لجريدة عمان:
2025-05-30@09:12:12 GMT

سلطنة عُمان في تقرير اليونسكو للعلوم

تاريخ النشر: 17th, July 2024 GMT

سلطنة عُمان في تقرير اليونسكو للعلوم

يصادف هذا الشهر مرور ثلاثة أعوام على إصدار أحدث نسخة من سلسلة تقارير اليونسكو للعلوم، مما يعني أننا قطعنا أكثر من نصف المسافة نحو النسخة القادمة ويجعل من المفيد مراجعة هذا التقرير لأغراض القياس والمقارنة واستقراء الأنماط المتعلقة بأوضاع العلوم في العالم بشكل عام وفي بلداننا وإقليمنا بشكل خاص. وكنا قد ذكرنا في مقال سابق أن تقرير اليونسكو للعلوم في نسخته الأحدث قد ركز على علوم الثورة الصناعية الرابعة، والتكنولوجيات الاستراتيجية، والتحول المزدوج (الأخضر والرقمي)، وشدد التقرير على «ضرورة امتلاك البلدان المختلفة للمقدرات العلمية والبنى الأساسية البحثية في العلوم ذات الصلة لتتمكن من المشاركة في الثورة الصناعية الجديدة بشكل فعال».

نقدم هنا مراجعة لما ذكرته إحصائيات التقرير وبياناته عن أوضاع العلوم في سلطنة عمان بالتحديد، مستندين على ما ورد في تقرير اليونسكو من استعراض لمجالات وتوجهات التقدم العلمي، حيث جمع معدو التقرير هذه البيانات من خلال العمل مع الباحثين ومؤسسات البحث العلمي حول العالم، ففي سلطنة عمان على سبيل المثال بدأ التعاون بين مؤسسات البحث العلمي الوطنية وهيئة اليونسكو في إعداد التقرير منذ فبراير في عام 2021.

الاستعداد للثورة الصناعية الرابعة

أتى التوجه العماني في بناء القدرات البشرية الضرورية للتعاطي مع علوم وتقنيات الثورة الصناعية الرابعة مماثلا لمخرجات تقرير اليونسكو المشدد على «عدم القفز قبل تعلم المشي» فيما يتعلق بالعمل نحو تأسيس مجالات وتطبيقات علوم الثورة الصناعية الرابعة من علوم النانو روبوتات والنظم السيبرانية الفيزيائية وغيرها. حيث أشار التقرير إلى خطة عُمان في تدريب الشباب على المهارات ذات الصلة ومنها مجالات البرمجة والذكاء الصناعي والتفكير النقدي والروبوتيات، وذلك من خلال البرنامج الوطني لتنمية مهارات الشباب. ومن الجدير بالذكر هنا أن كلمة سلطنة عمان في المؤتمر العام الحادي والأربعين لليونسكو الذي شهد إطلاق تقرير العلوم كانت قد ركزت على موضوعي تطوير التعليم والشباب كذلك. كما أشار التقرير إلى توجه عُمان في التحول إلى اقتصاد مرتكز على العلوم وهو ما يزيد من أهمية تطوير البنى الأساسية للبحث العلمي ودعم تقدمه.

حوى التقرير إحصائيات عن البحوث العلمية المنشورة من البلدان العربية، وتصدرت العلوم الصحية والتكنولوجيات الاستراتيجية مجالات النشر العلمي في عُمان في فترة التقرير. وفي تفاصيل بحوث التكنولوجيات الاستراتيجية نجد أن عُمان أتت ضمن الدول العشر الأوائل في النشر العلمي في مختلف مجالات التكنولوجيات الاستراتيجية في الإقليم. حيث أورد التقرير أن البحوث العمانية المنشورة في الطاقة، ومجالات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، ومجالات علوم المواد أتت بمعدل 32.5 و18.2 و8.1 لكل مليون من السكان بالترتيب.

