محادثات جنيف “غير المباشرة”.. هل تفلح في إنهاء الحرب السودانية؟
تاريخ النشر: 12th, July 2024 GMT
انطلقت محادثات غير مباشرة برعاية أممية في جنيف، للسعي نحو وقف إطلاق النار في السودان وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، ومن المقرر أن تتم عبر مبعوث الأمم المتحدة إلى السودان، رمطان لعمامرة.
وتطرح تساؤلات حول جدوى هذه المحادثات، بعد محاولات عديدة لم تثمر في محاولة تقريب وجهات النظر بين الطرفين.
وقالت الأمم المتحدة إن ممثلين عن الجيش والدعم السريع وصلوا إلى جنيف للمشاركة في محادثات تقودها المنظمة الدولية تستهدف التوسط في وقف إطلاق نار محتمل لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتوزيعها وحماية المدنيين، لكنها أضافت أنه لم يحضر سوى طرف واحد في بداية المناقشات، الخميس.
محادثات عبر لعمامرة
وبحسب المتحدث باسم الأمم المتحدة في جنيف، ستيفان دوجاريك، فإن الأطراف ستتفاوض عبر لعمامرة بدلا من الاجتماع وجها لوجه، لكنه لم يفصح عن الطرف الذي لم يحضر. كما قال متحدث آخر باسم الأمم المتحدة إن الوفدين في جنيف يضمان ممثلين كبارا لزعماء الطرفين، وفقا لرويترز.
ويقول المحلل السياسي السوداني، عمسيب عوض، لموقع "الحرة"، إن "محادثات جنيف قد تكون الأكثر فعالية إذا تم الالتزام بما تم الإعلان عنه، حيث أنها تسير باتجاه صحيح، خصوصا أن وقف الحرب في السودان يحتاج إلى مراحل تدريجية لأنها في غاية التعقيد".
وأضاف عوض: "الحل يحتاج لمراحل متتالية مستمرة تبدأ من وقف إطلاق النار، ومن ثم تقديم المساعدات للمتضررين خصوصا الذين لم ينزحوا من مناطقهم".
بينما يعتقد المحلل السياسي والصحفي السوداني، شوقي عبد العظيم، في حديث لموقع "الحرة"، أن "محادثات جنيف تركز على الجانب الإنساني دون غيره، حيث يتركز العمل على إيصال المساعدات".
ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 حربا دامية بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أدت إلى أزمة إنسانية كبرى.
وأثارت الحرب موجات عنف بدوافع عرقية، وتقول الأمم المتحدة إن نحو 25 مليون شخص، أي نحو نصف سكان السودان، بحاجة إلى مساعدات، وإن المجاعة تلوح في الأفق، فيما فر نحو 10 ملايين من منازلهم.
الحرب في أبريل من العام الماضي اندلعت بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع
محادثات وقف إطلاق النار بالسودان تبدأ في جنيف بحضور طرف واحد
قالت الأمم المتحدة إن طرفي الحرب في السودان وصلا إلى جنيف للمشاركة في محادثات تقودها المنظمة الدولية تستهدف التوسط في وقف إطلاق نار محتمل لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتوزيعها وحماية المدنيين، لكنها أضافت أنه لم يحضر سوى طرف واحد في بداية المناقشات، الخميس.
فرص النجاح
وعن فرص نجاج المحادثات، يقول عوض إنها "قد تحقق خرقا كبيرا لأن الوساطة فيها قادرة على دعوة الطرفين حيث أن الأمم المتحدة جهة مقبولة وقادرة على تقريب وجهات النظر ووضع خطة للتفاوض، بعد سلسلة من المحادثات المتفرقة التي ساهمت إلى حد كبير في تشتيت النقاط الخلافية".
وانهارت المحادثات التي استضافتها مدينة جدة السعودية، العام الماضي، بين الجيش وقوات الدعم السريع تحت رعاية الولايات المتحدة والسعودية، حيث تبادل الطرفان الاتهامات بعدم تنفيذ اتفاق ينص على "حماية المدنيين، وحماية كافة المرافق الخاصة والعامة والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية"، جرى توقيعه في 11 مايو 2023، كشرط للعودة إلى طاولة التفاوض من جديد.
كما فشلت وساطات الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية في شرق أفريقيا "إيغاد"، حيث قاطع البرهان، في يناير الماضي، قمة "إيغاد" التي استضافتها أوغندا، لمناقشة الشأن السوداني، اعتراضا على دعوة قدمتها الهيئة إلى دقلو للمشاركة في القمة.
