واشنطن- "لم يتخيل أحد في قارتنا الأوروبية أن تدفع واشنطن ذات يوم حلف شمال الأطلسي "الناتو" لتشمل دائرة اهتمامه المخاطر الصينية، إن اسم الحلف الرسمي كاف للتدليل على هويته الحقيقية ونطاقه الجغرافي، وإن كان الأميركيون لا يرون في روسيا خطرا وجوديا لريادتهم العالمية التكنولوجية والاقتصادية، لكنهم يعتبرون الصين كذلك، ويريدون منا أن ندعم جهودهم باحتواء الصين، وهي مهمة شديدة التعقيد للأوروبيين".

بهذه الكلمات، للجزيرة نت، رد أحد المعلقين الأوروبيين المشاركين في العديد من الفعاليات المتعلقة بقمة حلف الناتو المنعقدة بواشنطن، تعليقا على دعوة اليابان وكوريا الجنوبية للمشاركة في فعاليات القمة.

وفي السياق ذاته، أكد مايكل كاربنتر، المسؤول عن شؤون أوروبا في مجلس الأمن القومي، وجود المزيد من الشركاء الذين يشكلون قيمة كبيرة لحلف شمال الأطلسي، "وسنسعى إلى توسع الناتو وضم شركاء آخرين في المستقبل"، واصفا شركاء الناتو في منطقة المحيطين الهادي والهندي بأنهم "مهمون بشكل لا يصدق".

من جهتها، أصدرت بكين تحذيرا صارما، وقالت إن توسع "الناتو" وخرق حلف شمال الأطلسي لحدودها، يعدان المصدر الحقيقي للمخاطر التي تهدد السلام والاستقرار العالميين.

قمة شنغهاي

وقبل انعقاد قمة الناتو بأيام، اجتمع قادة عشرة دول فيما يعرف بقمة منظمة شنغهاي للتعاون (SCO) في كازاخستان، وقال الخبير الأوروبي، الذي طلب عدم ذكر اسمه، إنه "ليس من قبيل المصادفة أن اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون جاء قبل أسبوع من قمة التحالف، ولكن ربما كان من قبيل المصادفة أنه كان في الرابع من يوليو، عيد الاستقلال الأميركي".

وخلال القمة، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ إنه يتعين على أعضاء منظمة شنغهاي للتعاون تعزيز الوحدة ومعارضة التدخل الخارجي بشكل مشترك، وحذر من "عقلية الحرب الباردة الغربية".

في حين طالب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بـ"بنية جديدة من التعاون والأمن غير القابل للتجزئة والتنمية في أوراسيا"، وأن تكون مصممة لتحل محل النماذج الأوروبية المركزية والأوروبية الأطلسية القديمة، والتي أعطت مزايا أحادية الجانب لدول معينة فقط.

ورغم عدم ذكر الولايات المتحدة بالاسم، فإن قادة روسيا والصين، قصدوا مهاجمة المواقف الأميركية المسيطرة على توجهات حلف الناتو.

يُذكر أن منظمة شنغهاي توسعت إلى ما هو أبعد من أعضائها الـ5 الأصليين، الصين وروسيا وكازاخستان وقرغيزستان وطاجيكستان، لتشمل الهند وإيران وباكستان وأوزبكستان أيضا، وفي الأسبوع الماضي، انضمت روسيا البيضاء بوصفها العضو العاشر، كما أن هناك 16 شريكا ومراقبا آخر.

وترى واشنطن أنه من الخطأ تجاهل النية الكامنة وراء طموح منظمة شنغهاي للتعاون في أن تكون ثقلا موازنا لحلف الناتو، وجزءا من الأهداف الكبرى للرئيسين، الصيني والروسي، لاستبدال النظام العالمي الحالي الذي أسست له واشنطن، بنظام آخر بديل يصب في مصلحتهما.

الناتو يواجه تحديا منذ بدء روسيا الحرب على أوكرانيا عام 2022 (شترستوك) العين على آسيا

تاريخيا، ركز حلف شمال الأطلسي "الناتو" على القارة الأوروبية في نطاقه الجغرافي، وكان هناك عدة استثناءات دفع إليها غزو الولايات المتحدة أفغانستان والعراق.

