فندق الملك داود في القدس.. مقر الانتداب الذي فجرته العصابات الصهيونية
تاريخ النشر: 22nd, July 2024 GMT
شكلت الفنادق والنُزل إحدى أهم الركائز الرئيسية الاقتصادية في مدينة القدس لمكانتها الدينية والتاريخية، ولكونها قبلة للحجاج والسياح من كل أقطار المعمورة، ففيها المسجد الأقصى المبارك، وفيها كنيسة القيامة بكل ما تحمل من معنى في الديانة المسيحية، إضافة إلى الكثير من المواقع الأثرية والتاريخية.
وقد شُيدت العديد من الفنادق خارج أسوار المدينة منذ أواخر القرن الـ19 وخلال النصف الأول من القرن الـ20، وتركز معظمها في المنطقة الغربية لأسوار البلدة القديمة في القدس، وكان أبرزها فندق الملك داود الذي شيد في عهد الانتداب البريطاني على فلسطين.
ويعتبر الفندق من أضخم الفنادق وأعرقها في مدينة القدس، إذ يتكون من 9 طوابق و237 غرفة تقريبا، وبعد الاحتلال الإسرائيلي للقدس الغربية سمي الشارع الذي يضم الفندق شارع الملك داود نسبة إلى الفندق، وكان يسمى في فترة الانتداب شارع جوليان.
شغلت حكومة الانتداب البريطاني منذ سنة 1938 الجناح الجنوبي لفندق الملك داود وحولته مركزا لسكرتاريتها ومقرا للقيادة العسكرية البريطانية، ولم يتبق لاستخدام النزلاء سوى ثلث الغرف المتوفرة في الفندق.
أقيم الفندق على قطعة أرض مساحتها 18 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع) بقيمة 31 ألف جنيه فلسطيني، باعتها بطريركية الروم الأرثوذوكسية سنة 1921 لعائلة يهودية مصرية ثرية، وتقع على السلسلة الجبلية الغربية المقابلة للسلسلة الجبلية التي أقيمت عليها البلدة القديمة للقدس.
وتفصل بين السلسلتين جورة العناب وبركة السلطان، ويرتفع الموقع الذي أقيم عليه الفندق 785 مترا فوق سطح البحر، وتبدو منه البلدة القديمة بمعالمها وبهائها كاملة أمام الناظر.
في عام 1929 حصلت العائلة على تراخيص لبناء الفندق، ومن أجل تمويل البناء تم بيع أسهم كثيرة ليهود مصريين وأميركيين وبريطانيين، واختير المهندس المعماري السويسري إميل فوا لتصميمه، وساعده في ذلك المعماري اليهودي بنيامين تشايكين الذي أشرف على التنفيذ في الموقع.
افتتح الفندق سنة 1931 بمشاركة وتوقيع المندوب السامي البريطاني آرثر ووشوب ورئيس بلدية القدس في تلك الفترة راغب النشاشيبي على كتاب الفندق الذهبي، إضافة إلى توقيعات العديد من الملوك لاحقا.
وسعى الفندق إلى استيعاب حركة الزوار والحجاج إلى الأرض المقدسة وحركة التجار ورجال الأعمال الذين كانوا يرغبون بالمبيت في فندق فخم.
استخدم الفندق لاستقبال واستضافة شخصيات شهيرة على الصعيد السياسي، خاصة المسؤولين السياسيين ورؤساء الدول، فقد استقبل فيه الرئيس المصري الراحل أنور السادات عند زيارته للقدس سنة 1977، وكذلك العديد من رؤساء الدول مثل الرئيسين الأميركيين الراحلين جيمي كارتر وجيرالد فورد، ووزير الخارجية الأميركي الراحل هنري كيسنجر والإمبراطور الإثيوبي هيلا سيلاسي الأول وغيرهم.
في عام 1938 نقل مدير حكومة الانتداب مكتبه إلى الجناح الجنوبي لفندق الملك داود، حيث أصبح مقرا لأمانة الحكومة والمقر الرئيسي للجيش، واستقر فيه العديد من كبار المسؤولين العسكريين والمدنيين في حكومة الانتداب.