ولم يكن مؤتمر القاهرة الذي عقد دون حضور الطرفين مطلع الأسبوع الحالي، المبادرة الوحيدة في الوقت الراهن، إذ بدأت، الأربعاء، محادثات يقودها الاتحاد الأفريقي بين الفصائل السياسية السودانية، رغم غياب أكبر تحالف مدني مناهض للحرب، الذي يحتج على ما قال إنه حضور لحلفاء للرئيس السابق، عمر البشير.
أما عبد العظيم فيشدد على أن "هذه المحادثات كغيرها لن تستطيع إيجاد حل، خصوصا أنها تحاول إحداث اختراق في الملف الإنساني فقط، لكن فرص نجاحها ضيئلة جدا لأن القضايا الأساسية من الصعب مناقشتها، مثل وقف إطلاق النار وشروطه".
وأضاف: "فرص نجاح الوساطة الأممية معدومة، حيث تحتاج المسألة للمزيد من الوقت خصوصا أن الثقة معدومة بين الطرفين".
بينما يرى عوض أن "كثرة المبادرات لحل أزمة السودان ساهمت إلى حد كبير في تعزيز حالة انعدام الثقة وتشتيت النقاط الخلافية، لكن محادثات جنيف تسعى إلى تقريب وجهات النظر في البداية، ومن ثم تحديد شروط التفاوض، وبعدها وضع خارطة تبدأ من وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات، وصولا إلى الحل الشامل".
ولفت إلى أهمية "إشراك الأطراف غير السودانية المشاركة في النزاع الدائر للوصول إلى حلول كاملة قابلة للتطبيق على أرض الواقع".
في المقابل، يؤكد عبد العظيم أن "هناك حمولة سياسية وعسكرية تمنع الفريقين من التفاوض، حيث أنه لا يمكن الدخول في هكذا نوع من المحادثات قبل تحقيق نتائج على الأرض حاسمة وفي مصلحة أحد الفرقاء"، موضحا أن "نصر أحد الفرقاء على الأرض هو بوابة الدخول في مفاوضات متوازنة".
وتستمر المعارك بين طرفي النزاع في عدة مناطق وكان آخرها في ولاية سنار، حيث واصلت قوات الدعم السريع، الخميس، محاولتها السيطرة على الولاية، في إطار جهودها لتوطيد سيطرتها على وسط وغرب البلاد، مما أدى إلى نزوح أكثر من 200 ألف شخص، وفقا لوكالة الأنباء السودانية "سونا".
وقال دوجاريك: "نحث الوفود السودانية على الارتقاء إلى مستوى التحدي والانخراط في مناقشات بناءة مع (لعمامرة) من أجل الشعب السوداني".
السودان يشهد منذ 15 أبريل 2023 حربا دامية بين الجيش وقوات الدعم السريع
لإنهاء حرب السودان.. مبادرات كثيرة ولكن "أين الحل؟"
اجتمعت في القاهرة، السبت، القوى السياسية والمدنية السودانية في مؤتمر تبنته مصر، بهدف إيجاد حلول سياسية للأزمة في السودان، حيث نتج عنه بيان ختامي يدعو إلى "إيقاف الحرب"، دون عقد اجتماعات مشتركة بين الأطراف المشاركة.
تغيب عن حضور الجلسة الأولى
وحاول موقع "الحرة" التواصل مع متحدثين باسم الجيش السوداني وقوات الدعم السريع للتوقف عند آخر مستجدات المباحثات ولمعرفة السبب وراء تغيب أحدهما عن الجلسة الأولى، التي كانت مقررة الخميس، دون الحصول على رد حتى تاريخ نشر هذا التقرير.
ولم يرد الجيش على طلب رويترز للتعليق أيضا.
ويرى عوض أن "تغيب أحد الطرفين وتحديدا الجيش هو أمر متوقع، بسبب غياب الضمانات"، وكذلك يؤكد عبد العظيم بأنه "يصعب على الجيش الحضور خصوصا بعد خطاب البرهان الأخير".
وفي خطاب ألقاه الخميس، رفض البرهان المفاوضات ما لم تنسحب قوات الدعم السريع من مواقع مدنية ومنازل تحتلها.