وقبل عام، قام سكرتير عام حلف الناتو ينس ستولتنبرغ بزيارة فريدة إلى اليابان وكوريا الجنوبية، وهدفت الزيارة إلى تطوير علاقات الحلف مع أهم وأقوى حلفاء لواشنطن في شرق آسيا، واتسق هذا التوجه مع ما بدأه الرئيس الأميركي جو بايدن منذ وصوله للحكم من تبني خطوات تهدف لتطويق الصين عسكريا في إطارها الإقليمي، عن طريق بناء شبكة تحالفات عسكرية متعددة ومتداخلة.

ويرى بعض المحللين أن "الناتو" يعمل على إقامة علاقات أوثق مع الدول ذات التفكير المماثل، وتدرك اليابان وكوريا الجنوبية تماما أوجه التشابه بين الغزو الروسي لأوكرانيا والقلق المتزايد في منطقة المحيطين الهندي والهادي من صراع مماثل إذا قررت الصين غزو تايوان.

فبعد الحرب الروسية على أوكراينا في فبراير/شباط 2022، بدأت طوكيو وسيول إرسال معدات إضافية غير عسكرية لكييف، مثل الإمدادات الطبية والدروع والخوذات والمولدات ومعدات الاتصالات، لكنهما لم تتجاوزا توفير الأسلحة التي تحتاجها أوكرانيا لصد الهجمات الروسية، مثل الدبابات أو المدفعية أو أنظمة الصواريخ.

وترى صون يون خبيرة العلاقات الصينية الأميركية بمركز "ستيمسون" في واشنطن أن كوريا الجنوبية واليابان شريكان لحلف شمال الأطلسي في منطقة المحيطين الهندي والهادي، إلى جانب أستراليا ونيوزيلندا، وليس من المستغرب أن تتم دعوتهما إلى القمة، كما أن هذه ليست المرة الأولى التي يحضرون فيها.

وقالت صون للجزيرة نت، إن الصينيين يرون دائما أن استمرار حلف شمال الأطلسي يعد مؤامرة أميركية للتوسع نحو شرق آسيا ومواجهة الصين، مع وجود حليفي واشنطن اليابان وكوريا الجنوبية كداعمين في الخطوط الأمامية لمثل هذه السياسة.

الضغط على أوروبا

تسلط واشنطن الضوء على أن الأزمة الأوكرانية ليست أزمة أوروبية، بل أزمة عالمية وتحديا للنظام القائم على القواعد، وهذا هو السبب في ضغط واشنطن على أعضاء الناتو لمراجعة علاقتهم بالصين، لتقليص إمدادها بالتكنولوجيا المتطورة، والمشاركة في الجهد الأميركي لحفظ الأمن في منطقة جنوب وشرق أسيا، وسبق أن تبنى حلف الناتو خلال قمة مدريد 2022 وثيقة إستراتيجية، وصفت الصين بأنها "تحد منهجي للأمن الأوروبي الأطلسي".

ويدفع الضغط الأميركي على أوروبا إلى طرح سؤال جوهري لا توفر واشنطن بعد إجابة واضحة عليه، ويتعلق بطبيعة الدور الأمني الذي يجب على أوروبا لعبه في منطقة المحيطين الهندي والهادي، في ضوء انشغالها بضمان أمنها في مواجهة التهديد الروسي، إضافة لقيد وسائلها وقدراتها العسكرية المحدودة.

بدوره، رأى ماثيو والين الرئيس التنفيذي لمشروع الأمن الأميركي، وهو مركز بحثي يركز على الشؤون العسكرية، في حديث للجزيرة نت، معقبا على مشاركة اليابان وكوريا الجنوبية في قمة واشنطن، أن الدولتين تدركان تماما خطورة الروابط العسكرية المتزايدة بين الصين وكوريا الشمالية وروسيا.

وأضاف أنه في الوقت ذاته هناك إدراك أوروبي متزايد بأن من مصلحة القارة الأوروبية تفهم أن التحديات والصعود الصيني يسهم في إحداث تغييرات في ميزان القوى، في كل من شرق آسيا وأوروبا كذلك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الیابان وکوریا الجنوبیة منظمة شنغهای للتعاون فی منطقة المحیطین حلف شمال الأطلسی حلف الناتو

إقرأ أيضاً:

واشنطن تُحدّد تركيبة لجنة إدارة غزة و"مجلس السلام" بهذا الموعد

أبلغت جهات في مركز التنسيق المدني العسكري المشترك بين تل أبيب وواشنطن، دبلوماسيين أجانب بأن الولايات المتحدة تخطط لتحديد تركيبة اللجنة التي ستدير غزة بشكل مؤقت، وكذلك تركيبة "مجلس السلام" الذي يترأسه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وذلك في الخامس عشر من الشهر الجاري، أي بعد أسبوعين.

