هل سينتج عن حرب غزة نظام إقليمي جديد؟
تاريخ النشر: 19th, July 2024 GMT
رجحت الكثير من الكتابات المتابعة والمهتمة بالتطورات الراهنة، والتي تشكل حرب غزة محورها الأساسي، ولادة نظام إقليمي جديد، تحتمه ضرورات مرحلة ما بعد الحرب، وخاصة ضرورة السيطرة على التداعيات المحتملة عبر آليات فاعلة ومتفق عليها بين الفواعل الإقليمية والدولية، على اعتبار أن حرب غزة كانت من أكثر الحروب استقطابا على المستويين الإقليمي والدولي.
حتى اللحظة، لا توجد أي مؤشرات عن إمكانية حصول تغيير على المستوى الإقليمي، لا على مستوى العلاقات والتفاعلات ولا على مستوى الأدوار والوظائف، كما لا يوجد بالأصل مطالبات بوجود نظام إقليمي جديد من قبل الفاعلين الإقليميين والدوليين، والأهم من ذلك انعدام أي رؤى وأفكار وفلسفة حول ذلك، وهي التي تشكل البنية التحتية للنظام الإقليمي قبل صناعة الهياكل والاتفاق على الآليات.
تفيد التجربة التاريخية في المنطقة، أن الأحداث وحدها، ومهما كانت نتائجها، لا تؤثر بأنماط التفاعلات الجارية، وهي بالأصل تفاعلات ضعيفة نظرا للارتباط التبعي للمنطقة بالخارج الدولي، الذي يملك القرار على المستوى الاستراتيجي، ويترك للفاعلين الإقليميين التصرف بمسائل تفصيلية ذات أثر محدود في البيئة الإقليمية. وذلك يتفق أصلا مع مطلب مزمن للنخب الحاكمة في المنطقة؛ توجد أي مؤشرات عن إمكانية حصول تغيير على المستوى الإقليمي، لا على مستوى العلاقات والتفاعلات ولا على مستوى الأدوار والوظائف، كما لا يوجد بالأصل مطالبات بوجود نظام إقليمي جديد من قبل الفاعلين الإقليميين والدوليين، والأهم من ذلك انعدام أي رؤى وأفكار وفلسفة حول ذلكيدعو إلى ترك كل طرف يتصرف بشؤونه الداخلية دون أي ملاحظة أو انتقاد أو توجيه، أما الشؤون التي لها تأثيرات خارجية فالأمر فيها يعود لتقديرات لاعب خارجي؛ في الغالب من أولئك الذين تظلل استراتيجياتهم مساحة واسعة من خريطة العالم.
وبالفعل، مرّت على المنطقة أحداث جسام كان كل حدث منها كافيا لصناعة واقع إقليمي جديد على وقعه وتبعا لنتائجه، لكن الثبات كان السمة المميزة للوضع الإقليمي، وبدءا من الانتفاضة الفلسطينية إلى حرب الكويت واتفاقيات أوسلو واحتلال العراق، ثم ثورات الربيع العربي، وقبلها معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية والاجتياح الإسرائيلي للبنان.. لم تولّد هذه الأحداث ديناميكيات كافية لواقع إقليمي جديد، من النمط الذي يتم تصوره عن نظام إقليمي يغير الواقع في المنطقة بشكل أفضل عبر التنمية والاستقرار والسلام الداخلي لدوله ومجتمعاته، مثلما فعلت أنظمة إقليمية جديدة في أوروبا وآسيا.
ولكن لماذا يتشكّل نظام إقليمي جديد؟ وهل انتهت مبررات وجود النظام القديم وتغيرت الوظائف المناطة به؟ تثبت التفاعلات الحاصلة في المنطقة في العقد الأخير، أن النخب الحاكمة في المنطقة مرتاحة للوضع الحالي، وتعرف كيف تتعامل مع هذه الأوضاع وتصرّف شؤونها وتتخلص من المخاطر، بل وتحوّلها إلى فرص، عبر تجريف المعارضات وحتى المجتمعات التي تطل برأسها بين عقد وآخر، وتضمن استمراريتها عبر الزمان وتحكمها في هندسة المجتمعات المحكومة عبر تصعيد وتخفيض بعض شرائحها، ومن ثم تصدير كل ذلك على أنه نوع من الحيوية والانفتاح السياسي والتغيير المطلوب.
