كل كلمات الوصف لا تفي حقها، وكل عبارات الثناء قليلة في حقها، أمي هي سر من أسرار نجاحي بعد فضل المولى تعالى، هي ملهمتي وقدوتي. وجودها أمان، وحبها أعطاني الاطمئنان، ضحكتها في حد ذاتها حياة. ولا يمكنني أن أستغني عنها فهي كل الحياة..

أمي.. علمتني الصمود في صغري. وهي شابة بصحة وعافية، ولازالت تعطيني دروسا في كبري، وقد بلغت من العمر عتيا تصارع المرض بإرادة قوية.

قصتي مع والدتي مختلفة، فنحن كلنا نرى في الأم المربية التي تسهر على شؤون أطفالها. ترعاهم صغارا، إلى أن يشتد ساعدهم. تلقنهم التربية الحسنة والأخلاق الفاضلة، ترعى وتحنو، وتهتم بأولادها إلى أن يكبروا ويشق كل واحد مكنهم طريقه في الحياة. لكن أمي فعلت كل ذلك، لما كانت تتمتع بموفور الصحة والعافية، ربتنا على الدين والطاعة، وأعطتنا سلوكا قويما، التعليم كان أولوياتها.

فقد كانت حريصة جدا على مستوانا الدراسي، كبرنا وكبرت هي، تحصلنا على شهادات بفضل الله وبفضل حرصها، صار كل منا بمنصبه، ويستطيع أن يتكل على نفسه، سأعود قليلا للوراء، أمي ربتنا وهي أرملة اشتغلت بأكثر من مكان لتتمكن من الإنفاق علينا، حتى تمكنت من أن تشتري لها ماكينة خياطة وشرعت في ممارسة هواتها المفضلة التي كانت مصدر رزقنا، والحمد لله كبرنا وصارت في غنى عن تلك الحرفة، فنحن من نوفر لها الآن العيشة الكريمة والحمد لله، في فترة من حياتها بدأت صحتها تتدهور وكانت تصر أن تذهب إلى الطبيب بمفردها، لكن حالتها يوما بعد يوم كانت تزداد سوء.

وجها صار شاحبا، جسمها هزيل، وكلما تحدثنا إليها بالأمر تقول أنه الكبر، إلى أن جاء ذلك اليوم الذي استسلمت فيه للمرض ولم يعد بوسعها أن تداري وجعها، أسرعنا بها إلى المستشفى، وهنا دخلت في غيبوبة.. شعرت حينها كأن الحياة توقفت بالفعل، فلا أظنني أتحمل أي مكروه قد يصيبها، ثلاثة أيام تتنفس اصطناعيا، في اليوم الرابع يبشرنا الطبيب أنها أفاقت، وأنها بدأت تتجاوب للعلاج، صدقوني شعرت كأنني ولدت من جديد.. فهي الهواء الذي أتنفس.

وهي القوة التي بها أصارع الحياة، والحمد لله عادت أمي تمارس أمومتها وحنيتها معنا، تسأل عن هذا، وتتصل بذاك، وتلاعب أحفادها، وأنا أقف متعجبة في دهشة من أمري، فحتى ضعفها أعطاني درسا وأنا التي أحظى بالهبة ومنصب محترم، ولكمة مسموعة مع أطفالي، أمي سيدة في الثمانينات من عمرها لاتزال صامدة ومتماسكة، حاربت المرض وبدأت تتعافى..

أتساءل كيف لدموعنا لم تجف؟ وهي تبتسم، خارت قوانا، وهي على سرير المرض لا تزال تمدنا من حنانها، بدأت بالتفاعل معنا والسؤال على أحوالنا كل باسمه، لا وبل وعدتنا أنها وبمجرد الخروج من المستشفى أنها ستخيط لكل منا شيء وتقدمه هدية له..

فعن أي حب نتحدث؟ وأي قوة نملك؟ عجوز لا هدف لها لتصارع من أجله سوى أولادها، حقا هذا الدرس جعلني أشعر وكأني أحتاج ولو جزء بسيط من قوتها، فأمي أثبت لي أنها الأقوى والأشجع، فحتى في مرضها أعطتني القوة، ودرسا في الصمود..

