التي يتم من خلالها تفكيك النماذج الاقتصادية القديمة أو الوسائل الإنتاجية القائمة ، واستبدالها بأخرى أكثر ابتكارًا وكفاءةً ، ما يؤدي إلى تغيّر دائم في البنية الاقتصادية خاصة في تفسير ديناميكية الرأسمالية والابتكار.
روجت كوندليزا رايس لفكرة التدمير الخلاق(Creative Destruction) وبطريقة سياسية لتزجها هذه المرة في عالم التغييرات السياسية في الشرق الأوسط تحت مسمى الفوضى الخلاقة Creative chaos
وتفاجات بان اليد الدبلوماسية الناعمة السمراء التي تمت مصافحتها قبل اسابيع في بروكسيل باتت تلوح بخشونة سياستها في الفوضى الخلاقة التي تعني تفكيك أنظمة سياسية لإعادة بنائها ربما تمهيدا للربيع العربي….!!!
انه مفهوم سياسي مثير للجدل، اكتسب شهرة واسعة في أوائل القرن الحادي والعشرين، خاصة بعد غزو العراق عام 2003. اذ يُستخدم هذا المصطلح للإشارة إلى استراتيجية يتم من خلالها تفكيك نظام سياسي أو اجتماعي قائم، ولو بشكل فوضوي، من أجل إعادة بنائه بشكل جديد ومختلف يُفترض أنه أفضل.
انتهت تلك المصافحات الناعمة الطارئة وانتهى مؤتمر بروكسيل وانتهت بلادي الى الفوضى الخلاقة بعد ذلك المؤتمر الداعم للديمقراطية ، ودفعنا الغالي والرخيص من اجل الاستقرار الذي تنعم به بلادنا اليوم … وليس امامنا الا مسار الديموقراطية الحقة التي ينبغي الحرص عليها من دون مصافحات اجنبية سواء اكانت بايادي خشنة او ناعمة سمراء او بيضاء لتبقى عالية وبيد وطنية واحده عنوانها العراق.