أما فيما يتعلق باشتمالية (Inclusivity) مجال البحث العلمي في سلطنة عمان، فقد أظهرت إحصائيات التقرير ارتفاع نسب الباحثات مقارنة بالباحثين في عُمان في معظم المجالات، حيث تتراوح نسبتهن بين الـ60 إلى 80% في مجالات مثل الزراعة والصحة وتكنولوجيا المعلومات، ولا تقل نسبة الباحثات عن النصف إلا في البحث العلمي المتعلق بالمجالات الهندسية (43%)، متفوقة رغم ذلك على المتوسط العالمي للباحثات (33%). إلا أن نسب الباحثات العاملات في المجالات الصناعية بسلطنة عمان تنخفض إلى 36% ويصل في بعض المجالات إلى خانة الآحاد (مثال 6% في المجالات الزراعية). هذا النمط من الارتفاع النسبي في معدلات الإنتاج البحثي والانخفاض النسبي في تطبيقاتها الصناعية نجده يتكرر في عدد من الإحصائيات والبيانات المتعلقة بسلطنة عمان ضمن التقرير. فقد أوضحت بيانات التقرير أن نسبة التقانات العالية من صادرات سلطنة عمان هي 1.3% رغم أن الصناعة تمثل 54% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد (الثانية على مستوى دول الجوار) ونجد انعكاس ذلك في انخفاض نسبة ممتهني البحث العلمي العاملين بقطاع الأعمال إلى 0.3% بينما تعمل الأغلبية العظمى من الباحثين في القطاع الحكومي وقطاع التعليم العالي. تظهر هذه البيانات توفر العنصر البشري الضروري للدفع نحو صناعات ذات تقنيات عالية وضرورة الدفع بهذا التوجه لارتباط التطور العلمي بنمو مساحات التطبيق الصناعي كما أنه يشكل توجها داعما للحراك نحو الثورة الصناعية الرابعة والاستعداد لتأسيس تطبيقاتها وطنيا.

مسيرة التحول المزدوج

وصف تقرير اليونسكو للعلوم 2021 الأولويات التنموية الدافعة للبحث العلمي في الفترة التي يغطيها بأنها تشكل دمجا للتنمية المستدامة والتقنيات الصديقة للبيئة مع أهداف التحول الرقمي مما أنتج مفهوم التحول المزدوج (الأخضر والرقمي). ويشكل الاستثمار في البحث العلمي أحد أساسيات مسيرة التحول المزدوج حسب تحليل التقرير. وفي هذا المجال أشار التقرير إلى خطة سلطنة عمان في رفع نسبة الطاقة المنتجة من المصادر المتجددة إلى 10%. وأورد التقرير ضمن أمثلة مشاريع الطاقات المتجددة مشروع المرآة لإنتاج البخار عبر الطاقة الشمسية في سلطنة عمان. حيث صنفه التقرير على أنه مشروع يمزج بين النفط والطاقات المتجددة. ويتكون مشروع المرآة من 36 وحدة بيت زجاجي تقوم بتركيز ضوء الشمس باستخدام مرايا كبيرة لتوليد الحرار اللازمة لإنتاج البخار المستخدم في إنتاج النفط. وتستحق هذه التجربة إجراء الأبحاث العلمية حول نتائجها والأثر البيئي المتكامل لهذا الدمج. فبالرغم من الأثر الاقتصادي المتعلق بزيادة الريع النفطي إلا أن تأثير المشروع على المؤشرات البيئية لسلطنة عمان أقل وضوحا ويجب إيلاؤه الاهتمام البحثي للاستفادة من التجربة. ويزيد من أهمية بحوث الطاقات المتجددة أن سلطنة عمان تعد من الدول ذات أعلى كثافة طاقة شمسية في العالم (تتلقى عُمان يوميا إشعاعا شمسيا يتراوح بين 5500 و6000 وات ساعة/متر مربع في شهر يوليو، وبين 2500 و3000 وات ساعة/متر مربع في شهر يناير)، كما أن تخطيط وتنفيذ هذه المشاريع يفتح فرصا عديدة للبحوث العلمية وتلقي الخبرات التكنولوجية.

وفي مجال التحول الرقمي والبنى الأساسية الداعمة له أورد التقرير بيانات عن نسب التحول الرقمي في الإجراءات والمؤسسات الحكومية، وفيما يتعلق بنسب توفير الإنترنت فائق السرعة إلى المنازل فقد أظهر التقرير تباينا ملحوظا في معدل الوصول بين العاصمة (80% من المنازل) وخارجها (30% من المنازل) وحيث تعود الإحصائيات المستخدمة إلى العام 2018 فمن المفيد إخضاع التطور في هذا المجال للبحث العلمي ودراسة مسببات وآثار هذا التباين للاستفادة منها في وضع الخطط التنموية العلمية. وأشار التقرير كذلك في ذات المجال إلى قيام سلطنة عمان بإنشاء مجموعة إذكاء المعروفة سابقا بمجموعة عُمان لتقنية المعلومات والاتصالات التي جمعت الصندوق العماني للتكنولوجيا والعمانية للنطاق العريض وأبراج عُمان وتقنيات الاتصالات الفضائية. وذكر التقرير أن ضمن مهام المجموعة الإشراف على المشاريع ذات الصلة ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في مجالات الروبوتيات وتكنولوجيا البلوكتشين وإنترنت الأشياء، وهي إجراءات يتوقع أن تأتي بنتائج إيجابية فيما يخص التحول الرقمي وكذلك رفع نسبة الصناعات ذات التكنولوجيا العالية وزيادة أعداد ممتهني البحث العلمي في قطاع الأعمال.