فاللّهم أحفظ لنا جميع أمهاتنا وأجعلهم خير سند لنا على مر العمر..
أختكم صبرينة من شرق البلاد.

إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور

المصدر: النهار أونلاين

إقرأ أيضاً:

علماء: إنسان نياندرتال كانت لديه قدرات فنية

إسبانيا – أفادت قناة NBC أن فريقا إسبانيا اكتشف أقدم دليل فني معروف لإنسان نياندرتال حتى الآن، حيث عثروا على حجر منقوش عليه رسومات في أحد مواقع استيطان إنسان نياندرتال الأثرية.

كشف الباحثون عن تفاصيل مذهلة للرسم المكتشف، حيث وُجد منقوشا على حجر ذي انحناءات طبيعية تشكّل ملامح تشبه الوجه البشري. وفي مركز هذه “القطعة الفنية البدائية”، لاحظ الفريق وجود نقطة حمراء داكنة وضعت بدقة في موضع الأنف. وأظهر التحليل المخبري أن هذه النقطة صُممت باستخدام أصبع مغموس بالمغرة (صبغة أرضية طبيعية كانت شائعة في عصور ما قبل التاريخ)، وهو ما يستبعد أي احتمال لتشكلها بشكل عشوائي أو طبيعي.

وباستخدام تقنيات تحليل البصمات الدقيقة، استنتج الباحثون أن الفنان النياندرتالي كان على الأرجح ذكرا بالغا. ويفترض الفريق العلمي أن هذا الإنسان القديم قد لاحظ التشابه بين شكل الحجر والوجه البشري، مما ألهمه لإضافة لمسة فنية متعمدة تكمل التشابه. وقد وصف الخبراء هذه القطعة بأنها تمثل “أحد أقدم الأمثلة المعروفة على التجريد الفني والتعبير الرمزي في السجل الأثري”، مما يقدم دليلا جديدا على التطور المعرفي والمعقد لإنسان نياندرتال.

يقلب هذا الاكتشاف المفاهيم السائدة عن تاريخ الفن البشري رأسا على عقب، حيث يُفند الفرضية القائلة بأن الإنسان العاقل (Homo sapiens) كان أول من أبدع أعمالًا فنية. كما يشير إلى وجود قدرات تجريدية متطورة لدى إنسان نياندرتال، مما يدفعنا لإعادة تقييم التطور المعرفي للإنسان القديم.

في سياق متصل، كشفت بحوث أثرية حديثة النقاب عن أدوات عظمية يعود تاريخها إلى 1.5 مليون سنة، تم اكتشافها في الخامس من مارس الماضي. هذا الاكتشاف يؤخر زمن بداية استخدام الأدوات العظمية بمليون سنة عن التقديرات العلمية السابقة، مما يوسع آفاق فهمنا لتطور المهارات التقنية للإنسان البدائي.

المصدر: صحيفة “إزفيستيا”

مقالات مشابهة

  • رئيس وزراء بريطانيا: روسيا أظهرت عدم جديتها بشأن السلام.. ويجب أن نكون مستعدين
  • علماء: إنسان نياندرتال كانت لديه قدرات فنية
  • محمد ثروت: "ريستارت" تجربة مختلفة تحمل رسالة عن واقعنا الرقمي
  • نقيب الصحفيين: جزء من عملنا أن نكون أحرارًا في الشارع لا أن نعمل بتصريح أمني
  • محام: إذا كانت المرأة معتادة على شرب القهوة في بيت أبيها وجب على زوجها فعل ذلك
  • 100 ألف جنيه مصروفات علاجية.. سيدة تقاضى زوجها لرفضه الإنفاق عليها بعد مرضها
  • عادل عوض: تونس كانت تنظم 480 مهرجانا فنيا قبل الربيع العربي
  • نهائي كاس مصر.. أيمن يونس للاعبي الزمالك: لازم تفوزوا وتردوا الجميل للجماهير
  • باعت بنتها بالدولارات.. حُكم على أم بالسجن مدى الحياة| اعرف الحكاية
  • بحضور مكتمل العدد .. مروة ناجى تأخذ الجمهور لزمن الفن الجميل|صور