قال مركز تحليل السياسات الأوروبية  CEPA إن أنشطة الحوثيين المناهضة للشحن البحري في اليمن، بما في ذلك استخدام الألغام والطائرات بدون طيار والسفن السطحية المسيرة والضربات الصاروخية، لها تداعيات كبيرة على دول حلف شمال الأطلسي.
 
وأضاف المركز في تقرير له بان الهجمات لا تهدد أمن الطرق البحرية فحسب، بل تلعب أيضًا دورًا حاسمًا في السياق الأوسع للحرب غير النظامية والمنافسة الاستراتيجية التي تشمل الصين وروسيا وإيران.


 
وفي حين أن حلف شمال الأطلسي هو تحالف دفاعي بحت ملتزم بأمن ومصالح الدول الأعضاء فيه، فإن هذه الدول الاستبدادية تستغل الحوثيين في اليمن لتقويض الرخاء الاقتصادي وحرية الملاحة والمصالح الأمنية الشاملة للتحالف عبر الأطلسي بشكل غير مباشر.
 
ويجب على التحالف أن يفهم التهديد الذي يشكله هؤلاء الوكلاء المعادون للغرب إذا كان يريد مواجهة هذا التطور المثير للقلق.
 
إن سيطرة الحوثيين على ساحل اليمن على البحر الأحمر تمكنهم من تعطيل أحد أهم نقاط الاختناق البحرية في العالم: مضيق باب المندب. حيث يربط هذا الممر الضيق البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب. ورغم أنه يقع جنوب مدار السرطان، وبالتالي خارج الحدود الجغرافية لحلف شمال الأطلسي، إلا أن مصلحة التحالف هناك ،لا شك فيها .
 
يسمح المضيق بمرور النفط والغاز الطبيعي والسلع التجارية بين أوروبا وآسيا والأمريكيتين. وبالتالي فإن استهداف الحوثيين للشحن - يشكل تهديدًا كبيرًا للتجارة العالمية .
 
وتواجه دول حلف شمال الأطلسي، التي تعتمد بشكل كبير على هذه الطرق للطاقة والتجارة، تكاليف شحن متزايدة بسبب التدابير الأمنية المشددة وأحيانًا إعادة توجيه المسافات الأطول. كما ترفع الهجمات أقساط التأمين على السفن العاملة في المنطقة، مما يؤثر بشكل غير مباشر على تكلفة السلع .
 
علاوة على ذلك، تعتمد دول حلف شمال الأطلسي على التدفق المستمر للنفط والغاز عبر باب المندب. وأي انقطاع كبير قد يؤدي إلى نقص في الطاقة وارتفاع الأسعار، مما يؤثر على الاقتصادات التي تعاني بالفعل من تقلبات سوق الطاقة العالمية . والآثار واضحة - فقد انخفضت التجارة عبر قناة السويس بنسبة الثلثين .
 
وتؤكد هذه الثغرة على الأهمية الاستراتيجية للمنطقة لأمن الطاقة بالنسبة لحلف شمال الأطلسي. ونتيجة لهذا، تنخرط قوات حلف شمال الأطلسي، وخاصة تلك التابعة للولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة ، بشكل متزايد في المنطقة لضمان أمن ممرات الشحن.
 
وهذا يحول الموارد عن أولويات استراتيجية أخرى، وقد أدى إلى مواجهات مباشرة مع قوات الحوثيين، التي تدعمها إيران بلا شك. إن التمييز الذي يمارسه الحوثيون في تحديد الأهداف يكشف عن أهدافهم.

فهم يمتنعون بشكل ملحوظ عن مهاجمة السفن العسكرية أو التجارية الإيرانية والروسية والصينية - مما يؤكد على تحالفهم الاستراتيجي مع هذه الدول . وبينما يزعمون أن الهجمات تدعم الفلسطينيين في غزة، فإن كل السفن الأخرى تقريبًا تبدو هدفًا مشروعًا.
 
إن إيران، الداعم الرئيسي للحوثيين، تقدم أسلحة متقدمة وتدريبات، مما يؤكد مصالحهما المتبادلة. كما أن السفن الاستخباراتية الإيرانية التي تقدم معلومات الاستهداف للحوثيين تسافر بحرية في المناطق التي يهاجم فيها الحوثيون السفن الأخرى دون تمييز، ولا تبذل أي محاولة لإخفاء تعاونها.
 
ولا شك أن أنشطة الحوثيين المناهضة للشحن في البحر الأحمر، والتي تمكّنها إيران، تقوض أمن حلف شمال الأطلسي وتشكل تهديدًا مباشرًا لمصالح التحالف.
 