المقاومة التي تبديها النخب الحاكمة في المنطقة، سواء في الدول العربية أو دول الجوار، لأي تغيير، وتتقاطع مع مصالح فاعلين دوليين، تشكل فعلا طاردا لأي تغيير على المستوى الفوق وطني ومعوقا أمام صناعة تشكّل إقليمي جديد.. لماذا؟ لأن أي ترتيب جديد سيستدعي وجود طرق وسلوكيات وآليات جديدة تختلف عما جرى التعاطي معه في النمط القديم، وقد يكون أول الاستحقاقات ضمن هذا السياق حل الأزمات المزمنة مثل القضية الفلسطينية
على ذلك، فإن المقاومة التي تبديها النخب الحاكمة في المنطقة، سواء في الدول العربية أو دول الجوار، لأي تغيير، وتتقاطع مع مصالح فاعلين دوليين، تشكل فعلا طاردا لأي تغيير على المستوى الفوق وطني ومعوقا أمام صناعة تشكّل إقليمي جديد.. لماذا؟ لأن أي ترتيب جديد سيستدعي وجود طرق وسلوكيات وآليات جديدة تختلف عما جرى التعاطي معه في النمط القديم، وقد يكون أول الاستحقاقات ضمن هذا السياق حل الأزمات المزمنة مثل القضية الفلسطينية والمشكلة الكردية. كما أن آليات صنع القرار ستتخذ نمطا مختلفا عبر توسيع دوائر المشاركة في السياسة في إطار البلدان المنضوية في النظام الإقليمي الجديد، وتصبح سياسات كل نظام حاكم تحت المجهر، وتصبح التدخلية مسألة حتمية، وليس تدخلا خارجيا، نظرا للترابط والتشابك في مصالح أطراف النظام وانعكاس المخاطر على الشبكة الإقليمية برمتها.
المؤكد أن حرب غزة، ورغم هول ما خلفته من دمار وأضرار على الفلسطينيين، لن تصل نتائجها إلى حد الانقلاب على الوضع الإقليمي السائد، والفلسطينيون ومن خلال خبرتهم التاريخية المريرة خير من يعرف هذه الحقيقة، فالنظام الإقليمي الذي أنتج، أو على الأقل كان شاهدا على مأساتهم، رغم هشاشته وعطالته ولا فعاليته، محروس من قبل فاعلين إقليميين ودوليين يرتبطون عضويا ببقائه واستمراره.
x.com/ghazidahman1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة نظام إقليمي تغيير الفلسطينية المخاطر فلسطين غزة مخاطر تغيير الشرق الأسط مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لا على مستوى لأی تغییر حرب غزة
إقرأ أيضاً:
أمير الشرقية يرعى حفل إطلاق وجهة “لازورد” في الخُبر التي تضم أكثر من 8 آلاف وحدة سكنية
رعى صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف بن عبد العزيز أمير المنطقة الشرقية، مساء اليوم، حفل إطلاق وجهة “لازورد” بمحافظة الخُبر، بحضور معالي وزير البلديات والإسكان الأستاذ ماجد بن عبدالله الحقيل، ومعالي أمين المنطقة الشرقية المهندس فهد بن محمد الجبير، والرئيس التنفيذي لـ “NHC” محمد بن صالح البطي، وذلك ضمن أحدث المشاريع العمرانية المتكاملة التي تطورها “NHC” في المنطقة الشرقية.
وأكد سمو أمير المنطقة الشرقية أن ما يشهده قطاع الإسكان في المملكة من نهضة متسارعة يعكس التوجهات الطموحة للدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وبدعم ومتابعة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد رئيس مجلس الوزراء -حفظهما الله- نحو توفير السكن الملائم لجميع فئات المجتمع، وتحقيق التنمية العمرانية المستدامة، مشيدًا سموه بما تحقق من إنجازات نوعية في هذا المجال، بفضل ما يحظى به القطاع من دعم غير محدود من القيادة الرشيدة، وحرصها على الارتقاء بجودة الحياة في جميع مناطق المملكة.
من جهته، أوضح الرئيس التنفيذي لـNHC محمد بن صالح البطي أن وجهة “لازورد” تقع على مساحة تتجاوز “3.9” ملايين متر مربع، وتضم أكثر من “8,100” وحدة سكنية متنوعة من الفلل والشقق، تُنفَّذ بالشراكة مع مطورين من القطاع الخاص، ضمن مخطط عمراني متكامل يضم مختلف الخدمات والمرافق، مشيرًا إلى أن المشروع يشمل مسطحات خضراء تفوق “778” ألف متر مربع، إلى جانب مرافق تعليمية وصحية وترفيهية متكاملة؛ مما يعكس التزام الشركة بتطوير بيئات سكنية مستدامة ترتقي بجودة الحياة.
اقرأ أيضاًالمملكةالقنصل العام للعراق لدى منظمة التعاون الإسلامي يزور مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
وشهد سمو أمير المنطقة الشرقية توقيع سلسلة من الاتفاقيات مع شركاء NHC من القطاع الخاص لتطوير مشاريع سكنية داخل الوجهة، شملت شركة رتال للتطوير العمراني، وشركة دار وإعمار للاستثمار والتطوير العقاري، وشركة ثبات المسكن العقارية، وشركة العمر للاستثمار، كما شملت الاتفاقيات أيضًا شركة تمكين للاستثمار والتطوير العقاري، إضافة إلى شركة رواس للتطوير العقاري، وشركة نجا للاستشارات الهندسية، وشركة اليمامة للبنية التحتية.
وتتميز الوجهة بموقع إستراتيجي بالقرب من شاطئ الخليج العربي، وعلى محاور تسهّل الوصول إلى المعالم الرئيسة في الخُبر، كما يتميز مخططها بانسيابية عمرانية تتيح للسكان الوصول إلى المراكز الحيوية والخدمية في أقل من خمس دقائق سيرًا على الأقدام، وتجمع التصاميم المعمارية للوجهة بين الطابع المحلي واللمسات الحديثة، مع مراعاة متطلبات الأسرة السعودية واحتياجات الحياة اليومية.