ختاما، لم تقتصر البيانات المتعلقة بسلطنة عمان في تقرير اليونسكو للعلوم 2021 على دراسة مجالات البحث العلمي وتطبيقات العلوم بل تطرقت كذلك إلى جوانب أخرى منها الإنفاق المحلي الإجمالي على البحث العلمي (انظر شكل 1)، والسياسات الوطنية ذات الصلة. حيث ذكر التقرير ضمن فقراته المتعلقة بمؤسسات وسياسات البحث العلمي أن عُمان حين صدور التقرير ورغم عدم امتلاكها لسياسة وطنية مختصة بمجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار (STI: science, technology and innovation) إلا أن عددا من السياسات الوطنية المجازة تغطي جوانب عديدة في هذه المجالات، مثل الاستراتيجية الوطنية للصناعة والاستراتيجية الوطنية للطاقة واستراتيجية عُمان الرقمية.

ونستخلص من مراجعتنا هذه لبيانات سلطنة عمان في تقرير العلوم ظهور خطوات في الطريق الصحيح فيما يتعلق بتأسيس البنى الأساسية والطاقات البشرية للدفع بالبلاد نحو الثورة الصناعية الرابعة والتحول المزدوج. كما أظهرت المراجعة مساحات مهمة للتحسن في الربط بين البحث العلمي والتطبيق الصناعي على مستوى الأعمال. وسعى هذا المقال إلى مراجعة البيانات التاريخية وعرضها بشكل يُخبر التخطيط للمستقبل ووضع استراتيجيات البحث العلمي والدفع بتحقيق أهداف الاقتصاد المرتكز على العلوم ضمن واقع الـ«سباق مع الزمن من أجل تنمية أذكى».

مزن النيل باحثة في السياسات الصناعية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الثورة الصناعیة الرابعة التحول الرقمی سلطنة عمان فی فی سلطنة عمان البحث العلمی فیما یتعلق العلمی فی ذات الصلة فی تقریر ع مان فی

إقرأ أيضاً:

بيان مشترك بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية

مسقط- الرؤية

البيان العُماني الإيراني المشترك بمناسبة زيارة فخامة الرئيس الدكتور مسعود بزشكيان رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى سلطنة عُمان خلال الفترة  27-28 مايو 2025م:

تلبيةً لدعوة أخوية من حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعَظَّم – حفظه الله ورعاه – قام فخامة الدكتور مسعود بزشكيان، رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية بزيارة رسمية إلى سلطنة عُمان يومي الثلاثاء والأربعاء 29- الأول من ذي الحجة 1446هـ، الموافق 27- 28 مايو 2025م.

تأتي هذه الزيارة انطلاقاً من الروابط التاريخية الراسخة التي تجمع سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية، وبين شعبيهما الصديقين، وتعزيزاً للعلاقات الثنائية الوثيقة وتأكيداً للتقدير والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين وشعبيهما والذي رسخته مبادئ الدين والأخوة وحسن الجوار.

وقد عقدت جلسة مباحثات رسمية بين صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – أبقاه الله – سلطان عُمان، وفخامة الدكتور مسعود بزشكيان رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية، استعرضا خلالها آفاق التعاون المشترك والعلاقات الثنائية وتطويرها وخاصة تلك المتعلقة بالتعاون الاقتصادي والاستثماري المشترك في مختلف المجالات والتنسيق في الشؤون التي تخدم مصلحة البلدين الصديقين وتعود بالمنافع على شعبيهما، وعَبَّرا عن ارتياحهما لمستوى التعاون القائم، وأكدا على مواصلة تعزيزه وفتح مجالات جديدة من الشراكة الاقتصادية. كما أعربا عن تقديرهما لما تحقق من توافق على مستوى اللجان المشتركة، ووجّها بضرورة انتظام انعقادها بما يعزّز التعاون الثنائي في مختلف المجالات.