وقال: "كل ضرر أصاب السودانيين يجب أن نقتص من فاعله، يجب أن نأخذ لهم (المواطنون) حقهم كاملا.. ولا تسمعوا مفاوضات في سويسرا ولا مفاوضات في جدة ولا مفاوضات في أي مكان، نحن مفاوضاتنا واحدة".
لكن رئيس المكتب الإعلامي لقوات الدعم السريع، نزار سيد أحمد، أكد لموقع "الحرة" في وقت سابق، على أن "المشاركة في جنيف نابعة عن رغبة صادقة في تخفيف المعاناة الإنسانية، وبأنه هناك أملا كبيرا في أن تكون محادثات بناءة ومثمرة في حماية المدنيين".
وأسفرت الحرب منذ العام الماضي عن مقتل وجرح عشرات الآلاف، بينهم نحو 15 ألف شخص في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفق خبراء بالأمم المتحدة.
لكن ما زالت حصيلة قتلى الحرب غير واضحة، فيما تشير بعض التقديرات إلى أنها تصل إلى "150 ألفا" وفقا للمبعوث الأميركي الخاص للسودان.
وسجل السودان أكثر من 10 ملايين نازح داخل البلاد، كما دفعت الحرب حوالي مليونين ونصف مليون شخص إلى الفرار إلى الدول المجاورة. كما دمرت إلى حد كبير البنية التحتية للبلاد التي بات سكانها مهددين بالمجاعة.
الحرة / خاص - دبي
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: وقوات الدعم السریع الأمم المتحدة إن وقف إطلاق النار محادثات جنیف فی السودان عبد العظیم بین الجیش فی جنیف
إقرأ أيضاً:
مدير مخابراتها التقى البرهان ومفضل.. افريقيا الوسطى.. “اعادة ضبط المصنع”
مدير مخابراتها التقى البرهان ومفضل..
افريقيا الوسطى.. “اعادة ضبط المصنع”..
تقريــر : محمـــد جمال قنــــدول- الكرامة
التقى رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان القائد العام للقوات المسلحة أمس (الأربعاء) مدير جهاز المخابرات بأفريقيا الوسطى الفريق أول هنري وانزين، وذلك بحضور مدير جهاز المخابرات العامة الفريق أول أحمد إبراهيم مفضل.
الضيف الزائر للعاصمة الإدارية المؤقتة بورتسودان حمل رسالة شفوية، من رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى، فوستين-أركانج تواديرا تتصل بالعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها.
المبادرة الميدانية
وتطرق اللقاء الذي جرى أمس لمسار العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين، بجانب القضايا ذات الاهتمام المشترك.
والمتابع لمسار الدبلوماسية السودانية خلال الأشهر الماضية يلحظ تركيزاً متزايداً على إغلاق الثغرات الحدودية وتعزيز العلاقات الثنائية مع دول الجوار الإفريقي، بما يخدم مسار استعادة الدولة وهيبتها.
وبالتالي، فإنّ زيارة وفد رفيع من جهاز مخابرات أفريقيا الوسطى ولقائه بقائد الجيش ومدير جهاز المخابرات السوداني، يشير إلى أن الطرف الآخر بدأ يستشعر جدية الخرطوم في ترتيب ملفات الأمن الإقليمي وفق رؤية وطنية لا تسمح بأي تهديد يأتي من دول الجوار.
ويقرأ بعض المراقبين في الرسالة الشفوية محاولة من بانغي لإعادة ضبط علاقتها مع السودان، خصوصاً بعد أن بات واضحاً أن الجيش السوداني يمسك بزمام المبادرة الميدانية والسياسية، وقد يكون تواديرا يسعى إلى تجنيب بلاده أية انعكاسات سلبية محتملة حال اتخذ السودان مواقف صارمة تجاه الدول المتورطة في دعم الميليشيات المتمردة.
وفي السياق ذاته، فإن إرسال رئيس جهاز المخابرات، لا وزير الخارجية، قد يحمل دلالة أمنية واضحة، مفادها أن بانغي تسعى إلى فتح قنوات تنسيق أمني مباشر، وربما تقديم تطمينات بشأن وقف أي دعم غير رسمي كانت توفره بعض المجموعات داخل إفريقيا الوسطى لميليشيات الدعم السريع.
ويقول الخبير الاستراتيجي والمحلل السياسي د. عمار العركي إنّ رسالة رئيس أفريقيا الوسطى فوستن، وإن وُصفت بـ”الشفوية” واكتفت بالإشارة إلى العلاقات الثنائية وسبل تطويرها، تعكس اهتمام أفريقيا الوسطى بتأمين حدودها الشمالية وتعزيز التنسيق مع السودان، خاصة في ظل حالة السيولة الأمنية التي يشهدها الإقليم نتيجة للحرب في السودان.