وعلاوة على ذلك، عرضت روسيا والصين أشكالاً مختلفة من الدعم الدولي للحوثيين، مدفوعة بتوافق مصالحهما ضد حلف شمال الأطلسي والنفوذ الغربي. ويشكل هذا الاستهداف الانتقائي تهديداً غير مباشر لحلف شمال الأطلسي، لأنه يسلط الضوء على دور الحوثيين في تحالف أوسع من الجهات الفاعلة من الدول وغير الدول التي تتحدى المصالح الغربية.
 
إن أنشطة الحوثيين ليست ظاهرة معزولة بل هي جزء من نمط أوسع من الحرب غير النظامية التي تؤثر عليها القوى الكبرى، وخاصة إيران والصين وروسيا. وتستخدم هذه الدول تكتيكات غير متكافئة لتحدي المصالح الاستراتيجية للتحالف على مستوى العالم.
 
وتكشف تقارير استخباراتية أميركية حديثة أن الحوثيين قد يزودون حركة الشباب المناهضة للغرب في الصومال بالأسلحة قريباً، بتوجيه من إيران. وهذا الشكل من أشكال الحرب غير النظامية يعقد الحسابات الاستراتيجية الغربية، لأن المواجهة المباشرة مع إيران معقدة سياسياً وعسكرياً بغض النظر عن مبرراتها المتزايدة.
 
هناك فوائد واضحة للصين. فهي تنخرط بشكل متزايد في المنطقة، وهي نقطة حاسمة لمبادرة الحزام والطريق ، كما وسعت قواعدها العسكرية والتجارية في ميناء جيبوتي على البحر الأحمر، في حين زادت أيضًا من دورياتها لمكافحة القرصنة قبالة القرن الأفريقي. وبالتالي فإن أنشطة الحوثيين التي تعطل الطرق البحرية المتحالفة مع الغرب تفيد الصين من خلال إعاقة منافسيها الاستراتيجيين.
 
وترى روسيا أيضًا فرصًا في عدم الاستقرار الناجم عن ذلك. فمن خلال التحالف مع إيران، وبدرجة أقل مع الحوثيين، تهدف روسيا إلى إضعاف تماسك حلف شمال الأطلسي وتشتيت انتباه التحالف عن تركيزه الأساسي على الأمن الأوروبي .
 
ويأتي هذا في حين سعت موسكو إلى كسب ود الفصائل المتحاربة في السودان من خلال توفير الأسلحة ومدربي الشركات العسكرية الخاصة بالتناوب لكل جانب، مع التركيز على إنشاء قاعدة بحرية خارجية في نهاية المطاف على البحر الأحمر في ميناء السودان.
 
ويمكن النظر إلى دعم الحوثيين كجزء من استراتيجيتها الأوسع لإنشاء جبهات متعددة من التوتر لحلف شمال الأطلسي، مما يؤدي إلى استنزاف موارده وتركيزه الاستراتيجي وسط حرب روسيا المدمرة ضد أوكرانيا.
 
إن استمرار وتصعيد أنشطة الحوثيين المناهضة للشحن البحري قد يكون له العديد من العواقب طويلة المدى على الغرب. ولمواجهة هذه التهديدات، قد يحتاج حلف شمال الأطلسي والحلفاء الديمقراطيون في آسيا وأستراليا وأماكن أخرى إلى زيادة وجودهم وقدراتهم البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، إلى جانب حلفاء الشرق الأوسط مثل المملكة العربية السعودية الذين امتنعوا حتى الآن عن القيام بذلك . 
 
ولكن الحملة الحوثية لها فائدة ثانوية. ذلك أن التصدي للتهديدات مثل الطائرات بدون طيار والصواريخ من شأنه أن يدفع حلف شمال الأطلسي إلى الابتكار في التدابير المضادة. ويشمل هذا تطوير قدرات الحرب الإلكترونية المتقدمة، وتحسين أنظمة الدفاع الصاروخي، وتحسين تقنيات الكشف عن الألغام وإزالتها .
 
ولكن حتى هذا يأتي بتكلفة باهظة. فالإيرانيون والروس والصينيون يدرسون الحوثيين عن كثب ــ ويجب أن نفترض أنهم يتلقون معلومات استخباراتية مباشرة منهم ــ وهو ما يساهم بشكل مباشر في زيادة القدرة والقوة القاتلة لأنظمة الأسلحة المستقبلية.
 