كما أكَّدَ جلالة السلطان المعظم وأخوه فخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية على الدور الإيجابي والمثمر الذي يقوم به القطاع الخاص في البلدين، وعبَّرا عن الأمل بأنْ تُسهم هذه الأنشطة إلى زيادة حجم الاستثمارات وحجم التبادل التجاري بين البلدين، ورحبا بالتوقيع على عدد من الاتفاقيات لتأطير التعاون في مجال التشجيع والحماية المتبادلة للاستثمارات، ومجال التعاون القانوني والقضائي، واتفاقية الأفضليات التجارية، والاتفاقية الإطارية للتعاون المشترك، وعددا من مذكرات التفاهم في مجالات أخرى.

كما رحب الجانبان بالتعاون القائم بين بريد عُمان والبريد الوطني الإيراني، والذي أثمر عن إصدار طابع بريدي مشترك يحتفي بعمق العلاقات الثنائية، ويُبرز جهود الجانبين في تعزيز الدبلوماسية الثقافية، بما يدعم التفاهم المتبادل ويُسهم في توطيد الروابط بين الشعبين الصديقين.

وبحث جلالةِ السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه – وفخامةُ رئيسُ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، عددًا من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك أزمة قطاع غزة.

وقد أكّدا في هذا السياق على ضرورة الوقف الكامل والدائم لإطلاق النار، ورفع الظلم عن السكان، ووقف الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني من قوات الاحتلال الإسرائيلية في غزة وسائر الأراضي الفلسطينية.

كما دعا الجانبان المجتمع الدولي إلى تحمّل مسؤولياته في تقديم المساعدات الإغاثية والمواد الإنسانية للسكان العزّل في كافة أنحاء قطاع غزة، وأعربا عن رفضهما القاطع لأيّ مخططات تهدف إلى تهجير السكان و التنكيل بهم.

وعبَّر القائدان عن ارتياحهما لمستوى التشاور والتنسيق السياسي القائم بين البلدين على مختلف المستويات.

وأعرب فخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن تقدير بلاده البالغ للدور  البناء الذي تقوم به سلطنة عمان في إطار المحادثات الجارية وغير المباشرة بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية حول الملف النووي. ومن جانبه أعرب حضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم عن الأمل في أن تسفر هذه المحادثات عن التوافق المرجو وإلى إبرام اتفاق بين الجانبين يلبي الأهداف المشتركة في تعزيز الأمن والسلم الإقليميين والدوليين ويعود على دول المنطقة بمزيد من الخير والرخاء والازدهار.

وأكَد الجانبان على أهمية مضاعفة الجهود وبذل المساعي لضمان استمرار الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، والتنسيق والتشاور بينهما في مختلف المحافل الإقليمية والدولية حول القضايا التي تخدم الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

وأعربَ فخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن شكره وتقديره لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم – حفظه الله ورعاه –   ولحكومة وشعب سلطنة عُمان على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة، كما وجَّه فخامته دعوة أخویة لحضرة صاحب الجلالة السلطان المعظم لزيارة الجمهورية الاسلامية الايرانية، وقد حظيت بترحيب كريم من جلالته – أيده الله-.

صدر هذا البيان المشترك في مسقط بتاريخ الأول من ذي الحجة 1446هـ الموافق 28 مايو 2025م.

مقالات مشابهة

  • البحث العلمي تعلن فتح باب التقدّم للعلماء ما بعد الدكتوراه.. تفاصيل
  • الأحد المقبل.. الأكاديمية العربية في الإسكندرية تطلق منصة "المرأة العربية في العلوم" بالشراكة مع اليونسكو
  • أيمن عاشور: تحويل البحث العلمي لمنتجات تخدم المجتمع في قصر العيني
  • بيان مشترك بين سلطنة عمان والجمهورية الإسلامية الإيرانية
  • منفذ الربع الخالي.. تسهيلات وخدمات متكاملة لراحة حجاج سلطنة عمان
  • إلى متى تمتد إجازة العيد في سلطنة عمان؟
  • إلى متى تمتد إجازة العيد في سلطنة عمان؟.. عاجل
  • «تريندز هاب».. أنموذج معرفي يعزّز مكانة البحث العلمي
  • تأسيس شركة وطنية لتنظيم وتسويق صادرات المعادن في سلطنة عمان
  • صدور تقرير معهد البحوث الصناعية عن العام 2024