وكان في نظر الكثيرين رمزا للحكم البريطاني، ونتيجة للمواقف البريطانية التي لم تكن تتماشى بالكامل مع مطالب الحركة الصهيونية، وعلى رأسها الهجرة والأحداث الأمنية وعمليات الاعتقال التي جرت داخل ما كان يعرف بـ"اليشوف" -أي المستعمرات اليهودية- في اليوم الذي عرف باليوم الأسود، ومداهمة الجيش البريطاني مباني الوكالة اليهودية فقد قررت العصابات الصهيونية المسلحة تنفيذ عمليات انتقام استهدفت البريطانيين والسكان العرب على حد سواء.
تلقى مناحيم بيغن -الذي شغل منذ بداية عام 1944 منصب رئاسة منظمة إيتسل (المنظمة العسكرية القومية وتعرف أيضا باسم منظمة الأرغون) في الأول من يوليو/تموز 1946 رسالة من موشيه سنيه رئيس هيئة القيادة العسكرية الموحدة للمنظمات العسكرية الصهيونية (الهاغاناه، إتسل، ليحي) تقترح نسف المقار الحكومية في فندق الملك داود بأسرع وقت ممكن.
وفي ظهيرة 22 يوليو/تموز 1946 تم تفجير الفندق وفق خطة أعدها عميحاي ياغلين عن منظمة إتسل وساهم فيها إسحاق سديه عن منظمة الهاغانا، وأدى التفجير إلى انهيار القسم الجنوبي منه، إضافة إلى خسائر كبيرة في الأرواح.
بدأت العملية أثناء وجود الموظفين في مكاتبهم، إذ قدمت مجموعة من منظمة إتسل في سيارة تنقل جرار حليب وعلى ظهرها أفراد المجموعة متنكرين بزي حمالين عرب، وتوجهوا إلى المدخل الخلفي للفندق لنقل الجرار إلى المستودع، دون أن يشعر بهم أحد باستثناء عمال المقهى والخدمات الذين أرغموا تحت وطأة التهديد بالسلاح على التجمع في إحدى الغرف.
كما قتل المهاجمون عسكريا بريطانيا عندما قدم للوقوف على حقيقة ما يجري ولمعرفة سبب احتجاز المستخدمين، وشغّل المهاجمون مؤقِّت للتفجير، وخرجوا بعد أن أطلقوا سراح المستخدمين واتجهوا نحو سيارة كانت تقف بانتظارهم على بعد 200 متر.
وفي غضون ذلك، تبادلت معهم القوات البريطانية إطلاق النار، وفي الوقت نفسه كانت فتاة من عناصر إتسل تجري بتعليمات من المنظمة اتصالا هاتفيا مع المسؤولين عن الفندق ومع هيئة تحرير جريدة "فلسطين بوست" ومع مقر القنصلية الفرنسية المجاور لمبنى الفندق من أجل التحذير من التفجير، لأن العصابات الصهيونية كانت تحرص على تحقق عملياتها أكبر قدر ممكن من الخسائر في الممتلكات وأقل قدر ممكن من الخسائر في الأرواح.
دوى الانفجار الضخم ودمر الجزء الجنوبي من الفندق وأسفر عن مقتل 92 شخصا، 41 منهم عرب و28 بريطانيون و17 يهود و6 من جنسيات أخرى، وكان بينهم أشخاص تعاونوا مع منظمة إتسل في المجال الاستخباراتي.
كما أسفر التفجير عن جرح عشرات الأشخاص وإصابة عنصرين من عناصر منظمة إتسل بجراح أثناء الانسحاب، وقد ألقي القبض على أحدهما وأخضع للتحقيق الإداري لفترة ثم نفي إلى إرتيريا، أما الآخر فتوفي متأثرا بجراحه.
وخوفا من ردود الفعل البريطانية أعلنت الوكالة اليهودية إدانتها الشديدة لهذا التفجير، ووصفت الذين نفذوه بأنهم "عصابة من القتلة"، وأدانته أيضا منظمة الهاغاناه، كما ندد به ديفيد بن غوريون من باريس، وصرح لجريدة "فرانس سوار" بأن منظمة إتسل "عدوة للشعب اليهودي".