وبحسب ما أوردته صحيفة هآرتس العبرية، فإن ذلك يعد خطوة في مسار تنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترامب بشأن مستقبل غزة، وستتكون اللجنة الفلسطينية-التكنوقراطية من أبناء القطاع، وستتولى إدارة الحياة اليومية حتى استكمال الإصلاحات في السلطة الفلسطينية، بما في ذلك وقف دفع المخصصات للأسرى وعوائلهم، ومواءمة المناهج التعليمية مع المعايير الدولية وإجراء انتخابات.

ووفق المصادر نفسها، سيبنى "مجلس السلام" بشكل هرمي، إذ سيكون في المستوى الأعلى ممثلو دول مختلفة، وسيدار المجلس من قبل ترامب. وكما أعلن الأخير بنفسه من المتوقع أن يكون من بين هؤلاء الممثلين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وتحت هذا المستوى سيكون الطاقم الإداري، وقد ذكر في السابق اسم توني بلير كمرشح محتمل لإدارة المجلس، لكن مشاركته باتت غير واضحة الآن. أما في المستوى التنفيذي الأدنى، فستعمل اللجنة الفلسطينية-التكنوقراطية، ومن المتوقع أيضا أن يكون لمركز التنسيق الأميركي دور ضمان هذا الإطار، وأن يواصل عمله في التنسيق الإنساني.

اقرأ أيضا/ إصابة جنود إسرائيليين.. قناة عبرية تكشف تفاصيل "حدث أمني" في رفح

يأتي ذلك فيما تواصل إسرائيل إغلاق المعابر مع غزة منذ بدء حرب الإبادة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، إلى جانب عدم التزامها بالبروتوكول الإنساني من اتفاق وقف إطلاق النار من حيث إدخال شاحنات المساعدات الإنسانية المتفق عليها يوميا.

وفي السياق، أعلنت الأمم المتحدة أن ما يزيد عن 16,500 مريض فلسطيني لا يزالون بحاجة ماسة إلى رعاية طبية منقذة للحياة خارج قطاع غزة.

وأوضحت أن "هذه الحالات تشمل مرضى السرطان، وأصحاب الإصابات البالغة، والمرضى الذين تتطلب حالتهم علاجات غير متوفرة داخل القطاع بسبب تدهور النظام الصحي جراء الحرب"، وناشدت الأمم المتحدة جميع الأطراف تسهيل خروج المرضى وتوفير مرور آمن لهم، محذرة من أن التأخير المستمرة يهدد حياة آلاف الأشخاص الذين يحتاجون إلى علاج عاجل.

المصدر : عرب 48 اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار العربية والدولية هولندا: مساهمة بشرية لدعم مركز التنسيق المدني في غزة ترامب يوجّه رسالة إلى إسرائيل بشأن العلاقة مع سورية توغلات إسرائيلية متواصلة في ريف القنيطرة جنوبي سوريا الأكثر قراءة كاتس يزعم: اعتداءات المستوطنين ليست إرهابا وإنما "أعمال شغب فحسب" هل سيواصل الذهب زخمه الصعودي في 2026؟ صحيفة: إسرائيل تكثّف من ملاحقة مقاتلي حماس في رفح وتتجاهل وعود تسليمهم أحوال طقس فلسطين بدءاً من الليلة وحتى منتصف الأسبوع القادم عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • جبهة التحرير الجنوبية تتهم واشنطن وحلفاءها بإدارة مشروع تقسيم اليمن
  • بيان شروط صلاة الجنازة على الغائب
  • طرابلس تبحث تطوير «الاستثمارات وزيادة التبادل التجاري» مع الصين
  • زلزال بقوة 4.1 درجة يضرب شمال شرق عاصمة بنجلاديش
  • الناتو يشعل الجدل ويهدد مسار السلام الأوكراني.. واشنطن وموسكو على حافة تسوية معقدة
  • واشنطن تسعى لتشكيل لجنة إدارة غزة في غضون أسبوعين
  • هآرتس: واشنطن تعتزم تشكيل لجنة إدارة غزة خلال أسبوعين
  • واشنطن تُحدّد تركيبة لجنة إدارة غزة و"مجلس السلام" بهذا الموعد
  • أمريكا توافق على صفقة مبيعات عسكرية للسعودية
  • قرار الغرب: نفط فنزويلا لن يكون في خدمة الصين