إن الأنشطة المناهضة للشحن التي يقوم بها الحوثيون تشكل تحديًا كبيرًا. ونحن نتجاهل تصرفات المحور المناهض للغرب المتنامي على حسابنا. وتستفيد هذه الدول الخبيثة بشكل كبير من الأنشطة الحوثية المستمرة، وكل ذلك في الوقت نفسه يقوض المصالح الاستراتيجية والاقتصادية الغربية.
 
إن أعضاء حلف شمال الأطلسي ليس لديهم خيار سوى تعزيز تدابير الأمن البحري، والابتكار التكنولوجي، وتبني استراتيجيات دبلوماسية واقتصادية شاملة. وسوف يكون نجاح التحالف حاسماً في الحفاظ على الأمن والاستقرار العالميين

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

هل يخضع عقد الإيجار لمدة 59 عاما لقانون الإيجارات القديمة؟| تحليل قانوني

شهدت الساحة القانونية والإعلامية في الآونة الأخيرة حالة من الجدل، عقب موافقة مجلس النواب على مشروع قانون الإيجار القديم، وخاصة فيما يتعلق بعقود الإيجار المحددة لمدة تتراوح بين 59 و60 عاما.

 إلا أن هذه العقود، وفقا لأحكام القانون المدني رقم 4 لسنة 1996، لا تخضع لحكم المحكمة الدستورية العليا المرتبط بالإيجار القديم، والذي يعد محور الجدل الحالي.

ويعزى ذلك إلى أن هذه العقود لم يتم التطرق إليها لا في نصوص القانون المدني ولا خلال مناقشاته عند صدوره، مما يضعها خارج نطاق قانون الإيجارات القديمة المعدل.

الإطار القانوني لعقود الإيجار المحددة 

وتنص المادة (601) من القانون المدني على أن "العقد شريعة المتعاقدين"، ما يعني أن عقد الإيجار ينتهي بانتهاء مدته المحددة، دون اشتراط وفاة المستأجر كسبب للانتهاء. 

وبالتالي، يمكن للورثة الاستمرار في الانتفاع بالوحدة المؤجرة طوال مدة الـ 59 عاما كاملة، طالما لم تنته المدة المتفق عليها في العقد.

وبناء عليه، فإن هذه العقود لا تنطبق عليها الأحكام الخاصة بالإيجار القديم، ولا تشملها التعديلات الأخيرة عليه، مما يجعلها كيانا قانونيا مستقلا تنظمه قواعد مختلفة.

خطوات تشريعية جديدة من مجلس النواب

وفي تطور تشريعي مهم، وافقت لجنة الإسكان بمجلس النواب مؤخرا على مشروع قانون الإيجار القديم المقدم من الحكومة، خلال جلستها التي عقدت يوم الثلاثاء الماضي.

 وتأتي هذه الخطوة ضمن مساعي إعادة تنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر على نحو يحقق التوازن والعدالة لكلا الطرفين.

حالات الإخلاء وفق مشروع القانون الجديد

وحدد مشروع القانون حالات الإخلاء الفوري للوحدة المؤجرة وفقا لنص المادة (7)، والتي وضعت ضوابط دقيقة لإعادة الوحدة إلى المالك في حالتين رئيسيتين، في إطار تنظيم العلاقة الإيجارية بما لا يخل بحقوق الأطراف.

وجهات نظر قانونية وانتقادات للمشروع

من جانبه، علق أحمد شحاتة، المحامي بالنقض وممثل الملاك في جلسات مجلس النواب، على مشروع القانون، مؤكدا أن التعديلات المقترحة أغفلت العديد من النقاط الجوهرية، وعلى رأسها التعامل مع المباني الآيلة للسقوط، إضافة إلى غياب رؤية واضحة لحالات انتهاء عقد الإيجار قبل نهاية المدة الانتقالية.

 وأوضح شحاتة- خلال تصريحات إعلامية، أن التركيز انصب على الجوانب المتعلقة بالمدة الانتقالية، والقيمة الإيجارية، وتوفير وحدات بديلة للمستأجرين غير القادرين، بينما لم يتطرق التعديل إلى المباني التي تشكل خطرا على الأرواح، متسائلا: "هل من المنطقي أن نبقي على المباني الآيلة للسقوط طوال السنوات السبع المقترحة للسكني، أو السنوات الخمس للتجاري، دون تدخل تشريعي واضح؟".

حالات إنهاء العلاقة الإيجارية 

وأشار شحاتة كذلك إلى أن التعديلات أغفلت الحالات التي تنتهي فيها العلاقة الإيجارية قبل انقضاء المدة الانتقالية، مثل تغيير النشاط أو عدم وجود من يمتد له العقد من الورثة،وأكد أنه في حال تحقق أي من هذه الأسباب، يجب أن تُدرج ضمن حالات الإخلاء المنصوص عليها قانونا، الأمر الذي لم يتضمنه مشروع القانون الحالي.