وخلال نكبة فلسطين أثناء حرب 1948 استخدمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر فندق الملك داود لبضعة أشهر، ثم أعيد لأصحابه فتم ترميمه وافتتاحه من جديد أمام النزلاء، لكنه لم يشهد إقبالا بسبب موقعه القريب من خط الهدنة (الخط الأخضر).
وفي عام 1958 اشتراه تاجر يهودي مصري المولد يدعى ييكوتيل فيدرمان، فكان أول فندق في سلسلة فنادق دان داخل منطقة الخط الأخضر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات العدید من
إقرأ أيضاً:
لقاء للعلماء والخطباء في عمران لمناقشة المستجدات في ظل الجرائم الصهيونية في غزة
الثورة نت/..
عقد في محافظة عمران اليوم، لقاء موسع للعلماء والخطباء والمرشدين، تحث شعار “لاعذر للجميع أمام الله في نصرة غزة ومواجهة المخططات الصهيونية الأمريكية”.
وفي اللقاء أكد محافظ المحافظة الدكتور فيصل جعمان، إلى المسؤولية الملقاة على عاتق العلماء والخطباء خلال المرحلة الراهنة في تعزيز الوعى والصمود المجتمعي.
ونوه بالدور التنويري الذي يضطلع به العلماء تجاه المجتمع، في الإرشاد والتوعية بالمؤامرات التي تستهدف الأمة وعقيدتها وهويتها ووحدتها، ما يتطلب الاضطلاع بالواجب الديني والأخلاقي والإنساني تجاه قضايا الأمة المركزية.
وأشار جعمان إلى أهمية الحشد والتعبئة والتوعية بأهمية التحرك والالتحاق بالدورات العسكرية المفتوحة والاستمرار في الحراك الشعبي لحضور الفعاليات والوقفات والمسيرات الجماهيرية المناصرة للشعب الفلسطيني في غزة.
وفي اللقاء الذي ضم أمين عام محلي المحافظة صالح المخلوس ووكلاء المحافظة عبدالعزيز أبوخرفشة وأمين فراص وحسن الأشقص، ومسؤول التعبئة سجاد حمزة، أكدت كلمات أعضاء رابطة علماء اليمن صالح الخولاني وعبدالواحد الاشقص وقاسم السراجي، إلى ضرورة التكاتف وتلاحم المسلمين لنصرة المجاهدين في غزة لمواجهة أعداء الأمة.
وحذروا من خطورة وتبعات التهاون أو التفريط أوالتثبيط في الدعوة للجهاد في سبيل الله ونصرة الشعب الفلسطيني، داعين كافة العلماء إلى الاضطلاع بواجبهم في الحث على الجهاد ومواجهة العدو الأمريكي، والإسرائيلي الذي يرتكب جريمة إبادة في غزة في ظل صمت عربي إسلامي معيب.
فيما تطرقت كلمتا ممثلي السلفية والدعوة بالمحافظة محمد الريمي وفهد الصعر، إلى خطورة التخاذل عن نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، وعاقبة ذلك في الدنيا والآخرة.
وأكدتا أنه لا عذر لأحد من أبناء الأمة في بذل الجهد لرفع الظلم عنهم ونصرتهم.
وأشار الريمي والصعر إلى أن ما يجري بأبناء غزة، سببه تخاذل أبناء الأمة وعدم قيامهم بواجبهم.
واستنكرا استمرار المجازر وجرائم الإبادة وحرب التجويع الصهيونية في غزة، واستخدام مراكز توزيع المساعدات التي تديرها شركة أمريكية مصيدة لقتل المُجَوَّعِينَ الفلسطينيين.
وأكد بيان صادر عن اللقاء تلاه عضو رابطة علماء اليمن – مفتي عمران العلامة محمد الماخذي، أهمية انعقاد اللقاء بمشاركة كوكبة من العلماء والخطباء من أبناء محافظة عمران، لتبيين الموقف الشرعي الواجب على المسلمين تجاه الشعب الفلسطيني.