وبالنظر إلى أن جمهورية أفريقيا الوسطى تواجه تحديات أمنية داخلية وتحركات لمجموعات مسلحة عابرة للحدود، فإن تعزيز التواصل الأمني مع السودان يُعد خطوة استباقية لمواجهة أي تداعيات محتملة.
العركي يرى أنه أيضًا يمكن قراءة الزيارة من جانب آخر، يمكن في إطار إدراك بعض دول الجوار لأهمية دعم استقرار السودان باعتباره عامل توازن إقليمي. فغياب الاستقرار في السودان لا يهدد فقط محيطه المباشر، بل يفتح الباب أمام قوى إقليمية ودولية لمحاولة ملء الفراغ عبر شبكات مصالح معقدة، لا تخلو من امتدادات عابرة للقارات.
واختتم محدّثي إفادته بقوله إنّه من المهم التوقف عند دلالة انعقاد اللقاء في بورتسودان المدينة التي تحوّلت إلى مركز القرار السياسي المؤقت في السودان، ما يعكس محاولة المؤسسة السيادية إرسال إشارات بأن السودان لا يزال يحتفظ بعلاقاته الخارجية، وأنه مستمر في إدارة الملفات الإقليمية حتى في ظل الحرب.
تقدم الجيش
واعتبر الخبير في العلاقات الدولية الدكتور بدر الدين حسان، أن الرسالة الشفوية التي تلقاها رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، من نظيره رئيس جمهورية أفريقيا الوسطى فوستين أركانج تواديرا، عبر مدير جهاز مخابراته الفريق أول هنري وانزين، تمثل مؤشراً على تحول لافت في موقف بانغي تجاه السودان، في أعقاب تغير موازين القوى على الأرض، وتقدم الجيش وتحريره للولايات الاستراتيجية.
وقال حسان لـ(الكرامة) إنّ “اختيار توجيه رسالة شفوية في هذا التوقيت تحديداً، يشي برغبة واضحة من جانب القيادة في أفريقيا الوسطى لإعادة تموضعها السياسي بعد أن كانت خلال الفترة الماضية تُتهم بتوفير ممرات آمنة للمرتزقة والمسلحين الذين قاتلوا ضمن صفوف ميليشيا الدعم السريع، لا سيما في مناطق كردفان ودارفور”.
وأضاف: “هذه الرسالة تأتي في إطار ما يمكن تسميته بمراجعة الحسابات من جانب بعض الأطراف الإقليمية التي ساندت، بشكل مباشر أو غير مباشر المتمردين، لكنها باتت تدرك اليوم أن المعادلة تغيرت، وأن الدولة السودانية بقيادة قواتها المسلحة استعادت زمام المبادرة في المعركة العسكرية والدبلوماسية”.
وأشار محدّثي إلى أن طبيعة الوفد المرسل – والذي يترأسه مدير جهاز المخابرات ويضم مستشارين للرئيس – تؤكد أن مضمون الرسالة لا يقتصر على المجاملات البروتوكولية، بل يحمل أبعاداً أمنية واستراتيجية تتصل بتبريد الجبهات الحدودية، وفتح باب للتنسيق الميداني، وربما تقديم تطمينات للخرطوم بشأن إنهاء أي دعم غير رسمي للجماعات المسلحة.
وأكد بدرالدين أن السودان لديه من الأدوات السياسية والدبلوماسية ما يؤهله لإعادة ضبط علاقاته الإقليمية بما يخدم مصالحه، مضيفاً: “الرسالة تعني أن أفريقيا الوسطى تسعى لتفادي الدخول في خانة العداء الرسمي مع السودان، وهي بذلك تحاول أن تفتح نافذة تواصل جديدة مع القيادة السودانية، على أمل طي صفحة الماضي”.
وختم إفادته بالقول: “من المهم أن تتعامل الحكومة السودانية بحذر وواقعية مع مثل هذه المبادرات، دون التفريط في الثوابت الوطنية، فالمصالح قد تتقاطع مؤقتاً، لكن التاريخ القريب يشير إلى ضرورة توثيق أي تفاهمات بإجراءات عملية وضمانات واضحة تحمي الأمن القومي”.
إنضم لقناة النيلين على واتساب