الانتقادات لمعيار تصنيف المناطق السكنية

وفيما وصفه شحاتة بـ"النقطة الأخطر"، أشار إلى أن مشروع القانون ينص على تصنيف الأماكن السكنية إلى ثلاث فئات (منخفضة، متوسطة، ومتميزة)، بواسطة لجان تشكل على مستوى المحافظات. 

وحذر من أن هذا التحديد قد يثير لغطا في التطبيق العملي ما لم يكن مضبوطا بضوابط شفافة ودقيقة.

في ختام حديثه، اعتبر شحاتة أن المدة الانتقالية المحددة للعقود التجارية، وهي خمس سنوات، مبالغ فيها، مقترحا تقليصها إلى سنة واحدة أو ثلاث سنوات كحد أقصى، وأكد أن الهدف من التعديلات ليس "طرد" المستأجرين، بل إنهاء العلاقة الإيجارية بشكل قانوني ومنظم.

كما طالب بضرورة:

 - تحديد تشكيل اللجان المختصة بتقدير القيم الإيجارية.

 - وضع آلية دقيقة لحصر المستأجرين غير القادرين.

 - توفير وحدات بديلة لهم من قبل الدولة.

وختم بالقول إن تحقيق هذه الأهداف ممكن إذا تم توجيه الجهود في المسار الصحيح، بما يضمن العدالة الاجتماعية ويحفظ حقوق جميع الأطراف. 

 وسوف نرصد لكم الحالات التي تستوجب الإخلاء الفوري في قانون الإيجار القديم الجديد 2025، والتي جاءت كالتالي: 

1- ترك الوحدة مغلقة لأكثر من عام دون مبرر
إذا ثبت أن المستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار ترك الوحدة المؤجرة مغلقة لأكثر من سنة دون استخدام أو تقديم سبب قانوني مقبول، يحق للمالك التقدم بطلب إلى المحكمة لطرد المستأجر.

2- امتلاك وحدة سكنية أو تجارية بديلة صالحة للاستخدام

وفي حال تبين أن المستأجر يمتلك وحدة أخرى (سواء سكنية أو غير سكنية) قابلة للاستخدام لنفس الغرض، يحق للمالك المطالبة بالإخلاء الفوري لتعارض ذلك مع مبدأ استحقاق الانتفاع بالعقار.

كما نرصد لكم إجراءات الطرد حسب مشروع قانون الإيجار القديم، والتي جاءت كالتالي: 
- يمنح المالك الحق في طلب أمر إخلاء من قاضي الأمور الوقتية بالمحكمة المختصة إذا رفض المستأجر الإخلاء الطوعي.

- ومع عدم الإخلال بحكم الفقرة الثانية من هذه المادة يحق للمستأجر أو من امتد إليه عقد الإيجار، حسب الأحوال، رفع دعوى موضوعية أمام المحكمة المختصة وفقا للإجراءات المعتادة، ولا يترتب على رفع الدعوى الموضوعية وقف أمر قاضي الأمور الوقتية المشار إليه.

آليات جديدة لتشكيل اللجنة المختصة بتصنيف أماكن الإيجار القديم.. اعرفهالو مأجر شقة وسايبها مقفولة.. اعرف موقفك بمشروع قانون الإيجار القديم طباعة شارك الإيجارات الإيجارات القديمة الإيجار القديم المستأجرين الملاك اتحاد الملاك

مقالات مشابهة

  • تحليل بيانات الصندوقين الأسودين للطائرة الهندية المنكوبة
  • زعيم الحوثيين: إغلاق البحر الأحمر أمام الملاحة الإسرائيلية مستمر
  • بدء تحليل بيانات الصندوقين الأسودين لطائرة إير إنديا المنكوبة
  • تحليل: هل سيصمد الحوثيون إذا قطعت إيران إمدادهم؟ (ترجمة خاصة)
  • بريطانيا ستعيد العمل بـالردع النووي الجوي في إطار حلف الأطلسي
  • ثروت الخرباوي: الصهيونية حركة سياسية تستغل الدين كوسيلة
  • وزير الطيران يزور مركز القاهرة للملاحة الجوية
  • المشاط: نتطلع إلى التكامل وتبادل المعرفة بالابتكار في السياسات لتسريع وتيرة النمو
  • قطر: نتمنى ألا تستغل إسرائيل وقف إطلاق النار مع إيران لتكثيف القصف على غزة
  • هل يخضع عقد الإيجار لمدة 59 عاما لقانون الإيجارات القديمة؟| تحليل قانوني