وشدد على أهمية اتخاذ موقف صارم للتصدي للعدو الصهيوني، الأمريكي وإيقاف جرائم الإبادة في قطاع غزة.
وأكد البيان على وجوب اتحاد المسلمين صفاً واحداً لنصرة غزة وكل فلسطين والمسجد الأقصى، مبينا أن الاعتصام بحبل الله فرض عين على جميع المسلمين وخصوصاً في هذه المرحلة التاريخية الاستثنائية، كما قال تعالى: (وَاعتصموا بحبل الله جَمِيعًا ولا تَفَرَّقُوا).
وأدان استمرار المجازر وجرائم الإبادة والتجويع الصهيونية في غزة، واستخدام مراكز توزيع المساعدات التي تديرها شركة أمريكية مصيدة لقتل المُجَوَّعِينَ الفلسطينيين.
وحمل بيان لقاء العلماء والخطباء والمرشدين، دول الطوق العربية وشعوبها حول فلسطين، المسؤولية في المقام الأول أمام الله تعالى إزاء ما تعانيه غزة من حصار وتجويع.
ولفت، إلى أن استمرار وبقاء التطبيع مع الكيان الصهيوني في هذه المرحلة أشدُّ حُرمة، يجب التخلص منها بقطع العلاقات بكل صورها وأشكالها معه، والواجب الشرعي ينبغي أن تتحول تلك العلاقات إلى عداء شديد للعدو الصهيوني.
كما أكد البيان على حرمة وجود القواعد العسكرية الأمريكية، كونها تشكل تهديدا على المنطقة، حيث تعتبر تلك القواعد منطلقاً للعدوان واختراقاً للأمن القومي العربي والإسلامي، مطالبا بإخراجها وتحرير المنطقة منها كواجب شرعي.
ودعا جميع علماء الأمة الإسلامية إلى الاضطلاع بالمسؤولية، في تبيين الموقف لجميع المسلمين أنظمة وشعوباً وجيوشا، بإدانة العدوان الصهيوني والأمريكي على غزة.
وعبر البيان عن الأسف والادانة للمواقف المتراجعة والمخزية لعلماء الأزهر الشريف، مجددا الدعوة لدعاة الفتنة من علماء السوء وخطباء التفرقة إلى تقوى الله، والكف عن إثارة الفتن الطائفية والمذهبية خدمة لأمريكا وإسرائيل.
كما حذر من مغبة المواقف المخزية والفتاوى والبيانات المضللة التي تعتبر اصطفافاً مع العدو، وتفريقاً لكلمة المسلمين، مؤكدا أنه لا نجاة للأمة ولا سبيل لنيل العزة والكرامة والحرية والاستقلال إلا بالجهاد في سبيل الله ضد “أمريكا وإسرائيل”.
وأشاد البيان بالموقف المشرف الميداني والإيماني للشعب اليمني، وقيادته الحكيمة ممثلة بقائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي والقوات المسلحة الباسلة المساند لغزة والمتضامنة مع كافة الشعوب المظلومة.
وبارك، بيان القوات المسلحة الذي أعلنت فيه خيارات تصعيدية وتوسيع دائرة الاستهداف لكل ماله علاقة بالكيان الصهيوني المجرم وبداية المرحلة الرابعة لإسناد غزة.
ونوه البيان بالمواقف الإيمانية المشرفة من قبل بعض العلماء كمفتي سلطنة عمان ومفتي ليبيا، وهي مواقف مهمة وشجاعة في زمن الصمت والخذلان.
وأثنى على مواقف النخب الثقافية والسياسية والإعلامية والشعبية، وعلى الدور الإيجابي للناشطين الأحرار في مواقع التواصل الاجتماعي وإسهامهم في إظهار الحقائق وتفنيد الشائعات ومواجهة الحرب النفسية وفضح العملاء والخونة.
ودعا العلماء والخطباء إلى أهمية مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، ووسائل الإعلام التابعة لهم، والمتماهية معهم، كسلاح فعال لمواجهة العدو والتصدي لمؤامراته ومخططاته.